البحث

عبارات مقترحة:

الرزاق

كلمة (الرزاق) في اللغة صيغة مبالغة من الرزق على وزن (فعّال)، تدل...

الباطن

هو اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (الباطنيَّةِ)؛ أي إنه...

المتعالي

كلمة المتعالي في اللغة اسم فاعل من الفعل (تعالى)، واسم الله...

فتح صقلية

وفي سنة اثنتي عشرة ومائتين من الهجرة سيّر زيادة الله أمير إفريقية مع أسد بن الفرات جيشا إلى جزيرة صِقِلِّيَّة، فلما وصلوا المسلمون إليها ملكوا كثيرا من الجزيرة، واستولوا على عدة حصون منها، حاصروا سرقوسة، وتسلموا حصن مدينة ميلانو، وحصن جرجنت، وحاصروا مدينة قَصْرِيَانَّة، ثم أصيب المسلمين بعدة نكسات، وانتشر الوباء فيهم وقاربوا على الهلاك إلى أن دخلت سنة أربع عشرة ومائتين فوصل إلى المسلمين المدد من أهل إفريقيا والأندلس، وفكوا الحصار عنهم، ثم حاصر المسلمون بَلَرْم، وفتحوها سنة ست عشرة ومائتين، ثم فتحوا قَصْرِيَانَّة بعد معارك عنيفة، ودامت المعارك على صِقِلِّيَّة سنين مديدة وحروبا عديدة، إلى أن كان آخرها فتح العباس بن الفضل سنة 244ه.

اسم المعركة

فتح صِقِلِّيَّة.

وقتها

ذكره أهل السير والمغازي من أحداث سنة اثنتي عشرة ومائتين من الهجرة 212ه /827م، في ربيع الأول، في خلافة المأمون عبد الله بن هارون الرشيد العباسي. انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (5 /489)، "تاريخ ابن خلدون" (4 /253)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 90).

موقعها

فتح المسلمون صِقِلِّيَّة. قال الحموي: «بثلاث كسرات وتشديد اللام والياء أيضا مشددة، وبعض يقول بالسين، وأكثر أهل صِقِلِّيَّة يفتحون الصاد واللام: من جزائر بحر المغرب مقابلة إفريقية، وهي مثلثة الشكل بين كلّ زاوية والأخرى مسيرة سبعة أيّام، وقيل: دورها مسيرة خمسة عشر يوما، وإفريقية منها بين المغرب والقبلة». "معجم البلدان" لياقوت الحموي (3 /416). قال الحميري: «وصقلية اسم لإحدى مدنها فنسبت الجزيرة كلها إليها، وفيها مدن كثيرة، وهي جزيرة عظيمة ضخمة حصينة خطيرة، قيل إن فيها مائة بلد وثلاثين بلداً بين مدينة وقلعة، غير ما بها من الضياع والمنازل. وطول هذه الجزيرة سبعة أيام وعرضها خمسة أيام، وفتحت في سنة اثنتي عشرة ومائتين، فتحها زيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب أمير القيروان، بعث إليها أسد بن الفرات...، فمشى في مراكبه إلى سرقوسة، مدينة من مدن الجزيرة، فنزل بمرساها، وقاتل البطريق الذي كان بها حتى قتله. قالوا: ومعنى صقلية باللسان القديم: تين وزيتون…، وقال البكري: سميت صقلية باسم سيقلو أخو ايطال الذي به سميت ايطالية، وكانت تعرف قبل تري قريا، ومعناه باللسان الإغريقي: ثلاثة في أربعة، وإنما ذلك لثلاثة مواضع مشرفة فيها وهي: بلرم التي هي قاعدتها وباجنة ولياوم، وبين صقلية وبلد إيطالية خليج من البحر…، وقال بعضهم: لا أدري جزيرة في البحر أكثر منها بلاداً ولا عمارة أقطار، فالثلث الشرقي منها من مسيني إلى جزيرة الأديب مائتا ميل، ومن جزيرة الأديب إلى طرابنش أربعمائة ميل وخمسون ميلاً، وهو الوجه الجنوبي، والوجه الثالث من طرابنش إلى الحراش اثنان وخمسون ميلاً، وهي كثيرة الزرع والضرع والفواكه، وبلرم قاعدتها في شمال الجزيرة على سبع ليال من المجاز. وبجزيرة صقلية البركان العظيم الذي لا يعلم في العالم أشنع منظراً منه ولا أغرب خبراً، وهو في جزيرتين شمالاً من هذه الجزيرة، وإذا هبت الريح الجوفية سمع له دوي هائل كالرعد القاصف...، وبصقلية مياه حامضة، وبها معدن من الكبريت الأصفر الذي لا يوجد بموضع مثله...». "الروض المعطار" للحميري (ص 366- 367 باختصار).

