البحث

عبارات مقترحة:

اللطيف

كلمة (اللطيف) في اللغة صفة مشبهة مشتقة من اللُّطف، وهو الرفق،...

الحي

كلمة (الحَيِّ) في اللغة صفةٌ مشبَّهة للموصوف بالحياة، وهي ضد...

الجواد

كلمة (الجواد) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعال) وهو الكريم...

سرية عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل

سرية قادها الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه، بعثه رسول الله إلى ذات السلاسل، لما بلغه أن جمعًا من قضاعة يريدون الإغارة، فخرج عمرو بن العاص إليهم في ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار، ثم جاءه المدد بإمرة أبي عبيدة بن الجراح في مائتين، فحمل المسلمون عليهم حملة واحدة، فهربوا في البلاد وتفرقوا، فهزموا أعداءهم، ورجعوا إلى المدينة.

اسمها

سرية عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل، وقال البخاري: «وهي غزوة لَخْمٍ وَجُذَامَ، قاله إسماعيل بن أبي خالد». "كتاب المغازي، باب غزوة ذات السلاسل".

وقتها

كانت سرية عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل في جمادى الآخرة سنة ثمان من مقدم رسول الله المدينة، قال ذلك ابن سعد وجمهور أهل السير والمغازي. ونقل ابن حجر عن ابن عساكر الاتفاق على أن غزوة ذات السلاسل كانت بعد غزوة مؤتة فيما ذكره أهل المغازي، سوى ابن إسحاق، فإنه قال: هي قبل مؤتة. وقيل: كانت سنة سبع، وبه جزم ابن أبي خالد في كتاب "صحيح التاريخ". انظر: "المغازي" للواقدي (2 /770)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /131)، "فتح الباري" لابن حجر (8 /74)، "زاد المعاد" لابن القيم (3 /341)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 301).

موقعها

بعث رسول الله عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل. والسلاسل؛ بسينين مهملتين، الأولى مفتوحة، والثانية مكسورة، واللام مخففة: مياه، واحده: سَلْسَل. ذكر ابن سعد أنها وراء وادي القرى، وبينها وبين المدينة عشرة أيام. انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /131)، "زاد المعاد" لابن القيم (3 /340- 341)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 301). وذكر النووي أنها موضع معروف بناحية الشام في أرض بني عُذْرَة. انظر: "تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (3 /114). وروى البخاري عن ابن إسحاق، عن يزيد، عن عروة: أن السلاسل بلاد بَلِيٍّ وَعُذْرَةَ وَبَنِي القَيْنِ. "كتاب المغازي، باب غزوة ذات السلاسل". وهذه القبائل الثلاثة التي ذكرها بطون من قضاعة. أما بَلِيٌّ؛ فبفتح الموحدة وكسر اللام الخفيفة بعدها ياء النسب: قبيلة كبيرة ينسبون إلى بَلِيّ بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، وأما عُذْرَةُ؛ فبضم العين المهملة وسكون الذال المعجمة: قبيلة كبيرة ينسبون إلى عُذْرَة بن سعد هذيم بن زيد بن الحاف بن قضاعة، وأما بنو الْقَيْنِ: فقبيلة كبيرة أيضًا، ينسبون إلى الْقَيْنِ بن جسر، ويقال غير ذلك. انظر: "فتح الباري" لابن حجر (8 /74)، وذكر الواقدي وابن سعد أنها: بِلَادِ بَلِيّ وَعُذْرَةَ وَبَلْقَيْن. انظر: "المغازي" للواقدي (2 /771)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /131). ونقل ابن حجر عن ابن إسحاق: أن السلاسل: ماء لبني جُذَامٍ وَلَخْمٍ. ولَخْمٌ؛ فبفتح اللام وسكون المعجمة: قبيلة كبيرة شهيرة ينسبون إلى لخم، واسمه مالك بن عدي بن الحارث. وجُذَامٌ؛ بضم الجيم بعدها معجمة خفيفة: قبيلة كبيرة شهيرة أيضًا ينسبون إلى عمرو بن عدي، وهم إخوة لخم على المشهور، وقيل: هم من ولد أسد بن خزيمة. انظر: "فتح الباري" لابن حجر (8 /74). وذكر ابن هشام أن ذات السلاسل ماء بأرض جُذَامَ، يقال له السلسل، وبذلك سميت تلك الغزوة، غزوة ذات السلاسل، وذكر ابن حجر أنها سميت بذات السلاسل: لأن المشركين ارتبط بعضهم إلى بعض مخافة أن يفروا، وقيل: لأن بها ماء يقال له السلسل. انظر: "السيرة" لابن هشام (2 /623)، "فتح الباري" لابن حجر (8 /74).

