البحث

عبارات مقترحة:

الإله

(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...

المقتدر

كلمة (المقتدر) في اللغة اسم فاعل من الفعل اقْتَدَر ومضارعه...

الحافظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحافظ) اسمٌ...

الورع

الورع أحد أعمال القلوب، ويُراد به: تركُ ما يُخشى ضرره في الآخرة، وقد جاءت الكثير من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي تحث على الورع وتبيّن فضله، وهُناك الكثير من الأمور الّتي تُعين على اكتساب الورع، وقد ضرب لنا الصحابة والصالحين خير أمثلة في التحلي بالورع في شتى المجالات.

التعريف

التعريف لغة

الورَع في اللغة: هو الكفّ والانقباض، ويُمكن أن يُقال: هو الكفّ عما لا ينبغي. انظر "مقاييس اللغة" لابن فارس (6 /100)

التعريف اصطلاحًا

يقول ابن تيمية: «وأمّا الورع: فإنّه الإمساك عمّا قد يضُر؛ فتدخُل فيه المحرّمات والشّبهات؛ لأنها قد تضر فإنّه من اتّقى الشّبهات، استبرَأ لعِرضه ودينه، ومَن وقَعَ في الشّبهات، وَقَع في الحرام؛ كالرّاعي حولَ الحِمى يوشِكُ أن يواقعه» "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (10 /615) وقال إبراهيم بن أدهم: «الورَعُ: تركُ كل شبهة، وترك ما لا يعنيك». "الرسالة القشيرية" للقشيري (1 /233) ويُمكن القول أنّ معنى الورع: هو تركُ ما يُخشى ضرره في الآخرة، وهذا الذي يُخشى ضرره في الآخرة قد يكونُ شيئًا مُحرَّمًا ظاهرَ التّحريم، وقد يكونُ شيئًا مشتبهًا، وقد يكونُ من باب التّوسع في المُباح الّذي يجرُّ صاحبه إلى الوقوعِ في المكروه أو الحرام. انظر "أعمال القلوب" للسبت (1 /352).

الفروق

الفرق بين الورع و الزهد

كثيراً ما يشتبهُ ويلتبس الورع بالزّهد، مع أنّ بينهما فروقاً، ومِن تلك الفروق: أوّلاً : الزهد المشروع: ترك الرّغبة فيما لا ينفعُ في الدّار الآخرة؛ فيُعرض عنه الإنسان؛ لأنّه لا ينفعه في الآخرة، والمقصود به: فضول المُباح الّذي لا يُستعانُ به على طاعة الله عزّ وجل. وأمّا الورع المشروع: فهو ترك ما قد يضرُّ في الآخرة، وهو ترك المحرّمات والشبهات، وكذا المُباحات الّتي يُخشى أن تجرّ صاحبها إلى المكروهات أو المحرّمات. وبهذا الاعتبار يُمكن أن يُقال كما قال بعضُ أهل العلم: بأنّ الورع هو أوّل الزهد، كما أنّ القناعة هي أوّل الرِّضا. فالزّهد أبلغ من الورع، والزاهد لا بدَّ أن يكونَ ورعاً؛ فإنّ الزاهدَ يتركُ المحرّمات والمكروهات والمشتبهات، كما أنّه يترك المُباحات الّتي يُخشى أن تجرّ إلى المحرّمات، كما يترك التّوسع في المُباحات، وما لا ينفعُ في الآخرة، فيكتفي بالقليل من الدّنيا، ولا يتعلّق بها. ثانياً: الزّهد من باب التّرك المجرّد وعدم الرّغبة ، لكن ليس لهُ موقف يوجب النُّفرة من هذا الّذي زهد فيه، فهو لا يتوسّع في المُباحات، بل يأخُذ ما يكفيه من الدّنيا دون توسع وتعلق بها، ودون نُفرةٍ ومعاداةٍ لها. وأمّا الورع: فإنّه يعني الترك، كما يعني المُنافرة؛ لأنّ هذا الأمر قد يضرّه في الآخرة، يُجافيه وينفرُ منه غاية النّفور، فصار الورع أبلغُ من الزّهد من هذه الجهة؛ لأنّ الزّهد تركٌ مجرّد، الورع تركٌ مع نفور. انظر "أعمال القلوب" للسبت (1 /354) انظر: الزهد

الفضل

جاء في حديث النّبي صلى الله عليه وسلّم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «فضلُ العلمِ خيرٌ من فضلِ العبادةِ وخيرُ دينِكم الورَعُ»أخرجه البزار (2969)، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (2 /211_212)، والطبراني في "الأوسط" (9360)، وحسّنه المنذري في "الترغيب والترهيب" (1 /72). ففي قوله صلى الله عليه وسلّم: «وخيرُ دينِكم الورَعُ»: دليل على أنّ الورع من أفضل ما تقرّب به المتقرّبون إلى الله عزّ وجل. وجاء عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: «إنّ النّاسَ قد ضيّعوا أعظمَ دينهم: الورَع». أخرجه ابن ماجة (217). ويقول خالد بن معدان: «مَنْ لَم يكُن لهُ حِلمٌ يضبطُ به جهله، وورعٌ يحجزه عمّا حرّم الله عليه، وحُسنُ صحابةِ من يصحَبُه، فلا حاجةَ لله فيه» أخرجه ابن أبي الدّنيا في "الورع" (32).

