البحث

عبارات مقترحة:

العزيز

كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...

الطيب

كلمة الطيب في اللغة صيغة مبالغة من الطيب الذي هو عكس الخبث، واسم...

القيوم

كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...

الاعتصام

الاعتصام هو اجتماعُ المُسلمين على الاستعانةِ بالله، والوثوقُ به وعدم التّفرق عنه، والاجتماع على التّمسك بعهده على عباده، وهو الإيمانُ والطّاعةُ أو الكتاب، وقد جاءت الكثير من الآيات الكريمة، والأحاديث النّبوية الشريفة التي تحثُّ على الاعتصام وتبين فضله، وله فوائد عظيمة ينعكس أثرها على حياة المسلم.

التعريف

التعريف لغة

يقول ابن فارس: «العينُ والصّادُ والميمُ أصلٌ واحدٌ صحيحٌ يدلُّ على إمساكٍ ومنعٍ ومُلازمة، والمعنى في ذلك كلّه معنىً واحد، ومن ذلك العِصمة: أن يعصم الله تعالى عبده من سوءٍ يقع فيه، واعتصم العبدُ بالله تعالى: إذا امتنع، واستعصم: التجأ» "مقاييس اللغة" لابن فارس (4 /331) والاعتصام: الاستمساكُ بالشّيء. انظر "لسان العرب" لابن منظور (12 /404-405)

التعريف اصطلاحًا

الاعتصام بالكتاب والسّنة: هو اجتماعُ المُسلمين على الاستعانةِ بالله، والوثوقُ به وعدم التّفرق عنه، والاجتماع على التّمسك بعهده على عباده، وهو الإيمانُ والطّاعةُ أو الكتاب. انظر "الكشاف" للزمخشري (1 /206) الاعتصام بحبل الله هو المحافظة على طاعته، مراقبًا لأمره. ويُرادُ بمراقبة الأمر: القيام بالطاعة لأجل أن الله أمر بها وأحبها، لا لمجرد العادة، أو لعلة باعثة سوى امتثال الأمر، كما قال طلق بن حبيب في التقوى: هي العمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب الله، وترك معصية الله على نور من الله، تخاف عقاب الله. وأما الاعتصام به: فهو التوكل عليه، والامتناع به، والاحتماء به، وسؤاله أن يحمي العبد ويمنعه، ويعصمه ويدفع عنه. انظر "مدارج السالكين" لابن القيم (1 /459-460)

الفضل

إنّ مدار السعادة الدنيوية والأخروية على الاعتصام بالله، والاعتصام بحبله، ولا نجاة إلا لمن تمسك بهاتين العصمتين. فأما الاعتصام بحبله؛ فإنَّهُ يعصمُ من الضَّلالة، والاعتصام به يعصم من الهلكة، فإنَّ السَّائر إلى اللهِ كالسَّائرِ على طريقٍ نحو مقصده، فهو محتاجٌ إلى هداية الطَّريق، والسلامة فيها، فلا يصل إلى مقصده إلا بعد حصول هذين الأمرين له؛ فالدَّليلُ كفيلٌ بعصمته من الضَّلالة، وأن يهديه إلى الطَّريق، والعدة والقوة والسِّلاح الَّتي بها تحصل له السَّلامة من قطَّاع الطَّريق وآفاتها. فالاعتصام بحبل الله يوجب له الهداية واتباع الدليل. والاعتصامُ بالله، يوجب له القوَّة والعدَّة والسِّلاح، والمادَّة التي يستلئم بها في طريقه. والاعتصام بحبل الله يحمي من البدعة وآفات العمل. انظر "مدارج السالكين" لابن القيم (1 /458-460).

الأدلة

القرآن الكريم

الاعتصام في القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [آل عمران: 103]. وقال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146)﴾ [النساء]. وقال تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا﴾ [النساء: 175]. ومن الآيات الدّالة على الاعتصام معنىً، قوله تعالى: ﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ۗ وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ [لقمان: 22]. وقوله تعالى: ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [الزخرف: 43].

