البحث

عبارات مقترحة:

الكبير

كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...

القيوم

كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...

الأول

(الأوَّل) كلمةٌ تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...

سرية الخبط وأميرها أبو عبيدة

سرية قادها الصحابي الجليل أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، بعثه رسول الله في ثلاثمائة رجلًا ليتلقى عيرًا لقريش، وحملوا معهم تمرًا زادًا، ففني ما معهم فأكلوا الخبط، وابتاع قيس بن سعد جزرًا ونحرها لهم، حتى أخرج الله لهم دابة من البحر فأكلوا منه وصحّوا، وتزودوا ورجعوا إلى رسول الله .

اسمها

سرية الخبط، وقال البخاري في كتاب المغازي: «باب غزوة سِيف البحر». وقال ابن كثير: «سرية أبى عبيدة إلى سِيف البحر». "السيرة" لابن كثير (3 /521).

وقتها

اختلف أهل العلم في تاريخ هذه الغزوة: فذهب جل أهل السير والمغازي إلى أن سرية الخبط وأميرها أبو عبيدة بن الجراح كانت في رجب سنة ثمان من مقدم رسول الله المدينة. وممن ذهب إلى هذا الواقدي وابن سعد وابن سيد الناس. انظر: "المغازي" للواقدي (2 /774)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /132)، "عيون الأثر" لابن سيد الناس (2 /204)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 302). وذهب ابن حجر وابن القيم وغيرهما إلى أن هذه السرية كانت قبل صلح الحديبية وقبل عمرة القضاء. قال ابن حجر: «لكن تلقي عير قريش ما يتصور أن يكون في الوقت الذي ذكره ابن سعد في رجب سنة ثمان، لأنهم كانوا حينئذ في الهدنة، بل مقتضى ما في الصحيح أن تكون هذه السرية في سنة ست أو قبلها قبل هدنة الحديبية، نعم، يحتمل أن يكون تلقيهم للعير ليس لمحاربتهم بل لحفظهم من جهينة، ولهذا لم يقع في شيء من طرق الخبر أنهم قاتلوا أحدًا، بل فيه أنهم قاموا نصف شهر أو أكثر في مكان واحد، فالله أعلم». "فتح الباري" لابن حجر (8 /78). قال ابن القيم: «فإنه من حين صالح أهل مكة بالحديبية لم يكن يرصد لهم عيرًا، بل كان زمن أمن وهدنة إلى حين الفتح، ويبعد أن تكون سرية الخبط على هذا الوجه مرتين مرة قبل الصلح ومرة بعده، والله أعلم». "زاد المعاد" لابن القيم (3 /343- 344).

موقعها

بعث رسول الله أبا عبيدة بن الجراح إلى حي من جهينة بِالْقَبَلِيَّةِ مما يلي ساحل البحر، وبينها وبين المدينة خمس ليال، وهذا ما ذكره الواقدي وابن سعد. انظر: "المغازي" للواقدي (2 /774)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /132). وفي الصحيحين أنهم خرجوا ليتلقوا عيرًا لقريش، فأقاموا بالساحل، وكذا سيف البحر الوارد في الحديث هو ساحله. انظر: البخاري (4361)، ومسلم (1935).

عدد المسلمين

خرج أبو عبيدة بن الجراح إليهم في ثلاثمائة رجل من المهاجرين والأنصار. انظر: "المغازي" للواقدي (2 /774)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /132)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 302).

