البحث

عبارات مقترحة:

العزيز

كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...

المقيت

كلمة (المُقيت) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أقاتَ) ومضارعه...

الفتاح

كلمة (الفتّاح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من الفعل...

صفة الفرح وصفة البشبشة وصفة الضحك

هذه ثلاث صفات متقاربة في المعنى، ويلزم بعضها من بعض، والفرح هو السرور، والبشبشة تعني طلاقة الوجه وانبساطه حال الفرح، والضحك يأتي مع الفرح علامةً عليه. وجميع هذه الصفات ثابتة لله سبحانه وتعالى بالأحاديث الصحيحة، وخالف فيها الأشاعرة والجهمية والمعتزلة، وأوّلوها بالرضا أو بالقبول أو بالثواب.

التعريف

التعريف لغة

فأما الفرح فمعناه السرور، وهو خلاف الحزن، قال ابن فارس: «الْفَاءُ وَالرَّاءُ وَالْحَاءُ أَصْلَانِ، يَدُلُّ أَحَدَهُمَا عَلَى خِلَافِ الْحُزْنِ، فَالْأَوَّلُ الْفَرَحُ، يُقَالُ فَرِحَ يَفْرَحُ فَرَحًا، فَهُوَ فَرِحٌ. قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى: ﴿ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ﴾ [غافر: 75]» "المقاييس" (4/500) وأما البشبشة فهي مصدر من الفعل الرباعي الأصيل (بشبش)، ذكره ابن فارس في باب الثنائي - إذ أصله بشَّ - فقال: «الباء والشين أصل واحد، وهو اللقاء الجميل. والضحك إلى الإنسان سرورا به» " المقاييس" (1/182)، وقال ابن منظور: «بشاشة اللقاء : الفرح بالمرء والانبساط إليه والأنس به» "اللسان" (5/266) وأما الضحك فمعلوم، قال ابن منظور: الضَّحِكُ: مَعْرُوفٌ، ضَحِكَ يَضْحَك ضَحْكاً وضِحْكاً وضِحِكاً وضَحِكاً أَربع لُغَاتٍ». "اللسان" (10 /459).

التعريف اصطلاحًا

هذه الصفات الثلاثة صفات متقاربة في المعنى، وهي جميعًا صفات فعليَّةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ بالأحاديث الصحيحة، وهي صفات حقيقية، تثبت لله عز وجل بوجه يليق به، من غير تحريف ولا تكييف، ومن غير تعطيل ولا تمثيل ، انظر "تيسير رب العباد" لعبد الله الفريح (ص86)، وتتضمن الرضا والإحسان.

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

العلاقة بين المعنيين بيّنة، إذ لا اختلاف بين ما في الأصل اللغوي، وبين ما جاء الاصطلاح، إلا أن نقول أن الاصطلاح جاء دالًا على كمال لا يُشاب بنقص، وليس ذلك إلا لله تعالى.

الأدلة

السنة النبوية

صفة الفرح وصفة البشبشة وصفة الضحك في السنة النبوية
جاءت صفة الفرح في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِن أَحَدِكُمْ إِذا اسْتَيْقَظَ على بَعِيرِهِ، قدْ أَضَلَّهُ بِأَرْضِ فلاةٍ» أخرجه البخاري (6309)، ومسلم (2747). وفي رواية أبي موسى رضي الله، قال عن النبي : «لَلَّهُ أفرَحُ بتَوْبةِ عَبدِه من رَجُلٍ أضَلَّ راحِلَتَه بفَلاةٍ من الأرضِ، فطَلَبَها، فلم يَقدِرْ عليها، فتَسَجّى لِلمَوتِ، فبيْنا هو كذلك، إذ سَمِعَ وَجْبةَ الرّاحِلةِ حين بَرَكَتْ، فكَشَفَ عن وَجْهِه، فإذا هو براحِلَتِه» ابن ماجه (4249)، وأحمد (11791) واللفظ له. وأما صفة البشبشة فقد جاءت في حديث أبي هريرة عن النبي : «ما توطَّنَ رجلٌ مسلمٌ المساجدَ للصَّلاةِ والذِّكرِ إلّا تبشبشَ اللَّهُ لَهُ كما يتبشبشُ أَهلُ الغائبِ بغائبِهم إذا قدمَ عليهم» ابن ماجه (800) واللفظ له، وأحمد (8350). وأما صفة الضحك فقد جاءت في حديث أبي هريرة في الصحيحين: «يضحَكُ اللَّهُ إلى رجُلَيْنِ يقتلُ أحدُهُما الآخرَ كلاهُما يدخلُ الجنَّةَ، يقاتلُ هذا في سبيلِ اللَّهِ فيُقتَلُ، ثمَّ يتوبُ اللَّهُ على القاتلِ فيقاتلُ فيُستَشهَدُ». البخاري (2826)، ومسلم (1890). وفيها حديثٌ آخر، وهو حديث ابن مسعود في آخر من يدخل الجنة: «فيَقولُ: يا ابْنَ آدَمَ ما يَصْرِينِي مِنْكَ؟ أيُرْضِيكَ أنْ أُعْطِيَكَ الدُّنْيا ومِثْلَها معها؟ قالَ: يا رَبِّ، أتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ؟ فَضَحِكَ ابنُ مَسْعُودٍ، فقالَ: ألا تَسْأَلُونِي مِمَّ أضْحَكُ فقالوا: مِمَّ تَضْحَكُ، قالَ: هَكَذا ضَحِكَ رَسولُ اللهِ ، فقالوا: مِمَّ تَضْحَكُ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: مِن ضَحِكِ رَبِّ العالَمِينَ حِينَ قالَ: أتَسْتَهْزِئُ مِنِّي وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ؟ فيَقولُ: إنِّي لا أسْتَهْزِئُ مِنْكَ، ولَكِنِّي على ما أشاءُ قادِرٌ». أخرجه مسلم (187).

