البحث

عبارات مقترحة:

المؤمن

كلمة (المؤمن) في اللغة اسم فاعل من الفعل (آمَنَ) الذي بمعنى...

السلام

كلمة (السلام) في اللغة مصدر من الفعل (سَلِمَ يَسْلَمُ) وهي...

اليقين

اليقينُ: طمأنينةُ القلب، وثبات واستقرار العلمِ فيه؛ فالعبدُ مفتقرٌ إلى يقينٍ راسخ يثبّت إيمانه حينما تعصف الشبهات، كما أنّه بحاجة إلى يقينٍ يحمله على البذل والعطاء، وقد جاءت الآيات والأحاديث الكريمة التّي تبين فضل اليقين وتحثّ عليه، وقد ضربَ لنا السّلف الصالح أروع الأمثلة في يقينهم.

التعريف

التعريف لغة

اليقين في اللغة: العِلمُ، وإزاحة الشّك، وتحقيقُ الأمر؛ فاليقينُ نقيض الشّك، والعلمُ نقيضُ الجهل. انظر "مقاييس اللغة" لابن فارس (6 /157)، "لسان العرب" لابن منظور (15 /454)

التعريف اصطلاحًا

اليقين في معناه الشرعي: هو سكون الفِهم مع ثبات الحُكم. انظر "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (5 /570)، و"مفردات القرآن" للراغب (ص552). أو هو: طمأنينةُ القلب، وثبات واستقرار العلمِ فيه. انظر "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (3 /329). وقال الجنيد: «اليقين هو استقرار العِلم الّذي لا ينقلبُ، ولا يحول، ولا يتغيّر في القلب». "الرسالة القشيرية" (1 /319). وقال ابن جزي: «هو صدق الإيمان حتى يطمئن به القلب، بحيث لا يتطرق إليه شك ولا احتمال». "القوانين الفقهية" (ص639).

الفضل

اليقينُ روحُ أعمال القلوب، وهو حقيقة الصّديقيّة، وهو قُطب هذا الشأن الّذي عليه مداره. انظر "مدارج السالكين" لابن القيم (2 /397) وقد جاء عن بعض السلف: «الصبرُ نصفُ الإيمان، واليقينُ الإيمان كلّه» أخرجه وكيع في "الزهد" (203) فإنّ العبدَ قد يصبر، ولكنّ قلبه يتحرّك بالخواطر والإرادات، وتردُ عليه أنواع الواردات، فهو يموجُ بصاحبه، إلا أنّ صاحبه يتحمّل ويصبر، ويثبت نفسهُ مع مقاساته لألم المصيبة. وأمّا صاحب اليقين، فإنّه في مرتبة فوق ذلك، فهو يعدُّ البلاء نعمة أصلاً، ويفرحُ بالبلاء إن وقع كما يفرحُ غيره بالعافية، ويركنُ إلى الله عزّ وجل ويطمئنُّ قلبه؛ فكان اليقين بهذا الإيمان كله، وهو فوق الصّبر. انظر "أعمال القلوب" للسبت (1 /176)

الأدلة

القرآن الكريم

اليقين في القرآن الكريم
خصّ الله سبحانه وتعالى أهل اليقين بالانتفاعِ بالآيات والبراهين، قال تعالى: ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ﴾ [الذاريات: 20]. كما خصّ أهل اليقين بالهُدى والفلاح من بين العالمين، فقال: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)﴾ [البقرة]. وأخبر الله عز وجل عن أهل النار أنّهم لم يكونوا من أهل اليقين، فقال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُم مَّا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ﴾ [الجاثية: 32].

السنة النبوية

اليقين في السنة النبوية
جاءَ عن النّبي صلى الله عليه وسلّم عدة أحاديث بيّن فيها فضل اليقين ومنزلته وشرفه؛ منها: قوله صلى الله عليه وسلّم لأبي هريرة: «اذْهَبْ بنَعْلَيَّ هاتَيْنِ، فمَن لَقِيتَ مِن وراءِ هذا الحائِطَ يَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بها قَلْبُهُ، فَبَشِّرْهُ بالجَنَّةِ». أخرجه مسلم (31). وعن أبي بكر الصّديق رضي الله عنه قال: قامَ فينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم على المِنبر، ثمَّ بَكَى، فقال: «سَلَوا اللهَ العَفوَ والعافيةَ فإنَّ أحدًا لم يُعْطَ بعد اليقين خيرًا من العافيةِ». أخرجه الترمذي (3558).

أقوال أهل العلم

«اليقينُ والمحبّة هما ركنا الإيمان، وعليهما ينبني، وبهما قوامه، وهما يمدّان سائر الأعمال القلبيّة والبدنيّة، وعنهما تصدُرُ، وبضعفهما يكون ضعفُ الأعمال، وبقوّتهما قوّتها، وجميع منازل السائرين إنّما تُفتح بهما، وهُما يُثمران كلّ عملٍ صالح، وعلمٍ نافع، وهُدَىً مستقيم». ابن القَيم "مفتاح دار السعادة" لابن القيم (1 /477)
«اليقينُ ملاكُ القلب، وبه كمال الإيمان، وباليقين عُرِف الله، وبالعقلِ عُقل عن الله». الحسن البَصْري أبو بكر الوراق
«باليقين طُلبت الجنّة، وباليقينِ هُرِبَ من النّار، وباليقين أُدّيت الفرائض، وباليقينِ صُبر على الحق» الحسن البَصْري أخرجه ابن المبارك (558)
«ولو أن اليقينَ وقعَ في القلبِ كما ينبغي؛ لطارت القلوبُ اشتياقًا إلى الجنةِ وخوفًا من النارِ». سفيان الثوري
«ما طُلِبَت الجنةُ إلا باليقينِ، ولا هُرِبَ من النارِ إلا باليقينِ، ولا صُبِرَ على الحقِّ إلا باليقينِ». الحسن البصري