الأدلة

القرآن الكريم

الورع في القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ [المؤمنون: 51] وقال تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ [المدثر: 4] فتطهيرهما من النّجاسات وتقصيرها من جملة التّطهير المأمور به؛ إذ به تمامُ إصلاحِ الأعمال والأخلاق؛ لأنّ نجاسة الظّاهر تورثُ نجاسة الباطن، ولذلك أُمر القائم بين يدي الله بإزالتها والبُعد عنها. والمقصود: أنّ الورعَ يُطهّر دنَسَ القلب ونجاسته، كما يطهّر الماءُ دنَسَ الثّوب ونجاسته، وبين الثياب والقلوب مُناسبة ظاهرة وباطنة، ولذك تدلّ ثيابُ المرء في المنام على قلبه وحاله، ويؤثّر كلٌّ منهما في الآخر. انظر "الإكسير" لمجموعة من الباحثين (ص123)

السنة النبوية

الورع في السنة النبوية
عن النّعمان بن بشير رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «إنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ، وإنَّ الحَرامَ بَيِّنٌ، وبيْنَهُما مُشْتَبِهاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وعِرْضِهِ، ومَن وقَعَ في الشُّبُهاتِ وقَعَ في الحَرامِ، كالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أنْ يَرْتَعَ فِيهِ، ألا وإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، ألا وإنَّ حِمَى اللهِ مَحارِمُهُ، ألا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ، صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذا فَسَدَتْ، فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألا وهي القَلْبُ». أخرجه مسلم (1599). وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنّه قال: «أَيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وإنَّ اللَّهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بما أمَرَ به المُرْسَلِينَ، فقالَ: ﴿يا أيُّها الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ واعْمَلُوا صالِحًا، إنِّي بما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾[المؤمنون: 51] وقالَ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ﴾[البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟». أخرجه مسلم (1015). فهؤلاء الّذين لا يأكلون الطّيبات هم الّذين لا يتورعون في المكاسب، وإنّما يعُدّون الحلال ما حلَّ في اليد من أي وجهٍ جاء، دونَ أن يُفتّشوا أو ينظروا في وجوه مكاسبهم. وعن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «دع ما يَريبكَ إلى ما لا يَريبُكَ». أخرجه الترمذي (2518)، وأحمد (1723)، والنسائي(5711).

أقوال أهل العلم

«إنّي لأُحبُّ أن أدعَ بيني وبينَ الحرامِ سترةً من الحلال ولا أخرمها» عَبْد الله بن عُمَر "الورع" للمروزي (178)
«لا يسلمُ للرّجلِ الحلال حتّى يجعل بينه وبين الحرام حاجزاً من الحلال» سُفْيَان بن عُيَيْنَة ميمون بن مهران
«لا يُصيبُ العبدُ حقيقة الإيمان حتّى يجعل بينه وبين الحرامِ حاجزاً من الحلال، وحتّى يدع الإثم وما تشابه». الشَّيخ خَلِيل أخرجه أحمد في "الورع" (439)
«وطريق الورع يشُقُّ طلبُه، ويعسُرُ في جل الأوقات وجودُه إلا بعون الله، ولكن يجتزىءُ بالأشبه من الموجود فالأشبَه، وهو الممكن في كُلِّ حين». "الجامع" (ص79).

الصور

قسّم البعض الورَع إلى أربعة أقسام: الأوّل: ورعُ العدل: وهو الورعُ عما يوجبُ فعلهُ فسقُ صاحبه، وإذا تركه، ثبتت عدالته، وهو الوقوع في الأمور المحرّمة الّتي توجبُ سقوط العدالة، والحُكم بالفسق؛ فهذا ورعُ العدول، ومَن واقعَ شيئاً من ذلك، فهو متوعّدٌ بالعقوبة. الثاني: ورعُ الصالحين؛ وهو الورع عمّا يُشتبه في حُرمته. الثّالث: ورعُ المتّقين؛ وهو تركُ بعض الأمور المُباحة الّتي يُخشى أن تجرّه إلى الحرام. الرّابع: ورعُ الصِّديقين؛ وهو الورع عن كلّ ما ليس لله تعالى. انظر "مختصر منهاج القاصدين" لابن قدامة (114-115). وقسمه الإمام ابن جزي إلى ثلاث درجات: ورع عن الحرام، وهو واجب. وورع عن الشبهات، وهو متأكد، وإن لم يجب. وورع عن الحلال مخافة الوقوع في الحرام، وهو فضيلة، وهو ترك ما لا بأس به حذرًا مما به البأس. انظر "القوانين الفقهية" لابن جزي (ص643).

