البحث

عبارات مقترحة:

الحافظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحافظ) اسمٌ...

الله

أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...

العالم

كلمة (عالم) في اللغة اسم فاعل من الفعل (عَلِمَ يَعلَمُ) والعلم...

معركة نهر السند

وفي خلافة الوليد بن عبد الملك كان الحجاج قد استعمل ابن عمه محمد بن القاسم الثقفي في ثغر إقليم السند، وسير معه ستة آلاف مقاتل، وكان ملك السند يومئذ داهر، سار محمد بن القاسم وهو يفتح كل بلد يمر في طريقه حتى وصل الدبيل، فخندق بها ونصب منجنيقا يقال له العروس، فحاصر أهلها، وحطم صنمهم الكبير بُدٌّ، وهزمهم حتى ردهم إلى البلد، وهرب عامل داهر عنها، ثم سار محمد حتى أتى نَهْرِ مِهْرَانَ، وبلغ خبره داهر، فاستعد لمحاربته، وجمع جيشا وعقد جسرا وكمن بجيشه، فعبر محمد مِهْرَانَ على الطرف الثاني من النهر مما يلي الملك، فلقي داهر على فيل وحوله الفيلة، ومعه التكاكرة، فاقتتلوا قتالا شديدا لم يسمع بمثله، وترجل داهر، فقُتِل عند المساء، ثم انهزم الكفار، وقتلهم المسلمون كيف شاءوا، واستمر محمد بن القاسم في فتوحاته لبقية أجزاء بلاد السند، حتى دانت له بلاد السند، ونشر الإسلام في ربوعه، وغنم المسلمون منهم غنائم كثيرة، وبعث محمد من الخمس بمائة وعشرين ألف ألف، وكانت النفقة نصفها.

اسم المعركة

معركة نهر السند.

وقتها

اختلف أهل السير والمغازي في وقت هذه المعركة، فذكره الطبري وابن الجوزي وابن كثير من أحداث سنة تسعين من الهجرة، وذكره ابن الأثير من أحداث سنة تسعة وثمانين، في خلافة الوليد بن عبدالملك الأموي. انظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري (6 /442)، "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي (6 /294)، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (4 /18)، "البداية والنهاية" لابن كثير (9 /77)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 73).

موقعها

وقعت معركة نهر السند على نهر مِهْرَان. قال الحموي: «مِهْرَان: موضع لنهر السند، قال حمزة: وأصله بالفارسية مِهْرَان روذ، وهو واد يقبل من الشرق آخذا على جهة الجنوب متوجها إلى جهة المغرب حتى يقع في أسفل السند، ويصبّ في بحر فارس، وهو نهر عظيم بقدر دجلة، تجري فيه السفن، ويسقي بلادا كثيرة ويصب في البحر عند الدّيبل. قال الإصطخري: وبلغني أن مخرج مهران من ظهر جبل يخرج منه بعض أنهار جيحون فيظهر مهران بناحية الملتان على حد سمندور والرور ثم على المنصورة ثم يقع في البحر شرقي الدّيبل، وهو نهر كبير عذب جدّا. ويقال: إن فيه تماسيح مثل ما في النيل وهو مثله في الكبر وجريه مثل جريه ويرتفع على وجه الأرض ثم ينضب فيزرع عليه مثل ما يزرع بأرض مصر، والسندروذ: نهر آخر هناك». "معجم البلدان" لياقوت الحموي (5 /232). وإقليم السند: هو الإقليم الشمالي الغربي من شبه القارة الهندية، ذكر الحموي ان السِّنْد: بلاد بين بلاد الهند وكرمان وسجستان، وبعضهم يجعل مكران الواقعة في جنوب فارس منها، ويقول: هي خمس كور، فأوّلها من قبل كرمان مكران ثمّ طوران ثمّ السند ثمّ الهند ثمّ الملتان، وقصبة السند: مدينة يقال لها المنصورة، ومن مدنها ديبل، وهي على ضفة بحر الهند والتيز، وهي أيضا على ساحل البحر فتحت في أيّام الحجاج بن يوسف، ومذهب أهلها الغالب عليها مذهب أبي حنيفة. انظر: "معجم البلدان" لياقوت الحموي (3 /267)، "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم" للمقدسي البشاري (ص 474)، " السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي" لعبد الشافي عبد اللطيف (ص 255).

الطرف الأول

جيش المسلمين بقيادة محمد بن القاسم الثقفي، ومعه ستة آلاف مقاتل.

الطرف الثاني

جيش الهنود بقيادة ملك السند، ومعه أكثر من مائة ألف مقاتل مع عدد كبير من الفيلة.

سببها

كان سبب معركة نهر السند رغبة الجيش الإسلامي في نشر دعوة الإسلام، وتوسيع دائرة الفتوحات الإسلامية في إقليم السند. انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (4 /18)، "تاريخ ابن خلدون" (3 /76- 77)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 73).