وسائل الاكتساب

أعظَم ما يوصلنا إلى اليقين: أن نعلَمَ أنَّ اليقين نور من الله يضعه في قلب من يشاء، وأن التّوفيق والمواهب بيد الله عزّ وجل؛ فما على العبد إلّا أن يلجأ إليه، وأنْ يصدُقَ في الإقبال عليه، فيسأل ربه قائماً وقاعداً أن يرزقه الإيمان الكامل، واليقين الجازم الرّاسخ الّذي لا يتزعزع، مع مدّ الأسباب الموصلة إلى هذه المرتبة، ومن هذه الأسباب: أوّلاً : العلم؛ فهوَ أوّل درجات اليقين؛ فيندفع العبد للعمل ويُبادر إليه، ويُنفق ماله الّذي يحرصُ عليه؛ لأنّه يتيقّن بالجزاء ويعلمُ أنّ من أعلى المراتب والمنازل عند الله عز وجل مرتبة الشّهداء، فيبذل نفسه رخيصة في سبيل الله تبارك وتعالى. ثانياً: دفْع الواردات والخواطر وغير ذلك من الأمور المُنافية لليقين، والتعرف على الأدلة الصحيحة والبراهين الإيمانية الثابتة. ثالثاً: العزم الجازم على العمل بمرضاة الله عزّ وجل؛ فيُقدم العبد على ذلك من غير نظر في الحسابات، بخلاف من يُحجم عن عمل الصالحات من توبةٍ وصدقةٍ وصومٍ لأجل أن حَسَب الأرباح والخسائر؛ فإنه تنقضي أيّامه ولَم يتقرّب إلى الله عزّ وجل كثيراً. رابعاً: مُفارقة الشهوات والحظوظ النّفسانيّة؛ فإذا كانَ العبدُ مُنغمساً في شهواته متبعاً لنزواته فأنّى له اليقين؟! انظر "أعمال القلوب" للسبت (1 /186-190)

الفوائد والمصالح

من ثمار اليقين وفوائده: أوّلاً: أنّه إذا خالط قلب الإنسان، أفاض على قلبِه نوراً وإشراقاً، ونفى عنه كِيرَ الشكوك والريب والشّبهات الّتي تُقلقه، فيكونُ القلبُ مستريحاً مطمئناً، ويرتفعُ عنه السّخط والهم والغم الذي يجلبه الشّك والرّيب، فيمتلئ قلبه محبّةً لله، وخوفاً منه، ورضاً به، وشكراً له، وتوكّلاً عليه. ثانياً: اليقينُ سببٌ في الهدى والفلاح في الدّنيا والآخرة، يقول ابن القيم: «لا يتمُّ صلاح العبدِ في الدّارين إلا باليقين والعافيةِ، فاليقينُ يدفعُ عنه عقوبات الآخرة، والعافية تدفعُ عنهُ أمراض الدّنيا من قلبِهِ وبدنهِ» انظر "مدارج السالكين" لابن القيم (2 /397) ثالثاً: أنّه يورث القلب الزّهد في الدّنيا وقصر الأمل، فلا تتعلق نفسه بها؛ لأنه يعلمُ أنّها ليست موطناً له، وإنّما هي دار ابتلاء وأنّه فيها كالمُسافر يحتاج إلى مثل زاد الرّاكب، ثمّ بعد ذلك يجتاز ويعبر إلى دار المقام. رابعاً: أنّه يُثمر الانتفاع بالآيات والبراهين، قال الله عزّ وجل: ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ﴾ [الذاريات: 20] يقول القرطبي: «والموقنون: هم العارفون المحقّقون وحدانية ربّهم، وصدق نبوّة نبيهم، خصّهم بالذّكر لأنهم المنتفعون بتلك الآيات وتدبّرها» "تفسير القرطبي" (19 /484) خامساً: اليقين يولد الصبر، يقول ابن تيمية: «لا يُمكن العبدَ أن يَصبرَ إنْ لم يكن لهُ ما يطمئنُ له، ويتنعّمُ به، ويغتذي به، وهو اليقين» "الاستقامة" لابن تيمية (2 /261)

نماذج وقصص

مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم بامرأة من بني دينار وقد أصيبَ زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم بأُحُد فلمَّا نُعُوا لها، قالت: «فما فعلَ رسول الله صلى الله عليه وسلّم؟ قالواخيراً يا أمّ فلان هو بحمدِ الله كما تُحبّين، قالت: أرونيه حتّى أنظرَ إليه، قال: فأُشيرَ لها إليه، حتّى إذا رأته، قالت: كلُّ مصيبةٍ بعدكَ جلل» أخرجه ابن هشام في "السيرة" (3 /43) وهذه أمّ حارثة لمّا قُتِلَ ابنها مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم، جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلّم، فقالت: «يا رسول الله، قَد عرفتَ مَنزِلة حارثة منّي، فإنْ يكُن في الجنّة، أصبرُ وأحتسب، وإن تكُ الأُخرى ترى ما أصنَع، فقال: وَيْحَكِ! أوَهَبلتِ؟ أو جَنّةٌ واحدةٌ هي؟ إنّها جِنانٌ كَثيرة، وإنّه لفي جنّة الفردوس» أخرجه البخاري (6550) من حديث أنس رضي الله عنه. وعن عامر بن عبد القيس، قال: «لو كُشِفَ الغِطاءُ، ما ازددتُُ يقيناً» أخرجه أبو نعيم في "الحُلية" (10 /203) أي أنّه بلغَ في اليقين غايته، فلو رأى الجنّة والنّار ما ازداد يقيناً.