البحث

عبارات مقترحة:

المقدم

كلمة (المقدِّم) في اللغة اسم فاعل من التقديم، وهو جعل الشيء...

المقيت

كلمة (المُقيت) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أقاتَ) ومضارعه...

اللطيف

كلمة (اللطيف) في اللغة صفة مشبهة مشتقة من اللُّطف، وهو الرفق،...

غزوة خيبر

خرج رسول الله إلى خيبر يغزو اليهود في ديارهم في ألف وأربعمائة راجل ومائتي فارس، فقاتل رسول الله اليهود أشد القتال، حتى دخلوا حصونهم وامتنعوا، فحاصرهم رسول الله ، وجهد المسلمون جهدا شديدا، حتى فتحها الله على رسوله حصنا حصنا، وقتل منهم ثلاثة وتسعين رجلا، وغنم رسول الله والمسلمون من اليهود أموالهم وأرضهم، وسبوا نساءهم وذراريهم، وترك رسول الله أرضهم على أن يعملوها ولهم الشطر من كل زرع وثمر، واستشهد من أصحاب رسول الله خمسة عشر رجلا. وفي هذه الغزوة حرمت الحمر الأهلية، وتزوج الرسول صفية بنت حيي بن الأخطب، وفيها سمت امرأة يهودية رسول الله أهدت له شاة مسمومة.

اسمها

غزوة خيبر.

وقتها

اختلف أهل السير والمغازي في تاريخ هذه الغزوة: ذهب مالك إلى أن غزوة خيبر كانت في السنة السادسة، وأيده ابن حزم في ذلك. وذهب جل أهل السير والمغازي إلى أنها كانت سنة سبع من مقدم رسول الله المدينة. قال ابن القيم: «والجمهور على أنها في السابعة». "زاد المعاد" لابن القيم (3 /281)، وأيده أيضًا الحافظ ابن حجر في الفتح. ويؤيد هذا القول ما رواه يونس بن بكير في المغازي عن بن إسحاق في حديث المسور ومروان قالا: «انصرف رسول الله من الحديبية فنزلت عليه سورة الفتح فيما بين مكة والمدينة فأعطاه الله فيها خيبر بقوله وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه يعني خيبر فقدم المدينة في ذي الحجة فأقام بها حتى سار إلى خيبر في المحرم». "فتح الباري" لابن حجر (7 /464). ويؤيده أيضًا ما جاء في حديث سلمة بن الأكوع أنها كانت بعد غزوة ذي قرد بثلاث ليال، كما جاء في نص الحديث بقوله: «… قال: فسبقته إلى المدينة، قال: فوالله، ما لبثنا إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر مع رسول الله ، ثم ذكر الحديث». أخرجه مسلم (1807). قال ابن حجر: «وهذه الأقوال متقاربة، والراجح منها ما ذكره ابن إسحاق، ويمكن الجمع بينها بأن من أطلق سنة ست بناء على أن ابتداء السنة من شهر الهجرة الحقيقي وهو ربيع الأول». "فتح الباري" لابن حجر (7 /464). وقال ابن القيم: «ولعل الخلاف مبني على أول التاريخ، هل هو شهر ربيع الأول شهر مقدمه المدينة أو من المحرم في أول السنة؟ وللناس في هذا طريقان: فالجمهور على أن التاريخ وقع من المحرم، وأبو محمد بن حزم يرى أنه من شهر ربيع الأول حين قدم، وكان أول من أرخ بالهجرة يعلى بن أمية باليمن، كما رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح، وقيل: عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة ست عشرة من الهجرة». "زاد المعاد" لابن القيم (3 /281). ثم بعد اتفاق الجمهور على كونها في السنة السابعة اختلفوا في أي شهر كانت؟ فذهب ابن إسحاق وموسى بن عقبة بأنها كانت في آخر شهر المحرم من السنة السابعة، وقال الواقدي: خرج في صفر سنة سبع، ويقال: خرج لهلال ربيع الأول، وذهب ابن سعد إلى أنها كانت في جمادى الأولى سنة سبع. قال ابن القيم: «فإن خروجه كان في أواخر المحرم، لا في أوله، وفتحها إنما كان في صفر». "زاد المعاد" لابن القيم (3 /301). انظر: "المغازي" للواقدي (2 /634)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /106)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 279)، "زاد المعاد" لابن القيم (3 /281)، "صحيح السيرة النبوية" لإبراهيم العلي (ص 338).

موقعها

خرج رسول الله إلى خيبر. وخَيْبَر: على ثمانية برد من المدينة. انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /106).

عدد المسلمين

خرج رسول الله إلى خيبر في ألف وأربعمائة ومائتي فارس. انظر: "المغازي" للواقدي (2 /689)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /107)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 279)، "زاد المعاد" لابن القيم (3 /292).

قائد المسلمين

كان رسول الله قائدها.

