البحث

عبارات مقترحة:

الكبير

كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...

العفو

كلمة (عفو) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعول) وتعني الاتصاف بصفة...

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

إيثار النبي صلى الله عليه وسلم

الإيثار في الإسلام من الأخلاق الكريم والشيم الفاضلة، وهو تفضيل الغير عن النفس، وتقديم مصلحتهِ علَى المصلحة الذاتية، وهو أَعلى درجات السخاء وأكْمَلُ أنْواعِ الجود وَمنزلة عظيمة من مَنازلِ العطاء، ولقد كانت حياة النبي حافلة بالإيثار، وغرس الإيثار في نفوس الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وركزه في طبائعهم وعاداتهم؛ وذلك بتقوية روح التعاون بينهم، وتثبيت أسس المحبة فيهم، وتعويدهم على الإيثار، والشعور بالآخرين.

التعريف

التعريف لغة

«الإيثار مصدر قولهم آثره عليه يؤثره إيثارا بمعنى فضّله وقدّمه وهو مأخوذ من مادّة (أث ر) الّتي تدلّ على تقديم الشّيء». «مقاييس اللغة» لابن فارس (1 /53). «ومن ذلك قولهم: الأثير وهو الكريم عليك الّذي تؤثره بفضلك وصلتك، وجمع الأثير أثراء، والمآثر ما يروى من مكارم الإنسان، ويستعار الأثر للفضل والإيثار للتّفضّل، قال تعالى: ﴿لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا﴾ [يوسف: 91]. وآثر أن يفعل كذا: فضّل وقدّم، قال الأصمعيّ: آثرتك إيثارًا أي: فضّلتك، وضدّه الأثرة، من قولهم: استأثر بالشّيء انفرد به أو اختصّ به نفسه، وفي الحديث: قال صلّى الله عليه وسلّم للأنصار: «إنّكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا»أخرجه البخاري(3793). والاستئثار: الانفراد بالشّيء. والمأثرة بفتح الثّاء وضمّها: المكرمة وآثرت فلانا على نفسي من الإيثار وهو الاختيار والتّفضّل». "النهاية" لابن الأثير (221)، و"الصحاح" للجوهري (5752)، و"لسان العرب" لابن منظور (1 /26).

التعريف اصطلاحًا

قال ابن مسكويه: «الإيثار: هو فضيلة للنَّفس بها يكفُّ الإنسان عن بعض حاجاته التي تخصُّه حتى يبذله لمن يستحقُّه». "تهذيب الأخلاق" لابن مسكويه (ص 19). قال القرطبيّ: «الإيثار هو تقديم الغير على النّفس في حظوظها الدّنيويّة رغبة في الحظوظ الدّينيّة، وذلك ينشأ عن قوّة اليقين وتوكيد المحبّة، والصّبر على المشقّة». "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (18 /18).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

عند التأمل في المعنى اللغوي والاصطلاحي للإيثار يتبين أن معناهما جميعًا يدور حول: تقديم الغير وتفضيلته.

الأدلة

القرآن الكريم

إيثار النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿إِنَّهُۥ لَقَوْلُ رَسُولٖ كَرِيمٖ﴾. [الحاقة: 41]. وقال تعالى: ﴿لَعَلَّكَ بَٰخِعٞ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ﴾. [الشعراء: 3] وقال تعالى: ﴿وَاْلَّذِينَ تَبَوَّءُو اْلدَّارَ وَاْلْإِيمَٰنَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةٗ مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٞۚ﴾. [الحشر: 9]. وقال تعالى: ﴿ هُوَ اْلَّذِي بَعَثَ فِي اْلْأُمِّيِّـۧنَ رَسُولٗا مِّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمْ ﴾. [الجمعة: 2]. وقال تعالى: ﴿لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٞ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِاْلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ ﴾. [التوبة: 128].

