البحث

عبارات مقترحة:

القدوس

كلمة (قُدُّوس) في اللغة صيغة مبالغة من القداسة، ومعناها في...

الطيب

كلمة الطيب في اللغة صيغة مبالغة من الطيب الذي هو عكس الخبث، واسم...

الغفار

كلمة (غفّار) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (غَفَرَ يغْفِرُ)،...

سرية قيس بن سعد إلى صداء

سرية قادها الصحابي الجليل قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنه، بعثه رسول الله إلى ناحية اليمن، في أربعمائة فارس، وأمره أن يطأ صُدَاء، فقدم زياد بن الحارث الصدائي، فسأل عن ذلك البعث، فأُخْبِرَ، فقال: يا رسول الله، اردد الجيش، وأنا لك بقومي، فردهم النبي فأسلموا وفشا فيهم الإسلام، وفي هذه الغزوة اتخذ النبي زيادًا مؤذنًا.

اسمها

سرية قيس بن سعد إلى صُدَاء، وذكر ابن سعد وابن سيد الناس وابن القيم هذه السرية مع الوفود، فقالوا: وفد صُدَاء، ولم يذكرها بين السرايا إلا مغلطاي. انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (1 /326)، "عيون الأثر" لابن سيد الناس (2 /318)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 324)، "زاد المعاد" لابن القيم (3 /580).

وقتها

كانت سرية قيس بن سعد بن عبادة إلى صُدَاء ناحية اليمن بعد انصرافه من الجعرانة، سنة ثمان من مقدم رسول الله المدينة. انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (1 /326)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 324)، "زاد المعاد" لابن القيم (3 /580).

موقعها

بعث رسول الله قيس بن سعد بن عبادة إلى ناحية اليمن، وأمره أن يطأ صُدَاء، فعسكر بناحية قناة. وصُدَاء؛ بالضم والمدّ: مخلاف باليمن بينه وبين صنعاء اثنان وأربعون فرسخا، سمي باسم القبيلة، وهو يزيد بن حرب بن علة. "معجم البلدان" للحموي (3 /397). وقَنَاة؛ بالفتح: واد بالمدينة، وهي أحد أوديتها الثلاثة عليه حرث ومال، وقد يقال وادي قناة، والقناة: آبار تحفر تحت الأرض ويخرق بعضها إلى بعض حتى تظهر على وجه الأرض كالنهر. "معجم البلدان" للحموي (4 /401).

عدد المسلمين

خرج قيس بن سعد إليهم في أربعمائة من المسلمين. انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (1 /326)، "عيون الأثر" لابن سيد الناس (2 /318)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 324)، "زاد المعاد" لابن القيم (3 /580).

قائد المسلمين

قيس بن سعد بن عبادة

سببها

وسبب ذلك أن رسول الله بعد انصرافه من الجعرانة كان يبعث البعوث للدعوة إلى الإسلام، وهيأ بعثا إلى اليمن، واستعمل عليهم قيس بن سعد بن عبادة. انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (1 /326)، "عيون الأثر" لابن سيد الناس (2 /318)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 324)، "زاد المعاد" لابن القيم (3 /580).

أحداثها

لما انصرف رسول الله من الجعرانة بعث قيس بن سعد بن عبادة إلى ناحية اليمن، وأمره أن يطأ صُدَاء، فعسكر بناحية قناة في أربعمائة من المسلمين، وقدم رجل من صُدَاء، فسأل عن ذلك البعث، فأُخْبِر بهم، فخرج سريعا حتى ورد على رسول الله ، فقال: جئتك وافدا على من ورائي فاردد الجيش وأنا لك بقومي، فردهم رسول الله فقدم منهم بعد ذلك على رسول الله خمسة عشر رجلا، فقال سعد بن عبادة: يا رسول الله، دعهم ينزلوا علي، فنزلوا عليه، فحباهم وأكرمهم وكساهم، ثم راح بهم إلى النبي ، فأسلموا وبايعوا رسول الله على من وراءهم من قومهم ورجعوا إلى بلادهم ففشا فيهم الإسلام، فوافى النبي مائة رجل منهم في حجة الوداع. وذكر أهل السير من حديث زياد بن الحارث الصدائي أنه هو الذي قدم على رسول الله ، فقال له: اردد الجيش وأنا لك بقومي فردهم، قال زياد: «وقدم قومي عليه، فقال: يا أخا صُدَاء! إنك لمطاع في قومك. قال: قلت: بل من الله ومن رسوله». وهو الذي أمره رسول الله في سفر أن يؤذن فأذن، ثم جاء بلال ليقيم، فقال رسول الله : «إن أخا صُدَاء قد أذن، ومن أذن فهو يقيم». انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (1 /326)، "عيون الأثر" لابن سيد الناس (2 /318- 320)، "الإشارة إلى سيرة المصطفى وتاريخ من بعده من الخلفاء" لمغلطاي (ص 324- 325)، "زاد المعاد" لابن القيم (3 /580- 582).

