البحث

عبارات مقترحة:

المؤخر

كلمة (المؤخِّر) في اللغة اسم فاعل من التأخير، وهو نقيض التقديم،...

الغناء والشعر المذموم

حرمت الشريعة أنواعًا من الشعر، كالهجاء والمدح بالزور، والغناء المشتمل على الخنا والتشبيه بالأجنبيات، ووصف الزنا والخمر والمردان والنساء والقيان، كما حرمت الشريعة آلات الطرب والمعازف، واختلف أهل العلم في تحريم أو كراهة الغناء غير المقارن لها.

التعريف

التعريف لغة

الغناء: «الْغَيْنُ وَالنُّونُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلَانِ صَحِيحَانِ، أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى الْكِفَايَةِ، وَالْآخَرُ صَوْتٌ، والغناء من الصوت ماطرّب به». انظر: مقاييس اللغة" لابن فارس، "لسان العرب" لابن منظور (137/15). الشعر: «(شَعَرَ) الشِّينُ وَالْعَيْنُ وَالرَّاءُ أَصْلَانِ مَعْرُوفَانِ، يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى ثَبَاتٍ، وَالْآخَرُ عَلَى عِلْمٍ وَعَلَمٍ، وَسُمِّي الشَّاعِرُ لِأَنَّهُ يَفْطِنُ لِمَا لَا يَفْطِنُ لَهُ غَيْرُهُ». "مقاييس اللغة" لابن فارس (194/3).

التعريف اصطلاحًا

هو ما اقترن به آلة لهو، أو كان بصوت امرأة لا يحل سماع صوتها، أو حرك قلب السامع إلى ما لا ينبغي، أو كان شعرًا محرمًا كالشعر المشتمل على الهجاء، والفحش، والتغزل بامرأةٍ مُعيَّنةٍ لا تحل، والإغراق في المدح والكذب المحض، والإكثار من الشعر في المسجد. قال النووي: «ويباح قولُ شعرٍ وإنشادُه، إلا أن يهجُوَ أو يُفحِشَ أو يُعرِّضَ بامرأةٍ معينة». "منهاج الطالبين". وقال ابن حجر: «والذي يتحصل من كلام العلماء في حد الشعر الجائز: أنه: إذا لم يُكثِر منه في المسجد، وخلا عن هجوٍ، وعن الإغراق في المدح والكذب المحض، والتغزُّل بمعين لا يحل، وقد نقل ابن عبد البر الإجماع على جوازه إذا كان كذلك». "فتح الباري" (10/539).

الأدلة

القرآن الكريم

الغناء والشعر المذموم في القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا﴾. [الإسراء: 63-64]. قال مجاهد بن جبر في قوله تعالى: ﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ﴾[الإسراء: 64]: «تفسير الصوت هنا: اللهو والغناء، أي: استخفهم بذلك». "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير (3 /50). وقال تعالى: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (226) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾. [الشعراء: 224]. وقال تعالى: ﴿وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ [لقمان: 6]. وقال تعالى: ﴿أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ* وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ * وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ﴾. [النجم: 59-61]. قال ابن عباس: السمود: الغناء، وكذا قال عكرمة، ويقال: اسمدي لنا، أي غَنِّي لنا، وهي لغة يمانية. "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير (7 /468).

السنة النبوية

الغناء والشعر المذموم في السنة النبوية
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيْحًا يَرِيهِ خَيْرٌ مِن أنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا». أخرج البخاري (6155). وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو بَكْرٍ وَعِندِي جَارِيَتَانِ مِن جَوَارِي الأنْصَارِ، تُغَنِّيَانِ بما تَقَاوَلَتْ به الأنْصَارُ، يَومَ بُعَاثَ، قالَتْ: وَليسَتَا بمُغَنِّيَتَيْنِ، فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: أَبِمَزْمُورِ الشَّيْطَانِ في بَيْتِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ؟ وَذلكَ في يَومِ عِيدٍ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: يا أَبَا بَكْرٍ إنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَهذا عِيدُنَا». أخرجه مسلم (892). وعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي قال: «ليكونَنَّ في أُمَّتي أقوامٌ يستحلونَ الحريرَ والخمرَ والمعازِفَ». أخرجه البخاري معلقاً بصيغة الجزم (5590)، وأخرجه موصولاً أبو داود (4039) مطولاً باختلاف يسير، وابن حبان (6754) واللفظ له. وقال النبي : «إن الله جميل يحب الجمال، ويحب معالي الأمور ويكره ‌سفسافها». أخرجه الطبراني وصححه الألباني في "السلسة الصحيحة" برقم (1378).