قائد المسلمين

أبو عبيدة بن الجراح

سببها

بعث رسول الله أبا عبيدة بن الجراح يتلقى عيرًا لقريش كما ورد في الصحيحين. قال جابر بن عبد الله: «بعثنا رسول الله ثلاثمائة راكب، أميرنا أبو عبيدة بن الجراح نرصد عير قريش. ..». أخرجه البخاري (4361)، ومسلم (1935). وقال الواقدي وابن سعد: بعثه رسول الله إلى حي من جهينة مما يلي ساحل البحر. انظر: "المغازي" للواقدي (2 /774)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /132)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 302). قال ابن حجر: «وهذا لايغاير ظاهره ما في الصحيح لأنه يمكن الجمع بين كونهم يتلقون عيرًا لقريش ويقصدون حيًا من جهينة، ويقوي هذا الجمع ما عند مسلم من طريق عبيد الله بن مقسم عن جابر قال: «بعث رسول الله بعثًا إلى أرض جهينة»، فذكر هذه القصة». "فتح الباري" لابن حجر (8 /78).

أحداثها

بعث رسول الله أبا عبيدة بن الجراح إلى ساحل البحر في ثلاثمائة رجل من المهاجرين والأنصار، فيهم عمر بن الخطاب، وزودهم جرابًا من تمر، فأصابهم في الطريق جوعٌ شديد، فلما فني تمرهم أكلوا الخبط. وابتاع قيس بن سعد جُزُرًا ونحرها لهم لما اشتد بهم الجوع. ثم ألقى لهم البحر حوتًا عظيمًا تسمى العنبر، فأكلوا منه وتزودوا ثم انصرفوا إلى المدينة، ولم يلقوا كيدًا. انظر: "المغازي" للواقدي (2 /774-)، "الطبقات الكبرى" لابن سعد (2 /132)، "فتح الباري" لابن حجر (8 /78- 81)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 302- 303). وقد ورد قصة ذلك في "الصحيحين": قال عمرو بن دينار: سمعت جابر بن عبد الله يقول: «بعثنا رسول الله ثلاث مائة راكب، أميرنا أبو عبيدة بن الجراح نرصد عير قريش، فأقمنا بالساحل نصف شهر، فأصابنا جوع شديد حتى أكلنا الخبط، فسمي ذلك الجيش جيش الخبط، فألقى لنا البحر دابة يقال لها العنبر، فأكلنا منه نصف شهر، وادهنا من ودكه حتى ثابت إلينا أجسامنا، فأخذ أبو عبيدة ضلعًا من أضلاعه، فنصبه فعمد إلى أطول رجل معه. قال سفيان: مرة ضلعًا من أضلاعه فنصبه وأخذ رجلًا وبعيرًا فمر تحته. قال جابر: وكان رجل من القوم نحر ثلاث جزائر، ثم نحر ثلاث جزائر، ثم نحر ثلاث جزائر، ثم إن أبا عبيدة نهاه. وكان عمرو يقول: أخبرنا أبو صالح، أن قيس بن سعد قال لأبيه: كنت في الجيش فجاعوا، قال انحر، قال: نحرت، قال: ثم جاعوا، قال: انحر، قال: نحرت، قال: ثم جاعوا، قال انحر، قال: نحرت، ثم جاعوا، قال: انحر، قال: نهيت». أخرجه البخاري (4361)، ومسلم (1935). روى وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنه قال: «بعث رسول الله بعثًا قبل الساحل، فأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح وهم ثلاث مائة، وأنا فيهم، فخرجنا حتى إذا كنا ببعض الطريق فني الزاد، فأمر أبو عبيدة بأزواد ذلك الجيش، فجمع ذلك كله، فكان مِزْوَدَيْ تمر، فكان يقوتنا كل يوم قليلًا قليلًا حتى فَنِيَ، فلم يكن يصيبنا إلا تمرة تمرة، فقلت: وما تغني تمرة؟ فقال: لقد وجدنا فقدها حين فنيت. قال: ثم انتهينا إلى البحر، فإذا حوت مثل الظرب، فأكل منه ذلك الجيش ثماني عشرة ليلة، ثم أمر أبو عبيدة بضلعين من أضلاعه فنصبا، ثم أمر براحلة فرحلت، ثم مرت تحتهما فلم تصبهما». أخرجه البخاري (2483). قال جابر: قال أبو عبيدة: «… فلما قدمنا المدينة ذكرنا ذلك للنبي فقال: كلوا، رزقًا أخرجه الله، أطعمونا إن كان معكم، فأتاه بعضهم فأكله». أخرجه البخاري (4362). وفي رواية أبي الزبير، عن جابر، قال: «بعثنا رسول الله وأمر علينا أبا عبيدة، نتلقى عيرًا لقريش، وزودنا جرابًا من تمر لم يجد لنا غيره، فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة، قال: فقلت: كيف كنتم تصنعون بها؟ قال: نمصها كما يمص الصبي، ثم نشرب عليها من الماء، فتكفينا يومنا إلى الليل، وكنا نضرب بعصينا الخبط، ثم نبله بالماء فنأكله، قال: وانطلقنا على ساحل البحر، فرفع لنا على ساحل البحر كهيئة الكثيب الضخم، فأتيناه فإذا هي دابة تدعى العنبر، قال: قال أبو عبيدة: ميتة، ثم قال: لا، بل نحن رسل رسول الله ، وفي سبيل الله، وقد اضطررتم فكلوا، قال: فأقمنا عليه شهرا ونحن ثلاث مائة حتى سمنا، قال: ولقد رأيتنا نغترف من وقب عينه بالقلال الدهن، ونقتطع منه الفدر كالثور، أو كقدر الثور، فلقد أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلًا، فأقعدهم في وقب عينه، وأخذ ضلعًا من أضلاعه فأقامها ثم رحل أعظم بعير معنا، فمر من تحتها وتزودنا من لحمه وشائق، فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله ، فذكرنا ذلك له، فقال: «هو رزق أخرجه الله لكم، فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا؟»، قال: فأرسلنا إلى رسول الله منه فأكله». أخرجه مسلم (1935).