السنة النبوية

الاعتصام في السنة النبوية
عن الحارث بن هشام رضي الله عنه أنّه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلّم: «أَخْبِرْني بأمرٍ أعتَصمُ بهِ. فقال رسولُ اللهِ : املِكْ هَذا وأشارَ إلى لسانِه» رواه الطبراني بإسنادين أحدهما جيد (3348) (3349). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله علي وسلم: «إنَّ اللهَ يرضى لكم ثلاثًا ويكرَه لكم ثلاثًا ، يرضى لكم أن تعبدوهُ ولا تُشركوا به شيئًا ، وأن تعتصموا بحبلِ اللهِ جميعًا ، وأن تُناصِحُوا من ولَّاهُ اللهُ أمرَكم ، ويكرَه لكم : قِيلَ وقالَ ، وإضاعةَ المالِ ، وكثرةَ السؤالِ» أخرجه مسلم (1715). وعن يزيد بن حيان قال: «انْطَلَقْتُ أَنَا وَحُصَيْنُ بنُ سَبْرَةَ، وَعُمَرُ بنُ مُسْلِمٍ، إلى زَيْدِ بنِ أَرْقَمَ، فَلَمَّا جَلَسْنَا إلَيْهِ قالَ له حُصَيْنٌ: لقَدْ لَقِيتَ يا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا، رَأَيْتَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَسَمِعْتَ حَدِيثَهُ، وَغَزَوْتَ معهُ، وَصَلَّيْتَ خَلْفَهُ لقَدْ لَقِيتَ يا زَيْدُ خَيْرًا كَثِيرًا، حَدِّثْنَا يا زَيْدُ ما سَمِعْتَ مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالَ: يا ابْنَ أَخِي وَاللَّهِ لقَدْ كَبِرَتْ سِنِّي، وَقَدُمَ عَهْدِي، وَنَسِيتُ بَعْضَ الذي كُنْتُ أَعِي مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَما حَدَّثْتُكُمْ فَاقْبَلُوا، وَما لَا، فلا تُكَلِّفُونِيهِ، ثُمَّ قالَ: قَامَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا، بمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عليه، وَوَعَظَ وَذَكَّرَ، ثُمَّ قالَ: أَمَّا بَعْدُ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فإنَّما أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُما كِتَابُ اللهِ فيه الهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بكِتَابِ اللهِ، وَاسْتَمْسِكُوا به فَحَثَّ علَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قالَ: وَأَهْلُ بَيْتي أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتي» أخرجه مسلم (2408)

أقوال أهل العلم

«لا عِصمةَ لأحدٍ إلا في كتابِ الله، أو في سنّةِ رسوله، أو في إجماعِ العُلماء على معنىً في أحَدِهما» ابن بَطَّال "فتح الباري" لابن حجر (13 /246)
«إنّ هذا الصراطُ مُحتَضَر، تحضُرُهُ الشّياطين يُنادونَ يا عبد الله هَلُمَّ هذا هو الطّريق، ليصدّوا عن سبيل الله، فاعتصموا بحبل الله، فإنّ حبل الله القرآن» ابن مَسْعُود "الدر المنثور" للسيوطي (2 /284)
«وشواهد هذا الأصل العظيم الجامع من الكتاب والسنة كثيرة، وترجم عليه أهل العلم في الكتب كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، كما ترجم عليه البخاري، والبغوي وغيرهما، فمن اعتصم بالكتاب والسنة كان من أولياء الله المتقين، وحزبه المفلحين، وجنده الغالبين». ابن تَيْمِيَّة "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (11 /623)
«السنة سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق». الإمام مالِك "ذم الكلام" للهروي (5/81).

