البحث

عبارات مقترحة:

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

الطيب

كلمة الطيب في اللغة صيغة مبالغة من الطيب الذي هو عكس الخبث، واسم...

غزوة ذات الرقاع

خرج رسول الله وأصحابه إلى مُحَارِبِ وثعلبة من بني غطفان، وذلك لما بلغه أنهم قد جمّعوا الجموع يريدون الاغارة، فلما وصل إلى محلهم لم يجد فيها أحدًا، إلا نسوة فأخذهن، وقد هربت الأعراب إلى رؤوس الجبال، وقد صلى رسول الله بالناس صلاة الخوف لأول مرة في غزوة ذات الرقاع على الصحيح، وسميت بـ غزوة ذات الرقاع لأنهم لفّوا على أرجلهم الخرق في الغزوة لمّا نقبت كما ورد في الصحيح.

اسمها

غزوة ذات الرقاع وتسمى أيضًا غزوة نجد.

وقتها

اختلف أهل العلم في هذه الغزوة متى كانت؛ فجزم أهل السير والمغازي أنها كانت قبل خيبر، ولكنهم اختلفوا في زمنها، فذكر ابن إسحاق أنها كانت بعد غزوة بني النضير، أقام رسول الله بالمدينة شهر ربيع الآخر وبعض جمادى الاولى، ثم غزا نجدًا يريد بني محارب وبني ثعلبة من غطفان، وذكر الواقدي وابن سعد أنها كانت في المحرم، لعشر خلون منه، من السنة الخامسة للهجرة. انظر: "المغازي" للواقدي (1 /395) "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /61)، "السيرة" لابن هشام (2 /203). وقال الإِمام البخاري في (كتاب المغازي، باب غزوة ذات الرقاع): "وهي غزوة محارب خصفة من بني ثعلبة من غطفان، فنزل نخلًا، وهي بعد خيبر، لأن أبا موسى جاء بعد خيبر"، وأيده في ذلك ابن كثير وابن حجر ورجحه ابن القيم. انظر: "السيرة" لابن كثير (3 /157)، "فتح الباري" لابن حجر (7 /417)، "زاد المعاد" لابن القيم (3 /224- 227). قال ابن حجر: "وقد قدمت أنهم مختلفون في زمانها، فالأولى الاعتماد على ما ثبت في الحديث الصحيح، وقد ازداد قوة بحديث أبي هريرة وبحديث ابن عمر، كما سيأتي". "فتح الباري" لابن حجر (7 /418). وحديث أبي هريرة؛ هو قوله رضي الله عنه: "صليت مع النبي غزوة نجد صلاة الخوف". أخرجه البخاري (4136)، مسلم (843). وأبو هريرة رضي الله عنه جاء إلى النبي وأسلم والنبي بخيبر، لذلك قال الرواي في تتمة هذا الحديث: "وإنما جاء أبو هريرة إلى النبي أيام خيبر". وحديث ابن عمر؛ هو قوله رضي الله عنهما: "غزوت مع رسول الله قبل نجد، فوازينا العدو، فصاففنا لهم". أخرجه البخاري (4132)، مسلم (841). فقد ذكر ابن عمر أنه صلى مع النبي صلاة الخوف بنجد، وقد كان أول مشاهد ابن عمر عام الخندق -انظر: أخرجه البخاري (1868)- فتكون ذات الرقاع بعد الخندق. أما حديث أبي موسى الأشعري؛ فهو قوله رضي الله عنه: "خرجنا مع النبي في غزوة ونحن ستة نفر، بيننا بعير نعتقبه، فنقبت أقدامنا، ونقبت قدماي، وسقطت أظفاري، وكنا نلف على أرجلنا الخرق، فسميت غزوة ذات الرقاع، لما كنا نعصب من الخرق على أرجلنا". أخرجه البخاري (4128)، مسلم (1816). قال ابن حجر في شرحه: "وقد ساق -أي البخاري- حديث أبي موسى بعد قليل، وهو استدلال صحيح، وسيأتي الدليل على أن أبا موسى إنما قدم من الحبشة بعد فتح خيبر في باب غزوة خيبر، ففيه في حديث طويل قال أبو موسى: "فوافقنا النبي حين افتتح خيبر"، وإذا كان كذلك ثبت أن أبا موسى شهد غزوة ذات الرقاع، ولزم أنها كانت بعد خيبر". "فتح الباري" لابن حجر (7 /418). وقال ابن القيم بعد أن بين قول أهل المغازي أنها في السنة الرابعة: "هكذا قال ابن إسحاق وجماعة من أهل السير والمغازي في تاريخ هذه الغزاة، وصلاة الخوف بها، وتلقاه الناس عنهم، وهو مشكل جدًا… والظاهر أن النبي أول صلاة صلاها للخوف بعسفان… ولا خلاف بينهم أن غزوة عسفان كانت بعد الخندق، وقد صح عنه أنه صلى صلاة الخوف بذات الرقاع، فعلم أنها بعد الخندق وبعد عسفان، ويؤيد هذا أن أبا هريرة وأبا موسى الأشعري شهدا ذات الرقاع كما في الصحيحين عن أبي موسى أنه شهد غزوة ذات الرقاع، وأنهم كانوا يلفون على أرجلهم الخرق لما نقبت… وهذا يدل على أن غزوة ذات الرقاع بعد خيبر، وأن من جعلها قبل الخندق فقد وهم وهمًا ظاهرًا، ولما لم يفطن بعضهم لهذا ادعى أن غزوة ذات الرقاع كانت مرتين، فمرة قبل الخندق، ومرة بعدها على عادتهم في تعديد الوقائع إذا اختلفت ألفاظها أو تاريخها... فالصواب تحويل غزوة ذات الرقاع من هذا الموضع إلى ما بعد الخندق بل بعد خيبر، وإنما ذكرناها ها هنا تقليدًا لأهل المغازي والسير، ثم تبين لنا وهمهم، وبالله التوفيق". انظر: "زاد المعاد" لابن القيم (3 /224- 227). وقال إبراهيم العلي: "وما في الصحيح -أنها بعد خيبر- أصح، وأولى بالتقديم، وله من أحاديث الصحابة رضوان الله عليهم ما يسنده ويقويه"."صحيح السيرة النبوية" لإبراهيم العلي (ص 370).