عدد المسلمين

خرج عمرو بن العاص إليهم في ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار، ومعه ثلاثون فرسًا، ثم جاءه المدد بإمرة أبي عبيدة بن الجراح في مائتين رجل من سراة المهاجرين والأنصار، فيهم أبو بكر وعمر. انظر: "المغازي" للواقدي (2 /770)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /131)، "فتح الباري" لابن حجر (8 /74)، "زاد المعاد" لابن القيم (3 /341)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 301).

قائد المسلمين

عمرو بن العاص

سببها

بلغ رسول الله أن جمعًا من قضاعة تجمعوا يريدون الإغارة على المدينة، فبعث رسول الله عمرو بن العاص إليهم في ثلاثمائة من أصحابه. انظر: "المغازي" للواقدي (2 /770)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /131)، "فتح الباري" لابن حجر (8 /74)، "زاد المعاد" لابن القيم (3 /341)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 301).

أحداثها

لما بلغ رسول الله أن جمعًا من قضاعة قد تجمعوا يريدون أن يدنوا إلى أطراف رسول الله دعا عمرو بن العاص، فعقد له لواء أبيض، وجعل معه راية سوداء، وبعثه في ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار، ومعه ثلاثون فرسًا، وأمره أن يستعين بمن مر به من العرب. فسار عمرو بن العاص الليل وكمن النهار، فلما قرب من القوم بلغه أن لهم جمعًا كثيرًا، فبعث رافع بن مكيث الجهني إلى رسول الله يستمده، فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح في مائتين، وعقد له لواء، وبعث معه سراة المهاجرين والأنصار، وفيهم أبو بكر وعمر، وأمره أن يلحق بعمرو وأن يكونا جميعًا، ولا يختلفا، فلحق بعمرو. وسار عمرو بن العاص حتى وطئ بلاد بَلِيّ واستولى على أهلها، حتى أتى إلى أقصى بلاد بَلِيّ وَعُذْرَةَ وَبَلْقَيْن، ولقي في آخر ذلك جمعًا، فحمل عليهم المسلمون فهربوا في البلاد وتفرقوا، ثم قفل، وبعث عوف بن مالك الأشجعي بريدًا إلى رسول الله ، فأخبره بقفولهم وسلامتهم وما كان في غزاتهم. انظر: "المغازي" للواقدي (2 /770- 774)، "السيرة" لابن هشام (2 /623- 626)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /131)، "فتح الباري" لابن حجر (8 /74)، "زاد المعاد" لابن القيم (3 /340- 341)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 301).

نتيجتها

كان النصر حليف المسلمين، هزموا أعداءهم من بني قضاعة، ورجعوا إلى رسول الله إلى المدينة.

