البحث

عبارات مقترحة:

القدوس

كلمة (قُدُّوس) في اللغة صيغة مبالغة من القداسة، ومعناها في...

الوكيل

كلمة (الوكيل) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (مفعول) أي:...

المهيمن

كلمة (المهيمن) في اللغة اسم فاعل، واختلف في الفعل الذي اشتقَّ...

كلام ذي الوجهين

من شر الخلال أن يكون الإنسان مخادعًا عند افتراق الناس، يظهر لكل فريق أنه معهم، وهذا النوع من الناس أشبه بالمنافق، وقد استعمل لسانه في ما لا يحل له، من هتك أستار الفريقين، والاحتيال لمعرفة أسرارهما.

التعريف

التعريف لغة

كلام ذي الوجهين: مجاز عن الجهتين، مثل المدحة والمذمة، لا حقيقة، قاله الزرقاني، "شرح الموطأ" (4 /528). وعبر عنه الغزالي وغيره بذي اللسانين. وهو تعبير مجازي أيضًا.

التعريف اصطلاحًا

عبر عنه الغزالي بقوله: «كلام ذي ‌اللسانين الذي يتردد بين المتعادِيين، ويكلم كل واحد منهما بكلام يوافقه، وقلما يخلو عنه من يشاهد متعاديين، وذلك عين النفاق». "إحياء علوم الدين" (5/560). وفي "شرح مسلم" للنووي (79/16): «هو الذي يأتي كل طائفة بما يُرضِيها فيظهر لها أنه منها، ومخالف لضدها، وصنيعه نفاقٌ محض وخداع، وتحيل على الاطلاع على أسرار الطائفتين، وهي مداهنة محرمة».

الأدلة

القرآن الكريم

كلام ذي الوجهين في القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ [البقرة: 14]. وقال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيداً (60) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً﴾. [النساء: 60-61]. وقال تعالى: ﴿فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا﴾[النساء: 88-89]. وقال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (11) لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ﴾[الحشر: 12-12]. وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾[النساء: 141]. وقال تعالى: ﴿إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ﴾[المنافقون: 1]. إلى قوله: ﴿كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ﴾ [المنافقون: 4]. قال ابن عقيل في تفسيرها: «أي: مقطوعة ممالة إلى الحائط لا تقوم بنفسها، ولا هي ثابتة، إنما كانوا يستندون إلى من ينصرهم، وإلى من يتظاهرون به». "الفنون" لابن عقيل، ونقله ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (1/6).

السنة النبوية

كلام ذي الوجهين في السنة النبوية
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: «تَجِدُونَ مِن شَرِّ النَّاسِ ذا الوَجْهَيْنِ، الذي يَأْتي هَؤُلاءِ بوَجْهٍ، وهَؤُلاءِ بوَجْهٍ». أخرجه البخاري(3493)، ومسلم(2526). قال المهلب: «فإن قال قائل: إن هذا الحديث قوله للذي استأذن عليه: «بئس ابن العشيرة». أخرجه البخاري(6054)، ثم تلقاه بوجه طلق وترحيب. قيل: ليس بينهما تعارض بحمد الله؛ لأنه لم يقل خلاف ما قاله عنه؛ بل أبقاه على التجريح عند السامع، ثم تفضل عليه بحسن اللقاء والترحيب لما كان يلزمه من الاستئلاف، وكان يلزمه التعريف لخاصته بأهل التخليط والتهمة بالنفاق. وقد قيل: إن تلقيه له بالبشر إنما كان لاتقاء شره، وليكف بذلك أذاه عن المسلمين، فإنما قصد بالوجهين جميعًا إلى نفع المسلمين بأن عرفهم سوء حاله، وبأن كفاهم ببشره له أذاه وشره. وذو الوجهين بخلاف هذا؛ لأنه يقول الشىء بالحضرة، ويقول ضده فى غير الحضرة، وهذا تناقض، والذى فعله محكم مبين لا تناقض فيه؛ لأنه لم يقل لابن العشيرة عند لقائه إنه فاضل ولا صالح بخلاف ما قال فيه فى غير وجهه». انظر: "شرح صحيح البخاري" لابن بطال (250/8). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: «ما يَنبَغي لذي الوجهَيْن أنْ يكونَ أَمينًا». أخرجه أحمد (8781) واللفظ له، والبزار (8110). وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي قال: «منِ التمسَ رضا اللَّهِ بسَخطِ النَّاسِ كفاهُ اللَّهُ مؤنةَ النَّاسِ ، ومنِ التمسَ رضا النَّاسِ بسخطِ اللَّهِ، وَكلَهُ اللَّهُ إلى النَّاسِ». أخرجه الترمذي (2414). وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي : «مَثَلُ الْمُنَافِقِ، كَمَثَلِ الشَّاةِ ‌الْعَائِرَةِ بَيْنَ الْغَنَمَيْنِ تَعِيرُ إِلَى هَذِهِ مَرَّةً وَإِلَى هَذِهِ مَرَّةً». أخرجه مسلم (2784). العائرة: المترددة الحائرة لا تدري أيهما تتبع. تعير: أي تتردد وتذهب. وقالَ أُنَاسٌ لِابْنِ عُمَرَ: إنَّا نَدْخُلُ علَى سُلْطَانِنَا، فَنَقُولُ لهمْ خِلَافَ ما نَتَكَلَّمُ إذَا خَرَجْنَا مِن عِندِهِمْ، قالَ: كُنَّا نَعُدُّهَا نِفَاقًا. أخرجه البخاري (7178).

الإجماع

يقول الغزالي: «واتَّفَقُوا على أن ملاقاة الاثنين بوجهين نفاق، وللنفاق علامات كثيرة، وهذه من جملتها». "إحياء علوم الدين" (5 /561).