السنة النبوية

إيثار النبي صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله : «إنَّ الأشعريِّين إذا أرملوا في الغزو، أو قلَّ طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثمَّ اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسَّويَّة، فهم منِّي، وأنا منهم». أخرجه البخاري (2486)، ومسلم (2500). عن سهل بن سعد، قال: «جاءت امرأة إلى النّبيّ ببردة فقال سهل للقوم، أتدرون ما البردة؟ فقال القوم: هي شملة فقال سهل: هي شملة منسوجة فيها حاشيتها فقالت: يا رسول الله أكسوك هذه؟ فأخذها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم محتاجا إليها فلبسها فرآها عليه رجل من الصّحابة فقال: يا رسول الله ما أحسن هذه فاكسنيها؟ فقال: «نعم» فلمّا قام النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لامه أصحابه فقالوا: ما أحسنت حين رأيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أخذها محتاجا إليها ثمّ سألته إيّاها وقد عرفت أنّه لا يسأل شيئا فيمنعه فقال: رجوت بركتها حين لبسها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لعلّي أكفّن فيها». أخرجه البخاري (6036). عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله ، قال: «أنا أولى النّاس بالمؤمنين في كتاب الله- عزّ وجلّ-، فأيّكم ما ترك دَينًا أو ضيعة فادعوني فأنا وليّه، وأيّكم ما ترك مالا فليؤثر بماله عصبته من كان». أخرجه مسلم (1619).

قصص من حياة النبي صلى الله عليه وسلم

إيثاره في مشربه

عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّه كان يقول: «الله الّذي لا إله إلّا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع. وإن كنت «2» لأشدّ الحجر على بطني من الجوع. ولقد قعدت يوما على طريقهم الّذي يخرجون منه فمرّ أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته إلّا ليشبعني، فمرّ ولم يفعل، ثمّ مرّ أبو القاسم صلّى الله عليه وسلّم فتبسّم حين رآني وعرف ما في نفسي وما في وجهي. ثمّ قال: «يا أبا هرّ» قلت: لبّيك رسول الله قال: «الحق» ومضى. فتبعته فدخل فاستأذن فأذن لي، فدخل فوجد لبنا في قدح فقال: «من أين هذا اللّبن؟» قالوا: أهداه لك فلان- أو فلانة- قال: أبا هرّ، قلت: لبّيك يا رسول الله. قال: «الحق إلى أهل الصّفّة فادعهم لي». قال- وأهل الصّفّة أضياف الإسلام لا يأوون «3» على أهل ولا مال ولا على أحد. إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا، وإذا أتته هديّة أرسل إليهم وأصاب منها، وأشركهم فيها- فساءني ذلك، فقلت: وما هذا اللّبن في أهل الصّفّة؟ كنت أحقّ أن أصيب من هذا اللّبن شربة أتقوّى بها، فإذا جاءوا أمرني فكنت أنا أعطيهم، وما عسى أن يبلغني من هذا اللّبن ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله صلّى الله عليه وسلّم بدّ فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا فاستأذنوا، فأذن لهم وأخذوا مجالسهم من البيت. قال: يا أبا هرّ، قلت: لبّيك يا رسول الله. قال: «خذ فأعطهم». فأخذت القدح فجعلت أعطيه الرّجل فيشرب حتّى يروى، ثمّ يردّ عليّ القدح حتّى انتهيت إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقد روي القوم كلّهم. فأخذ القدح فوضعه على يده فنظر إليّ فتبسّم فقال: «أبا هرّ» ، قلت: لبّيك يا رسول الله. قال: «بقيت أنا وأنت» ، قلت: صدقت يا رسول الله. قال: «اقعد فاشرب» ، فقعدت فشربت. فقال: «اشرب» ، فشربت فما زال يقول: «اشرب». حتّى قلت: لا والّذي بعثك بالحقّ ما أجد له مسلكا. قال: «فأرني» فأعطيته القدح فحمد الله وسمّى وشرب الفضلة». أخرجه البخاري (6452).