موقعها

خرج النبي حتى نزل نخلًا، وهي موضع من نجد من أراضي غطفان. انظر: "السيرة" لابن هشام (2 /204)، "فتح الباري" لابن حجر (7 /421). وقال ابن سعد: "حتى أتى محالهم بذات الرقاع، وهو جبل فيه بقع حمرة وسواد وبياض قريب من النَّخِيل بين السَّعْد والشَّقْرَة". "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /61).

عدد المسلمين

قال ابن سعد: "فخرج في أربعمائة، وقيل: سبعمائة"، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /61). وفي الصحيحين من حديث أبي موسى رضي الله عنه أنه قال: "خرجنا مع النبي في غزوة ونحن ستة نفر، بيننا بعير نعتقبه، فنقبت أقدامنا، ونقبت قدماي، وسقطت أظفاري، وكنا نلف على أرجلنا الخرق، فسميت غزوة ذات الرقاع..". أخرجه البخاري (4128)، مسلم (1816).

قائد المسلمين

رسول الله

سببها

وسببها كما رواه أهل السير والمغازي أنه قدم قادم المدينة بجلب له، فأخبر أصحاب رسول الله أن أنمارًا وثعلبة قد جمعوا لهم الجموع؛ فبلغ ذلك رسول الله ، فخرج إليهم. انظر: "المغازي" للواقدي (1 /395) "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /61).

