البحث

عبارات مقترحة:

العظيم

كلمة (عظيم) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وتعني اتصاف الشيء...

العلي

كلمة العليّ في اللغة هي صفة مشبهة من العلوّ، والصفة المشبهة تدل...

الولي

كلمة (الولي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (وَلِيَ)،...

سرية المنذر إلى بئر معونة

سرية قادها الصحابي الجليل المنذر بن عمرو الساعدي رضي الله عنه، وذلك أنه قدم عامر بن مالك أبو براء ملاعب الأسنة على رسول الله ، وطلب منه أن يبعث معه نفرا من أصحابه إلى قومه ليدعوا الناس إلى الإسلام، فبعث رسول الله إليهم سبعين رجلا من الأنصار، وأمر عليهم المنذر بن عمرو الساعدي، يسمون القراء، فخرجوا حتى نزلوا على بئر معونة وعسكروا بها، وبعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله إلى عامر بن الطفيل، فوثب عامر على حرام فقتله، واستصرخ عليهم في قتالهم بني عامر فأبوا، فاستصرخ عليهم قبائل من سليم؛ عُصَيّةَ وَرِعْلًا وذَكْوَان فنفروا معه، فتكاتفوا وتكاثروا، فقتلوا أصحاب رسول الله عن آخرهم إلا كعب بن زيد بن النجار، وأُسِر عمرو بن أمية الضمري ثم أُطلِق سراحه، ولم يجد رسول الله على قتلى ما وجد على قتلى بئر معونة، وقنت رسول الله شهرا يدعو على رعل وذكوان.

اسمها

سرية بئر معونة. وسماه الحلبي: سرية القراء رضي الله تعالى عنهم إلى بئر معونة. انظر: "إنسان العيون" للحلبي (3 /240). قال ابن حجر: "وهذه الوقعة تعرف بسرية القراء، وكانت مع بني رعل وذكوان المذكورين". "فتح الباري" لابن حجر (7 /379).

وقتها

كانت سرية المنذر بن عمرو الساعدي إلى بئر معونة في صفر، على رأس ستة وثلاثين شهرًا من مقدم رسول الله المدينة، قاله الواقدي وابن سعد. وعند ابن هشام: "بعث رسول الله أصحاب بئر معونة في صفر، على رأس أربعة أشهر من أحد". "السيرة" لابن هشام (2 /182). انظر: "المغازي" للواقدي (1 /347)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /50)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 240)، زاد المعاد" لابن القيم (3 /221).

موقعها

لما نزل الصحابة رضي الله عنهم بئر معونة وثب عامر بن الطفيل على حرام فقتله، واستصرخ عليهم بني عامر فأبوا، وقالوا: لا يخفر جوار أبي براء، فاستصرخ عليهم قبائل من سليم؛ عُصَيّةَ وَرِعْلًا وذَكْوَان، فنفروا معه ورأسوه. وبئر معونة: ماء من مياه بني سليم، وهو بين أرض بني عامر وأرض بني سليم، كلا البلدين يعد منه، وهو بناحية المعدن. انظر: "المغازي" للواقدي (1 /347)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /50)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 240)، زاد المعاد" لابن القيم (3 /221). قال ابن حجر: "رِعْل فبكسر الراء وسكون المهملة: بطن من بني سليم ينسبون إلى رعل بن عوف بن مالك بن امرئ القيس بن لهيعة بن سليم، وأما ذكوان: فبطن من بني سليم أيضا ينسبون إلى ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم، فنسبت الغزوة إليهما. قوله: وبئر معونة؛ بفتح الميم وضم المهملة وسكون الواو بعدها نون: موضع في بلاد هذيل بين مكة وعسفان". "فتح الباري" لابن حجر (7 /379).