أحداث متعلقة

تأمير عمرو بن العاص على السرية عقب إسلامه: روى موسى بن علي بن رباح، قال: سمعت أبي يقول: سمعت عمرو بن العاص يقول: «بعث إلي رسول الله فأتيته، فأمرني أن آخذ علي ثيابي وسلاحي ثم آتيه. قال: ففعلت، ثم أتيته وهو يتوضأ، فصعد في البصر، ثم طأطأ، ثم قال: يا عمرو إني أريد أن أبعثك على جيش، فيغنمك الله، ويسلمك، وأرغب لك رغبة صالحة من المال. قال: فقلت يا رسول الله، إني لم أسلم رغبة في المال، ولكني أسلمت رغبة في الإسلام، وأن أكون مع رسول الله . فقال: يا عمرو نعما بالمال الصالح للرجل الصالح». أخرجه الحاكم (2130)، قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي. قال ابن حجر فيه: «وهذا فيه إشعار بأن بعثه عقب إسلامه، وكان إسلامه في أثناء سنة سبع من الهجرة». "فتح الباري" لابن حجر (8 /75). الحكمة في إمرة عمرو بن العاص على هذه السرية وفيها أبو بكر وعمر: ذكر أهل السير والمغازي لذلك بعص المعاني، منها: أن عمرو بن العاص كان ذا رحم بهم، كانت أم عمرو بن العاص من بَلِيّ، فبعث النبي عمرا يستنفر الناس إلى الإسلام، ويستألفهم بذلك. وذكر الواقدي وابن هشام أن أم العاص بن وائل كانت بلوية. انظر: "المغازي" للواقدي (2 /771)، "السيرة" لابن هشام (2 /623- 624). ومنها ما ورد عند الحاكم من خبرته بالحرب وعلمه به. روى عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنهما، قال: «بعث رسول الله عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل، وفيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فلما انتهوا إلى مكان الحرب أمرهم عمرو أن لا ينوروا نارا، فغضب عمر وهم أن ينال منه، فنهاه أبو بكر رضي الله عنه، وأخبره أنه لم يستعمله رسول الله عليك إلا لعلمه بالحرب، فهدأ عنه عمر رضي الله عنه». أخرجه الحاكم (4357)، وقال فيه: «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه». ووافقه الذهبي. قال ابن حجر بعد أن نقل هذا الحديث: «فهذا السبب أصح إسنادا من الذي ذكره ابن إسحاق، لكن لا يمنع الجمع». "فتح الباري" لابن حجر (8 /75). الاختلاف على الإمارة: ذكر أهل السير والمغازي: أن أبا عبيدة لما قدم بالمدد أراد أن يؤم الناس للصلاة، فقال له عمرو: إنما قدمت علي مددا وأنا الأمير، فتنازع المسلمون، فقال المهاجرون: كلا، بل أنت أمير أصحابك وهو أمير أصحابه! فقال له عمرو: بل أنتم مدد لنا، وكان أبو عبيدة رجلًا سهلًا، حسن الخلق، لين الشيمة، هينًا عليه أمر الدنيا، فقال أبو عبيدة: يا عمرو، وتعلمن أن آخر ما عهد إلى رسول الله أن قال: إذا قدمت على صاحبك فتطاوعا ولا تختلفا، وإنك إن عصيتني أطعتك، قال: فإني الأمير عليك، وأنت مدد لي، قال: فدونك، فأطاع له بذلك أبو عبيدة، وكان عمرو يصلي بالناس. انظر: "المغازي" للواقدي (2 /771)، "السيرة" لابن هشام (2 /623- 624)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /131). طاعة الأمير: وفي هذه السرية أمر عمرو بن العاص أصحابه ألا يوقدوا نارا ولا يتبعوا من هرب من عدوهم، فأطاعوه في ذلك إلا أنه شق عليهم، حتى ذكروا ذلك لرسول الله لما رجعوا، فاستحسن رسول الله رأيه. روى قيس بن أبي حازم عن عمرو بن العاص: «أن رسول الله بعثه في ذات السلاسل، فسأله أصحابه أن يوقدوا نارًا، فمنعهم، فكلموا أبا بكر، فكلمه في ذلك، فقال: لا يوقد أحد منهم نارًا إلا قذفته فيها. قال: فلقوا العدو فهزموهم، فأرادوا أن يتبعوهم، فمنعهم، فلما انصرف ذلك الجيش ذكروا للنبي ، وشكوه إليه. فقال: يا رسول الله، إني كرهت أن آذن لهم أن يوقدوا نارا فيرى عدوهم قلتهم، وكرهت أن يتبعوهم فيكون لهم مدد فيعطفوا عليهم، فحمد رسول الله أمره، فقال: يا رسول الله، من أحب الناس إليك؟ قال: لم؟ قال: لأحب من تحب. قال: عائشة. قال: من الرجال؟ قال: أبو بكر». أخرجه ابن حبان (4540) وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه: «إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الحسن بن حماد الحضرمي، وهو ثقة، روى له أصحاب السنن غير الترمذي». والحديث كذلك أخرجه الترمذي مختصرًا (3886)، بنفس إسناد هذا الحديث، وقال فيه: «هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث إسماعيل، عن قيس». سؤال عمرو بن العاص لرسول الله من أحب الناس إليك؟ وبعد رجوع عمرو بن العاص من هذه السرية سأل رسول الله من أحب الناس إليك؟ روى خالد الحذاء، عن أبي عثمان: «أن رسول الله بعث عمرو بن العاص على جيش ذات السلاسل، قال: فأتيته، فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة، قلت: من الرجال؟ قال: أبوها، قلت: ثم من؟ قال: عمر، فعدَّ رجالًا، فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم». أخرجه البخاري (4358- 3662)، ومسلم (2384). صلاة عمرو بن العاص بأصحابه وهو على جنابة بعد أن تيمم وفي هذه السرية صلى عمرو بن العاص بأصحابه بعد أن تيمم من الجنابة، واجتهد لعلة البرد الشديد فأقره رسول الله على اجتهاده. روى عبد الرحمن بن جبير المصري، عن عمرو بن العاص قال: «احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت، ثم صليت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك للنبي فقال: يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعت الله يقول: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [ النساء: 29]، فضحك رسول الله ، ولم يقل شيئًا». أخرجه أبو داود (334)، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تخريجه: «حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات غير يحيى بن أيوب -وهو الغافقي المصري- فصدوق حسن الحديث، وقد توبع».

دروس وعِبَر

ذكر ابن حجر لحديث عمرو بن العاص في سؤاله رسول الله من أحب الناس إليك فوائد، منها: في الحديث جواز تأمير المفضول على الفاضل إذا امتاز المفضول بصفة تتعلق بتلك الولاية. فيها مزية أبي بكر على الرجال، وبنته عائشة على النساء. فيها منقبة لعمرو بن العاص لتأميره على جيش فيهم أبو بكر وعمر، وإن كان ذلك لا يقتضي أفضليته عليهم، لكن يقتضي أن له فضلا في الجملة. انظر: "فتح الباري" لابن حجر (8 /75).