أحداثها

غزوة ذات الرقاع هي غزوة محارب خصفة وبني ثعلبة من غطفان، وكانت تسمى أيضًا غزوة نجد. وَخَصَفَةُ: هو بن قيس بن عيلان بن إلياس بن مضر، ومُحَارِبِ: هو بن خصفة، والمحاربيون من قيس ينسبون إلى مُحَارِبِ بْنِ خَصَفَةَ هذا، وإنما أضيفت محارب إلى خصفة لقصد التمييز عن غيرهم من المحاربيين، لأن المحاربيين في العرب كثير، وثعلبة هو: ثعلبة بن سعد بن دينار، أما من قال: غزوة محارب خصفة من بني ثعلبة، أو خصفة بن ثعلبة فهو ليس كذلك، والثاني منهما أشد في الوهم، والصواب ما وقع عندَ ابنِ إسحاق وغيره وبني ثعلبة بواو العطف. انظر: "فتح الباري" لابن حجر (7 /418). خرج رسول الله بعد أن بلغه أن محارب وثعلبة من بني غطفان قد جمّعوا الجموع. قال ابن سعد: "فخرج في أربعمائة، وقيل: سبعمائة". "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /61). واستخلف رسول الله على المدينة أبا ذر الغفاري ، ويقال: عثمان بن عفان، فلما وصل إلى محلهم بذات الرقاع لم يجد فيها أحد، إلا نسوة فأخذهن، وقد ذهبت الأعراب إلى رءوس الجبال وهم مطلون على النبي ، ولم يكن بينهم حرب، وقد خاف الناس بعضهم بعضًا، والمشركون منهم قريب وخاف المسلمون أن يغيروا عليهم وهم غارون، وخافت الأعراب ألا يبرح رسول الله حتى يستأصلهم، حتى صلى رسول الله بالناس صلاة الخوف، ثم انصرف بالناس الى المدينة. قال ابن سعد: "وبعث رسول الله جعال بن سراقة بشيرًا إلى المدينة بسلامته وسلامة المسلمين". الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /61)، وكانت غيبته خمسة عشر يومًا. انظر: "المغازي" للواقدي (1 /395- 401) "السيرة" لابن هشام (2 /203- 209)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /61- 62)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 248)، زاد المعاد" لابن القيم (3 /224). وإنما سميت بـ غزو ة ذات الرقاع، لأنهم رقعوا فيها راياتهم، ويقال: ذات الرقاع: شجرة بذلك الموضع يقال لها: ذات الرقاع، وقيل: بل الأرض التي كانوا نزلوا بها كانت ذات ألوان تشبه الرقاع، وفي البخاري: لأنهم لفوا على أرجلهم الخرق لمّا نقبت. قال أبو موسى رضي الله عنه: "خرجنا مع النبي في غزوة ونحن ستة نفر، بيننا بعير نعتقبه، فنقبت أقدامنا، ونقبت قدماي، وسقطت أظفاري، وكنا نلف على أرجلنا الخرق، فسميت غزوة ذات الرقاع، لما كنا نعصب من الخرق على أرجلنا"، وحدث أبو موسى بهذا ثم كره ذاك، قال: ما كنت أصنع بأن أذكره، كأنه كره أن يكون شيء من عمله أفشاه. أخرجه البخاري (4128)، مسلم (1816). انظر: "السيرة" لابن هشام (2 /204)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 246)، "زاد المعاد" لابن القيم (3 /224)، "فتح الباري" لابن حجر (7 /419).

نتيجتها

خافت الأعراب فهربوا، ولم يلق رسول الله كيدًا، ورجع إلى المدينة. صلى رسول الله في هذه الغزوة صلاة الخوف.