إيثاره في مطعمه

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «إنَّا يوم الخندق نحفر فعرضت كُدْيَةٌ شديدةٌ فجاءوا النَّبيُّ فقالوا: هذه كُدْيَةٌ عرضت في الخندق. فقال: أنا نازل ثمَّ قام -وبطنه معصوبٌ بحجر، ولبثنا ثلاثة أيَّام لا نذوق ذواقًا- فأخذ النَّبيُّ المعول فضرب في الكُدْيَة فعاد كثيبًا أهيل أو أهيم، فقلت: يا رسول الله ائذن لي إلى البيت، فقلت لامرأتي: رأيت في النَّبيِّ شيئًا ما كان في ذلك صبر فعندك شيء؟ فقالت: عندي شعير وعناق فذبحت العناق، وطحنت الشَّعير حتى جعلنا اللَّحم بالبرمة. ثمَّ جئت النَّبيَّ والعجين قد انكسر، والبرمة بين الأثافي قد كادت أن تنضج. فقلت: طعيِّم لي، فقم أنت -يا رسول الله- ورجل أو رجلان. قال: كم هو؟ فذكرت له، فقال: كثير طيِّب. قال: قل لها لا تنزع البرمة ولا الخبز مِن التَّنُّور حتى آتي. فقال: قوموا. فقام المهاجرون والأنصار، فلمَّا دخل على امرأته. قال: ويحك جاء النَّبيُّ بالمهاجرين والأنصار ومَن معهم! قالت: هل سألك؟ قلت: نعم. فقال: ادخلوا ولا تضاغطوا. فجعل يكسر الخبز ويجعل عليه اللَّحم ويخمِّر البرمة والتَّنُّور إذا أخذ منه، ويقرِّب إلى أصحابه ثمَّ ينزع، فلم يزل يكسر الخبز ويغرف حتى شبعوا وبقي بقيَّةٌ. قال: كلي هذا وأهدي، فإنَّ النَّاس أصابتهم مجاعة» أخرجه البخاري (4101).

تشجيعه أصحابه وحثهم على الإيثار

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ الله ، فَقَالَ: إِنِّي مَجْهُودٌ، فَأَرْسَلَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ، فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ. ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أُخْرَى، فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثْلَ ذَلِكَ: لَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ. فَقَالَ: «مَنْ يُضِيفُ هَذَا اللَّيْلَةَ رَحِمَهُ اللهُ؟». فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: أَنَا، يَا رَسُولَ الله. فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: لَا إِلَّا قُوتُ صِبْيَانِي. قَالَ: فَعَلِّلِيهِمْ بِشَيْءٍ، فَإِذَا دَخَلَ ضَيْفُنَا فَأَطْفِئِ السِّرَاجَ، وَأَرِيهِ أَنَّا نَأْكُلُ، فَإِذَا أَهْوَى لِيَأْكُلَ، فَقُومِي إِلَى السِّرَاجِ حَتَّى تُطْفِئِيهِ. قَالَ: فَقَعَدُوا وَأَكَلَ الضَّيْفُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبِيِّ ، فَقَالَ: «قَدْ عَجِبَ اللهُ مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ». أخرجه مسلم (2054).

إيثاره أمته في دعائه

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: «لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجابَةٌ يَدْعُو بها، وأُرِيدُ أنْ أخْتَبِئَ دَعْوَتي شَفاعَةً لِأُمَّتي في الآخِرَةِ». أخرجه البخاري(6304).

أقوال أهل العلم

«ما سئل النبي عن شيء قط فقال: لا» جابِر بن عبد الله أخرجه البخاري(6034)، ومسلم(2311).
«كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضانَ حِينَ يَلْقاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ يَلْقاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ فيُدارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ». ابن عبَّاس أخرجه البخاري(6).
«كَلَّا، أبْشِرْ فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، فَوَاللَّهِ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ». أُمّ المُؤْمِنِين أخرجه البخاري(4953).
«وقد عرفوا إيثار النبي ، وأنه لا يأكل وحده». ابن حَجَر العَسْقَلَاني "فتح الباري" لابن حجر(6 /589).
«باب: الدليل على أن الخُمس لنوائب رسول الله والمساكين، وإيثار النبي أهل الصفة والأرامل، حين سألته فاطمة، وشكت إليه الطحن والرحى أن يخدمها من السبي، فوكلها إلى الله» البُخاري صحيح البخاري (4 /84).
«كان النبي يؤثر على نفسه، وإن كانت به حاجة إلى ذلك الشيء» ابن بَطَّال "شرح صحيح البخاري" لابن بطال (6 /225).