وسائل الاكتساب

من الأمور الّتي تُعين المُسلم على التّحلي بالورع: أوّلاً : أن يجعل المُسلم بينه وبينَ الحرامِ سُترةً من الحلال: يقول بعض السّلف: «ما ينبغي للرجلِ أن يَشبعَ اليومَ مِن الحلال؛ لأنّه إذا شَبِعَ من الحلال، دعته نفسه إلى الحرام» أخرجه أحمد في "الورع" (331) ثانياً: إذا رابَ المُسلم شيء فتركه أفضل: يقول سفيان الثوري: «ما رأيتُ أسهلَ من الورَع؛ ما حاكَ في نفسك، تركتُه» "الرسالة القشيرية" (1 /235) ثالثاً: مُحاسبة النّفس: يقول الحسن: «إنّ أيسرَ النّاسِ حساباً يوم القيامةِ الّذين حاسبوا أنفُسهم لله في الدّنيا، فوقفوا عند همومهم وأعمالهم، فإن كانَ الّذي همّوا لهم، مضوا، وإنْ كان عليهم، أَمسَكوا، وإنّما يثقُل الحساب يوم القيامة على الّذين جازفوا الأمرَ في الدّنيا، أخذوها من غير مُحاسبة، فوجدوا الله قد أحصى عليهم مثاقيل الذّر، وقرأ: ﴿مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا﴾ [الكهف: 49]» أخرجه ابن أبي الدنيا في "مُحاسبة النفس" (151) رابعاً: إحياء الشّعور بأهميّة الورع: فربما كان النّاس في غفلة عنه، وعن عظيم مكانته، وحميد عاقبته، فإذا أُثير وبُحث فيه، فاحَ أريجه، فأحسّت به النّفوس، ووُجدت الدّواعي إلى تحقيقه، والتّضوع بأريجه. خامساً: تحقيق اليقين: فإذا أيقن العبدُ أنّ رزقه قد كُتب في اللوح المحفوظ، وقدّره الله له قبلَ أن يخلق السّماوات والأرض بخمسين ألف سنة، كما أنّ الله أرسلَ إليه مَلَكاً بعدَ ما تمّ له أربعة أشهر، وأمره بأربع كلمات، ومنها: كتب رزقه، فإذا كان كذلك، فلماذا يجترئ العبدُ على المكاسب المحرّمة أو المُشتبهة! سادساً: تنمية الخوفِ من الله تعالى وخشيته وتعظيمه في النفوس: فمَن عرَف الله، وعرَف عظمته وقَدْره، وقدّره وعظّمه وعظّم حُرُماته، احتاطَ لدينه، فترَكَ ما لا يليق، وجانبَ ما فيه اشتباه، فضلاً عن المحرّمات، وهذا أمرٌ لا خفاء فيه. انظر "أعمال القلوب" للسبت (1 /381-385).