أحداثها

أمر رسول الله أصحابه بالتهيؤ للخروج لغزوة خيبر. قال ابن سعد: «فقال: لا يخرجن معنا إلا راغب في الجهاد، وشق ذلك على من بقي بالمدينة من اليهود». "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /106). واستخلف رسول الله على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري. قال سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: «خرجنا مع النبي إلى خيبر، فسرنا ليلا، فقال رجل من القوم لعامر: يا عامر ألا تسمعنا من هنيهاتك؟ وكان عامر رجلا شاعرا، فنزل يحدو بالقوم يقول: اللهم لولا أنت ما اهتدينا. .. ولا تصدقنا ولا صلينا فاغفر فداء لك ما أبقينا. .. وثبت الأقدام إن لاقينا وألقين سكينة علينا. .. إنا إذا صيح بنا أبينا وبالصياح عولوا علينا، فقال رسول الله : من هذا السائق؟ قالوا: عامر بن الأكوع، قال: «يرحمه الله» قال رجل من القوم: وجبت يا نبي الله، لولا أمتعتنا به! فأتينا خيبر فحاصرناهم حتى أصابتنا مخمصة شديدة، ثم إن الله تعالى فتحها عليهم، فلما أمسى الناس مساء اليوم الذي فتحت عليهم، أوقدوا نيرانا كثيرة، فقال النبي : ما هذه النيران على أي شيء توقدون؟ قالوا: على لحم، قال: على أي لحم؟ قالوا: لحم حمر الإنسية، قال النبي : أهريقوها واكسروها، فقال رجل: يا رسول الله، أو نهريقها ونغسلها؟ قال: أو ذاك. فلما تصاف القوم كان سيف عامر قصيرا، فتناول به ساق يهودي ليضربه، ويرجع ذباب سيفه، فأصاب عين ركبة عامر فمات منه، قال: فلما قفلوا قال سلمة: رآني رسول الله وهو آخذ بيدي، قال: ما لك؟ قلت له: فداك أبي وأمي، زعموا أن عامرا حبط عمله؟ قال النبي : كذب من قاله، إن له لأجرين - وجمع بين إصبعيه - إنه لجاهد مجاهد، قل عربي مشى بها مثله. حدثنا قتيبة، حدثنا حاتم قال: «نشأ بها». أخرجه البخاري (4196)، ومسلم (1802). وقدم رسول الله خيبر، فلما نزل بساحتهم لم يتحركوا تلك الليلة ولم يصح لهم ديك حتى طلعت الشمس، وصلى رسول الله بها الصبح، وركب المسلمون، فخرج أهل خيبر بمساحيهم ومكاتلهم، ولا يشعرون، بل خرجوا لأرضهم، فلما نظروا إلى رسول الله قالوا: محمد والخميس. روى أنس رضي الله عنه: «أن رسول الله أتى خيبر ليلا، وكان إذا أتى قوما بليل لم يغر بهم حتى يصبح، فلما أصبح خرجت اليهود بمساحيهم، ومكاتلهم، فلما رأوه قالوا: محمد والله، محمد والخميس، فقال النبي : خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم ﴿فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ﴾ سورة الصافات: 177». أخرجه البخاري (4197). قال أنس رضي الله عنه: «صلى النبي الصبح قريبا من خيبر بغلس، ثم قال: الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم ﴿فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ﴾ سورة الصافات: 177، فخرجوا يسعون في السكك، فقتل النبي المقاتلة، وسبى الذرية، وكان في السبي صفية، فصارت إلى دحية الكلبي، ثم صارت إلى النبي ، فجعل عتقها صداقها». أخرجه البخاري (4200). ووعظ رسول الله الناس، وفرق فيهم الرايات، ولم يكن الرايات إلا يوم خيبر إنما كانت الألوية، فكانت راية النبي سوداء ولواؤه أبيض دفعه إلى علي بن أبي طالب، وراية إلى الحباب بن المنذر وراية إلى سعد بن عبادة. روى سهل بن سعد رضي الله عنه: «أن رسول الله قال يوم خيبر: لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله كلهم يرجو أن يعطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: هو يا رسول الله يشتكي عينيه، قال: فأرسلوا إليه، فأتي به، فبصق رسول الله في عينيه ودعا له، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول الله، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا، خير لك من أن يكون لك حمر النعم». أخرجه البخاري (4210)، ومسلم (2405). قال سلمة رضي الله عنه: «كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه تخلف عن النبي في خيبر، وكان رمدا، فقال: أنا أتخلف عن النبي ، فلحق به، فلما بتنا الليلة التي فتحت قال: لأعطين الراية غدا أو ليأخذن الراية غدا رجل يحبه الله ورسوله، يفتح عليه، فنحن نرجوها، فقيل: هذا علي فأعطاه، ففتح عليه». أخرجه البخاري (4209)، ومسلم (2406). فقاتل رسول الله اليهود أشد القتال، وقَتَل منهم جماعة كثيرة، حتى دخل اليهود حصونهم وامتنعوا، فحاصرهم رسول الله قريبا من عشرين ليلة ويقال: أربعة عشر يوما، وكانت أرضا وخمة شديدة الحر، فجهد المسلمون جهدا شديدا، حتى فتحها رسول الله حصنا حصنا، وهي حصون ذوات عدد، وقتل منهم ثلاثة وتسعين رجلا من يهود، واستشهد من أصحاب النبي بخيبر خمسة عشر رجلا. وننقل عن الواقدي مختصرا، قال: وتحولت اليهود إلى قلعة الزبير، وهو حصن منيع في رأس قلعة، فأقام رسول الله ثلاثة أيام، فجاء رجل من اليهود يقال له: عزال فقال: يا أبا القاسم، إنك لو أقمت شهرا ما بالوا، إن لهم شرابا وعيونا تحت الأرض يخرجون بالليل فيشربون منها ثم يرجعون إلى قلعتهم فيمتنعون منك، فإن قطعت مشربهم عليهم أصحروا لك. فسار رسول الله إلى مائهم فقطعه عليهم، فلما قطع عليهم خرجوا فقاتلوا أشد القتال، وقتل من المسلمين نفر، وأصيب نحو العشرة من اليهود، وافتتحه رسول الله ، ثم تحول رسول الله إلى أهل الكتيبة والوطيح والسلالم حصن ابن أبي الحقيق، فتحصن أهله أشد التحصن، وجاءهم كل من كان انهزم من النطاة والشق، فإن خيبر كانت جانبين الأول: الشق والنطاة، وهو الذي افتتحه أولا، والجانب الثاني: الكتيبة والوطيح والسلالم، فجعلوا لا يخرجون من حصونهم حتى هم رسول الله أن ينصب عليهم المنجنيق، فلما أيقنوا بالهلكة وقد حصرهم رسول الله أربعة عشر يوما، سألوا رسول الله الصلح، وأرسل ابن أبي الحقيق إلى رسول الله : أنزل فأكلمك؟ فقال رسول الله : نعم، فنزل ابن أبي الحقيق فصالح رسول الله على حقن دماء من في حصونهم من المقاتلة وترك الذرية لهم، ويخرجون من خيبر وأرضها بذراريهم، ويخلون بين رسول الله وبين ما كان لهم من مال وأرض وعلى الصفراء والبيضاء والكراع والحلقة، إلا ثوبا على ظهر إنسان. فقال رسول الله : «وبرئت منكم ذمة الله وذمة رسوله إن كتمتموني شيئا، فصالحوه على ذلك». انظر: "المغازي" للواقدي (2 /666- 671). فغَيّب اليهود مسكا في خربة، فيه مال وحلي لحيي بن أخطب، كان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت النضير، فدل الله رسوله عليه، فاستخرجه، وكان رسول الله اشترط عليهم أن لا يكتموا ولا يغيبوا شيئا، فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد، فقتل رسول الله ابني أبي الحقيق، وأحدهما زوج صفية بنت حيي بن أخطب، وسبى نساءهم وذراريهم وقسم أموالهم بالنكث الذي نكثوه، وأراد أن يجليهم منها، فقالوا: يا محمد، دعنا نكون في هذه الأرض نصلحها ونقوم عليها، فنحن أعلم بها منكم. ولم يكن لرسول الله ولا لأصحابه غلمان يقومون عليها، وكانوا لا يفرغون يقومون عليها، فأعطاهم خيبر على أن يعملوها ولهم الشطر من كل زرع وكل ثمر ما بدا لرسول الله أن يقرهم. قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «أعطى النبي خيبر اليهود، أن يعملوها ويزرعوها، ولهم شطر ما يخرج منها». أخرجه البخاري (4248). وأمر رسول الله بالغنائم فجمعت، واستعمل عليها فروة بن عمرو البياضي، ثم أمر بذلك فجزئ خمسة أجزاء وكتب في سهم منها لله وسائر السهمان أنفال.قال أبا هريرة رضي الله عنه: «افتتحنا خيبر، ولم نغنم ذهبا ولا فضة، إنما غنمنا البقر والإبل والمتاع والحوائط...». أخرجه البخاري (4234)، ومسلم (115). ولم يغب عن خيبر من أهل الحديبية إلا جابر بن عبد الله، فقسم له رسول الله كسهم من حضرها، وكان الذي ولي إحصاء الناس زيد بن ثابت فأحصاهم ألفا وأربعمائة والخيل مائتي فرس، وكانت السهمان على ثمانية عشر سهما لكل مائة رأس وللخيل أربعمائة سهم. قال ابن عمر رضي الله عنهما: «قسم رسول الله يوم خيبر للفرس سهمين، وللراجل سهما. قال: فَسّرَه نافع فقال: إذا كان مع الرجل فرس فله ثلاثة أسهم، فإن لم يكن له فرس فله سهم». أخرجه البخاري (4228). انظر تفصيل هذه الغزوة وأحداثها في: "المغازي" للواقدي (2 /636)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /106- 117)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 279- 286)، "فتح الباري" لابن حجر (7 /464- 498)، "زاد المعاد" لابن القيم (3 /281- 313)، "صحيح السيرة النبوية" لإبراهيم العلي (ص 338- 358).