نتيجتها

رجع القوم الذين خرجوا إلى صٌدَاء، لمّا أخبرهم زياد بن الحارث أنه سيأتي بهم، فأتوا فأسلموا، وفشا الإسلام فيهم. اتخذ رسول الله زياد بن الحارث مؤذنا.

أحداث متعلقة

وكان زياد بن الحارث الصدائي هذا مع رسول الله في بعض أسفاره. روى ابن سيد الناس، فقال: «فاعتشى رسول الله أي سار ليلا، واعتشينا معه، وكنت رجلا قويا، قال: فجعل أصحابه يتفرقون عنه، ولزمت غرزه، فلما كان في السحر قال: أذن يا أخا صُدَاء فأذنت على راحلتي، ثم سرنا حتى نزلنا، فذهب لحاجته ثم رجع فقال: يا أخا صُدَاء هل معك ماء؟ قلت: معي شيء في إداوتي، قال: هاته، فجئت به، فقال: صب، فصبت ما في الأدواة في القعب، وجعل أصحابه يتلاحقون، ثم وضع كفه على الإناء، فرأيت بين كل أصبعين من أصابعه عينا تفور، ثم قال: يا أخا صُدَاء، لولا أني أستحيي من ربي عز وجل لسقينا واستقينا، ثم توضأ وقال: أذن في أصحابي، من كانت له حاجة بالوضوء فليرد، قال: فوردوا من آخرهم، ثم جاء بلال يقيم، فقال رسول الله إن أخا صُدَاء أذن، ومن أذن فهو يقيم، فأقمت، ثم تقدم رسول الله فصلى بنا، وكنت سألته قبل أن يؤمرني على قومي ويكتب لي بذلك كتابا ففعل، فلما سلم، يريد من صلاته، قام رجل يتشكى من عامله، فقال: يا رسول الله، إنه أخذنا بذحول كانت بيننا وبينه في الجاهلية، فقال رسول الله : لا خير في الإمارة لرجل مسلم، ثم قام رجل فقال: يا رسول الله أعطني من الصدقة، فقال رسول الله : إن الله لم يكل قسمها إلى ملك مقرب ولا نبي مرسل حتى جزأها على ثمانية أجزاء، فإن كنت جزءا منها أعطيتك، وإن كنت غنيا عنها فإنما هو صداع في الرأس، وداء في البطن فقلت في نفسي، هاتان خصلتان حين سألت الإمارة وأنا رجل مسلم، وسألته من الصدقة وأنا غني عنها، فقلت: يا رسول الله هذان كتاباك فاقبلهما، فقال رسول الله : قلت: إني سمعتك تقول لا خير في الإمارة لرجل مسلم وأنا مسلم، وسمعتك تقول من سأل من الصدقة وهو عنها غني فإنما هو صداع في الرأس وداء في البطن وأنا غني، فقال رسول الله أما إن الذين قلت كما قلت، فقبلهما رسول الله ثم قال: دلني على رجل من قومك أستعمله فدللته على رجل منهم، فاستعمله، قلت: يا رسول الله إن لنا بئرا إذا كان الشتاء كفانا ماؤها، وإذا كان الصيف قل علينا فتفرقنا على المياه، والإسلام اليوم فينا قليل، ونحن نخاف، فادع الله عز وجل لنا في بئرنا، فقال رسول الله : ناولني سبع حصيات، فناولته، فعركهن بيده ثم دفعهن إلي وقال: إذا انتهيت إليها فالق فيها حصاة حصاة وسم الله، قال: ففعلت، فما أدركنا لها قعرا حتى الساعة». "عيون الأثر" لابن سيد الناس (2 /319- 320).

