البحث

عبارات مقترحة:

القاهر

كلمة (القاهر) في اللغة اسم فاعل من القهر، ومعناه الإجبار،...

المصور

كلمة (المصور) في اللغة اسم فاعل من الفعل صوَّر ومضارعه يُصَوِّر،...

الحسيب

 (الحَسِيب) اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على أن اللهَ يكفي...

الغيرة

الغيرةُ غريزةٌ وخصلة فريدة أودعها الله تعالى في الإنسان من أجل صيانة ضروروات كبرى تقومُ عليها حياةُ النّاس، فإذا اختلت هذه الغريزة حصل من الفساد ما لا يُقدر قدره.

التعريف

التعريف لغة

الغَيْرة بالفتح المصدر من قولك: غار الرجل على أَهْلِه والمرأَة على بَعْلها تَغار، غَيْرة وغَيْرًا وغارًا وغِيارًا، والغَيْرة: هي الحَمِيَّة والأنَفَة. انظر "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير (3/401)، "مختار الصحاح" للرازي (ص 232)، "لسان العرب" لابن منظور (5/34)

التعريف اصطلاحًا

الغَيْرةُ اصطلاحاً: كراهةُ الرّجل اشتراكِ غَيرهِ في حقّه الّذي يختصُّ به. انظر "التعريفات" للجرجاني (ص176)، "الكليات" للكفوي (671)

الفضل

الغَيْرةُ منزلةٌ عظيمةٌ، جليلةُ القدر، يعرفُ منزلُها وفضلها ومكانتها كلُّ العقلاء، ويكفيها شرفاً وفضلاً أنّها صفةٌ من صفات الله تعالى، يقول صلى الله عليه وسلّم: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللَّهِ تَعَالَى، أنْ يَأْتِيَ الْمَرْءُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ» أخرجه البخاري (5223)، ومسلم (27161) عن أبي هريرة رضي الله عنه. ومن غيرته تباركَ وتعالى لعبده وعليه أن يحميه ممّا يضرّه في آخرته؛ فقد جاء من حديث محمود بن لبيد رضي الله عنه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلّم أنّه قال: «إنَّ اللهَ يَحمي عَبدَه المُؤمِنَ الدُّنيا وهو يُحِبُّه، كما تَحمون مَريضَكُم الطعامَ والشرابَ، تَخافون عليه» أخرجه أحمد (23627) فالغيرةُ صفةٌ من صفات الله تبارك وتعالى التي يحبها ويُدني صاحبها. انظر "روضة المحبين" لابن القيم (ص295)

الأدلة

السنة النبوية

الغيرة في السنة النبوية
عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنّه قال في خطبته في الكسوف: «يا أمةَ محمدٍ ! واللهِ ما من أحدٍ أَغْيَرُ من اللهِ أن يزنيَ عبدُه أو تزني أمَتُه» أخرجه البخاري (1044)، ومسلم (901)

أقوال أهل العلم

«إنَّ أصل الدّين الغَيْرة، ومن لا غيرةَ له لا دين له، فالغَيْرة تحمي القلب فتحمي له الجوارح، فتدفع السوء والفواحش، وعدم الغَيْرة تميت القلب، فتموت له الجوارح؛ فلا يبقى عندها دفع البتة، ومثل الغَيْرة في القلب مثل القوة التي تدفع المرض وتقاومه، فإذا ذهبت القوة وجد الداء المحل قابلًا، ولم يجد دافعًا، فتمكَّن، فكان الهلاك، ومثلها مثل صياصي الجاموس التي تدفع بها عن نفسه وولده، فإذا تكسرت طمع فيها عدوه» ابن القَيم "الجواب الكافي" لابن القيم (ص68)
«جعل اللَّه سبحانه هذه القوة في الإنسان سببًا لصيانة الماء وحفظًا للإنسان، ولذلك قيل: كلُّ أمة وضعت الغَيْرة في رجالها وضعت العفَّة في نسائها، وقد يستعمل ذلك في صيانة كل ما يلزم الإنسان صيانته» الرَّاغِب الأَصْفَهَاني "الذريعة إلى مكارم الشريعة" (ص347)