الفوائد والمصالح

من فوائد الورع: أوّلاً : أنّ القليل معه كثير؛ لأنّ صاحبه نقي الثوب؛ لاتّقائه الأوزار، فلا تدنّسه المشتبهات، فهو طيب، خفيف الحمل من الذّنوب، يترك ما اشتبه عليه، فضلاً عمّا تحقّق تحريمه، وبهذا يكون العمل الصّالح بالنّسبة لمثل هذا وإن قلَّ كثيراً؛ لأنّ العبرة بالموزانة؛ فمَن غلَبَت حسناته سيئاته فقد نجا، ومَن غلبتْ سيئاته حسناته فقد هلك. ثانياً: صاحب الورع يحصّل الأجور العظيمة عند الله تعالى؛ فالله يُعطي هؤلاء ويُثيبهم الثواب الجزيل؛ لأنّهم تركوا مُشتهياتهم وما تطمح إليه نفوسهم، تركوا ذلك لله عزّ وجل، فعوّضهم الله تبارك وتعالى خيراً، وجزاهم الجزاء الأوفى. ثالثاً: أن ذلك أيسر في حساب العبد؛ فإذا تخفف العبد من الأمور المشتبهة، والأمور المحرّمة فإنّ ذلك يكون أيسر في حسابه؛ لأنّه إنما يكثُر الحساب ويطول بسبب كثرة ما يفارق العبدُ من الأمور الّتي لا ينبغي أن يقع فيها. رابعاً: أنّه يبلغُ بصاحبه المراتب العُليا في سلّم العبودية؛ فيكونُ في أعلى مراتب العابدين؛ كما قال النّضر بن محمد: «نُسُك الرّجل على قدرِ وَرَعه» أخرجه ابن أبي الدنيا في "الورع" (38)؛ فالعبادة على قدر الورع. خامساً: أنّ من ترَك شيئاً لله عوّضه الله خيراً منه؛ فمن تورَّع عن بعض ما لا يليق رجاءَ ما عند الله، أو خوفاً منه عزّ وجل؛ فإنّ الله تعالى يعوّضه ويفيض عليه من ألوان النّعم والأرزاق والبركات ما لا يُقادر قدره. سادساً: صاحب الورع يوفّق للأعمال الصّالحة؛ لأنّه كما قيل: «مَنْ أكَلَ الحرام، عصَت جوارحه شاءَ أم أبى». "تفسير ابن كثير" (2 /91) فأكلُ الحرامِ يؤثرُ في سلوك العبد؛ فيحصلُ له تمرُّدٌ على العبودية، وخروج عن طوره، واستشرافٌ لما لا يليق، ومن تورّع عن الحرام ضبط جوارحه وأعماله، ومَن كانت طُعمتُهُ حلالاً، أطاعته جوارحُه، ووفّقَ للخيرات. سابعاً: أنه يكون حاجزاً وحائلاً دون الوقوع في الحرام؛ فهو يعصمُ صاحبه بإذن الله من مُقارفة الآثام والمعاصي، وهو أبعد ما يكون عن الفواحش والموبقات، بخلاف من لا ورعَ له؛ فإنّه لا يزالُ يتنقّل بين أنواع المُخالفات من الصغائر، فما يلبثُ حتى يقعَ في الكبائر؛ فإنّ أصحاب المُوبقات لم تكن بدايتُهم في الانحراف بفعلها والجرأة عليها، ولكن أفضى بهم قلّة الوَرَع أو انعدامُهُ إلى ذلك المصير. انظر "أعمال القلوب" للسبت (1 /387-392).

نماذج وقصص

من ورَع الصّحابة عند الكلام في التّفسير ومعاني القرآن ما رواه ابن أبي مليكة «أن ابن عبّاس رضي الله عنه سُئلَ عن آية لو سُئلَ عنها بعضكم لقالَ فيها، فأبى أن يقول» أخرجه ابن جرير (1 /86) وهو ترجمان القرآن. ومن ورعهم رضي الله عنهم في الفُتيا والأحكام، يقول ابن مسعود: «والله إنّ الّذي يُفتي النّاس في كلّ ما يسألونه لمجنون» أخرجه ابن خثيمة في "العلم" (10) وروي عن علي رضي الله عنه أنّه قال: «إذا سُئلتم عمّا لا تعلمون، فاهربوا، قالوا: وكيف الهرب يا أمير المؤمنين؟ قال: تقولون: الله أعلم». أخرجه الدرامي (183). وكان لأبي الدرداء رضي الله عنه جملٌ يُقال له: الدمون، فكان إذا استعاره منه رجل، قال: «لا تحمل عليه إلا طاقته» فلما كان عند الموت، قال: «يا دمون لا تُخاصمني عند ربي، فإني لم أكُن أحمل عليك إلا ما كنت تُطيق». أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (1173). قال الإمام مالك: وكان عمر بن الخطاب لا يدخل عليه مال ليلا، لا يدخل عليه إلا نهارا، فقلت له: ولم؟ قال يريد أن تكون سنة لا يدخل ليلا لئلا يسرق منه، الليل أخفى. وقال ورأى عمر بن الخطاب لابنه عبيد الله إبلًا. فقال: من أين لك هذه؟ قال اشتريتها عجافا فعلفتها حتى سمنت، فقال عمر: أفي الحمى؟ قال: نعم، فقال: انظروا إلى الثمن الذي اشتراها به فبيعوها وأعطوه إياه، فما فضل فاطرحوه في بيت المال. "البيان والتحصيل" لابن رشد (18/305). وقال سبط ابن الجوزي في ترجمة الحافظ عبد الغني المقدسي رحمه الله تعالى: «وكان زاهدًا عابدًا ورعًا، ‌يصلي ‌كل ‌يوم وليلة ثلاث مئة ركعة -ورد الإمام أحمد، رحمة الله عليه- ويقوم الليل، وعامة دهره صائم، وما ادَّخَر شيئًا قط، وكان جوادًا، سمحًا، إذا فتح عليه بشيء من الدنيا حمله في الليل إلى أبواب الأرامل واليتامى، فألقاه إليهم، ومضى لئلا يعرفوا من جاء به، وكان ثوبه مرقوعا، ويؤثر بثمن الثوب». "مرآة الزمان" (22/141)، ونقله أبو شامة في "المذيل على الروضتين" (1/156).