الصور

درجات الاعتصام: الدرجة الأولى : اعتصامٌ بالخبر ؛ استسلاماً وإذعاناً بتصديق الوَعد والوعيد، وتعظيم الأمر والنهي، وتأسيس المُعاملة على اليقين والإنصاف. أي أنهم اعتصموا بالخبر الوارد عن الله؛ استسلاماً من غير منازعة، بل إيماناً واستسلاماً، وانقادوا إلى تعظيم الأمر والنهي والإذعان لهما، والتّصديق بالوعد والوعيد، وأسّسوا معاملتهم على اليقين، لا على الشّك والتّردد، وسلوك طريقة الاحتياط. وأمّا الإنصاف الّذي أسسوا معاملتهم عليه، فهو الإنصافُ في معاملتهم لله ولخلقه؛ فأمّا الإنصافُ في مُعاملة الله فأن يُعطي العبوديّة حقها، وألّا ينازع ربّه صفات إلهيته الّتي لا تليقُ بالعبد ولا تنبغي له من العظمة والكبرياء والجبروت، ومن إنصافه لربذه ألّا يشكر سواه على نعمه وينساه، لا يستعين بها على معاصيه، ولا يحمد على رزقه غيره، ولا يعبد سواه. الدّرجة الثانية : اعتصامٌ بالانقطاع ؛ وهو صون الإرادة قبضاً، وإسبالُ الخُلُق على الخَلقِ بَسطاً، ورفض العلائق عزماً، وهو التّمسك بالعروة الوثقى. ويُراد بها: انقطاع النفس عن أغراضها من هذه الوجوه الثلاثة، فيصون إرادته و يقبضها عما سوى الله سبحانه. وإسبال الخلق على الخلق بسطاً ؛ فإنّ حسن الخلق وتزكية النفس بمكارم الأخلاق يدلُّ على سعةِ قلب صاحبه، وكرم نفسه، وسجيته. وأمّا رفض العلائق عزماً؛ فهو العزمُ التّامُ على رفض العلائق وتركها في ظاهره وباطنه، والأصل هو قطعُ علائق الباطن؛ فمتى قطعها لم تضرّه علائق الظّاهر، فكتى كان المال في يدك وليس في قلبك لك يضرّك ولو كثر، ومتى كان في قلبك ضرَّ ولو لَم يكُن في يدك شيءٌ منه. انظر "تقريب مدارج السالكين" لمجموعة من الباحثين (ص215-217).

الفوائد والمصالح

من فوائد الاعتصام: أوّلاً : دليلُ صلاحِ المرء واستقامته. ثانياً: يورثُ محبّة الله ومحبّة النّاس. ثالثاً: يُثمر السعادة في الدّارين. رابعاً: يُجنّب الإنسان مسالك الشّيطان ومُضلّاته. خامساً: دليلٌ على صدقِ الإيمان ومحبّة الرّحمن. سادساً: يقوّي الأمة ويرفعها. سابعاً: في الاعتصام تجمّع، والجماعة رحمة، والفرقة عذاب. انظر "الدّر المنثور" للسيوطي (2 /285_286)، "فتح الباري" لابن حجر (13 /246) ثامناً: الاعتصام بالله يدفعُ عن العبد ويحمي من الشهوات والشبهات. يقول ابن القيم: «فإنَّ ثمرة الاعتصام به هو الدفع عن العبد، والله يدافع عن الذين آمنوا، فيدفع عن عبده المؤمن إذا اعتصم به كل سبب يفضي به إلى العطب، ويحميه منه، فيدفع عنه الشبهات والشهوات، وكيد عدوه الظاهر والباطن، وشر نفسه، ويدفع عنه موجب أسباب الشر بعد انعقادها، بحسب قوة الاعتصام به وتمكنه، فتفقد في حقه أسباب العطب، فيدفع عنه موجباتها ومسبباتها، ويدفع عنه قدره بقدره، وإرادته بإرادته، ويعيذه به منه». "مدارج السالكين" لابن القيم (1 /260).

نماذج وقصص

قال عبد الرحمن بن مهدي: سمعت سفيان يقول : «ما بلغني عن رسول الله حديث قط إلا عملت به ولو مرّة». "سير أعلام النبلاء" للذهبي (7/242).