أحداثها

استعمل الحجاج محمد بن القاسم الثقفي ليقود الجيش الإسلامي في ثغر بلاد السند، وسير معه ستة آلاف مقاتل، وجهزه بكل ما يحتاج إليه حتى المسال والإبر والخيوط، وكان ملك السند يومئذ دَاهِرَ بْنَ صَصَّةَ على قول الطبري وابن كثير وابن خلدون، وذَاهِرَ بْنَ صَعْصَعَةَ على قول ابن الأثير، فسار محمد إلى مُكْرَان، فأقام بها أياما، ثم أتى قَنَّزْبُور ففتحها. ثم سار إلى أَرْمَائِيل ففتحها، ثم سار إلى الدَّيْبُل، فقدمها يوم جمعة، ووافته سفن كان حمل فيها الرجال والسلاح والأداة، فخندق حين نزل الدَّيْبُل، وأنزل الناس منازلهم، ونصب منجنيقا يقال له العروس، كان يمد به خمسمائة رجل، وكان بالدَّيْبُلِ صنم في بناء عظيم يدعى البُدٌّ، تحت منارة عظيمة مرتفعة، وفي رأس المنارة دَقَلٌ عظيم، وعلى الدَقَل راية حمراء، إذا هبت الريح أطافت بالمدينة، وكانت تدور، وكل ما يعبد فهو عندهم بُدّ، فحاصرها وطال حصارها، فرمى الدقل بحجر العروس فكسره، فتطير الكفار بذلك، ثم إن محمدا أتى وناهضهم وقد خرجوا إليه، فهزمهم حتى ردهم إلى البلد، وأمر بالسلاليم فنصبت، وصعد عليها الرجال، وكان أولهم صعودا رجل من مراد من أهل الكوفة، ففتحت عنوة، وقتل فيها ثلاثة أيام، وهرب عامل داهر عنها، وأنزلها محمد أربعة آلاف من المسلمين، وبنى جامعها. وسار محمد عنها إلى الْبِيرُونَ، وكان أهلها بعثوا إلى الحجاج فصالحوه، فلقوا محمدا بالْمِيرَةِ وأدخلوه مدينتهم، وسار عنها، وجعل لا يمر بمدينة إلا فتحها حتى عبر نهرا دون مِهْرَانَ، فأتاه أهل سَرْبَيْدِسَ فصالحوه، ووظف عليهم الخراج، وسار عنهم إلى سَهْبَانَ ففتحها، ثم سار إلى نَهْرِ مِهْرَانَ فنزل في وسطه. وبلغ خبره داهر، فاستعد لمحاربته، وبعث جيشا إلى سَدُوسْتَانَ، فطلب أهلها الأمان والصلح، فآمنهم ووظف عليهم الخراج، ثم أتى محمد نهر مِهْرَانَ، وكان قد عقد داهر الجسر على النهر وهو مستخف به، فعبر إليه محمد، ولقيه والمسلمون وهو على فيل وحوله الفيلة، ومعه التكاكرة، فاقتتلوا قتالا شديدا لم يسمع بمثله، وترجل داهر، فقُتِل عند المساء، ثم انهزم الكفار، وقتلهم المسلمون كيف شاءوا. ولما قتل داهر استمر محمد بن القاسم في فتوحاته لبقية أجزاء بلاد السند، وغلب على بلاد السند، وفتح مدينة راور عنوة، وكان بها امرأة لداهر، فخافت أن تؤخذ، فأحرقت نفسها وجواريها وجميع مالها، وفتح بِرْهَمِنْابَاذَ الْعَتِيقَةَ، وصالح أَهْلُ سَاوَنْدَرَى وأهل بِسَمْدَ وأهل الرُّورَ، وفتح السِّكَّةِ، ثم قطع نهر بياس إلى الملتان، فقاتله أهلها وانهزموا، فحاصرهم محمد، فجاءه إنسان ودله على قطع الماء الذي يدخل المدينة فقطعه، فعطشوا فألقوا بأيديهم ونزلوا على حكمه، فقتل المقاتلة، وسبى الذرية وسدنة البد، وهم ستة آلاف، وأصابوا ذهبا كثيرا، فجمع في بيت طوله عشرة أذرع وعرضه ثمانية أذرع يلقى إليه من كوة في وسطه، فسميت الملتان: فرج بيت الذهب، والفرج الثغر، وكان بد الملتان تهدى إليه الأموال، ويحج من البلاد، ويحلقون رءوسهم ولحاهم عنده، ويزعمون أن صنمه هو أيوب النبي . ثم استكمل محمد فتح السند وبعث من الخمس بمائة وعشرين ألف ألف وكانت النفقة نصفها. انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (4 /18- 20)، "تاريخ ابن خلدون" (3 /76- 77)، "الأعلام" للزركلي (6 /333)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 73).

نتيجتها

التقى الفريقان واقتتلوا قتالا شديدا لم يسمع بمثله، وترجل داهر فقاتل حتى قتل، وانهزم الكفار، واستلحمهم المسلمون، ولحقت امرأة داهر بمدينة راور فساروا إليها وخافته، فأحرقت نفسها وجواريها. استكمل محمد فتح السند، وغنم المسلمون منهم غنائم كثيرة، وبعث من الخمس بمائة وعشرين ألف ألف، وكانت النفقة نصفها. كانت المعركة انتصارا عظيما محققا للمسلمين وأظهرت قوتهم ومكنتهم من بلاد السند. انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (4 /18- 20)، "تاريخ ابن خلدون" (3 /76- 77)، "الأعلام" للزركلي (6 /333)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 73).