البحث

عبارات مقترحة:

السبوح

كلمة (سُبُّوح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فُعُّول) من التسبيح،...

الخبير

كلمةُ (الخبير) في اللغةِ صفة مشبَّهة، مشتقة من الفعل (خبَرَ)،...

الظاهر

هو اسمُ فاعل من (الظهور)، وهو اسمٌ ذاتي من أسماء الربِّ تبارك...

حزم النبي صلى الله عليه وسلم

من الشيم النبيلة والأخلاق العلية البَتُّ في الأمور بِحَزمٍ عند ظهور الوجه الأصلح فيها، وعدم الاستسلام للتردُّد والحيرة، ولقد أمر الله سبحانه وتعالى بالعزم والمُبادرة بهِمَّة وإقدامٍ على العمل، وبدون بطءٍ أو تردُّد أو تقلُّب؛ لئلَّا تفوت الفرصة، أو يَسأم من الأمر قبل الشُّروع فيه، قال تعالى: ﴿فَبِمَا رَحۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّواْ مِنۡ حَوۡلِكَۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَشَاوِرۡهُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِۖ فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَوَكِّلِينَ ﴾[آل عمران: 159]، ولقد كان النبي مع رفقه ولينه حازمًا في الأمور التي تحتاج إلى حزم وعزم وقيادة وحكمة، فكان حازمًا في اتخاذ الأمور لا يتردد في إصدار القرارات حينما يستدعي الأمر ذلك، خُصُوصًا في المواقف الشديدة، وللنبي مواقف كثيرة تدل على حزمه وحرصه على فعل الأفضل في جميع المواقف والحالات.

التعريف

التعريف لغة

«الحاء والزاء والميم أصل واحد، وهو شد الشيء وجمعه، قياس مطرد. فالحزم: جودة الرأي، وكذلك الحزامة، وذلك اجتماعه وألا يكون مضطربًا مُنتشرًا، والحزام للسرج من هذا. والمتحزم: المتلبب. والحزمة من الحطب وغيره معروفة. والحيزوم والحزيم: الصدر؛ لأنه مجتمع عظامه ومشدها، وَيُقَالُ: تَحَزَّم فِي أَمرك أَي اقْبَلْهُ بالحَزْم والوَثاقة». انظر: "مقاييس اللغة" لابن فارس (53/2)، "لسان العرب" لابن منظور (12/131).

التعريف اصطلاحًا

الحَزْمُ: «ضَبْطُ الإِنسان أَمره والأَخذ فِيهِ بالثِّقة». "لسان العرب" لابن منظور (131/12).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

المعنى الاصطلاحي للحزم يشترك مع معناه اللغوي في دورانه حول الضبط.

الأدلة

القرآن الكريم

حزم النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٖ مِّنَ اْللَّهِ لِنتَ لَهُمْۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ اْلْقَلْبِ لَاْنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَۖ فَاْعْفُ عَنْهُمْ وَاْسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي اْلْأَمْرِۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اْللَّهِۚ إِنَّ اْللَّهَ يُحِبُّ اْلْمُتَوَكِّلِينَ ﴾. [آل عمران: 159] قال تعالى: ﴿فَاْصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ اْلْعَزْمِ مِنَ اْلرُّسُلِ﴾. [الأحقاف: 35]. قال تعالى: ﴿إِنَّ اْلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اْللَّهَ يَدُ اْللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِۦۖ ﴾. [الفتح: 10]. قال تعالى: ﴿مُّحَمَّدٞ رَّسُولُ اْللَّهِۚ وَاْلَّذِينَ مَعَهُۥٓ أَشِدَّآءُ عَلَى اْلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْۖ تَرَىٰهُمْ رُكَّعٗا سُجَّدٗا يَبْتَغُونَ فَضْلٗا مِّنَ اْللَّهِ وَرِضْوَٰنٗاۖ﴾. [الفتح: 29].