نتيجتها

قاتل رسول الله اليهود أشد القتال، وقتل منهم ثلاثة وتسعين رجلا، واستشهد من أصحاب النبي بخيبر خمسة عشر رجلا. وكان النصر حليف المسلمين، وفتحوا حصون خيبر حصنا حصنا. وغنم المسلمون من اليهود أموالهم وأرضهم وسبى نساءهم وذراريهم، وأراد رسول الله أن يجليهم منها، ثم تركها على أرضهم على أن يعملوها ولهم الشطر من كل زرع وثمر، ما بدا لرسول الله أن يقرهم.

أحداث متعلقة

أحداث وقعت أثناء المعركة، منها: رفع الصوت بالتكبير. قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: «لما غزا رسول الله خيبر، أو قال: لما توجه رسول الله ، أشرف الناس على واد، فرفعوا أصواتهم بالتكبير: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، فقال رسول الله : اربعوا على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم، وأنا خلف دابة رسول الله ، فسمعني وأنا أقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فقال لي: يا عبد الله بن قيس. قلت: لبيك يا رسول الله، قال: ألا أدلك على كلمة من كنز من كنوز الجنة؟ قلت: بلى يا رسول الله، فداك أبي وأمي، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله». أخرجه البخاري (4205). الدعاء في الغزو وعدم الوضوء من الأكل: قال أنس بن مالك: «قال رسول الله لأبي طلحة: التمس غلاما من غلمانكم يخدمني» فخرج بي أبو طلحة يردفني وراءه، فكنت أخدم رسول الله كلما نزل، فكنت أسمعه يكثر أن يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين، وغلبة الرجال، فلم أزل أخدمه حتى أقبلنا من خيبر، وأقبل بصفية بنت حيي قد حازها، فكنت أراه يحوي لها وراءه بعباءة أو بكساء، ثم يردفها وراءه، حتى إذا كنا بالصهباء صنع حيسا في نطع، ثم أرسلني فدعوت رجالا فأكلوا، وكان ذلك بناءه بها، ثم أقبل حتى إذا بدا له أحد، قال: هذا جبل يحبنا ونحبه، فلما أشرف على المدينة قال: اللهم إني أحرم ما بين جبليها، مثل ما حرم به إبراهيم مكة، اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم». أخرجه البخاري (5425)، ومسلم (1365). قصة قتل مرحب. اختلف أهل العلم في من قتل مرحب: ذُكِر في صحيح مسلم أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو الذي قتل مرحبا. ففي حديث سلمة بن الأكوع عند مسلم: «… وخرج مرحب، فقال: قد علمت خيبر أني مرحب. .. شاكي السلاح بطل مجرب… إذا الحروب أقبلت تلهب، فقال علي: أنا الذي سمتني أمي حيدره. .. كليث غابات كريه المنظره… أوفيهم بالصاع كيل السندره، قال: فضرب رأس مرحب فقتله، ثم كان الفتح على يديه». أخرجه مسلم (1807). وذُكِر عند أحمد في مسنده وكذا رواه ابن إسحاق أن محمد بن مسلمة هو الذي قتله. قال جابر في حديثه: «خرج مرحب اليهودي من حصنهم، قد جمع سلاحه يرتجز، ويقول: قد علمت خيبر أني مرحب. .. شاكي السلاح بطل مجرب أطعن أحيانا وحينا أضرب. .. إذا الليوث أقبلت تلهب إن حماي للحمى لا يقرب…. وهو يقول: من مبارز؟ فقال رسول الله : " من لهذا؟ فقال محمد بن مسلمة: أنا له يا رسول الله، وأنا، والله الموتور الثائر، قتلوا أخي بالأمس قال: " فقم إليه، اللهم أعنه عليه "، فلما دنا أحدهما من صاحبه، دخلت بينهما شجرة عمرية من شجر العشر، فجعل أحدهما يلوذ بها من صاحبه، كلما لاذ بها منه اقتطع بسيفه ما دونه، حتى برز كل واحد منهما لصاحبه، وصارت بينهما كالرجل القائم ما فيها فنن، ثم حمل مرحب على محمد فضربه فاتقاها بالدرقة، فوقع سيفه فيها فعضت به، فأمسكته، وضربه محمد بن مسلمة حتى قتله». أخرجه أحمد (15134) طبعة الرسالة، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على مسند أحمد: «إسناده حسن، رجاله رجال الصحيح غير ابن إسحاق، فقد روى له أصحاب السنن، ومسلم في المتابعات، وهو حسن الحديث، والحديث في "سيرة ابن هشام" 3 /347 و348 عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد»، واخرجه الحاكم (5843) وقال فيه: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه». قال الحاكم في المستدرك: «الأخبار متواترة بأسانيد كثيرة أن قاتل مرحب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ووافقه الذهبي على ما قال». أخرجه الحاكم تعقيبا على حديث (5843). قال إبراهيم العلي: «هذا هو الراجح، لا أن الذي قتله محمَّد بن مسلمة الأنصاري جاء من حديث جابر في عبد الله رضي الله عنه، وأخرجه أحمد والحاكم وابن إسحاق كما جاء في السيرة وإسناده صحيح». "صحيح السيرة النبوية" لإبراهيم العلي (ص 344). قال النووي: «واختلفوا في قاتله، فقيل: علي بن أبي طالب، وقيل: محمد بن مسلمة الأنصاري رضي الله عنهما. قال ابن عبد البر في كتابه الدرر في مختصر السيرة: قال محمد بن إسحاق: إن محمد بن مسلمة هو الذى قتل مرحبًا اليهودي بخيبر. قال: وخالفه غيره، فقال: بل قتله على بن أبى طالب. قال ابن عبد البر: هذا هو الصحيح عندنا. ثم روى ذلك بإسناده عن بريدة، وسلمة بن الأكوع. وقال الشافعى فى المختصر: نفل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم خيبر محمد بن مسلمة سلب مرحب، ذكره في أول باب جامع السير، وهذا تصريح منه بأن قاتله محمد بن مسلمة. وقال ابن الأثير: الصحيح الذي عليه أكثر أهل السير والحديث أن عليًا هو قاتله. قال المصنف رحمه الله: قلت: وفي صحيح مسلم بإسناده عن سلمة بن الأكوع التصريح بأن عليًا هو الذي