الطرف الأول

جيش المسلمين بقيادة العالم الفقيه المجاهد أسد بن الفرات.

الطرف الثاني

جيش الروم بقيادة بَلَاطَهْ.

سببها

وكان سبب فتح صِقِلِّيَّة أن ملك الروم بالقسطنطينية استعمل على جزيرة صِقِلِّيَّة بطريقا اسمه قسطنطين سنة إحدى عشرة ومائتين، فلما وصل إليها استعمل على جيش الأسطول إنسانا روميا اسمه فِيمِي، كان حازما شجاعا، فغزا إفريقية، وأخذ من سواحلها تجارا ونهب، وبقي هناك مديدة. ثم إن ملك الروم كتب إلى قسطنطين يأمره بالقبض على فيمي، مقدم الأسطول وتعذيبه، فبلغ الخبر إلى فيمي، فأعلم أصحابه فغضبوا له، وأعانوه على المخالفة، فسار في مراكبه إلى صِقِلِّيَّة، واستولى على مدينة سرقوسة، فسار إليه قسطنطين، فالتقوا واقتتلوا، فانهزم قسطنطين إلى مدينة قطانية، فسير إليه فيمي جيشا، فهرب منهم، فأخذ وقتل، وخوطب فيمي بالملك، واستعمل على ناحية من الجزيرة رجلا اسمه بلاطه، فخالف على فيمي وعصى، واتفق هو وابن عم له اسمه ميخائيل، وهو والي مدينة بَلَرْم، وجمعا عسكرا كثيرا، فقاتلا فيمي وانهزم، فاستولى بلاطه على مدينة سرقوسة، فركب فيمي ومن معه في مراكبهم إلى إفريقية، وأرسل إلى أمير إفريقية زيادة الله بن إبراهيم بن الأغلب يستنجده، ويعده بملك جزيرة صِقِلِّيَّة، فسير زيادة الله مع أسد بن الفرات جيشا إليها. انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (5 /489-490)، "تاريخ ابن خلدون" (4 /253)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 90).