السنة النبوية

حزم النبي صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية
عن عائشة رضي الله عنها «أنَّ قُرَيْشًا أهَمَّتْهُمُ المَرْأَةُ المَخْزُومِيَّةُ الَّتي سَرَقَتْ، فَقالوا: مَن يُكَلِّمُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومَن يَجْتَرِئُ عليه إلَّا أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَكَلَّمَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَالَ: أتَشْفَعُ في حَدٍّ مِن حُدُودِ اللَّهِ ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ، قَالَ: يا أيُّها النَّاسُ، إنَّما ضَلَّ مَن قَبْلَكُمْ، أنَّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وإذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ فيهم أقَامُوا عليه الحَدَّ، وايْمُ اللَّهِ، لو أنَّ فَاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، سَرَقَتْ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا». أخرجه البخاري(6788)، ومسلم(1688). عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ يُحْتَطَبُ، ثُمَّ آمُرَ بالصَّلَاةِ فيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إلى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عليهم بُيُوتَهُمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لو يَعْلَمُ أَحَدُكُمْ أنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا، أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ العِشَاءَ. أخرجه البخاري (7224).

قصص من حياة النبي صلى الله عليه وسلم

حزمه في حدود الله

عن عائشة رضي الله عنها أنَّ قُرَيْشًا أهَمَّتْهُمُ المَرْأَةُ المَخْزُومِيَّةُ الَّتي سَرَقَتْ، فَقالوا: مَن يُكَلِّمُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومَن يَجْتَرِئُ عليه إلَّا أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَكَلَّمَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَالَ: أتَشْفَعُ في حَدٍّ مِن حُدُودِ اللَّهِ ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ، قَالَ: يا أيُّها النَّاسُ، إنَّما ضَلَّ مَن قَبْلَكُمْ، أنَّهُمْ كَانُوا إذَا سَرَقَ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وإذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ فيهم أقَامُوا عليه الحَدَّ، وايْمُ اللَّهِ، لو أنَّ فَاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، سَرَقَتْ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا. أخرجه البخاري (6788)، ومسلم (1688).

حزمه في الحرب

قال رجل للبراء بن عازب رضي الله عنه: يا أبا عُمارَةَ ولَّيْتُمْ يَومَ حُنَيْنٍ؟ قالَ: لا، واللَّهِ ما ولَّى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولَكِنْ ولَّى سَرَعانُ النَّاسِ، فَلَقِيَهُمْ هَوازِنُ بالنَّبْلِ، والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى بَغْلَتِهِ البَيْضاءِ، وأَبُو سُفْيانَ بنُ الحارِثِ آخِذٌ بلِجامِها، والنبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: أنا النبيُّ لا كَذِبْ، أنا ابنُ عبدِ المُطَّلِبْ. أخرجه البخاري (2874).

حزمه في الجهاد في سبيل الله

«لَمَّا رَآهُ أُبَيُّ بْنُ خلف يوم أحد، وهو يقول: أين مُحَمَّدٌ؟ لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا وَقَدْ كَانَ يَقُولُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ افْتَدَى يَوْمَ بَدْرٍ: عِنْدِي فَرَسٌ أَعْلِفُهَا كُلَّ يَوْمٍ فَرَقًا مِنْ ذُرَةٍ أَقْتُلُكَ عَلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَا أَقْتُلُكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» ، فَلَمَّا رَآهُ يَوْمَ أُحُدٍ شَدَّ أُبَيٌّ عَلَى فَرَسِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاعْتَرَضَهُ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَكَذَا» أَيْ خَلُّوا طَرِيقَهُ، وَتَنَاوَلَ الْحَرْبَةَ مِنَ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ، فَانْتَفَضَ بِهَا انْتِفَاضَةً تَطَايَرُوا عَنْهُ تَطَايُرَ الشُّعَرَاءِ عَنْ ظَهْرِ الْبَعِيرِ إِذَا انْتَفَضَ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَعَنَهُ فِي عُنُقِهِ طَعْنَةً تَدَأْدَأَ مِنْهَا عَنْ فَرَسِهِ مِرَارًا وَقِيلَ: بَلْ كَسَرَ ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ. فَرَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ يَقُولُ: قتلني محمد وهم يقولون: لا بأس عليك، فقال: لو كان مابي بِجَمِيعِ النَّاسِ لَقَتَلَهُمْ. أَلَيْسَ قَدْ قَالَ «أَنَا أَقْتُلُكَ» !! وَاللَّهِ لَوْ بَصَقَ عَلَيَّ لَقَتَلَنِي، فَمَاتَ بسرف، في قفولهم إلى مكة». "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" للقاضي عياض(240/1).