قتله». "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (2 /86- 87). قال إبراهيم العلي: «وقد يحتمل الجمع بين حديث جابر وحديث سلمة بما ذكره الواقدي من أن محمدًا بن مسلمة قطع رجليه وأن عليًّا أجهز عليه وما في صحيح مسلم مقدم على حديث جابر من وجهين: الأول: أنه أصح إسنادًا، وأوثق رجالًا. الثاني: أن جابرًا لم يشهد خيبر كما ذكره ابن إسحاق، ومحمد بن عمر، وغيرهما، وقد شهدها سلمة وبريدة وأبو رافع رضي الله عنهم، وهم أعلم ممن لم يشهدها، وما قيل من أن محمَّد بن سلمة ضرب ساقي مرحب فقطعهما، ولم يجهز عليه، ومر به علي فأجهز عليه يأباه حديث سلمة وأبي رافع، والله أعلم». "صحيح السيرة النبوية" لإبراهيم العلي (ص 345). شهادة عامر بن الأكوع رضي الله عنه. من حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: «… قال: فلما تصاف القوم كان سيف عامر قصيرا، فتناول به ساق يهودي ليضربه، ويرجع ذباب سيفه، فأصاب عين ركبة عامر فمات منه، قال: فلما قفلوا قال سلمة: رآني رسول الله وهو آخذ بيدي، قال: ما لك؟ قلت له: فداك أبي وأمي، زعموا أن عامرا حبط عمله؟ قال النبي : كذب من قاله، إن له لأجرين، وجمع بين إصبعيه، إنه لجاهد مجاهد، قَلَّ عربيٌ مشى بها مِثْلَهُ. حدثنا قتيبة، حدثنا حاتم قال: نشأ بها». أخرجه البخاري (4196)، ومسلم (1802). أصيب ساق سلمة رضي الله عنه، فشفاه الله تعالى ببركة رسوله . قال يزيد بن أبي عبيد: «رأيت أثر ضربة في ساق سلمة، فقلت يا أبا مسلم، ما هذه الضربة؟ فقال: هذه ضربة أصابتني يوم خيبر، فقال الناس: أصيب سلمة، فأتيت النبي ، فنفث فيه ثلاث نفثات، فما اشتكيتها حتى الساعة». أخرجه البخاري (4206). تحريم لحوم الحمر الأهلية. وفي هذه الغزوة نهى النبي عن أكل الحمر الاهلية، وقد روي ذلك عن عدد من الصحابة، منهم أنس وسلمة بن الأكوع وابن عمر وجابر وغيرهم. ففي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: «… قال: فأصبنا من لحوم الحمر، فنادى منادي النبي : «إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر، فإنها رجس». أخرجه البخاري (4198)، ومسلم (1940). وروى أنس بن مالك رضي الله عنه: «أن رسول الله جاءه جاء، فقال: أكلت الحمر، فسكت، ثم أتاه الثانية، فقال: أكلت الحمر، فسكت، ثم أتاه الثالثة فقال: أفنيت الحمر، فأمر مناديا فنادى في الناس: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية، فأكفئت القدور وإنها لتفور باللحم». أخرجه البخاري (4199)، ومسلم (1940). وفي حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: «… قال: فأتينا خيبر فحاصرناهم حتى أصابتنا مخمصة شديدة، ثم إن الله تعالى فتحها عليهم، فلما أمسى الناس مساء اليوم الذي فتحت عليهم، أوقدوا نيرانا كثيرة، فقال النبي : ما هذه النيران على أي شيء توقدون؟ قالوا: على لحم، قال: على أي لحم؟ قالوا: لحم حمر الإنسية، قال النبي : أهريقوها واكسروها، فقال رجل: يا رسول الله، أو نهريقها ونغسلها؟ قال: أو ذاك». أخرجه البخاري (4196)، ومسلم (1802). وروى ابن عمر رضي الله عنهما: «أن رسول الله نهى يوم خيبر عن أكل الثوم، وعن لحوم الحمر الأهلية». أخرجه البخاري (4215- 4217- 4218). قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: «نهى رسول الله يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، ورخص في الخيل». أخرجه البخاري (4219)، ومسلم (561). قال البراء بن عازب رضي الله عنهما: «أمرنا النبي في غزوة خيبر أن نلقي الحمر الأهلية نيئة ونضيجة، ثم لم يأمرنا بأكله بعد». أخرجه البخاري (4226)، ومسلم (1938). وإنما حرمها رسول الله لأنها رجس، كما ورد ذلك في الصحيحين. وهذا التعليل من رسول الله من قوله مقدم على قول الصحابة وظنهم. قال ابن عباس رضي الله عنهما: «لا أدري أنهى عنه رسول الله من أجل أنه كان حمولة الناس فكره أن تذهب حمولتهم، أو حرمه في يوم خيبر لحم الحمر الأهلية». أخرجه البخاري (4227)، ومسلم (1939). وقال ابن أبي أوفى رضي الله عنهما: «أصابتنا مجاعة يوم خيبر فإن القدور لتغلي، قال: وبعضها نضجت، فجاء منادي النبي : لا تأكلوا من لحوم الحمر شيئا، وأهرقوها. قال ابن أبي أوفى: فتحدثنا أنه إنما نهى عنها لأنها لم تخمس، وقال بعضهم: نهى عنها البتة لأنها كانت تأكل العذرة». أخرجه البخاري (4220- 4221- 4223)، ومسلم (1938). قال ابن القيم: «وصح عنه تعليل التحريم بأنها رجس، وهذا مقدم على قول من قال من الصحابة: إنما حرمها لأنها كانت ظهر القوم وحمولتهم، فلما قيل له: فني الظهر وأكلت الحمر، حرمها، وعلى قول من قال: إنما حرمها لأنها لم تخمس، وعلى قول من قال: إنما حرمها لأنها كانت حول القرية، وكانت تأكل العذرة، وكل هذا في الصحيح، لكن قول رسول الله : «إنها رجس» مقدم على هذا كله؛ لأنه من ظن الراوي وقوله بخلاف التعليل بكونها رجسا». "زاد المعاد" لابن القيم (3 /303). أحداث وقعت بعد المعركة قدوم أبي هريرة على رسول الله بعد خيبر. وفي هذه الغزوة قدم الدوسيون فيهم أبو هريرة، وقدم الطفيل بن عمرو. روى خثيم بن عراك، عن أبيه: «أن أبا هريرة قدم المدينة في رهط من قومه، والنبي بخيبر، وقد استخلف سباع بن عرفطة على المدينة، قال: فانتهيت إليه وهو يقرأ في صلاة الصبح في الركعة الأولى بـ: كهيعص، وفي الثانية: ويل للمطففين، قال: فقلت لنفسي: ويل لفلان إذا اكتال اكتال بالوافي، وإذا كال كال بالناقص، قال: فلما صلى