الإجماع

يقول ابن حجر الهيتمي: «الأوتار والمعازف، كالطُّنْبُور والعُود والصَّنْج. . وغير ذلك من الآلات المشهورة عند أهل اللهو والسَّفاهة والفُسوق، وهذه كلُّها محرَّمة بلا خِلاف، ومَن حكى فيه خلافًا فقد غلط أو غلب عليه هَواه، حتى أصمَّه وأعماه، ومنعه هداه، وزلَّ به عن سنن تَقواه. وممَّن حكَى الإجماع على تحريم ذلك كلِّه: الإمام أبو العباس القرطبي، وهو الثقة العدل، فإنَّه قال كما نقَلَه عن أئمَّتنا وأقرُّوه: أمَّا َالمَزَامِير والكُوبَة فلا يُختَلف فِي تحريم سماعها، ولم أسمعْ عن أحدٍ ممَّن يُعتَبر قوله من السلف، وأئمَّة الخلف مَن يبيح ذلك، وكيف لا يُحرَّم وهو شعار أهل الخمور والفسوق، ومهيج للشهوات والفساد والمجون، وما كان كذلك لم يُشَكَّ فِي تحريمه ولا فِي تفسيق فاعله وتأثيمه». " كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع" لابن حجر الهيتمي (ص118).

أقوال أهل العلم

«أنه سئل عن بيت من الشعر فكرهه فقيل له في ذلك، فقال: أنا أكره أن يوجد في صحيفتي شعر». مَسْروق بن الأجْدَع "إحياء علوم الدين" للغزالي (126/3).
«وعلى الجملة فإنشاد الشعر ونظمه ليس بحرام إذا لم يكن فيه كلام مستكره» الغَزالي "إحياء علوم الدين" للغزالي (126/3).
«سمع ابنُ عمرَ مزمارًا ، قال : فوضع أُصبعَيه على أُذُنَيه ، ونأَى عن الطريقِ ، وقال لي : يا نافعُ هل تسمع شيئًا ؟ قال : فقلتُ : لا ! قال : فرفع أصبعَيه من أُذُنَيه ، وقال : كنتُ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فسمع مثلَ هذا ! فصنعَ مثل هذا» عَبْد الله بن عُمَر أخرجه أبو داود(4924).
«الغناء ينبت النفاق كما ينبت الماء الزرع» ابن مَسْعُود "إغاثة اللهفان" لابن القيم (1 /368).
«ولا ريب أن كل غيور يجنب أهله سماع الغناء، كما يجنبهن أسباب الريب، ومن طرَّق أهله إلى سماع رقية الزنا فهو أعلم بالإثم الذي يستحقه، ومن الأمر المعلوم عند القوم أن المرأة إذا استعصت على الرجل اجتهد أن يسمعها صوت الغناء، فحينئذ تعطي الليان، فلعمر الله كم من حرة صارت بالغناء من البغايا، وكم من حر أصبح به عبدًا للصبيان أو الصبايا، وكم من غيور تبدل به اسمًا قبيحًا بين البرايا، وكم من معافى تعرض له فأمسى وقد حلت به أنواع من البلايا، وكم جرع من غصة، وأزال من نعمة، وجلب من نقمة، وكم خبأ لأهله من آلام منتظرة، وغموم متوقعة، وهموم مستقبلة؟». ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة "إغاثة اللهفان" لابن القيم (1/367).
«ومن أقوى ما يهيج الفاحشة: إنشادُ أشعار الذين فى قلوبهم مرض من العشق، ومحبة الفواحش، ومقدماتها بالأصوات المطربة، فإن المُغَنِّي إذا غَنَّى بذلك حَرَّك القلوبَ المريضةَ إلى محبَّةِ الفواحش، فعندها يهيج مرضُه ويقوى بلاؤُه، وإن كان القلب في عافية من ذلك جعل فيه مرضًا، كما قال بعض السلف : الغناء رُقْيَةُ الزنا. ورقية الحية هى ما تستخرج بها الحية من جحرها، ورقية العين والحمة هى ما تستخرج به العافية، ورقية الزنا هو ما يدعو إلى الزنا». ابن تَيْمِيَّة " مجموع الفتاوى" (15 /313-314).
ونغماتُ العودِ في الأحيانِ*****قالوا: تُزيلُ أثرَ الأحزانِ فاجزِمْ على التَّحريمِ كُلَّ جَزْمِ *****والحَزْمُ أن لا تَتْبَعَ ابنَ حَزمِ فقد أُبيحَتْ عندهُ الأوتَارُ *****والعُودُ والطنبُورُ والمِزْمَارُ الدِّيرِيني
ولا بَأْسَ بالشِّعْرِ الْمُباحِ وحِفْظِهِ*****وَصَنْعَتِهِ، مَنْ ذَمَّ ذلكَ يَعْتَدِي فقدْ سَمِعَ الْمُختارُ شِعْرَ صِحَابِهِ*****وتَشبيبهَم مِنْ غيرِ تَعيينِ خُرَّدِ ولمْ يَكُ في عصرٍ لذلكَ مُنْكِرٌ*****فكيفَ وفيهِ حِكمةٌ، فَارْوِ، وانْشُدِ وحَظْرُ الْهِجَا والمدْحِ بالزُّورِ والْخَنَا*****وتَشْبِيبِهِ بالأَجْنَبِيَّاتِ أَكِّدِ ووَصْفُ الزِّنا والخمرِ والْمُرْدِ والنِّسا الـ*****قِيانِ، ونَوْحٌ للتَّسَخُّطِ يُورَدِ المَرْداوي "الألفية في الآداب الشرعية" (ص30-31).