حزمه مع بني قريظة

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «نَادَى فِينَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَومَ انْصَرَفَ عَنِ الأحْزَابِ أَنْ لا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الظُّهْرَ إلَّا في بَنِي قُرَيْظَةَ». أخرجه مسلم(1770). فكان قرارًا حازمًا من النبي لجنوده، فخرج الجميع لمواجهة مَنْ خان العهد وتعاون مع الأعداء.

أقوال أهل العلم

«كَانَ صَلَّى الله عليه وسلم بالمكان الذي لا يجهل، وقد حَضَرَ الْمَوَاقِفَ الصَّعْبَةَ، وَفَرَّ الْكُمَاةُ وَالْأَبْطَالُ عَنْهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَهُوَ ثَابِتٌ لَا يَبْرَحُ، وَمُقْبِلٌ لَا يُدْبِرُ وَلَا يَتَزَحْزَحُ، وَمَا شُجَاعٌ إِلَّا وَقَدْ أُحْصِيَتْ لَهُ فَرَّةٌ، وَحُفِظَتْ عَنْهُ جَوْلَةُ، سواه». القاضي عِيَاض "الشفا" للقاضي عياض(235/1).
«واللَّهِ إنَّه لَمَوْصُوفٌ في التَّوْرَاةِ ببَعْضِ صِفَتِهِ في القُرْآنِ: ﴿يَا أيُّها النبيُّ إنَّا أرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا ومُبَشِّرًا ونَذِيرًا﴾ [الأحزاب: 45]، وحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ، أنْتَ عَبْدِي ورَسولِي، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ ليسَ بفَظٍّ ولَا غَلِيظٍ، ولَا سَخَّابٍ في الأسْوَاقِ، ولَا يَدْفَعُ بالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، ولَكِنْ يَعْفُو ويَغْفِرُ، ولَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حتَّى يُقِيمَ به المِلَّةَ العَوْجَاءَ، بأَنْ يقولوا: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، ويَفْتَحُ بهَا أعْيُنًا عُمْيًا، وآذَانًا صُمًّا، وقُلُوبًا غُلْفًا» عمرو بن العاص أخرجه البخاري(2125).
«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَضِبَ- وَلَا يَغْضَبُ إِلَّا لِلَّهِ- لَمْ يَقُمْ لِغَضَبِهِ شَيْءٌ». علي بن أبي طالِب هند ابن أبي هالة
«إِنَّا كُنَّا إِذَا حَمِيَ الْبَأْسُ- وَيُرْوَى اشْتَدَّ الْبَأْسُ- وَاحْمَرَّتِ الحدق، اتقينا برسول الله صلّى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ أَحَدٌ أَقْرَبَ إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ». عائِشَة أم المُؤْمِنِين "دلائل النبوة" للبيهقي(258/3).
«كَانَ خلقه الْقُرْآن؛ يغْضب لغضبه، ويرضى لرضاه، وَكَانَ لَا ينْتَقم لنَفسِهِ، وَلَا يغْضب لَهَا إِلَّا أَن تنتهك حرمات الله تَعَالَى؛ فَيكون لله ينْتَقم، وَإِذا غضب لم يقم لغضبه أحد، وَكَانَ أَشْجَع النَّاس وأجودهم صَدرًا». "خلاصة سير سيد البشر" لمحب الدين الطبري(ص83).