أقوال أهل العلم

«وإنما سُمَّي ذو الوجهين مداهنًا؛ لأنه يظهر لأهل المنكر أنه عنهم راض فيلقاهم بوجه سمح بالترحيب والبشر، وكذلك يظهر لأهل الحق أنه عنهم راضٍ وفي باطنه أن هذا دأبه فى أن يرضي كل فريق منهم ويريهم أنه منهم». "شرح صحيح البخاري" لابن بطال(251/9).
«إنما كان ذو الوجهين شر الناس لأن حاله حال المنافق إذ هو مُتَمَلِّقٌ بالباطل وبالكذب، مُدخِلٌ للفساد بين الناس». "فتح الباري" لابن حجر(475/10).
ابن بَطَّال
ابن القُرْطُبي

الصور

إذا دخل على متعاديين، ونقل كلام كل واحد منهما إلى الآخر فهو ذو لسانين، وذلك شرٌّ من النميمة، إذ يصير نمَّامًا بأن ينقل من أحد الجانبين فقط فإذا نقل من الجانبين فهو شر من النمام. إذا دخل على متعاديين، لكن لم ينقل كلامًا، ولكن حَسَّنَ لكل واحد منهما ما هو عليه من المعاداة مع صاحبه، أو وعد كل واحد منهما بأن ينصره، أو أثنى على واحد منهما في معادات فهذا ذو لسانين. إذا دخل على متعاديين، وأثنى على أحدهما، وكان إذا خرج من عنده يذمه، فهو ذو لسانين. انظر "إحياء علوم الدين" للغزالي (5 /562-563).

الأقسام والأنواع

النوع الأول: المتملق بالباطل الذي يأتي كل طائفة بما يرضيها فيظهر لها أنه منها ومخالف لضدها وصنيعه نفاق، وهو مذموم. النوع الثاني: من يقصد بذلك الإصلاح بين الطائفتين فهو محمود، ومنه: أن يأتي لكل طائفة بكلام فيه صلاح الأخرى ويعتذر لكل واحدة عن الأخرى وينقل إليه ما أمكنه من الجميل ويستر القبيح، وهو محمود. انظر: "شرح مسلم" للنووي (79/16)، "فتح الباري" لابن حجر (475/10)، "إرشاد الساري" للقسطلاني (247/10). أما إذا دخل على متعاديين وجامل كلَّ واحد منهما، وكان صادقًا فيه، لم يكن مُنافِقًا، ولا ذا لسانين، فإنَّ الواحد قد يُصادِق مُتعادِيَين، ولكن صداقةً ضعيفةً لا تنتهي إلى حدِّ الأُخوة، إذ لو تحققت الصداقة لاقتضت معاداة الأعداء. قاله الغزالي. انظر "إحياء علوم الدين" (5 /562-563). وقد نظم في "محارم اللسان" هذه الأقسام فقال: جَعَلَ أَهْلُ الْعِلْمِ ذِا الْوَجْهَين*****- تَوْفِيقَكَ اللّهُمَّ- ذَا وَجْهَيْن وَهُوَ مَن يَأْتِي بِوَجْهٍ نَّفَرًا*****وَنَفَرًا يَأْتِي بِوَجْهٍ آخَرَا فِإِن يُرِدْ -وَاللُه جَلَّ مُطلِعْ*****عَلَى سَرَائِرِ الْوَرَى- أَن يَطلِعْ عَلَى سَرَائِرِهِمَا وَالنَّمَّا*****بَيْنَهُمَا بِهِ فَذَنْبًا أَمَّا وَإِن يُرِدْ - وَالْقَصْدُ إِكْسِير الْعَمَلْ-*****رَأْب ثَآهُمَا فَنِعْمَ مَا فَعَل أما إذا جَامَلَ كُلًا مِنهُمَا*****وَكَانَ صَادِقًا فَلَيسَ ذَاهُمَا "اللالئ الحسان على محارم اللسان" لولد الخديم (ص65).

العقوبة

من شر الناس: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: «تَجِدُونَ مِن شَرِّ النَّاسِ ذا الوَجْهَيْنِ، الذي يَأْتي هَؤُلاءِ بوَجْهٍ، وهَؤُلاءِ بوَجْهٍ». أخرجه البخاري(3493) ومسلم(2526). مجروح الشهادة والأمانة: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: «ما يَنبَغي لذي الوجهَيْن أنْ يكونَ أَمينًا». أخرجه أحمد (8781) واللفظ له، والبزار (8110). أن يسخط عليه الله ويسخط عليه الناس: عن عائشة رضي الله عنها أن النبي قال: «منِ التمسَ رضا اللَّهِ بسَخطِ النَّاسِ كفاهُ اللَّهُ مؤنةَ النَّاسِ ، ومنِ التمسَ رضا النَّاسِ بسخطِ اللَّهِ وَكلَهُ اللَّهُ إلى النَّاسِ». أخرجه الترمذي (2414). خسارة الدنيا والآخرة: قال تعالى: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾[البقرة: 14-16].

وسائل الاجتناب

التَّربية على الأخلاق الفاضلة، والالتزام بأحكام الشَّرع الحنيف. الثِّقة بالله واستشعار مراقبته. إذا دخل على متعاديين ينبغي أن يسكت، أو يثني على المحق من المتعاديين، ويثني عليه في غيبته، وفي حضوره، وبين يدي عدوِّه. "إحياء علوم الدين" للغزالي (5/563). تذكر عقوبة ذوي الوجهين في الدنيا والآخرة. العلم بالحكم الشَّرعي لكلام ذي الوجهين.