عدد المسلمين

كان المسلمون سبعون رجلًا، وقيل: أربعون، وقيل: ثلاثون. القول الأول والثاني ذكرهما الواقدي لكن قال: "الثبت على أنهم أربعون". واقتصر ابن سعد على الأول، واقتصر ابن إسحاق على الثاني. قال مغلطاي: "لكن الذي في الصحيح من حديث أنس رضي الله عنه السابق أنهم سبعون"، لذلك قال في الزاد: "والذي في الصحيح هو الصحيح". قال ابن حجر: "ويمكن الجمع بينه وبين الذي في الصحيح بأن الأربعين كانوا رؤساء وبقية العدة أتباعا ووهم من قال كانوا ثلاثين فقط". "فتح الباري" لابن حجر (7 /387). قال قتادة: "ما نعلم حيا من أحياء العرب أكثر شهيدًا أعز يوم القيامة من الأنصار. قال قتادة: وحدثنا أنس بن مالك أنه " قتل منهم يوم أحد سبعون، ويوم بئر معونة سبعون، ويوم اليمامة سبعون، قال: "وكان بئر معونة على عهد رسول الله ، ويوم اليمامة على عهد أبي بكر، يوم مسيلمة الكذاب". أخرجه البخاري (4078). انظر: "المغازي" للواقدي (1 /347)، "السيرة" لابن هشام (2 /184)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /52)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 240)، زاد المعاد" لابن القيم (3 /221).

قائد المسلمين

المنذر بن عمرو الساعدي رضي الله عنه

قائد المشركين

عامر بن الطفيل

سببها

قدم عامر بن مالك بن جعفر أبو براء ملاعب الأسنة الكلابي على رسول الله ، فأهدى له فلم يقبل منه، وعرض عليه الإسلام فلم يسلم ولم يبعد، وقال: لو بعثت معي نفرًا من أصحابك إلى قومي لرجوت أن يجيبوا دعوتك ويتبعوا أمرك، فقال: إني أخاف عليهم أهل نجد، فقال: أنا لهم جار إن يعرض لهم أحد. فبعث معه رسول الله رجالًا من الأنصار ليدعوا الناس إلى الإسلام. انظر: "المغازي" للواقدي (1 /347)، "السيرة" لابن هشام (2 /184)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /52)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 240).