دروس وعِبَر

ذكر ابن القيم دروسا وفقها مستفادة من هذه الغزوة، وهي: ففيها: استحباب عقد الألوية والرايات للجيش، واستحباب كون اللواء أبيض، وجواز كون الراية سوداء من غير كراهة. وفيها: قبول خبر الواحد، فإن النبي رد الجيش من أجل خبر الصدائي وحده. وفيها: جواز سير الليل كله في السفر إلى الأذان، فإن قوله اعتشى، أي: سار عشية، ولا يقال لما بعد نصف الليل. وفيها: جواز الأذان على الراحلة. وفيها: طلب الإمام الماء من أحد رعيته للوضوء، وليس ذلك من السؤال. وفيها: أنه لا يتيمم حتى يطلب الماء فيعوزه. وفيها: المعجزة الظاهرة بفوران الماء من بين أصابعه لما وضعها فيه أمده الله به وكثره حتى جعل يفور من خلال الأصابع الكريمة، والجهال تظن أنه كان يشق الأصابع، ويخرج من خلال اللحم والدم، وليس كذلك وإنما بوضعه أصابعه فيه حلت فيه البركة من الله والمدد، فجعل يفور حتى خرج من بين الأصابع، وقد جرى له هذا مرارا عديدة بمشهد أصحابه. وفيها: أن السنة أن يتولى الإقامة من تولى الأذان، ويجوز أن يؤذن واحد ويقيم آخر، كما ثبتت في قصة عبد الله بن زيد: أنه لما رأى الأذان وأخبر به النبي قال: «ألقه على بلال، فألقاه عليه، ثم أراد بلال أن يقيم، فقال عبد الله بن زيد: يا رسول الله، أنا رأيت، أريد أن أقيم، قال: فأقم، فأقام هو، وأذن بلال»، ذكره الإمام أحمد رحمه الله. وفيها: جواز تأمير الإمام وتوليته لمن سأله ذلك إذا رآه كفئا، ولا يكون سؤاله مانعا من توليته، ولا يناقض هذا قوله في الحديث الآخر: «إنا لن نولي على عملنا من أراده»، فإن الصدائي إنما سأله أن يؤمره على قومه خاصة، وكان مطاعا فيهم محببا إليهم، وكان مقصوده إصلاحهم ودعاءهم إلى الإسلام، فرأى النبي أن مصلحة قومه في توليته فأجابه إليها، ورأى أن ذلك السائل إنما سأله الولاية لحظ نفسه ومصلحته هو فمنعه منها، فولى للمصلحة ومنع للمصلحة، فكانت توليته لله ومنعه لله. وفيها: جواز شكاية العمال الظلمة ورفعهم إلى الإمام، والقدح فيهم بظلمهم، وأن ترك الولاية خير للمسلم من الدخول فيها، وأن الرجل إذا ذكر أنه من أهل الصدقة أعطي منها بقوله ما لم يظهر منه خلافه. ومنها: أن الشخص الواحد يجوز أن يكون وحده صنفا من الأصناف لقوله: «إن الله جزأها ثمانية أجزاء فإن كنت جزءا منها أعطيتك». ومنها: جواز إقالة الإمام لولاية من ولاه إذا سأله ذلك. ومنها: استشارة الإمام لذي الرأي من أصحابه فيمن يوليه. ومنها: جواز الوضوء بالماء المبارك، وأن بركته لا توجب كراهة الوضوء منه، وعلى هذا فلا يكره الوضوء من ماء زمزم، ولا من الماء الذي يجري على ظهر الكعبة. والله أعلم. انظر: "زاد المعاد" لابن القيم (3 /582- 583).