أحداثها

جهز زيادة الله أمير إفريقية جيشا في البحر، وسيرهم إلى جزيرة صِقِلِّيَّة، واستعمل عليهم أسد بن الفرات، قاضي القيروان، وهو من أصحاب مالك، وهو مصنف الأسدية في الفقه على مذهب مالك، فوصلوا إلى مدينة مازر من صِقِلِّيَّة، فساروا إلى بلاطه الذي قاتله فيمي، فلقيهم جمع للروم، فقاتلهم المسلمون، وأمروا فيمي ومن معه أن يعتزلوهم وأرادوا أن لا يستعينوا بكافر، واشتد القتال بين المسلمين والروم، فانهزمت الروم، وغنم المسلمون أموالهم ودوابهم، وهرب بلاطه إلى قلورية، فقُتِل بها. واستولى المسلمون على عدة حصون من الجزيرة، ووصلوا إلى قلعة تعرف بقلعة الكراث أو الكرات، وقد اجتمع إليها خلق كثير، فخدعوا القاضي أسد بن الفرات أمير المسلمين وذلوا له، فلما رآهم فيمي مال إليهم، وراسلهم أن يثبتوا ويحفظوا بلدهم، فبذلوا لأسد الجزية، وسألوه أن لا يقرب منهم، فأجابهم إلى ذلك، وتأخر عنهم أياما، فاستعدوا للحصار، ودفعوا إليهم ما يحتاجون إليه، فامتنعوا عليه، وناصبهم الحرب، وبث السرايا في كل ناحية، فغنموا شيئا كثيرا، وافتتحوا عمرانا كثيرا حول سرقوسة. ثم إن المسلمين حاصروا سرقوسة برا وبحرا، ولحقته الأمداد من إفريقية، فسار والي بَلَرْم مددا إليهم في عساكر كثيرة، فخندق المسلمون عليهم، وحفروا خارج الخندق حفرا كثيرة، فحمل الروم عليهم، فسقط في تلك الحفر كثير منهم، فقتلوا، وضيق المسلمون على سرقوسة، كما وصل أسطول من القسطنطينية مددا لاهل صِقِلِّيَّة فيه جمع كثير، وكان قد حل بالمسلمين وباء شديد سنة ثلاث عشرة ومائتين، هلك فيه كثير منهم، وهلك فيه أميرهم أسد بن الفرات، ودفن بمدينة قَصْرِيَانَّة، وولي الأمر على المسلمين بعده محمد بن أبي الجواري، فلما رأى المسلمون شدة الوباء ووصول الروم حاولوا الانسحاب وتحملوا في مراكبهم ليسيروا، فوقف الروم في مراكبهم على باب المرسى، فمنعوا المسلمين من الخروج وسدوا عليهم الخليج، فلما رأى المسلمون ذلك أحرقوا مراكبهم وعادوا وعزموا على المقاومة، ثم انتشروا في الجزيرة يفتحون مدنها، فرحلوا إلى مدينة ميلانو، فحاصروها ثلاثة أيام، وتسلموا الحصن، وسار طائفة منهم إلى حصن جرجنت، فقاتلوا أهله وملكوه، وسكنوا فيه، واشتدت نفوس المسلمين بهذا الفتح وفرحوا. ثم ساروا إلى مدينة قَصْرِيَانَّةَ ومعهم فيمي، فخرج أهلها إليه، فقبلوا الأرض بين يديه، وأجابوا إلى أن يملكوه عليهم، وخدعوه، ثم قتلوه، ووصل جيش كثير من القسطنطينية مددا لمن في الجزيرة، فتصافوا هم والمسلمون، فانهزم الروم، وقتل منهم خلق كثير، ودخل من سلم قَصْرِيَانَّة، وتوفي محمد بن أبي الجواري أمير المسلمين، وولي بعده زهير بن غوث التي تابع الفتوحات. ثم إن المسلمين امتحنهم الله وأصيبوا بعدة نكسات، فسارت سرية المسلمين للغنيمة، فخرج عليها طائفة من الروم فاقتتلوا، وانهزم المسلمون، وعادوا من الغد، ومعهم جمع العسكر، فخرج إليهم الروم، وقد اجتمعوا وحشدوا وتصافوا مرة ثانية، فانهزم المسلمون أيضا، وقتل منهم نحو ألف قتيل، وعادوا إلى معسكره وخندقوا عليهم، فحاصرهم الروم، ودام القتال بينهم، فضاقت الأقوات على المسلمين، فعزموا على بيات الروم، فعلموا بهم، ففارقوا الخيم، وكانوا بالقرب منها، فلما خرج المسلمون لم يروا أحدا، وأقبل الروم من كل ناحية، فأكثروا القتل فيهم، وانهزم الباقون، فدخلوا ميناو، ودام الحصار عليهم حتى جهدهم وأكلوا الدواب والكلاب، فلما سمع من في مدينة جرجنت من المسلمين ما هم عليه هدموا المدينة، وساروا إلى مازر، ولم يقدروا على نصرة إخوانهم، ودام الحال كذلك إلى أن دخلت سنة أربع عشرة ومائتين، وقد أشرف المسلمون على الهلاك. وإذ قد أقبل أسطول كثير من الأندلس مددا إلى المسلمين، كانوا خرجوا غزاة، كما وصل في ذلك الوقت مراكب كثيرة من إفريقية مددا للمسلمين، فبلغت عدة الجميع ثلاثمائة مركب، فنزلوا إلى الجزيرة، فانهزم الروم، وفكوا الحصار عن المسلمين، وفرج الله عنهم، وسار المسلمون إلى مدينة بَلَرْم فحاصروها، وضيقوا على من بها، فطلب صاحبها الأمان لنفسه ولأهله ولماله، فأجيب إلى ذلك، وسار في البحر إلى بلاد الروم، ودخل المسلمون البلد في رجب سنة ست عشرة ومائتين، فلم يروا فيه إلا أقل من ثلاثة آلاف إنسان، وكان فيه لما