أحداثها

بعث رسول الله مع أبي براء ملاعب الأسنة الكلابي سبعين رجلًا من الأنصار يسمون القراء، ليدعوا أهل نجد إلى الإسلام. وفي حديث أنس السابق في البخاري: "كنا نسميهم القراء في زمانهم، كانوا يحتطبون بالنهار ويصلون بالليل". أخرجه البخاري (4090). وفي "مغازي الواقدي والطبقات": أنهم شببة، كانوا يستعذبون الماء لرسول الله ويحطبون له، حتى إذا كان الليل قاموا إلى السواري للصلاة. وقال الواقدي: "وكان أهلهم يظنون أنهم في المسجد، وكان أهل المسجد يظنون أنهم في أهليهم". وفي السيرة: "في رجال مسمّين من خيار المسلمين". "السيرة" لابن هشام (2 /184). انظر: "المغازي" للواقدي (1 /347)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /52)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 240). وأمر رسول الله عليهم المنذر بن عمرو الساعدي، فخرجوا حتى نزلوا على بئر معونة، وعسكروا بها، وسرحوا ظهرهم، وقدموا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله إلى عامر بن الطفيل، فوثب عامر على حرام فقتله، واستصرخ عليهم بني عامر فأبوا، وقالوا: لا يخفر جوار أبي براء، فاستصرخ عليهم قبائل من سليم؛ عُصَيّةَ وَرِعْلًا وذَكْوَان، فنفروا معه ورأسوه. وفي قصته في الصحيح: روى أنس رضي الله عنه أن النبي : "بعث خالَه، أخ لأم سليم، في سبعين راكبًا وكان رئيس المشركين عامر بن الطفيل، خير بين ثلاث خصال، فقال: يكون لك أهل السهل ولي أهل المدر، أو أكون خليفتك، أو أغزوك بأهل غطفان بألف وألف؟ فطعن عامر في بيت أم فلان، فقال: غدة كغدة البكر، في بيت امرأة من آل فلان، ائتوني بفرسي، فمات على ظهر فرسه، فانطلق حرام أخو أم سليم وهو رجل أعرج، ورجل من بني فلان، قال: كونا قريبًا حتى آتيهم فإن آمنوني كنتم، وإن قتلوني أتيتُم أصحابكم، فقال: أتؤمنوني أبلغ رسالة رسول الله ، فجعل يحدثهم، وأومؤوا إلى رجل، فأتاه من خلفه فطعنه حتى أنفذه بالرمح، قال: الله أكبر، فزت ورب الكعبة، فلحق الرجل، فقتلوا كلهم غير الأعرج، كان في رأس جبل، فأنزل الله علينا، ثم كان من المنسوخ: "إنا قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا". أخرجه البخاري (4091)، مسلم (677). فلما استبطأ المسلمون حرامًا أقبلوا في أثره فلقيهم القوم فأحاطوا بهم فكاثروهم فتقاتلوا، فقتل أصحاب رسول الله ، وفيهم سليم بن ملحان والحكم بن كيسان في سبعين رجلا، فلما أحيط بهم، قالوا: اللهم إنا لا نجد من يبلغ رسولك منا السلام غيرك، فأقرئه منا السلام، فأخبره جبرائيل بذلك، فقال: وعليهم السلام. فقتلوا الصحابة عن آخرهم إلا كعب بن زيد بن النجار، فإنه ارتث بين القتلى، فعاش حتى قتل يوم الخندق، وكان عمرو بن أمية الضمري، والمنذر بن عقبة بن عامر في سرح المسلمين، فرأيا الطير تحوم على موضع الوقعة، فنزل المنذر بن محمد، فقاتل المشركين حتى قتل مع أصحابه، وروى أهل السير أن رسول الله قال فيه: "أَعْنَقَ لِيَمُوتَ"، أي أنه تقدم على الموت وهو يعرفه، وأسر عمرو بن أمية الضمري، فلما أخبر أنه من مضر جز عامر بن الطفيل ناصيته وقال: قد كان على أمي نسمة فأنت حر عنها، ورجع عمرو بن أمية. وفقد عمرو بن أمية عامر بن فهيرة من بين القتلى فسأل عنه عامر بن الطفيل، فقال: قتله رجل من بني كلاب يقال له جبار بن سلمى لما طعنه، قال: فزت والله، ورفع إلى السماء علوًا. وفي الصحيح في قصته: قال هشام بن عروة: فأخبرني أبي قال: "لما قتل الذين ببئر معونة، وأسر عمرو بن أمية الضمري، قال له عامر بن الطفيل: من هذا؟ فأشار إلى قتيل، فقال له عمرو بن أمية: هذا عامر بن فهيرة، فقال: لقد رأيته بعد ما قتل رفع إلى السماء، حتى إني لأنظر إلى السماء بينه وبين الأرض، ثم وضع، فأتى النبي خبرهم فنعاهم، فقال: "إن أصحابكم قد أصيبوا، وإنهم قد سألوا ربهم، فقالوا: ربنا أخبر عنا إخواننا بما رضينا عنك، ورضيت عنا، فأخبرهم عنهم، وأصيب يومئذ فيهم عروة بن أسماء بن الصلت، فسمي عروة به، ومنذر بن عمرو، سمي به منذرًا". أخرجه البخاري (4093). وجاء رسول الله خبر أهل بئر معونة وجاءه تلك الليلة أيضًا مصاب خبيب بن عدي ومرثد بن أبي مرثد وبعث محمد بن مسلمة، فقال رسول الله : "هذا عمل أبي براء، قد كنت لهذا كارها". قال أنس بن مالك رضي الله عنه: "دعا رسول الله على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة ثلاثين غداة، على رعل وذكوان، وعصية عصت الله ورسوله". أخرجه البخاري (2814)، مسلم (677). يقول أبا هريرة: "كان رسول الله يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة، ويكبر ويرفع رأسه: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم يقول وهو قائم: اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم كسني يوسف، اللهم العن لحيان، ورعلا، وذكوان، وعصية عصت الله ورسوله". أخرجه البخاري (675)، مسلم (679). ولم يجد رسول الله على قتلى ما وجد على قتلى بئر معونة، قال أنس: "أنزل في الذين قتلوا ببئر معونة قرآن قرأناه، ثم نسخ بعد: بلغوا قومنا أن قد لقينا ربنا، فرضي عنا ورضينا عنه". أخرجه البخاري (2814)، مسلم (677). وسار عمرو بن أمية، فلما كان بالقرقرة من صدر قناة لقي رجلين من بني كلاب قد كان لهما من رسول الله أمان، فقتلهما وهو لا يعلم ذلك، ثم قدم على رسول الله فأخبره بمقتل أصحاب بئر معونة، وبقتل العامريين، فقال: "بئس ما صنعت قد كان لهما مني أمان وجوار، لأدينهما". فكان هذا سبب غزوة بني النضير، فإنه خرج إليهم ليعينوه في ديتهما لما بينه وبينهم من الحلف. انظر تفصيل القصة وأحداثها في: "المغازي" للواقدي (1 /347-350)، "السيرة" لابن هشام (2 /183- 186)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /51- 53)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 239- 241)، زاد المعاد" لابن القيم (3 /221- 222)، "صحيح السيرة النبوية" لإبراهيم العلي (ص 240- 242).