الصور

أنواع الغَيرة: النّوع الأول: غَيرةُ الله تعالى، وهي أنواع، منها: غَيرة الله عزّ وجل على عبده: وذلك بألّا يجعله للخَلق عبداً، بل يتّخذه لنفسه عبداً؛ فالله تعالى يَغار على عبده أن يتوجّه بقلبه أو بعمله إلى ربٍّ ومعبودٍ سواه، كما أنّه يغارُ على لسان عبده أن يتعطّل من ذِكره، ويشتغلُ بذكر غيره، ويغارُ على جوارحه أن تتعطّل من طاعته، وتشتغلُ بمعصيته. غَيرةُ الله تعالى على توحيده وكلامه، فمن ذلك أنّه جعل على قلوب الّذين أعرضوا عنه وكَذّبوا رسله أكنّةً أن يفقهوا كلامه، وفي آذانهم وقراً. ومنه أيضاً: تثبيطه للمخذولين من المُنافقين، وأعداء الرّسل عليهم الصلاة والسلام عن شرَف اللحاق به في مَغَازيه، كما قال الله تعالى: ﴿وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ﴾ [التوبة: 46] غَيرةُ الله تعالى على حدوده؛ فالله يَغار إذا انتُهكت حُرُماته، فعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنّه قال: ﴿لا أحَدَ أغْيَرُ مِنَ اللَّهِ، فَلِذلكَ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ ما ظَهَرَ منها وما بَطَنَ، ولَا أحَدَ أحَبُّ إلَيْهِ المِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ، فَلِذلكَ مَدَحَ نَفْسَهُ﴾ أخرجه البخاري (4637) النّوع الثّاني: الغَيرةُ من العبد، وهي أنواع: غيرته من نفسه على نفسه؛ وذلكَ بألّا يجعل شيئاً من أعماله وأقواله وأحواله وأوقاته وأنفاسه لغير ربّه تبارك وتعالى، فيغارُ إذا رأى أعماله وأقواله تنفَرِطُ وتضمحلُّ بين يديه، وتُصرَفُ في غير مرضاةِ الله تعالى، وفيما لا يُقرّبه إليه. انظر"مدارج السالكين" لابن القيم (3 /45) غيرةُ العبد من غيره؛ وذلك بأن يغار على حدود الله تعالى، ودينه وشرعه، فيغار إذا رأى حُرُمات الله تنتهك، أو يُتطاول عليها، أو يشكّك في معالم الدّين، وكلّما كان دينُ العبدِ اعظم وأمتَن كانت غيرته أكبر. غيرة العبد على عِرضه، وأعراض المُسلمين، وأعظمُ الناس غَيرةً على الأعراض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ثمَّ الأمثل فالأمثل، فكلّما كان العبد متشبّهاً بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام، مُكمّلاً للإيمان، مستوفياً للرجولة كانت غيرته أتم، وذلك لا يختصُّ بالرّجال، بل إنّ المرأة المؤمنة تغارُ على عِرضها، وعِرض المؤمنات. انظر "أعمال القلوب" للسبت (2 /456-459)

وسائل الاكتساب

لتنمية الغيرة في النفوس طرق كثيرة، منها: أوّلاً: تربية الصّغيرات على الحشمة والحياء في اللباس وغيره. ثانياً: تربية الأولاد على الغَيرة، وذلك بأن يوكَل البيع والشّراء، ومُخاطبة الرّجال ونحو ذلك للبنين. ثالثاً: مُحاربة وسائل إضعاف الغَيرة، وإخراجها من البيوت. رابعاً: الرّجوع إلى الدّين وغرس تعاليمه في نفوس النّاس. خامساً: التّأكيد على دور الرّجل في القَوامة، وحفظ ما استرعاه الله تعالى. سادساً: توعية المُجتمع بمثل هذه الأمور. سابعاً: معرفة قدر الأعراض؛ فإنَّ معرفة قَدر الشّيء تدعو إلى المُحافظةِ عليه، والاستماتة في سبيله. انظر "أعمال القلوب" للسبت (2 /465)

الفوائد والمصالح

للغيرة آثار وفوائد كثير، منها: أوّلاً: أنّها قوّة لمقاومة أدواء القلب المتنوعة. ثانياً: أنّ ذهاب الغَيرة ذهاب للدين. ثالثاً: أنّها تحرز صاحبها من الفواحش. رابعاً: أنّ الله يحبُّ أهلها؛ فهي صفة من صفات الله تعالى، والمؤمن الذّي يغار في محلّ الغَيرة قَد وافق ربّه في صفة من صفاته، ومن وافقه في صفة منها قادته تلك الصّفة بِزِمامه، وأدخلته عليه، وأذنته منه، وقرّبته من رحمته. انظر "فيض القدير" للمناوي (6 /253)، "نضرة النعيم" لمجموعة من المؤلفين (7 /3085)

نماذج وقصص

كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أشدّ الناس غَيْرة، وأخباره في ذلك كثيرة، ومما يُذكر عنه أنّ امرأته عاتكة بنت زيد كانت تشهد صلاة الصّبح والعشاء في الجماعة في المسجد، فقيل لها: لمَ تخرجين وقد تعلمين أنّ عمر يكره ذلك ويغار؟ قالت: وما يمنعه أن ينهاني؟ قال: يمنعه قول رسول صلى الله عليه وسلّم: «لا تَمنعوا إِماءَ اللهِ مساجِدَ اللهِ» أخرجه البخاري (900)، ومسلم (422) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. ولمّا دخلَ على عثمان خُصومُه وأعداؤه ليقتلوه داءت امرأةٌ نائلة، ونَشَرَت شَعرَها، وأرادت أن تستُرَه بشعرها وتحميه، فقال لها: «خُذي خِمارَكِ، فَلَعمري لدخولهم عليَّ، أي: لقتلي، أهونُ من حُرمةِ شعرك» أخرجه الخرائطي في "اعتلال القلوب" (1 /99)