البحث

عبارات مقترحة:

الرقيب

كلمة (الرقيب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

الأكرم

اسمُ (الأكرم) على وزن (أفعل)، مِن الكَرَم، وهو اسمٌ من أسماء الله...

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

الاستقامة

نعني بالاستقامة: سلوك الصّراط المُستقيم، وهو الدّين القويم من غير تعويج عنه يمنةً ولا يسرة، ويشمل ذلك فعل الطّاعات كلّها الظّاهرة والباطنة، وترك المنهيات كلها كذلك، وللاستقامة فضلٌ عظيم وفوائد كثيرة، وقد جاءت الكثير من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشّريفة الّتي تدعو المسلم إلى اتباع الطّريق المستقم الّذي لا اعوجاج فيه.

التعريف

التعريف لغة

الاستقامة: الاعتدال. يُقال: قامَ الشّيء، واستقام: اعتدل واستوى. يُقال: استقام لهُ الأمر: أي اعتدل. انظر "لسان العرب" لابن منظور (6 /3781).

التعريف اصطلاحًا

الاستقامة: هي سلوك الصّراط المُستقيم، وهو الدّين القويم من غير تعويج عنه يمنةً ولا يسرة، ويشمل ذلك فعل الطّاعات كلّها الظّاهرة والباطنة، وترك المنهيات كلها كذلك. انظر "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (ص193). وقال ابن حجر: «الاستقامةُ كِنايةً عن التّمسك بأمر الله تعالى فعلاً وتركاً». "فتح الباري" لابن حجر (13 /257). وعرفها ابن جُزَيّ بقوله: «الثبات على التقوى إلى الممات». "القوانين الفقهية" (ص620).

الفضل

الاستقامة طريقُ النّجاة؛ فالاستقامة للحال بمنزلةِ الرّوح من البَدَن، فكما أنّ البدنَ إن خلا عن الرّوح فهو ميّت، فكذلك الحال إذا خَلا عن الاستقامة فهو فاسد. وكما أنَّ حياة الأحوال بها، فزيادةُ اعمال الزّاهدين أيضاً ونورها وزكاؤها بها، فلا زكاءَ للعملِ ولا صحّة بدونها. انظر "مدارج السالكين" لابن القيم (2 /103). وقال ابن القيم: «مَن هُديَ في هذه الدّار إلى صِراطِ الله المُستقيم الّذي أرسل به رسله وأنزل به كُتُبه، هديَ هُناك إلى الصّراط المستقيم الموصل إلى جنته دار ثوابه، وعلى قدر ثبوت قدم العبد على هذا الصّراط الّذي نصبه الله لعباده في هذه الدّار، يكون ثبوت قدمه على الصّراط المنصوب على متن جهنّم، وعلى قدر سيره على هذا الصّراط يكون سيره على ذاك الصراط، ولينظر العبد الشبهات والشهوات التي تعوقه عن سيره على هذا الصّراط المستقيم؛ فإنها الكلاليب التي بجنبتي ذاك الصّراط تخطفه وتعوقه عن المرور عليه، فإن كثرت هُنا، وقويَت فكذلك هي هُناك ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ﴾ [فصلت: 46» انظر "التفسير القيم" (ص109). كما أنّ القلب إذا استقام استقامت الجوارح؛ فمتى استقام القلب على معرفةِ الله وعلى خشيته وإجلاله ومهابته ومحبّته وإرادته ورجائه ودعائه والتّوكل عليه والإعراض عمّا سواه، استقامت الجوارح كلها على طاعته؛ فإنّ القلب هو ملك الأعضاء، وهي جنوده، فإذا استقام الملك استقامت جنوده ورعاياه. انظر "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (ص193).

الأدلة

القرآن الكريم

الاستقامة في القرآن الكريم
قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي ‌مُسْتَقِيمٗا فَاْتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ اْلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِۦۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: 153]. قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَاّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾. [فصلت: 30]. قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: «لم يشركُوا بالله شيئاً». وعنه قال: «لم يلتفتوا إلى إله غيره». وعنه قال: «ثم استقاموا على أنَّ الله رَبُّهم». أخرجه ابن المبارك في " الزهد " (326)، والطبري في " تفسيره " (23551) و (23552). وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾. [الأحقاف: 13-14]. وقال تعالى: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾. [هود: 112]. وقال تعالى: ﴿فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ﴾ [الشورى: 15]. وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ﴾ [فصلت: 6]. وقال تعالى: ﴿‌فَاْسْتَمْسِكْ بِاْلَّذِيٓ أُوحِيَ إِلَيْكَۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسْتَقِيمٖ﴾ [الزخرف: 43]. وقال تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: 6]. وقال تعالى: ﴿قُل لِّلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ۚ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [البقرة: 142]. وقال تعالى: ﴿وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [آل عمران: 101]. وقال تعالى: ﴿وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ۚ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيم﴾ [مريم: 36].

