البحث

عبارات مقترحة:

القاهر

كلمة (القاهر) في اللغة اسم فاعل من القهر، ومعناه الإجبار،...

القدوس

كلمة (قُدُّوس) في اللغة صيغة مبالغة من القداسة، ومعناها في...

الظاهر

هو اسمُ فاعل من (الظهور)، وهو اسمٌ ذاتي من أسماء الربِّ تبارك...

القول على الله بلا علم

أنزل الله شريعته على الناس كاملةً مطهرةً، وأرسل المرسلين مبشرين ومنذرين، وجعل العلماء ورثة الأنبياء في حمل رسالته، وتبليغ أمانته، واشترط فيهم شروطاً حتى يتحقق مراده، فمن لم يستوفِ هذه الشروط، وتصدر للقول على الله بلا علم، والتوقيع عنه بلا فهم، أو كذب عليه متعمداً، فقد اقترف كبيرةً، وجاء بحوبٍ عظيم.

التعريف

التعريف اصطلاحًا

يكون القول على الله بغير علم بـالكذب على الله، ونسبته إلى ما لا يليق به، وتغيير دينه وتبديله، ونفي ما أثبته وإثبات ما نفاه، وتحقيق ما أبطله وإبطال ما حققه، وعداوة من والاه وموالاة من عاداه، وحب ما أبغضه وبغض ما أحبه، ووصفه بما لا يليق به في ذاته وصفاته وأقواله وأفعاله. انظر "مدارج السالكين" (1 /378).

الأدلة

القرآن الكريم

القول على الله بلا علم في القرآن الكريم
1- حرم الله تعالى القول عليه بلا علم، وقرنه بالإشراك فيه فقال تعالى : ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 33]. 2- وجعل عقابهم اسوداد وجوههم في الآخرة كنايةً عن الذل الذي سيصيبهم فقال : ﴿ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة﴾ [الزمر: 60]. 3-وجعل ذلك من الإثم البين الظاهر فقال : ﴿انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۖ وَكَفَىٰ بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا﴾ [النساء: 50]. 4- ووصفهم بأنهم لا يعقلون فقال : ﴿وَلَٰكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۖ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾ [المائدة: 103]. 5- وجعل ذلك سببًا في عدم فلاحهم فقال: ﴿قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾ [يونس: 69] 6- وتوعدهم بأنهم سيلاقونه يوم القيامة فقال: ﴿آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ ۖ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ(59) وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [يونس: 59-60]. 8- وقال: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ [الحج: 30]. قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله: ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾؛ يعني: الافتراء على الله والتكذيب. "تفسير الطبري" (112/17).

السنة النبوية

القول على الله بلا علم في السنة النبوية
1-جعل رسول الله من أفتى بغير علمٍ سببًا في الضلال والإضلال فعن عبدالله بن عمرو: قال رسول الله : «إنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبادِ، ولَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بقَبْضِ العُلَماءِ، حتّى إذا لَمْ يُبْقِ عالِمًا اتَّخَذَ النّاسُ رُؤُوسًا جُهّالًا، فَسُئِلُوا فأفْتَوْا بغيرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا». أخرجه البخاري (100) ومسلم (2673). 2- كما جعل الفتيا بغير علمٍ تأخذ أحكام نتائجها فكان من تسبب بالقتل كالقاتل فعن جابر بن عبدالله: «خرَجنا في سَفرٍ، فأصابَ رجلًا منّا حَجرٌ فشجَّهُ في رأسِهِ، ثمَّ احتَلمَ فسألَ أصحابَهُ... فقالَ صلّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: قَتلوهُ قتلَهُمُ اللَّهُ، ألا سَألوا إذْ لَم يعلَموا فإنَّ شِفاءَ العِيِّ السُّؤالُ، إنَّما كانَ يَكْفيهِ أن يتيمَّمَ ويعصِرَ أو يعصِبَ على جُرحِهِ خِرقةً، ثمَّ يمسحَ علَيهِ ويغسلَ سائرَ جسدِهِ». أخرجه أبو داود (336).

أقوال أهل العلم

«وأما القول على الله بلا علم فهو أشد هذه المحرمات تحريمًا، وأعظمها إثمًا، ولهذا ذكر في المرتبة الرابعة من المحرمات التي اتفقت عليها الشرائع والأديان، ولا تباح بحال، بل لا تكون إلا محرمة، وليست كالميتة والدم ولحم الخنزير، الذي يباح في حال دون حال... فليس في أجناس المحرمات أعظم عند الله منه، ولا أشد إثمًا، وهو أصل الشرك والكفر، وعليه أسست البدع والضلالات، فكل بدعة مضلة في الدين أساسها القول على الله بلا علم». ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة "مدارج السالكين" (1 /378)
«أجسر الناس على الفتيا أقلهم علمًا». سُفْيَان بن عُيَيْنَة "جامع بيان العلم وفضله" (2 /1124)
«والله لأن يقطع لساني أحب إلي أن أتكلم بما لا علم لي به». القاسم بن محمد "العقد التليد" (177)
«لو شئت أن أملأ ألواحي من قول مالك: لا أدري، لفعلت». ابن وَهْب "سير أعلام النبلاء" (7 185).
«تقويله ما لم يقل يقتضي الكذب على الله تعالى، لأنه إثبات حكم من الأحكام الشرعية». ابن حَجَر العَسْقَلَاني "فتح الباري" (1 /200)
«إن أحدكم ليفتي في المسألة، ولو وردت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر». عثمان بن عاصم، أبو الحصين الأسدي "أدب المفتي والمستفتي" (76)

الأضرار والمفاسد

التجرُّؤ على الفتيا بغير علم مزلةٌ للأقدام، وكبيرةٌ من الكبائر، وقد بين ابن القيم رحمه الله أنها أساس الشرور وأصل البدع والضلالات، توجب سخط الله تعالى على الإنسان، ويكون صاحبها أول من تسعر به النار، وضررها يتعدى الشخص ليصل إلى الآخرين، وقد تفسد الدين والدنيا، وقد تتسبب بالقتل، ويصدق على صاحبها قوله : «قتلوه قتلهم الله»، وهي معول هدمٍ للإسلام، ومن تلبس بها فقد جانب سبيل السلف، وتنكب طريقهم. انظر "أدب المفتي والمستفتي" (ص73-75)، "تغليظ الملام" للتويجري (ص37-40)، "أدب الفتوى" (ص14-17).

وسائل الاجتناب

على الإنسان أن يتوقف عند حد علمه، ولا يتجرأ على خوض غمارٍ هو في منأى عنه، وليتذكر الإنسان أنه سيقف بين يدي الله تعالى ويسأل عن علمه وعمله، فإذا استحضر هذا الموقف كان زاجرًا له عن التقدم، وليلتزم طريقة السلف، وهم أعلم الناس وأحكمهم، وليبتغ وجه الله دائمًا في كل عملٍ وقولٍ، فإن أحس أن نيته شابها شيءٌ من حظوظ الدنيا، فليتوقف وليراجع نفسه، وليسأل من هو أعلم منه، ولا يخجل ولو كان أصغر منه سنًا، أو أقل منه شرفًا. انظر "تغظيم الفتيا" (ص130-133)، "أدب الفتوى" (ص18).