البحث

عبارات مقترحة:

الأعلى

كلمة (الأعلى) اسمُ تفضيل من العُلُوِّ، وهو الارتفاع، وهو اسمٌ من...

الوهاب

كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...

الرقيب

كلمة (الرقيب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

معركة سبيطلة

في السنة السابعة والعشرين من الهجرة سار عبد الله بن سعد بن أبي السرح إلى إفريقية، فلما بلغ الروم خبر المسلمين تجهز جرجير وكان ملكهم من طرابلس إلى طنجة، وجمع العساكر وأهل البلاد، فبلغ عسكره مائة ألف وعشرين ألف فارس، والتقى هو والمسلمون بمدينة سُبَيْطِلَة، وراسله عبد الله ابن أبي السرح يدعوه إلى الإسلام أو الجزية، فامتنع منهما، وانقطع خبر المسلمين عن عثمان، فسيّر عبد الله بن الزبير في جماعة إليهم، فلما رأى ابن الزبير أن الحرب قد طالت دون غلبة احتال لهم، فحارب بنصف الجيش الأول إلى أول النهار حتى الزوال، ولما تحاجز الجيشان هجم بغتة بالنصف الاخر، فكانت الهزيمة وقتل جرجير وفتحت مدينة سُبَيْطِلَة، غَنِم المسلمون غنائم كثيرة وسبيًا عظيمًا، وبعث عبد الله بالبشارة والفتح وبخمس إفريقية إلى عثمان رضي الله عنه.

اسم المعركة

معركة سُبَيْطِلَة.

وقتها

ذكره أهل السير والمغازي من أحداث السنة السابعة والعشرين من الهجرة سنة 27ه /647م، في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه. انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (2 /463)، "تاريخ الإسلام" للذهبي (2 /176)، "البداية والنهاية" لابن كثير (7 /152).

موقعها

وقعت المعركة ببلد يقال له سُبَيْطِلَة في تونس؛ بضم أوّله، وفتح ثانيه، وياء مثناة من تحت، وطاء مكسورة، ولام: مدينة على يومين من القيروان. قال الحموي: «مدينة من مدن إفريقية وهي كما يزعمون مدينة جرجير الملك الرومي، وبينها وبين القيروان سبعون ميلًا». "معجم البلدان" لياقوت الحموي (3 /183). انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (2 /463)، "البداية والنهاية" لابن كثير (7 /152).

الطرف الأول

جيش المسلمين بقيادة عبدالله بن سعد بن أبي السرح.

الطرف الثاني

جيش الروم بقيادة جرجير.

سببها

كان سبب معركة سُبَيْطِلَة رغبة الجيش الإسلامي في نشر دعوة الإسلام واستكمال دائرة الفتوحات الإسلامية في بلاد إفريقية. انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (2 /463)، "تاريخ الإسلام" للذهبي (2 /176)، "البداية والنهاية" لابن كثير (7 /152).

