البحث

عبارات مقترحة:

الطيب

كلمة الطيب في اللغة صيغة مبالغة من الطيب الذي هو عكس الخبث، واسم...

الحافظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحافظ) اسمٌ...

السيد

كلمة (السيد) في اللغة صيغة مبالغة من السيادة أو السُّؤْدَد،...

حياء النبي صلى الله عليه وسلم وعفته

الحياء خلق إسلامي رفيع، يحمل صاحبه على تجنب القبائح والرذائل، ويأخذ بيده إلى فعل المحاسن والفضائل، ولقد كان رسول الله أشدَّ النَّاس حياءً وأعظمهم اتصافاً بهذا الخلق الرفيع، وأشدهم تمسكًا والتزامًا بهذا الخلق الكريم، ولم تكن صفة الحياء عنده صفة طارئة، بل كانت صفة ملازمة له في كل أحيانه وأحواله؛ في ليله ونهاره، وفي سفره وإقامته، وفي بيته ومجتمعه، ومع القريب والبعيد، والصديق والعدو، والعالم والجاهل.

التعريف

التعريف لغة

«مصدر قولهم حيي وهو مأخوذ من مادّة (ح ي ي) الّتي تدلّ على الاستحياء الّذي هو ضدّ الوقاحة، قال أبو زيد يقال حييت منه أحيا إذا استحييت، وقال الجوهريّ: واستحياه واستحيا منه بمعنى (واحد) من الحياء، ويقال: استحيت (بياء واحدة) وأصله استحييت فأعلّوا الياء الأولى وألقوا حركتها على الحاء، وقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا﴾. [البقرة: 26] ما أي لا يستبقي، والحيا مقصور: المطر والخصب، والحياء ممدود: الاستحياء، والحياء أيضا رحم النّاقة والجمع أحيية عن الأصمعيّ». انظر: "المفردات" للراغب (ص140)، "مقاييس اللغة" لابن فارس (2 /122)، "الصحاح" للجوهري (6 /2324).

التعريف اصطلاحًا

«تغيّر وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به، ويقال: خلق يبعث على ترك القبح ويمنع من التّقصير في حقّ ذي الحقّ». "فتح الباري" لابن حجر(52/1). قال الجرجانيّ: «هو انقباض النّفس من شيء وتركه حذرا عن اللّوم فيه». "التعريفات" للجرجاني(ص94). وقال المناويّ: «الحياء انقباض النّفس عن عادة انبساطها في ظاهر البدن لمواجهة ما تراه نقصًا، حيث يتعذّر عليها الفرار بالبدن، وقيل: هو التّرقيّ عن المساوىء خوف الذّمّ، وقيل: هو انقباض النّفس من شيء حذرًا من الملام». " التوقيف على مهمات التعاريف" للمناوي (ص150).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

المتأمل في معنى الحياء يجد أن المعنى الاصطلاحي متوافق مع أصله اللغوي.

الأدلة

القرآن الكريم

حياء النبي صلى الله عليه وسلم وعفته في القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ﴾. [الأحزاب: 53]. قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾. [الأحزاب: 21]. قال تعالى: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِيٓ أَنْعَمَ اْللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاْتَّقِ اْللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اْللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى اْلنَّاسَ وَاْللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَىٰهُۖ ﴾. [الأحزاب: 37].

السنة النبوية

حياء النبي صلى الله عليه وسلم وعفته في السنة النبوية
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مضطجعًا في بيتي كاشفًا عن فخذيه أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له، وهو على تلك الحال، فتحدّث، ثمّ استأذن عمر، فأذن له وهو كذلك، فتحدّث، ثمّ استأذن عثمان، فجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وسوّى ثيابه، فلمّا خرج قالت عائشة: دخل أبو بكر فلم تهتشّ له، ثمّ دخل عمر فلم تهتشّ له ولم تباله، ثمّ دخل عثمان فجلست وسوّيت ثيابك. فقال: «ألا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة» أخرجه مسلم (2401). عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النَّبيُّ : «إذا بلغه عن الرَّجل الشَّيء لم يقلْ: ما بال فلانٍ يقول؟ ولكن يقول: ما بال أقوامٍ يقولون كذا وكذا؟». أخرجه أبو داود (4788). عن أبي أيّوب الأنصاريّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أربع من سنن المرسلين: الحياء، والتّعطّر، والسّواك، والنّكاح» أخرجه الترمذي (1080). عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: مرّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «دعه فإنّ الحياء من الإيمان». أخرجه البخاري (6118)، ومسلم (59).