الأقسام والأنواع

وقال ابن جزي في تعداده لآفات اللسان: «الشعر والغناء، وليس مذمومًا على الإطلاق، قال الشافعي: الشعر كلام؛ فمنه حسن، ومنه قبيح. وذلك أن الشعر أربعة أصناف: أحدها: حَسَنٌ، وهو الجد والحكمة. الثاني: ممنوع مُطلقًا وهو الهجو. الثالث: المدح والرثاء، فإن كان حقًّا؛ فهو مكروه، وإن كان باطلًا؛ فهو ممنوع. الرابع: التغزُّل؛ فإن كان فيمن لا يحل له فهو حرام، وإلا فلا. وأما الغناء فروي منعُه عن مالك والشافعي وأبي حنيفة، ومنع مالك شراء الجارية المغنية، ورأى أن الغناء فيها عيب ترد به، وأجازه قوم مُطلقًا، وهو مذهب أكثر المتصوفة. وقال بعضهم: إنما يحرم منه أربعة أشياء: أولها: غناء امرأة لا يحل سماع صوتها. الثاني: إن اقترن به آلة لهو كالمزامير والأوتار، واختلف الناس في الشبابة. الثالث: إن كان الشعر مما لا يجوز حسبما قدمنا. الرابع: إذا كان الغناء يحرك قلب السامع إلى ما لا ينبغي». "القوانين الفقهية" (ص283). وانظر: "كشف القناع عن حكم الوجد والسماع" للقرطبي (ص24-25)، (ص72).

العقوبة

- ينبت النفاق في القلب: «الغناء ينبت النفاق كما ينبت الماء الزرع». "إغاثة اللهفان" لابن القيم (1 /368). - يشغل عن ذكر الله وتلاوة القرآن. - لهم عذاب مهين: قال تعالى: ﴿وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾ [لقمان: 6].

وسائل الاجتناب

- كثرة ذكر الله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾[البقرة: 152]. - صحبة الأخيار: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾. [الكهف: 28]. -الإقبال على تلاوة القرآن: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾[الإسراء: 82]. معرفة الآثار الوخيمة المترتبة على سماعه: فإن الأغاني بريد الزنا، وهي صوت الشيطان وقرآنه، وهي تنبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل، وعندما وضع بعض العلماء كلمات كثير من الأغاني في ميزان الشريعة وجدها تشتمل على الإشراك والكفر والفسوق والعهر، هذا مع ما يصاحبها من موسيقى محرمة، وتؤدى بطريقة فيها ميوعة وانحلال وهتك للأستار وكشف للعورات. - معرفة حكم الغناء وتغليظ حرمته.