نتيجتها

استشهد سبعون رجلًا من المسلمين. حزن رسول الله لِما وقع لأصحابه من القتل، حتى ذكر الصحابة أن رسول الله لم يجد على قتلى ما وجد على قتلى بئر معونة. قال أنس رضي الله عنه: "فما رأيته وجد على أحد ما وجد عليهم". أخرجه البخاري (3170). قنت رسول الله يدعو شهرا على رعل وذكوان، ويقول: عصية عصت الله ورسوله. قال أنس: "وذلك بدء القنوت، وما كنا نقنت". أخرجه البخاري (4088). وروي القولان في قنوته ؛ بعد الركوع وقبله. قال أنس رضي الله عنه: "قنت النبي بعد الركوع شهرا". أخرجه البخاري (4064)، مسلم (677). قال عاصم الأحول: سألت أنس بن مالك رضي الله عنه، عن القنوت في الصلاة؟ فقال: نعم، فقلت: كان قبل الركوع أو بعده؟ قال: قبله، قلت: فإن فلانا أخبرني عنك أنك قلت بعده، قال: كذب «إنما قنت رسول الله بعد الركوع شهرا". أخرجه البخاري (4096)، مسلم (677). قال ابن حجر: "ومعنى قوله كذب أي أخطأ، وهو لغة أهل الحجاز، يطلقون الكذب على ما هو أعم من العمد والخطأ ". وهو يرد بذلك على من يرى أن القنوت يكون دائما بعد الركوع. يقول ابن حجر: "ويبينه ما أخرجه ابن ماجه من رواية حميد عن أنس أنه سئل عن القنوت، فقال: "قبل الركوع وبعده". إسناده قوي. وروى ابن المنذر من طريق أخرى عن حميد عن أنس: "أن بعض أصحاب النبي قنتوا في صلاة الفجر قبل الركوع، وبعضهم بعد الركوع". "فتح الباري" لابن حجر (2 /490- 491). يقول أبا هريرة: "ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما أنزل: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ﴾ سورة آل عمران: 128". أخرجه البخاري (675)، مسلم (679).

دروس وعِبَر

ما كان عليه القراء الحفاظ من الرعيل الأول من الصفات العلية. شوق الصحابة رضوان الله عليهم للجنة، وتمنيهم الشهادة، وتطلعهم للقاء الله عز وجل، كما قال حرام رضي الله عنه: "فزت ورب الكعبة". تحين المشركين الفرصة للغدر برسول الله وصحبه والنيل منهم. وهو ما جاء تصديقه في القرآن الكريم في آيات عديدة، منها قول الله عز وجل: ﴿لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ﴾ سورة التوبة: 10. الشهادة فوز للمسلم وجواز قول الشهيد "فزت" وجواز فرحه بالشهادة وقوله مبشرًا "الله اكبر". إثبات صفة الرضا لله عز وجل. وفي الحديث: " إن أصحابكم قد أصيبوا، وإنهم قد سألوا ربهم، فقالوا: ربنا أخبر عنا إخواننا بما رضينا عنك، ورضيت عنا، فأخبرهم عنهم". أخرجه البخاري (4093)، مسلم (677). فضل عامر بن فهيرة رضي الله عنه ورفع الملائكة له. جواز تسمية الأولاد بأسماء الشهداء، وفضل الزبير بن العوام رضي الله عنه وحبه للشهادة وتسميته لولده بأسماء الشهداء، فقد هشام بن عروة عن أبيه قصة بئر معونة وفي آخره: " وأصيب يومئذ فيهم عروة بن أسماء بن الصلت، فسمي عروة به، ومنذر بن عمرو، سمي به منذرا". أخرجه البخاري (4093). من أنواع النسخ: نسخ التلاوة. قال أنس: "أنزل في الذين قتلوا ببئر معونة قرآن قرأناه، ثم نسخ بعد: بلغوا قومنا أن قد لقينا ربنا، فرضي عنا ورضينا عنه". أخرجه البخاري (2814)، مسلم (677). حرص الأمير على رعيته وحزنه على مصابهم، والصبر على المصاب العظيم. محبة المؤمن لأخيه ما يحب لنفسه، في قولهم: "ربنا أخبر عنا إخواننا بما رضينا عنك، ورضيت عنا". مشروعية القنوت في الجملة، سواء كان قبل الركوع أم بعده، وهو الدعاء في الصلاة في محل مخصوص من القيام، من أجل النازلة الكبيرة التي تنزل المسلمين. "فتح الباري" لابن حجر (2 /490). مشروعية الدعاء على الكافرين ولعنهم. قال خفاف بن إيماء بعد سياق حديث بئر معونة: "فجعلت لعنة الكفرة من أجل ذلك". أخرجه مسلم (679). جواز قتال الفئة العظيمة من المشركين وإن غلب على ظن المسلمين أنهم يقتلونه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "جوز الأئمة الأربعة أن ينغمس المسلم في صف الكفار وإن غلب على ظنه أنهم يقتلونه، إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين". "الفتاوى الكبرى" لابن تيمية (3 /554). قال ابن المنير: "وفيه أن الاجتهاد والعمل بالظاهر لا يضر صاحبه أن يقع التخلف ممن ظن به الوفاء." "فتح الباري" لابن حجر (6 /181).