الإجماع

قال ابن بطة رحمه الله بعد كلام في تقرير إثبات الصفات: «فكان مما صح عن النبي ، رواه أهل العدالة، ومن يلزم المؤمنين قبول روايته وترك مخالفته: أن الله تعالى يضحك، فلا ينكر ذلكَ، ‌ولا ‌يجحدُه إلا مبتدع مذموم الحال عند العلماء، داخل في الفرق المذمومة وأهل المذاهب المهجورة، عصمنا الله وإياكم من كل بدعة وضلالة برحمته». "الإبانة الكبرى" لابن بطة (7/91).

أقوال أهل العلم

«باب: ذكر إثبات ضحك ربنا عزَّ وجلَّ: بلا صفةٍ تصفُ ضحكه جلَّ ثناؤه، لا ولا يشبَّه ضَحِكُه بضحك المخلوقين، وضحكهم كذلك، بل نؤمن بأنه يضحك؛ كما أعلم النبي ، ونسكت عن صفة ضحكه جلَّ وعلا، إذ الله عزَّ وجلَّ استأثر بصفة ضحكه، لم يطلعنا على ذلك؛ فنحن قائلون بما قال النبي ، مصَدِّقون بذلك، بقلوبنا منصتون عمَّا لم يبين لنا مما استأثر الله بعلمه» ابن خُزَيْمَة "التوحيد" (2/563)
«وكذلك القول في البشبشة؛ لأن معناه يقارب معنى الفرح، والعرب تقول: رأيتُ لفلان بشاشة وهشاشة وفرحًا، ويقولون: فلان هش بش فرح، إذا كان منطلقًا، فيجوز إطلاق ذلك كما جاز إطلاق الفرح» أَبو يَعْلى إبطال التأويلات (1/243)
«وكذلك يقولون في جميع الصفات (أي: الإثبات) التي نزل بذكرها القرآن، ووردت بها الأخبار الصحاح من السمع والبصر والعين. .. والفرح والضحك وغيرها» ابن تَيْمِيَّة أبو إسماعيل الصابوني
«فجعل الأعرابي العاقل بصحة فطرته ضحكه دليلاً على إحسانه وإنعامه، فدل على أن هذا الوصف مقرون بالإحسان المحمود، وأنه من صفات الكمال» "مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية" (5/69)
«وأما تفسير الفرح بلازمه، وهو الرضى، وتفسير الرضى بإرادة الثواب؛ فكل ذلك نفيُ وتعطيلٌ لفرحه ورضاه سبحانه، أوجبه سوءُ ظنِّ هؤلاء المعطِّلة بربهم، حيث توهَّموا أن هذه المعاني تكون فيه كما هي في المخلوق، تعالى الله عن تشبيههم وتعطيلهم» محمد خليل الهرَّاس "شرح الواسطية" (ص 166)

مذاهب المخالفين

خالف في إثبات هذه الصفات: الجهمية والمعتزلة والأشاعرة، بدعوى اقتضاء إثباتها لمشابهة الله عز وجل لخلقه، وهذا باطل، إذ إثباتها يكون على الوجه الذي يليق به سبحانه، كما أثبتت صفة الحياة لله؛ فإنها ثابتة له دون اقتضاء التشبيه، لأن حياته تختلف عن حياتنا، وكذلك صفة العلم، فإن علمه يختلف عن علم المخلوقين، وكذلك القول في سائر الصفات، وقد أوّل المخالفون هذه الصفات بالقبول والثواب ويرد قولَهم أيضًا: 1. أن هذا مخالفٌ لطريقة السلَف - رحمهم الله. 2. أن هذا مخالف لظاهر النصوص التي فيها إثبات لهذه الصِّفة. 3. أنَّ تأويلكم هذا لا دليل عليه. انظر "تيسير رب العباد" للشيخ عبد الله الفريح (ص87)