زودنا شيئا حتى أتينا خيبر، وقد افتتح النبي خيبر، قال: فكلم المسلمين فأشركونا في سهامهم». أخرجه أحمد (8552) طبعة الرسالة، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه على مسند أحمد: «إسناده صحيح على شرط الشيخين». قدوم جعفر بن أبي طالب والأشعريين، وبيان فضيلة أصحاب السفينة. وفي هذه الغزوة قدم على رسول الله ابن عمه جعفر بن أبي طالب وأصحابه من عند النجاشي، وقدم معهم الأشعريون عبد الله بن قيس أبو موسى وأصحابه، فكلم رسول الله أصحابه فيهم أن يشركوهم في الغنيمة ففعلوا، وكان فيمن قدم معهم أسماء بنت عميس. روى أبو بردة، عن أبي موسى رضي الله عنه قال: «بلغنا مخرج النبي ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه أنا وأخوان لي أنا أصغرهم، أحدهما أبو بردة، والآخر أبو رهم، إما قال: بضع، وإما قال: في ثلاثة وخمسين، أو اثنين وخمسين رجلا من قومي، فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافقنا جعفر بن أبي طالب، فأقمنا معه حتى قدمنا جميعا، فوافقنا النبي حين افتتح خيبر، وكان أناس من الناس يقولون لنا، يعني لأهل السفينة: سبقناكم بالهجرة، ودخلت أسماء بنت عميس، وهي ممن قدم معنا، على حفصة زوج النبي زائرة، وقد كانت هاجرت إلى النجاشي فيمن هاجر، فدخل عمر على حفصة وأسماء عندها، فقال عمر حين رأى أسماء: من هذه؟ قالت: أسماء بنت عميس، قال عمر: الحبشية هذه البحرية هذه؟ قالت أسماء: نعم، قال: سبقناكم بالهجرة، فنحن أحق برسول الله منكم، فغضبت وقالت: كلا والله، كنتم مع رسول الله يطعم جائعكم، ويعظ جاهلكم، وكنا في دار أو في أرض البعداء البغضاء بالحبشة، وذلك في الله وفي رسوله ، وايم الله لا أطعم طعاما ولا أشرب شرابا، حتى أذكر ما قلت لرسول الله ، ونحن كنا نؤذى ونخاف، وسأذكر ذلك للنبي وأسأله، والله لا أكذب ولا أزيغ، ولا أزيد عليه. فلما جاء النبي قالت: يا نبي الله إن عمر قال: كذا وكذا؟ قال: فما قلت له؟ قالت: قلت له كذا وكذا، قال: ليس بأحق بي منكم، وله ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان؟ قالت: فلقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتوني أرسالا، يسألوني عن هذا الحديث، ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم النبي ، قال أبو بردة: قالت أسماء: فلقد رأيت أبا موسى وإنه ليستعيد هذا الحديث مني. قال أبو بردة، عن أبي موسى، قال النبي : إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن حين يدخلون بالليل، وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل، وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار، ومنهم حكيم، إذا لقي الخيل، أو قال: العدو، قال لهم: إن أصحابي يأمرونكم أن تنظروهم». أخرجه البخاري (4230- 4231- 4232)، ومسلم (2499). وروى الشعبي، عن جابر رضي الله عنه قال: «لما قدم رسول الله من خيبر قدم جعفر رضي الله عنه من الحبشة، تلقاه رسول الله ، فقبل جبهته، ثم قال: والله ما أدري بأيهما أنا أفرح بفتح خيبر أم بقدوم جعفر». أخرجه الحاكم (4941)، وقال فيه: «أرسله إسماعيل بن أبي خالد، وزكريا بن أبي زائدة، فيما حدثناه علي بن عيسى الحيري، ثنا إبراهيم بن أبي طالب، ثنا ابن أبي عمر، ثنا سفيان، عن ابن أبي خالد وزكريا، عن الشعبي قال: قدم رسول الله من خيبر فذكر الحديث، هذا حديث صحيح، إنما ظهر بمثل هذا الإسناد الصحيح مرسلا، وقد وصله أجلح بن عبد الله»، وعلق الذهبي عليه بأنه مرسل. وقال في رواية أخرى (4249) له متابعة فيه: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي. زواج رسول الله من صفية بنت حيي بن أخطب. وفي هذه الغزوة سبى رسول الله صفية بنت حيي بن أخطب وابنة عمتها، وعرض عليها رسول الله الإسلام فأسلمت، فاصطفاها لنفسه، وأعتقها، وجعل عتقها صداقها، وبنى بها في الطريق، وأولم عليها. قال أنس بن مالك رضي الله عنه: «قدمنا خيبر، فلما فتح الله عليه الحصن ذُكِر له جمال صفية بنت حيي بن أخطب، وقد قتل زوجها وكانت عروسا، فاصطفاها النبي لنفسه، فخرج بها حتى بلغنا سد الصهباء حلت، فبنى بها رسول الله ، ثم صنع حيسا في نطع صغير، ثم قال لي: آذن من حولك، فكانت تلك وليمته على صفية، ثم خرجنا إلى المدينة، فرأيت النبي يحوي لها وراءه بعباءة، ثم يجلس عند بعيره فيضع ركبته، وتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب». أخرجه البخاري (4211)، ومسلم (1365). قال أنس بن مالك رضي الله عنه: «سبى النبي صفية فأعتقها وتزوجها. فقال ثابت لأنس: ما أصدقها؟ قال: أصدقها نفسها فأعتقها». أخرجه البخاري (4201)، ومسلم (1365). روى أنس بن مالك رضي الله عنه: «أن النبي أقام على صفية بنت حيي بطريق خيبر ثلاثة أيام، حتى أعرس بها، وكانت فيمن ضرب عليها الحجاب». أخرجه البخاري (4212). قال أنس رضي الله عنه: «أقام النبي بين خيبر، والمدينة ثلاث ليال يبنى عليه بصفية»، فدعوت المسلمين إلى وليمته، وما كان فيها من خبز ولا لحم، وما كان فيها إلا أن أمر بلالا بالأنطاع فبسطت، فألقى عليها التمر والأقط والسمن، فقال المسلمون: إحدى أمهات المؤمنين، أو ما ملكت يمينه؟ قالوا: إن حجبها فهي إحدى أمهات المؤمنين، وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه، فلما ارتحل وطأ لها خلفه، ومد الحجاب». أخرجه البخاري (4213). حراسة أبي أيوب الأنصاري رسول الله لما أعرس بصفية ببعض طريق بخيبر. قال أبو هريرة رضي الله عنه: «لما دخل رسول الله بصفية بات أبو أيوب على باب النبي ، فلما أصبح فرأى رسول الله كبر ومع أبي أيوب السيف فقال: يا رسول الله كانت جارية حديثة عهد بعرس، وكنت قتلت أباها وأخاها وزوجها، فلم آمنها عليك فضحك رسول الله وقال له خيرا». أخرجه الحاكم (6787)، وقال فيه: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي. اليهودية التي سمت رسول الله يوم خيبر. وفي هذه الغزوة سمت امرأة يهودية اسمها زينب بنت الحارث رسول الله ، أهدت له شاة مسمومة، فأكل رسول الله وناس من أصحابه منها. قال أبي هريرة رضي الله عنه: «لما فتحت خيبر أهديت للنبي شاة فيها سم، فقال النبي : اجمعوا إلي من كان ها هنا من يهود» فجمعوا له، فقال: إني سائلكم عن شيء، فهل أنتم صادقي عنه؟ فقالوا: نعم، قال لهم النبي : من أبوكم؟ قالوا: فلان، فقال: كذبتم، بل أبوكم فلان، قالوا: صدقت، قال: فهل أنتم صادقي عن شيء إن سألت عنه؟ فقالوا: نعم يا أبا القاسم، وإن كذبنا عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا، فقال لهم: من أهل النار؟ قالوا: نكون فيها يسيرا، ثم تخلفونا فيها، فقال النبي : اخسئوا فيها، والله لا نخلفكم فيها أبدا ثم قال: هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه؟ فقالوا: نعم يا أبا القاسم، قال: هل جعلتم في هذه الشاة سما؟ قالوا: نعم، قال: ما حملكم على ذلك؟ قالوا: أردنا إن كنت كاذبا نستريح، وإن كنت نبيا لم يضرك». أخرجه البخاري (3169). ورواه البخاري كذلك معلقا عن أبي هريرة في كتاب المغازي، باب الشاة التي سمت للنبي بخيبر. قال أبو هريرة رضي الله عنه: «لما فتحت خيبر أهديت لرسول الله شاة فيها سم». قال ابن القيم: «فأكل منها رسول الله وناس من أصحابه فيهم بشر بن البراء بن معرور فمات منها، فيقال: إن رسول الله قتلها، وهو الثبت عندنا». "زاد المعاد" لابن القيم (3 /290). وقد اختلف أهل العلم هل أكل النبي من الشاة المسمومة أو لم يأكل؟ ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: «أن يهودية أتت النبي بشاة مسمومة، فأكل منها، فجيء بها فقيل: ألا نقتلها، قال: لا، فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله ». أخرجه البخاري (3169)، ومسلم (2190). قال ابن القيم: «وأكثر الروايات أنه أكل منها وبقي بعد ذلك ثلاث سنين حتى قال في وجعه الذي مات فيه: «ما زلت أجد من الأكلة التي أكلت من الشاة يوم خيبر، فهذا أوان انقطاع الأبهر مني. قال الزهري: فتوفي رسول الله شهيدا». "زاد المعاد" لابن القيم (3 /299). واختلفوا كذلك هل قتل رسول الله المرأة أم لا؟ قال ابن القيم: «فقال الزهري: أسلمت فتركها، ذكره عبد الرزاق عن معمر عنه، ثم قال معمر: والناس تقول: قتلها النبي ». ثم ساق رواية أبي داود عن أبي سلمة: «أن رسول الله أهدت له يهودية بخيبر شاة مصلية، نحو حديث جابر، قال: فمات بشر بن البراء بن معرور الأنصاري، فأرسل إلى اليهودية: ما حملك على الذي صنعت؟ فذكر نحو حديث جابر، فأمر بها رسول الله فقتلت». أخرجه أبو داود (4511). ثم قال: «كلاهما مرسل، ورواه حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة متصلا، أنه قتلها لما مات بشر بن البراء، وقد وفق بين الروايتين بأنه لم يقتلها أولا، فلما مات بشر قتلها». "زاد المعاد" لابن القيم (3 /299). من أعطاهم رسول الله من خيبر. روى سعيد بن المسيب، أن جبير بن مطعم، أخبره قال: «مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى النبي ، فقلنا: أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا، ونحن بمنزلة واحدة منك، فقال إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد. قال جبير: ولم يقسم النبي لبني عبد شمس وبني نوفل شيئا». أخرجه البخاري (4229). روى أبي بردة، عن أبي موسى، قال: «قدمنا على النبي بعد أن افتتح خيبر فقسم لنا، ولم يقسم لأحد لم يشهد الفتح غيرنا». أخرجه البخاري (4233). روى الزهري قال: أخبرني عنبسة بن سعيد أنه سمع أبا هريرة، يخبر سعيد بن العاص قال: «بعث رسول الله أبان على سرية من المدينة قبل نجد، قال أبو هريرة: فقدم أبان وأصحابه على النبي بخيبر بعد ما افتتحها، وإن حزم خيلهم لليف. قال أبو هريرة: قلت: يا رسول الله، لا تقسم لهم، قال أبان: وأنت بهذا يا وبر، تحدر من رأس ضأن. فقال النبي : يا أبان اجلس، فلم يقسم لهم». أخرجه البخاري (4237- 4238- 4239). غنى المسلمين بما أصابوا من غنائم خيبر. قالت عائشة رضي الله عنها: «لما فتحت خيبر قلنا الآن نشبع من التمر». أخرجه البخاري (4242). وقال ابن عمر رضي الله عنهما: «ما شبعنا حتى فتحنا خيبر». أخرجه البخاري (4243). استعمل رسول الله رجلا على خيبر، وكان في هذه الغزوة تحريم ربا الفضل. روى أبو سعيد الخدري وأبو هريرة رضي الله عنهما: «أن رسول الله استعمل رجلا على خيبر، فجاءه بتمر جَنِيبٍ، فقال رسول الله : أكل تمر خيبر هكذا؟ فقال: لا والله يا رسول الله، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين بالثلاثة، فقال: لا تفعل، بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبا». أخرجه البخاري (4244). وفي رواية أخرى لهما: «أن النبي بعث أخا بني عدي من الأنصار إلى خيبر، فأمره عليها». أخرجه البخاري (4246). وصف يهود خيبر. قال أبو عمران: «نظر أنس إلى الناس يوم الجمعة، فرأى طيالسة، فقال: كأنهم الساعة يهود خيبر». أخرجه البخاري (3997). تقسيم عمر الأراضي. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «أما والذي نفسي بيده لولا أن أترك آخر الناس بَبَّانًا ليس لهم شيء، ما فتحت علي قرية إلا قسمتها كما قسم النبي خيبر، ولكني أتركها خزانة لهم يقتسمونها». أخرجه البخاري (4235- 4236). والْبَبَّانُ: الْمُعْدَمُ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ. "فتح الباري" لابن حجر (7 /490). وقد ذُكِر في هذه الغزوة قصتين اختلف أهل السير والمغازي فيهما، أهي في غزوة خيبر حصلت أم في غزوة حنين؟ الأولى: قصة الرجل التي جاهد وقاتل كثيرا فيما يبدو وشهد رسول الله أنه من أهل النار: روى سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه فيما أخرجه البخاري: «أن رسول الله التقى هو والمشركون فاقتتلوا، فلما مال رسول الله إلى عسكره ومال الآخرون إلى عسكرهم، وفي أصحاب رسول الله رجل لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه، فقيل: ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان، فقال رسول الله : أما إنه من أهل النار، فقال رجل من القوم: أنا صاحبه، قال: فخرج معه كلما وقف وقف معه، وإذا أسرع أسرع معه، قال: فجرح الرجل جرحا شديدا، فاستعجل الموت، فوضع سيفه بالأرض وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل على سيفه فقتل نفسه، فخرج الرجل إلى رسول الله فقال: أشهد أنك رسول الله، قال: وما ذاك؟ قال: الرجل الذي ذكرت آنفا أنه من أهل النار، فأعظم الناس ذلك، فقلت: أنا لكم به، فخرجت في طلبه، ثم جرح جرحا شديدا، فاستعجل الموت، فوضع نصل سيفه في الأرض، وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل عليه فقتل نفسه، فقال رسول الله عند ذلك: إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة، فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار، فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة». أخرجه البخاري (4202). وفي رواية أخرى للبخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه يذكر فيه أنه حصل في خيبر، قال: «شهدنا خيبر … ثم ذكر الحديث وفي آخره: «فاشتد رجال من المسلمين، فقالوا: يا رسول الله، صدق الله حديثك، انتحر فلان فقتل نفسه، فقال: قم يا فلان، فأذن أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر». قال البخاري: تابعه معمر، عن الزهري، وقال شبيب، عن يونس، عن ابن شهاب، أخبرني ابن المسيب، وعبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، أن أبا هريرة، قال: «شهدنا مع النبي حنينا». أخرجه البخاري (4203). الثانية: قصة الرجل الذي عمل قليلا وفاز بالجنة، لأنه صدق فصدقه الله. أخرج الحاكم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، قال: «كنا مع رسول الله في غزوة خيبر فخرجت سرية، فأخذوا إنسانا معه غنم يرعاها، فجاءوا به إلى رسول الله فكلمه النبي ما شاء الله أن يكلم، فقال له الرجل: إني قد آمنت بك وبما جئت به فكيف بالغنم يا رسول الله؟ فإنها أمانة وهي للناس الشاة والشاتان وأكثر من ذلك؟ قال: احصب وجوهها ترجع إلى أهلها» فأخذ قبضة من حصباء أو تراب، فرمى بها وجوهها، فخرجت تشتد حتى دخلت كل شاة إلى أهلها، ثم تقدم إلى الصف، فأصابه به سهم، فقتله، ولم يصل لله سجدة قط، فقال رسول الله : أدخلوه الخباء، فأدخل خباء رسول الله حتى إذا فرغ رسول الله دخل عليه، ثم خرج، فقال: لقد حسن إسلام صاحبكم، لقد دخلت عليه، وإن عنده لزوجتين له من الحور العين». أخرجه الحاكم (2609)، وقال فيه: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه»، وعلق الذهبي عليه: «بل كان شرحبيل متهما، قاله ابن أبي ذؤيب». وقال البيهقي: «لم أكتبه موصولا إلا من حديث شرحبيل بن سعد، وقد تكلموا فيه، وروي عن محمد بن إسحاق بن يسار عن أبيه مرسلا، وروي عن أبي العاص بن الربيع فيه قصة شبيهة بهذه، إلا أنها بإسناد مرسل». "السنن الكبرى" للبيهقي (18424). روى أنس رضي الله عنه: «أن رجلا أسود أتى النبي فقال: يا رسول الله، إني رجل أسود منتن الريح، قبيح الوجه، لا مال لي، فإن أنا قاتلت هؤلاء حتى أقتل، فأين أنا؟ قال: في الجنة، فقاتل حتى قتل، فأتاه النبي فقال: قد بيض الله وجهك، وطيب ريحك، وأكثر مالك. وقال لهذا أو لغيره: لقد رأيت زوجته من الحور العين، نازعته جبة له من صوف، تدخل بينه وبين جبته». أخرجه الحاكم (2463)، وقال فيه: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي. روى شداد بن الهاد: «أن رجلا من الأعراب آمن برسول الله ، وقال: أهاجر معك؟ فأوصى النبي أصحابه به، فلما كانت غزوة خيبر أو حنين غنم رسول الله شيئا فقسم وقسم له، فأعطى أصحابه ما قسم له، وكان يرعى ظهرهم، فلما جاء دفعوه إليه، فقال: ما هذا؟ قالوا: قسمه لك رسول الله فأخذه فجاءه فقال: يا محمد، ما على هذا اتبعتك، ولكني اتبعتك على أن أرمى ها هنا وأشار إلى حلقه بسهم فأموت وأدخل الجنة، فقال: إن تصدق الله يصدقك، فلبثوا قليلا، ثم دحضوا في قتال العدو فأتي به يحمل وقد أصابه سهم حيث أشار، فقال النبي : أهو هو؟ قالوا: نعم، قال: صدق الله فصدقه، فكفنه النبي ثم قدمه فصلى عليه، وكان مما ظهر من صلاته عليه: اللهم هذا عبدك خرج مهاجرا في سبيلك فقتل شهيدا فأنا عليه شهيد». أخرجه الحاكم (6527)، وسكت عنه الذهبي في التلخيص.