أحداثها

أرسل عبد الله بن سعد بن أبي السرح إلى عثمان في غزو إفريقية، والاستكثار من الجموع عليها وفتحها، فاستشار عثمان من عنده من الصحابة، فأشار أكثرهم بذلك، فجهز إليه العساكر من المدينة، وفيهم جماعة من أعيان الصحابة، منهم عبد الله بن عباس وغيره، فسار بهم عبد الله بن أبي السرح إلى إفريقية. فلما وصل عبد الله بن أبي السرح إلى برقة لقيهم عقبة بن نافع فيمن معه من المسلمين، وكانوا بها، وساروا إلى طرابلس الغرب فنهبوا من عندها من الروم، ثم ساروا نحو إفريقية وبث ابن أبي السرح السرايا في كل ناحية، وكان ملكهم اسمه جرجير، ومُلْكُه من طرابلس إلى طنجة، وكان هرقل ملك الروم قد ولاه إفريقية، فهو يحمل إليه الخراج كل سنة، فلما بلغه خبر المسلمين تجهز وجمع العساكر وأهل البلاد، فبلغ عسكره مائة ألف وعشرين ألف فارس، والتقى هو والمسلمون بمدينة سُبَيْطِلَة، وهذه المدينة كانت ذلك الوقت دار الملك، فأقاموا هناك يقتتلون كل يوم، وراسله عبد الله بن أبي السرح يدعوه إلى الإسلام أو الجزية، فامتنع منهما وتكبر عن قبول أحدهما. وانقطع خبر المسلمين عن عثمان، فسيّر عبد الله بن الزبير في جماعة إليهم ليأتيه بأخبارهم، فسار مُجِدًّا ووصل إليهم وأقام معهم، ولما وصل كثر الصياح والتكبير في المسلمين، فسأل جرجير عن الخبر فقيل: قد أتاهم عسكر، ففت ذلك في عضده. رأى عبد الله بن الزبير قتال المسلمين كل يوم من بكرة إلى الظهر، فإذا أذن الظهر عاد كل فريق إلى خيامه، وشهد القتال من الغد فلم ير ابن أبي سرح معهم، فسأل عنه، فقيل إنه سمع منادي جرجير يقول: من قتل عبد الله بن سعد فله مائة ألف دينار وأزوجه ابنتي، وهو يخاف، فحضر عنده وقال له: تأمر مناديا ينادي: من أتاني برأس جرجير نفلته مائة ألف وزوجته ابنته واستعملته على بلاده. ففعل ذلك، فصار جرجير يخاف أشد من عبد الله، ثم إن عبد الله بن الزبير قال لعبد الله بن أبي السرح: إن أمرنا يطول مع هؤلاء، وهم في أمداد متصلة وبلاد هي لهم، ونحن منقطعون عن المسلمين وبلادهم، وقد رأيت أن نترك غدا جماعة صالحة من أبطال المسلمين في خيامهم متأهبين، ونقاتل نحن الروم في باقي العسكر إلى أن يضجروا ويملوا، فإذا رجعوا إلى خيامهم ورجع المسلمون ركب من كان في الخيام من المسلمين، ولم يشهدوا القتال وهم مستريحون، ونقصدهم على غرة، فلعل الله ينصرنا عليهم، فأحضر جماعة من أعيان الصحابة واستشارهم فوافقوه على ذلك. فلما كان الغد فعل عبد الله ما اتفقوا عليه، وأقام جميع شجعان المسلمين في خيامهم، وخيولهم عندهم مسرجة، ومضى الباقون فقاتلوا الروم إلى الظهر قتالا شديدا، فلما أذن بالظهر همّ الروم بالانصراف على العادة، فلم يمكنهم ابن الزبير وألح عليهم بالقتال حتى أتعبهم، ثم عاد عنهم هو والمسلمون، فكل من الطائفتين ألقى سلاحه ووقع تعبا، فعند ذلك أخذ عبد الله بن الزبير من كان مستريحا من شجعان المسلمين، وقصد الروم، فلم يشعروا بهم حتى خالطوهم، وحملوا حملة رجل واحد وكبروا، فلم يتمكن الروم من لبس سلاحهم، حتى غشيهم المسلمون وقُتِل جرجير، قتله ابن الزبير، وانهزم الروم، وقُتِل منهم مقتلة عظيمة، وأخذت ابنة الملك جرجير سبية، ونزل عبد الله بن أبي السرح المدينة، فحاصرها حتى فتحها، ورأى فيها من الأموال ما لم يكن في غيرها، فكان سهم الفارس ثلاثة آلاف دينار وسهم الراجل ألف دينار. قال عبد الله بن الزبير: فنظرت إلى الملك جرجير من وراء الصفوف وهو راكب على برذون، وجاريتان تظلانه بريش الطواويس، فذهبت إلى عبد الله بن سعد بن أبي سرح فسألته أن يبعث معي من يحمي ظهري وأقصد الملك، فجهز معي جماعة من الشجعان، قال فأمر بهم فحموا ظهري وذهبت حتى خرقت الصفوف إليه- وهم يظنون أني في رسالة إلى الملك- فلما اقتربت منه أحس مني الشر ففر على برذونه، فلحقته فطعنته برمحي، وذففت عليه بسيفي، وأخذت رأسه فنصبته على رأس الرمح وكبرت، فلما رأى ذلك البربر فرقوا وفروا كفرار القطا، وأتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون. "البداية والنهاية" لابن كثير (7 /152). ولما فتح عبد الله مدينة سُبَيْطِلَة بث جيوشه في البلاد فبلغت قفصة، فسبوا وغنموا، وسير عسكرًا إلى حصن الأجم، وقد احتمى به أهل تلك البلاد، فحصره وفتحه بالأمان، فصالحه أهل إفريقية على ألفي ألف وخمسمائة ألف دينار، ثم إن عبد الله بن أبي السرح عاد من إفريقية إلى مصر، وكان مقامه بإفريقية سنة وثلاثة أشهر، ولم يفقد من المسلمين إلا ثلاثة نفر، وبعث عبد الله بالبشارة والفتح وبخمس إفريقية إلى المدينة إلى عثمان رضي الله عنه. انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (2 /463- 464)، "تاريخ الإسلام" للذهبي (2 /176)، "البداية والنهاية" لابن كثير (7 /152).

نتيجتها

انتصر المسلمين على الروم وفتحت افريقية، وانهزم الروم وقتل قائدهم جرجير. غَنِم المسلمون في معركة سُبَيْطِلَة غنائم كثيرة وسبيًا عظيمًا، رأى عبد الله بن أبي السرح في مدينة سُبَيْطِلَة من الأموال ما لم يكن في غيرها، فكان سهم الفارس ثلاثة آلاف دينار وسهم الراجل ألف دينار، وعاد عبدالله بن الزبير إلى عثمان يُبشِّره بالنصر والفتح. تتابعت الفتوحات في المنطقة بعد فتح سُبَيْطِلَة، وفتح المسلمون قفصة، وسارع شيوخ القبائل حول سُبَيْطِلَة للصلح مع المسلمين، فقد صالحه أهل حصن الأجم، وفرض المسلمون الجزية على من لم يبتغِ الدخول في الإسلام. انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (2 /464)، "تاريخ الإسلام" للذهبي (2 /176)، "البداية والنهاية" لابن كثير (7 /152).