أحداث متعلقة

محاولة اغتيال النبي وعصمة الله عز وجل له: روى أبو سلمة عن جابر رضي الله عنه قال: "كنا مع النبي بذات الرقاع، فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها للنبي ، فجاء رجل من المشركين وسيف النبي معلق بالشجرة، فاخترطه، فقال: تخافني؟ قال: لا، قال: فمن يمنعك مني؟ قال: الله. فتهدده أصحاب النبي ، وأقيمت الصلاة، فصلى بطائفة ركعتين، ثم تأخروا، وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، وكان للنبي أربع، وللقوم ركعتان وقال مسدد، عن أبي عوانة، عن أبي بشر، اسم الرجل غورث بن الحارث، وقاتل فيها محارب خصفة، وقال أبو الزبير، عن جابر، كنا مع النبي بنخل، فصلى الخوف". أخرجه البخاري (4136)، مسلم (843). وفي هذه الغزوة ابتاع رسول الله من جابر بن عبد الله جملًا له بأوقية، وشرط له ظهره إلى المدينة: قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: "كنت مع النبي في غزاة، فأبطأ بي جملي وأعيا، فأتى علي النبي ، فقال: جابر، فقلت: نعم، قال: ما شأنك؟ قلت: أبطأ علي جملي وأعيا، فتخلفت، فنزل يحجنه بمحجنه ثم قال: اركب، فركبت، فلقد رأيته أكفه عن رسول الله ، قال: تزوجت؟ قلت: نعم، قال: بكرًا أم ثيبًا؟ قلت: بل ثيبًا، قال: أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك! قلت: إن لي أخوات، فأحببت أن أتزوج امرأة تجمعهن، وتمشطهن، وتقوم عليهن، قال: أما إنك قادم، فإذا قدمت، فالكيس الكيس، ثم قال: أتبيع جملك؟ قلت: نعم، فاشتراه مني بأوقية، ثم قدم رسول الله قبلي، وقدمت بالغداة، فجئنا إلى المسجد فوجدته على باب المسجد، قال: آلآن قدمت؟ قلت: نعم، قال: فدع جملك، فادخل، فصل ركعتين، فدخلت فصليت، فأمر بلالا أن يزن له أوقية، فوزن لي بلال، فأرجح لي في الميزان، فانطلقت حتى وليت، فقال: ادع لي جابرًا. قلت: الآن يرد علي الجمل، ولم يكن شيء أبغض إلي منه، قال: خذ جملك ولك ثمنه". أخرجه البخاري (2097)، مسلم (715). قال ابن القيم: "وقد ذكروا أن قصة بيع جابر جمله من النبي كانت في غزوة ذات الرقاع. وقيل: في مرجعه من تبوك، ولكن في إخباره للنبي في تلك القضية أنه تزوج امرأة ثيبًا تقوم على أخواته، وتكفلهن إشعار بأنه بادر إلى ذلك بعد مقتل أبيه، ولم يؤخر إلى عام تبوك، والله أعلم". "زاد المعاد" لابن القيم (3 /227). وقال إبراهيم العلي: "ولم يأت في لفظ الصحيحين التصريح باسم الغزوة التي حصلت فيها قصة جابر، ولكن جاء من نفس الطريق طريق وهب بن كيسان عن جابر التصريح بأن الغزوة هي غزوة ذات الرقاع، وذلك عند ابن هشام في السيرة (2 /206 - 207): عن ابن إسحاق حدثني وهب بن كيسان عن جابر. .. ، وهذا سند صحيح، لأن ابن إسحاق صرح بالتحديث، فزالت عنه شبهة التدليس". "صحيح السيرة النبوية" لإبراهيم العلي (ص 373). قيام عباد بن بشر وعمار بن ياسر على حراسة جيش رسول الله في مرجعهم من غزوة ذات الرقاع، وما أصيبا به: روى ابن المبارك، عن محمد بن إسحاق، قراءة حدثني صدقة بن يسار، عن عقيل بن جابر، عن جابر بن عبد الله، قال: "خرجنا مع رسول الله في غزوة ذات الرقاع، فأصيبت امرأة من المشركين، فلما انصرف رسول الله قافلا، وجاء زوجها وكان غائبا، فحلف أن لا ينتهي حتى يهريق دما في أصحاب محمد ، فخرج يتبع أثر النبي ، فنزل النبي منزلا، فقال: من رجل يكلؤنا ليلتنا هذه؟ فانتدب رجل من المهاجرين، ورجل من الأنصار، فقالا: نحن يا رسول الله، قال: فكونوا بفم الشعب، قال: وكانوا نزلوا إلى شعب من الوادي، فلما خرج الرجلان إلى فم الشعب، قال الأنصاري للمهاجري: أي الليل أحب إليك أن أكفيكه؟ أوله أو آخره؟ قال: اكفني أوله، فاضطجع المهاجري فنام، وقام الأنصاري يصلي، وأتى الرجل، فلما رأى شخص الرجل عرف أنه ربيئة القوم، فرماه بسهم، فوضعه فيه، فنزعه فوضعه، وثبت قائما، ثم رماه بسهم آخر، فوضعه فيه، فنزعه فوضعه، وثبت قائما، ثم عاد له بثالث، فوضعه فيه، فنزعه فوضعه، ثم ركع وسجد، ثم أهب صاحبه، فقال: اجلس فقد أوتيت، فوثب، فلما رآهما الرجل عرف أن قد نذروا به فهرب، فلما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الدماء، قال: سبحان الله، ألا أهببتني قال: كنت في سورة أقرؤها، فلم أحب أن أقطعها حتى أنفذها، فلما تابع الرمي ركعت فأريتك، وايم الله، لولا أن أضيع ثغرا أمرني رسول الله بحفظه، لقطع نفسي قبل أن أقطعها، أو أنفذها". أخرجه أبو داود (198)، أحمد (23 /53) برقم (14704) طبعة الرسالة، واللفظ لأحمد، قال الشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريجه على أحمد: "حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف، عقيل بن جابر في عداد المجهولين، لم يرو عنه غير صدقة بن يسار". مشروعية صلاة الخوف: وقد دلت أحاديث الباب أن رسول الله صلى صلاة الخوف لأول مرة في غزوة ذات الرقاع، وأن صلاة الخوف شرعت فيها، وهو الذي رجحه أهل العلم ودلت عليه الأحاديث الصحيحة الصريحة. قال النووي: "وشرعت صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع". "المنهاج شرح النووي على مسلم" (6 /128). روى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: "أن النبي صلى بأصحابه في الخوف في غزوة السابعة، غزوة ذات الرقاع، قال ابن عباس صلى النبي الخوف بذي قرد". أخرجه البخاري (4125)، وروى أبي موسى أن جابرا حدثهم: "صلى النبي بهم يوم محارب وثعلبة". أخرجه البخاري (4126). وقال وهب بن كيسان، سمعت جابرًا: "خرج النبي إلى ذات الرقاع من نخل، فلقي جمعا من غطفان، فلم يكن قتال، وأخاف الناس بعضهم بعضًا، فصلى النبي ركعتي الخوف". وقال يزيد: عن سلمة، غزوت مع النبي يوم القرد". أخرجه البخاري (4126). روى يزيد بن رومان عن صالح بن خوات، عمن شهد رسول الله يوم ذات الرقاع صلى صلاة الخوف: أن طائفة صفت معه، وطائفة وجاه العدو، فصلى بالتي معه ركعة، ثم ثبت قائما، وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا، فصفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسا، وأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم". أخرجه البخاري (4129)، مسلم (842). وقال جابر رضي الله عنه: "كنا مع النبي بنخل، فذكر صلاة الخوف، قال مالك: وذلك أحسن ما سمعت في صلاة الخوف". أخرجه البخاري (4130). وذكر بعض أهل العلم أن رسول الله صلى بأصحابه صلاة الخوف لأول مرة بعسفان. قال البيهقي في دلائله في باب غزوة بني لحيان: " وهي الغزوة التي صلى فيها صلاة الخوف بعسفان حين أتاه الخبر من السماء بما هم به المشركون". "دلائل النبوة" للبيهقي (3 /364). وقال ابن القيم: "والظاهر أن النبي أول صلاة صلاها للخوف بعسفان". واستدل بما رواه أبو عياش الزرقي قال: قال شعبة: كتب به إلي، وقرأته عليه، وسمعته منه يحدث به، ولكني حفظته من الكتاب: "أن النبي كان في مصاف العدو بعسفان وعلى المشركين خالد بن الوليد، فصلى بهم النبي الظهر، ثم قال المشركون: إن لهم صلاة بعد هذه هي أحب إليهم من أبنائهم وأموالهم قال: "فصلى بهم رسول الله العصر، فصفهم صفين خلفه، قال: فركع بهم رسول الله جميعا، فلما رفعوا رءوسهم سجد الصف الذي يليه وقام الآخرون، فلما رفعوا رءوسهم سجد الصف المؤخر لركوعهم مع رسول الله ، قال: ثم تأخر الصف المقدم وتقدم الصف المؤخر، فقام كل واحد منهم في مقام صاحبه، ثم ركع بهم رسول الله جميعًا، فلما رفعوا رءوسهم من الركوع سجد الصف الذي يليه، وقام الآخرون ثم سلم النبي عليهم". أخرجه أبو داود (1236)، النسائي في "الكبرى" (2 /374) رقم (1951)، أحمد (27 /122) طبعة الرسالة رقم (16581)، واللفظ لأحمد. قال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على مسند أحمد: "إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن صحابيه لم يخرج له سوى أبي داود والنسائي". وقال أبو عياش الزرقي: "صلى رسول الله صلاة الخوف والمشركون بينهم وبين القبلة مرتين: مرة بأرض بني سليم، ومرة بعسفان". أخرجه أحمد (27 /123) طبعة الرسالة، رقم (16582). قال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على مسند أحمد: "حديث