دروس وعِبَر

ذكر ابن حجر فوائد لحديث قدوم الأشعريين في غزوة خيبر، منها: فضيلة عظيمة للأشعريين قبيلة أبي موسى رضي الله عنه. وفيه تحديث الرجل بمناقبه. وفيه جواز هبة المجهول. وفيه فضيلة الإيثار والمواساة. وفيه استحباب خلط الزاد في السفر وفي الإقامة أيضا، والله أعلم. انظر: "فتح الباري" لابن حجر (5 /130). ذكر ابن حجر فوائد لحديث الشاة المسمومة في غزوة خيبر، منها: إخباره عن الغيب. تكليم الجماد له . وفيه معاندة اليهود لاعترافهم بصدقه فيما وقع منهم من دسيسة السم، ومع ذلك فعاندوه واستمروا على تكذيبه. وفيه قتل من قتل بالسم قصاصا. وفيه أن الأشياء كالسموم وغيرها لا تؤثر بذواتها، بل بإذن الله تعالى. انظر: "فتح الباري" لابن حجر (10 /246- 247). ذكر ابن القيم فوائد فقهية لغزوة خيبر، منها: جواز محاربة الكفار ومقاتلتهم في الأشهر الحرم. قسمة الغنائم للفارس ثلاثة أسهم، وللراجل سهم. ومنها: أنه يجوز لآحاد الجيش إذا وجد طعاما أن يأكله ولا يخمسه، قال عبد الله بن مغفل رضي الله عنه: «كنا محاصري خيبر، فرمى إنسان بجراب فيه شحم، فنزوت لآخذه، فالتفت فإذا النبي فاستحييت». أخرجه البخاري (4214). ومنها: أنه إذا لحق مدد بالجيش بعد تقضي الحرب، فلا سهم له إلا بإذن الجيش ورضاهم. ومنها تحريم لحوم الحمر الإنسية. وفي هذه الغزوة نهى النبي عن المتعة على قول من ذهب إلى ذلك. روى علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «أن رسول الله نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية». أخرجه البخاري (4216)، ومسلم (1407). ومنها: جواز المساقاة والمزارعة بجزء مما يخرج من الأرض من ثمر أو زرع، كما عامل رسول الله أهل خيبر على ذلك، واستمر ذلك إلى حين وفاته، لم ينسخ البتة. ومنها أنه دفع إليهم الأرض على أن يعملوها من أموالهم، ولم يدفع إليهم البذر، ولا كان يحمل إليهم البذر من المدينة قطعا. ومنها: خرص الثمار على رءوس النخل وقسمتها كذلك، وأن القسمة ليست بيعا. ومنها: الاكتفاء بخارص واحد وقاسم واحد. ومنها: جواز عقد المهادنة عقدا جائزا، للإمام فسخه متى شاء. ومنها: جواز تعليق عقد الصلح والأمان بالشرط، كما عقد لهم رسول الله بشرط أن لا يغيبوا ولا يكتموا. ومنها: جواز تقرير أرباب التهم بالعقوبة، وأن ذلك من الشريعة العادلة لا من السياسة الظالمة. ومنها: الأخذ في الأحكام بالقرائن والأمارات. ومنها: أن من كان القول قوله إذا قامت قرينة على كذبه، لم يلتفت إلى قوله، ونزل منزلة الخائن. ومنها: أن أهل الذمة إذا خالفوا شيئا مما شرط عليهم، لم يبق لهم ذمة، وحلت دماؤهم وأموالهم. ومنها: جواز نسخ الأمر قبل فعله؛ فإن النبي أمرهم بكسر القدور، ثم نسخه عنهم بالأمر بغسلها. ومنها: أن ما لا يؤكل لحمه لا يطهر بالذكاة، لا جلده ولا لحمه، وأن ذبيحته بمنزلة موته، وأن الذكاة إنما تعمل في مأكول اللحم. ومنها: أن من أخذ من الغنيمة شيئا قبل قسمتها لم يملكه، وإن كان دون حقه، وأنه إنما يملكه بالقسمة. ومنها: أن الإمام مخير في أرض العنوة بين قسمتها وتركها وقسم بعضها وترك بعضها. ومنها: جواز التفاؤل، بل استحبابه بما يراه أو يسمعه مما هو من أسباب ظهور الإسلام وإعلامه، كما تفاءل النبي برؤية المساحي والفؤوس والمكاتل مع أهل خيبر، فإن ذلك فأل في خرابها. ومنها: جواز إجلاء أهل الذمة من دار الإسلام إذا استغني عنهم. ومنها: جواز عتق الرجل أمته وجعل عتقها صداقا لها، ويجعلها زوجته بغير إذنها ولا شهود ولا ولي غيره، ولا لفظ إنكاح ولا تزويج. ومنها: جواز كذب الإنسان على نفسه وعلى غيره إذا لم يتضمن ضرر ذلك الغير إذا كان يتوصل بالكذب إلى حقه، كما كذب الحجاج بن علاط على المسلمين حتى أخذ ماله من مكة من غير مضرة لحقت المسلمين من ذلك الكذب. ومنها: جواز بناء الرجل بامرأته في السفر وركوبها معه على دابة بين الجيش. ومنها: أن من قتل غيره بسم يقتل مثله قتل به قصاصا، كما قتلت اليهودية ببشر بن البراء. ومنها: جواز الأكل من ذبائح أهل الكتاب وحل طعامهم. ومنها: قبول هدية الكافر. واختلف في فتح خيبر: هل كان عنوة أو كان بعضها صلحا وبعضها عنوة، ينظر تفصيلها في موضعها من كتب السير والفقه. "زاد المعاد" لابن القيم (3 /301- 313).