السنة النبوية

الاستقامة في السنة النبوية
عن ثوبان رضي الله عنه أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «استَقيموا ولَن تُحصوا واعلَموا أنَّ خيرَ أعمالِكُمُ الصَّلاةَ ولا يحافظُ علَى الوضوءِ إلَّا مؤمنٌ». أخرجه ابن ماجة (226). وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أنّه قال: «استقيموا ونِعِمَّا إن استقمتُم، وخيرُ أعمالِكم الصلاةُ، ولا يحافِظُ على الوضوءِ إلا مؤمنٌ» أخرجه ابن ماجة (279). وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنّه قال: «إذا أصبَحَ ابنُ آدَمَ، فإنَّ أعْضاءَه تُكفِّرُ لِلِّسانِ؛ تقول: اتَّقِ اللهَ فينا؛ فإنَّك إنِ استَقَمتَ استَقَمْنا، وإنِ اعوَجَجْتَ اعوَجَجْنا» أخرجه الترمذي (2407)، وأحمد (11927). وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ، وإنَّما أنا قاسِمٌ واللَّهُ يُعْطِي، ولَنْ تَزالَ هذِه الأُمَّةُ قائِمَةً علَى أمْرِ اللَّهِ، لا يَضُرُّهُمْ مَن خالَفَهُمْ، حتَّى يَأْتِيَ أمْرُ اللَّهِ». أخرجه البخاري (7312). وعن أنس: أنَّ النَّبيَّ قرأ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ ، فقال : «قد قالها الناسُ، ثم كفروا، فمن مات عليها فهو مِن أهل الاستقامة». أخرجه النسائي (11470)، وأخرجه الترمذي (3250) ولفظه: فقال: «قد قالها الناس، ثم كفر أكثرُهم، فمن مات عليها، فهو مِمَّنِ استقامَ». و عَنْ سُفيانَ بن عبدِ اللهِ رضي الله عنه، قالَ: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، قُلْ لي في الإسلام قولاً لا أسألُ عَنْهُ أحداً غَيرَكَ، قال: «قُلْ: آمَنْتُ باللهِ، ثمَّ استقِمْ». رواهُ مُسلم (62).

أقوال أهل العلم

«الاستقامةُ: أن تستقيمَ على الأمر والنهي، ولا تروغ روغان الثّعالب» عُمَر بن الخَطَّاب "مدارج السالكين" لابن القيم (2 /109)
«أعظمُ الكرامةِ لزوم الاستقامة» ابن تَيْمِيَّة "مدارج السالكين" لابن القيم (2 /110)
«ولا يستحقُّ أحدٌ اسمَ السنة إلا من يستكمل فيها خصال السنة كلها، لأن من أنكر خصلة من خصال السنة، لا يقال له: صاحب السنة، والسنن مقرونة بعضها ببعض، لا يقبل واحدة دون الأخرى». ابن الحَنْبَلي "الرسالة الواضحة" (ص1096-1097).