صحيح، مؤمل: وهو ابن إسماعيل، وإن كان فيه ضعف من جهة حفظه، إلا أنه ثقة في سفيان الثوري، وهو إلى ذلك متابع". لكن الذي دل عليه أحاديث الباب أن غزوة الرقاع كانت أول غزوة صلى رسول الله فيها صلاة الخوف، والله أعلم. قال مغلطاي: "وقد رويت صلاة الخوف على ست عشرة صورة، كلها سائغ فعله، وتفارق سائر الصلوات بأنه لا سهو فيها على إمام ولا على غيره". "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 246- 247). أما عن تفصيلات كيفية صلاة الخوف وأدائها فارجع في ذلك إلى كتاب الصلاة باب صلاة الخوف من كتب شروح السنة وكتب الفقه. ما كتبه ابن القيم في تاريخ غزوة ذات الرقاع ومشروعية صلاة الخوف: قال ابن القيم: "هكذا قال ابن إسحاق وجماعة من أهل السير والمغازي في تاريخ هذه الغزاة، وصلاة الخوف بها، وتلقاه الناس عنهم، وهو مشكل جدا، فإنه قد صح "أن المشركين حبسوا رسول الله يوم الخندق عن صلاة العصر حتى غابت الشمس". وفي "السنن" و "مسند أحمد" والشافعي رحمهما الله: "أنهم حبسوه عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء فصلاهن جميعًا". وذلك قبل نزول صلاة الخوف، والخندق بعد ذات الرقاع سنة خمس. والظاهر أن النبي أول صلاة صلاها للخوف بعسفان، كما قال أبو عياش الزرقي: "كنا مع النبي بعسفان، فصلى بنا الظهر، وعلى المشركين يومئذ خالد بن الوليد، فقالوا: لقد أصبنا منهم غفلة، ثم قالوا: إن لهم صلاة بعد هذه هي أحب إليهم من أموالهم وأبنائهم، فنزلت صلاة الخوف بين الظهر والعصر، فصلى بنا العصر، ففرقنا فرقتين"، وذكر الحديث، رواه أحمد وأهل السنن. وقال أبو هريرة: "كان رسول الله نازلا بين ضجنان وعسفان محاصرا للمشركين، فقال المشركون: إن لهؤلاء صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم وأموالهم، أجمعوا أمركم، ثم ميلوا عليهم ميلة واحدة، فجاء جبريل، فأمره أن يقسم أصحابه نصفين"، وذكر الحديث، قال الترمذي: حديث حسن صحيح. ولا خلاف بينهم أن غزوة عسفان كانت بعد الخندق، وقد صح عنه أنه صلى صلاة الخوف بذات الرقاع، فعلم أنها بعد الخندق وبعد عسفان، ويؤيد هذا أن أبا هريرة وأبا موسى الأشعري شهدا ذات الرقاع كما في " الصحيحين " عن أبي موسى أنه شهد غزوة ذات الرقاع، وأنهم كانوا يلفون على أرجلهم الخرق لما نقبت. وأما أبو هريرة ففي " المسند " و " السنن " أن مروان بن الحكم سأله: هل صليت مع رسول الله صلاة الخوف؟ قال: نعم، قال: متى؟ قال: عام غزوة نجد. وهذا يدل على أن غزوة ذات الرقاع بعد خيبر، وأن من جعلها قبل الخندق فقد وهم وهمًا ظاهرًا، ولما لم يفطن بعضهم لهذا ادعى أن غزوة ذات الرقاع كانت مرتين، فمرة قبل الخندق، ومرة بعدها على عادتهم في تعديد الوقائع إذا اختلفت ألفاظها أو تاريخها، ولو صح لهذا القائل ما ذكره، ولا يصح لم يمكن أن يكون قد صلى بهم صلاة الخوف في المرة الأولى لما تقدم من قصة عسفان، وكونها بعد الخندق، ولهم أن يجيبوا عن هذا بأن تأخير يوم الخندق جائز غير منسوخ، وأن في حال المسايفة يجوز تأخير الصلاة إلى أن يتمكن من فعلها، وهذا أحد القولين في مذهب أحمد رحمه الله وغيره، لكن لا حيلة لهم في قصة عسفان أن أول صلاة صلاها للخوف بها، وأنها بعد الخندق. فالصواب تحويل غزوة ذات الرقاع من هذا الموضع إلى ما بعد الخندق بل بعد خيبر، وإنما ذكرناها هاهنا تقليدا لأهل المغازي والسير، ثم تبين لنا وهمهم، وبالله التوفيق. ومما يدل على أن غزوة ذات الرقاع بعد الخندق ما رواه مسلم في " صحيحه " عن جابر قال: "أقبلنا مع رسول الله ، حتى إذا كنا بذات الرقاع قال: كنا إذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله ، فجاء رجل من المشركين، وسيف رسول الله معلق بالشجرة، فأخذ السيف، فاخترطه، فذكر القصة، وقال: فنودي بالصلاة، فصلى بطائفة ركعتين، ثم تأخروا، وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، فكانت لرسول الله أربع ركعات، وللقوم ركعتان". وصلاة الخوف إنما شرعت بعد الخندق بل هذا يدل على أنها بعد عسفان، والله أعلم.