قصص من حياة النبي صلى الله عليه وسلم

شدة حيائه

عن أنس رضي الله عنه قال: «بني على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بزينب بنت جحش بخبز ولحم، فأرسلت على الطّعام داعيا، فيجيء قوم فيأكلون ويخرجون ثمّ يجيء قوم فيأكلون ويخرجون، فدعوت حتّى ما أجد أحدا أدعو، فقلت: يا نبيّ الله ما أجد أحدا أدعوه، فقال: «فارفعوا طعامكم». وبقي ثلاثة رهط يتحدّثون في البيت، فخرج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فانطلق إلى حجرة عائشة فقال: «السّلام عليكم أهل البيت ورحمة الله»، فقالت: وعليك السّلام ورحمة الله، كيف وجدت أهلك، بارك الله لك. فتقرّى حجر نسائه كلّهنّ، يقول لهنّ كما يقول لعائشة، ويقلن له كما قالت عائشة. ثمّ رجع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فإذا ثلاثة من رهط في البيت يتحدّثون وكان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم شديد الحياء فخرج منطلقا نحو حجرة عائشة، فما أدري آخبرته أو أخبر أنّ القوم خرجوا، فرجع حتّى إذا وضع رجله في أسكفّة الباب داخلة وأخرى خارجة أرخى السّتر بيني وبينه، وأنزلت آية الحجاب». أخرجه البخاري (4793)، ومسلم (1428).

حياؤه مِن النَّاس

عن عائشة رضي الله عنها: «أنَّ امرأة سألت النَّبيَّ عن غسلها مِن المحيض، فأمرها كيف تغتسل، ثمَّ قال: خذي فرصة مِن مسك فتطهَّري بها. قالت: كيف أتطهر بها؟ قالت: فستر وجهه بطرف ثوبه، وقال: سبحان الله! تطهَّري بها. قالت عائشة: فاجتذبت المرأة فقلت: تتبَّعي بها أثر الدم» أخرجه البخاري (314).

حياؤه مِن الله

ومِن مظاهر حيائه حياؤه مِن خالقه سبحانه وتعالى؛ وذلك لما طلب موسى عليه السَّلام مِن نبيِّنا في ليلة الإسراء أن يراجع ربَّه في تخفيف فرض الصَّلاة، قال النَّبيُّ لموسى عليه السَّلام: «استحييت مِن ربِّي». أخرجه البخاري (349)، ومسلم (163).

يغتسل بعيدًا عن أعين الناس

وكان من أمر حيائه ، أنه إذا أراد أن يغتسل اغتسل بعيدًا عن أعين الناس - ولم تكن الحمامات يومئذ في البيوت، كما هو شأنها اليوم - ولم يكن لأحد أن يراه، وما ذلك إلا من شدة حيائه. أخبرنا بهذا ابن عباس رضي الله عنه، قال: «كان رسول الله يغتسل من وراء حجرات، وما رأى أحد عورته قط». "المعجم الكبير" للطبراني (11 /85).

أقوال أهل العلم

«كان النَّبيُّ أشدَّ حياءً من العذراءِ في خِدْرها، وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عُرِفَ ذَاكَ فِي وَجْهِهِ». عائِشَة أم المُؤْمِنِين رواه البخاري (6102)، ومسلم (1062).
«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيِيًّا لَا يُسْأَلُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَى» سَهْل بن سَعْد "أخلاق النبي وآدابه" لأبي الشيخ الأصبهاني (ص277).
«وكان أحلم الناس، وأشدّ حياء من العذراء في خدرها، وكان خافض الطرف. نظره الملاحظة، لا يثبت بصره في وجه أحدٍ تواضُعًا». المَقْرِيزي "إمتاع الأسماع" للمقريزي (187/2).
«وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ النَّاسِ حَيَاءً، وَأَكْثَرَهُمْ عَنِ العَوْرَاتِ إِغْضَاءً، روي عنه أَنَّهُ كَانَ مِنْ حَيَائِهِ لَا يُثَبِّتُ بَصَرَهُ فِي وَجْهِ أَحَدٍ، وَأَنَّهُ كَانَ يُكَنِّي عَمَّا اضْطَرَّهُ الْكَلَامُ إِلَيْهِ مما يكره». القاضي عِيَاض "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" للقاضي عياض(118/1).
أجلُّهم، أشدُّهم حَياءًأخشَعُهم، أعظَمُهم غَنَاءً
ابن الجَزَري "ذات الشفا في سيرة النبي والخلفا" البيت رقم (196).