نتيجتها

كانت السرية شاقةً على المسلمين، فني ما معهم من الزاد حتى أكلوا الخبط، حتى بعث الله لهم دابة من البحر، ولم يلقوا كيدًا ورجعوا إلى المدينة.

دروس وعِبَر

ذكر ابن حجر فوائد لحديث جابر في جيش الخبط، منها: مشروعية المواساة بين الجيش عند وقوع المجاعة. وأن الاجتماع على الطعام يستدعي البركة فيه. وقد اختلفوا في سبب نهي أبي عبيدة قيسًا أن يستمر على إطعام الجيش فقيل لخشية أن تفنى حمولتهم، وفيه نظر؛ لأن القصة أنه اشترى من غير العسكر، وقيل: لأنه كان يستدين على ذمته، وليس له مال، فأريد الرفق به، وهذا أظهر، والله أعلم. انظر: "فتح الباري" لابن حجر (8 /81- 82). ذكر ابن القيم ما يستنبط من الفقه من حديث جابر في جيش الخبط، منها: وفيها: جواز أكل ورق الشجر عند المخمصة وكذلك عشب الأرض. وفيها: جواز نهي الإمام وأمير الجيش للغزاة عن نحر ظهورهم وإن احتاجوا إليه خشية أن يحتاجوا إلى ظهرهم عند لقاء عدوهم، ويجب عليهم الطاعة إذا نهاهم. وفيها: جواز أكل ميتة البحر وأنها لم تدخل في قوله عز وجل: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ﴾ [المائدة: 3] [المائدة: 3] ، وقد قال تعالى: ﴿أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم﴾ [المائدة: 96] [المائدة: 5] ، وقد صح عن أبي بكر الصديق، وعبد الله بن عباس، وجماعة من الصحابة، أن صيد البحر ما صيد منه وطعامه ما مات فيه. وفيها دليل على جواز الاجتهاد في الوقائع في حياة النبي وإقراره على ذلك، لكن هذا كان في حال الحاجة إلى الاجتهاد، وعدم تمكنهم من مراجعة النص. انظر: "زاد المعاد" لابن القيم (3 /344- 347).