دروس وعِبَر

فوائد حديث جابر: جواز المساومة لمن يعرض سلعته للبيع. أن القبض ليس شرطًا في صحة البيع. وجواز التحدث بالعمل الصالح للإتيان بالقصة على وجهها لا على وجه تزكية النفس، وإرادة الفخر. تفقد الإمام والكبير لأصحابه وسؤاله عما ينزل بهم، وإعانتهم بما تيسر من حال أو مال أو دعاء. جواز الضرب للدابة للمسير، وإن كانت غير مكلفة، إذا لم تكن قادرة. توقير التابع لرئيسه. الوكالة في وفاء الدين، والشراء بالنسيئة. جواز الزيادة في الثمن عند الأداء، والرجحان في الوزن لكن برضا المالك. فضيلة لجابر حيث ترك حظ نفسه وامتثل أمر النبي له ببيع جمله مع احتياجه إليه. معجزة ظاهرة للنبي . انظر: "فتح الباري" لابن حجر (5 /666). فوائد حديث جابر في محاولة اغتيال رسول الله: فرط شجاعة النبي ، وقوة يقينه، وصبره على الأذى، وحلمه عن الجهال. جواز تفرق العسكر في النزول ونومهم، وهذا محله إذا لم يكن هناك ما يخافون منه. انظر: "فتح الباري" لابن حجر (8 /193). فوائد حديث أبي موسى: أن كتمان العمل الصالح أفضل من إظهاره إلا لمصلحة راجحة كمن يكون ممن يقتدى به. انظر: "فتح الباري" لابن حجر (7 /421)