مسائل متعلقة

الاختلاف في سبب وقوع حادثة بئر معونة

وقد وقع في ذلك روايات مختلفة: ففي رواية: زعموا أنهم أسلموا واستمدوا على قومهم ليسلموا. روى أنس رضي الله عنه: "أن النبي أتاه رعل وذكوان وعصية وبنو لحيان، فزعموا أنهم قد أسلموا، واستمدوه على قومهم، فأمدهم النبي بسبعين من الأنصار، قال أنس: كنا نسميهم القراء، يحطبون بالنهار ويصلون بالليل، فانطلقوا بهم، حتى بلغوا بئر معونة، غدروا بهم وقتلوهم، فقنت شهرًا يدعو على رعل، وذكوان، وبني لحيان". أخرجه البخاري (3064)، مسلم (677). وفي رواية أخرى "أن رعلًا وذكوان وعصية وبني لحيان، استمدوا رسول الله على عدو". أخرجه البخاري (4090). وفي أخرى عن أنس: "إنما قنت رسول الله بعد الركوع شهرا؛ أنه كان بعث ناسا يقال لهم القراء، وهم سبعون رجلا إلى ناس من المشركين، وبينهم وبين رسول الله عهد قبلهم، فظهر هؤلاء الذين كان بينهم وبين رسول الله عهد. أخرجه البخاري (4096). وقد رد ابن حجر هذه الرواية على ظاهرها وأوضح أن الذين كان بينهم وبين رسول الله العهد هم غير الذين قتلوا المسلمين، فقال: "وقد بين ابن إسحاق في المغازي عن مشايخه وكذلك موسى بن عقبة عن ابن شهاب أصحاب الطائفتين، وأن أصحاب العهد هم بنو عامر ورأسهم أبو براء عامر بن مالك بن جعفر المعروف بملاعب الأسنة، وأن الطائفة الأخرى من بني سليم، وأن عامر بن الطفيل وهو ابن أخي ملاعب الأسنة أراد الغدر بأصحاب النبي ". (7 /391). قال ابن حجر بعد كل هذه الروايات: "ولا مانع أن يستمدوا رسول الله في الظاهر، ويكون قصدهم الغدر بهم، ويحتمل أن يكون الذين استمدوا غير الذين استمدهم عامر بن الطفيل وإن كان الكل من بني سليم… ويحتمل أنه لم يكن استمدادهم لهم لقتال عدو وإنما هو للدعاء إلى الإسلام، وقد أوضح ذلك بن إسحاق..." "فتح الباري" لابن حجر (7 /386) ثم ساق رواية ابن إسحاق السابق الذكر، وفيه: "قدم أبو براء عامر بن مالك بن جعفر ملاعب الأسنة على رسول الله المدينة، فعرض عليه رسول الله الإسلام، ودعاه إليه، فلم يسلم ولم يبعد من الإسلام، وقال: يا محمد، لو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل نجد، فدعوهم إلى أمرك، رجوت أن يستجيبوا لك، فقال رسول الله : إني أخشى عليهم أهل نجد، قال أبو براء: أنا لهم جار، فابعثهم فليدعوا الناس إلى أمرك." "السيرة" لابن هشام (2 /184).