الصور

الدّرجة الأولى : الاستقامة على الاجتهاد في الاقتصاد، لا عاديًا رَسمَ العِلمِ، ولا متجاوزاً حدَّ الإخلاص، ولا مُخالفاً نهجَ السّنة. وهذه الدّرجة تتضمن ستة أمور: عملاً واجتهاداً فيه؛ وهو بذل المجهود. واقتصاداً؛ وهو السّلوك بين طرفي الإفراط؛ وهو الجور على النفوس. والتفريط بالإضاعة، ووقوفاً مع ما يرسمه العِلم، لا وقوفاً مع دواعي الحال. وإفراد المعبود بالإرادة؛ وهو الإخلاصُ. ووقوع الأعمال على الأمر؛ وهو متابعة السنة. الدّرجة الثّانية : استقامة الأحوال؛ وهي شهود الحقيقة لا كَسْباً، ورفض الدعوة لا عِلماً، والبقاء مع نور اليقظة لا تحفظاً. الدرجة الثالثة : استقامة بترك رؤية الاستقامة. وبالغيبة عن تطلب الاستقامة بشهود إقامة، وتقويمه الحق. هذه الاستقامة معناها: الذهول بمشهوده عن شهوده. فيغيب بالمشهود المقصود سبحانه عن رؤية استقامته في طلبه. فإن رؤية الاستقامة تحجبه عن حقيقة الشهود. وأما الغيبة عن تطلب الاستقامة فهو غيبته عن طلبها بشهود إقامة الحق للعبد، وتقويمه إياه، فإنه إذا شهد أن الله هو المقيم له والمقوم، وأن استقامته وقيامه بالله، لا بنفسه ولا بطلبه: غاب بهذا الشهود عن استشعار طلبه لها. انظر "تقريب مدارج السالكين" لمجموعة من الباحثين (316-319).

وسائل الاكتساب

من الأسباب المُعينة على الاستقامة: أوّلاً : الدّعاء فهو سبب للتوفيق، وهو يصطرع في السماء مع البلاء، ولا يردُّ القدر إلا الدعاء، ولذلك على الإنسان أن يحرص على دعاء الله سبحانه وتعالى الاستقامة والتوفيق والثبات، وكان النبي يكرر ذلك فكان يقول: «اللهم يا مصرف القلوب صرِّف قلوبنا على طاعتك، اللهم مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك» أخرجه مسلم (2654)، وكان هذا أكثر دعائه ، فلذلك لابد أن يكثر هذا الدعاء على ألسنتنا أن نسأل الله الثبات على دينه. ثانياً: والأمر الثاني أيضاً: هو مراجعة الدافع العقدي، أن يتذكر الإنسان لماذا يلتزم؟ ولماذا يخاف الله؟ ولماذا يعبده؟ فيكون ذلك دافعًا له للتقرب إليه في كل أوقاته وكذلك منها. ثالثاً: ملازمة أهل الخير، لأنهم يأمرونه بالمعروف وينهونه عن المنكر، وقد قال الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف: 28] رابعاً: أن يعلم أنه إذا فعل المعصية فقد دخل باباً يمكن أن لا يخرج منه، فقد ثبت عن النبي أنه مثل الصراط المستقيم بلاحب بين سورين -واللاحب الطريق المعبَّد- بين سورين، وفي السورين أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور، وفي كل بابٍ داعٍ يدعو إليه، وفوق السورين داعي الله ينادي: يا عبد الله لا تلجِ الباب، فإنك إن تلجه لم تخرج منه. خامساً: أن يتذكر الإنسان أنه إذا استزلّه الشيطان إلى بعض الأمر فقد أطاع عدوه وفرَّط في نفسه، فالشيطان لا يأمره أبداً بالخير وهو عدو له، فلابد من عدم طاعته في كل أمرٍ يأمرك به. سادساً: كذلك من وسائل الثبات على دين الله أن يعلم الإنسان أن الموت قريب، وأنه يمكن أن يموت على كل حال من الأحوال، فعليه أن لا يكون على حال لا يحب أن يأتيه الموت عليه، فالموت سيأتيه راغماً لا يستطيع رده: ﴿فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [الأعراف: 34]. يقول ابن جُزَيّ: «وإنما تحصل الاستقامة بعد القدر الأزلي والتوفيق الرباني بمجاهدة النفس بالمعاهدة والمرابطة، ثم المراقبة والمحاسبة، ثم المعاتبة للنفس والمعاقبة». "القوانين الفقهية" (ص620).

الفوائد والمصالح

من فوائد الاستقامة: أوّلاً : الاستقامة من كمال الإيمان وحسن الإسلام. ثانياً: بها ينال الإنسان الكرامات ويصلُ إلى أعلى المقامات. ثالثاً: المداومة عليها أفضل من كثيرٍ من الأعمال الّتي يتطوّع بها. رابعاً: صاحبها يثق به النّاس، ويحبّون معاشرته. خامساً: الاستقامة دليل اليقين، ومرضاة رب العالمين. "موسوعة نضرة النعيم" (2 /303).