حاصروه سبعون ألفا، وماتوا كلهم. وجرى بين المسلمين أهل إفريقية وأهل الأندلس خلف ونزاع، ثم اتفقوا، وبقي المسلمون إلى سنة تسع عشرة ومائتين. ثم سار المسلمون سنة تسع عشرة ومائتين إلى مدينة قَصْرِيَانَّة، فخرج من فيها من الروم، فاقتتلوا أشد قتال، ففتح الله على المسلمين، وانهزم الروم إلى معسكرهم، ثم رجعوا في الربيع فقاتلوهم، فنصر المسلمون أيضا، ثم ساروا سنة عشرين ومائتين، وأميرهم محمد بن عبد الله إلى قَصْرِيَانَّة، فقاتلهم الروم، فانهزموا، وأسرت امرأة لبطريقهم وابنه، وغنموا ما كان في عسكرهم وعادوا إلى بَلَرْم. ثم سير محمد بن عبد الله عسكرا إلى ناحية طبرمين، عليهم محمد بن سالم، فغنم غنائم كثيرة، ثم عدا عليه بعض عسكره فقتلوه، ولحقوا بالروم، فأرسل زيادة الله من إفريقية الفضل بن يعقوب عوضا منه، فسار في سرية إلى ناحية سرقوسة، فأصابوا غنائم كثيرة وعادوا. ثم سارت سرية كبيرة، فغنمت وعادت، فعرض لهم البطريق ملك الروم بصِقِلِّيَّة في جمع كثير، فتحصنوا من الروم في أرض وعر وشجر كثيف، فلم يتمكن من قتالهم، وواقفهم إلى العصر، فلما رأى أنهم لا يقاتلونهم عاد عنهم، فتفرق أصحابه وتركوا التعبئة، فلما رأى المسلمون ذلك حملوا عليهم حملة صادقة، فانهزم الروم وطعن البطريق، وجرح عدة جراحات، وسقط عن فرسه، فأتاه حماة أصحابه، واستنقذوه جريحا وحملوه، وغنم المسلمون ما معهم من سلاح ومتاع ودواب، فكانت وقعة عظيمة. وسير زيادة الله من إفريقية إلى صِقِلِّيَّة أبا الأغلب إبراهيم بن عبد الله أميرا عليها، فخرج إليها، فوصل إليها منتصف رمضان، فبعث أسطولا، فلقوا جمعا للروم في أسطول، فغنم المسلمون ما فيه، فضرب أبو الأغلب رقاب كل من فيه، وبعث أسطولا آخر إلى قوصرة، فظفر بحراقة فيها رجال من الروم، ورجل متنصر من أهل إفريقية، فأتى بهم فضرب رقابهم، وسارت سرية أخرى إلى جبل النار والحصون التي في تلك الناحية، فأحرقوا الزرع، وغنموا وأكثروا القتل، ثم سير أبو الأغلب سنة إحدى وعشرين ومائتين سرية إلى جبل النار أيضا، فغنموا غنائم عظيمة، حتى بيع الرقيق بأبخس الأثمان، وعادوا سالمين، وفيها سير أبو الأغلب أيضا سرية إلى قسطلياسة، فغنموا وسبوا، ولقيهم العدو، فكانت بينهم حرب استظهر فيها الروم، وسير سرية إلى مدينة قَصْرِيَانَّة، فخرج إليهم العدو، فاقتتلوا، فانهزم المسلمون وأصيب منهم جماعة. ثم كانت وقعة أخرى بين الروم والمسلمين، فانهزم الروم، وغنم المسلمون منهم تسعة مراكب كبار برجالها وشلندس، فلما جاء الشتاء وأظلم الليل رأى رجل من المسلمين غرة من أهل قَصْرِيَانَّة، فقرب منه، ورأى طريقا، فدخل منه، ولم يعلم به أحد، ثم انصرف إلى العسكر، فأخبرهم فجاءوا معه، فدخلوا من ذلك الموضع وكبروا، وملكوا ربضه، وتحصن المشركون منهم بحصنه، فطلبوا الأمان فأمنوهم، وغنم المسلمون غنائم كثيرة، وعادوا إلى بَلَرْم. وفي سنة ثلاث وعشرين ومائتين وصل كثير من الروم في البحر إلى صِقِلِّيَّة، وكان المسلمون يحاصرون جفلوذى، وقد طال حصارها، فلما وصل الروم رحل المسلمون عنها، وجرى بينهم وبين الروم الواصلين حروب كثيرة، ثم وصل الخبر بوفاة زيادة الله أمير إفريقية منتصف سنة ثلاث وعشرين ومائتين، وهدأت الحروب واحتفظ كل فريق بما حازه، وابتدأت صِقِلِّيَّة تشهد عصرا إسلاميا في ولاية العباس بن الفضل التي فتح عاصمة صِقِلِّيَّة قصرانية وبنى فيها مسجدا وخطب الجمعة واتخذها عاصمة للجزيرة. وبقيت مدن ومعاقل وحصون بأيدي الروم تهدد كيان المدن الإسلامية الناشئة على أن ولاة إفريقيا من بني الأغلب لم يتركوا المسلمين أيضا دون مدد، فلما كانت ولاية إبراهيم بن أحمد بن الأغلب على إفريقيا اهتم بصِقِلِّيَّة خصوصا بعد أن دب النزاع بين المدن الإسلامية فانشغلوا ببعضهم وتركوا الجهاد، فأرسل ابنه أبا العباس وأمده بجيش قوي، فنزل صِقِلِّيَّة وأصلح أمر المسلمين ثم بدأ جهادا قويا ضد الروم وفتح مدنا وحصونا كان من أهمها قاطبة مدينة سرقوسة التي استعصت على القادة قبله، ثم استدعاه والده إلى تونس فعاد وخلف ولديه، وفي تونس ولاء أبوء مكانه عليها وخرج هو بنفسه مجاهدا إلى صِقِلِّيَّة مع نية الحج بعد إتمام فتح بقية المدن ففتح مدنا وحصونا كثيرة كان أهمها مدينة طبرمين، ولما علم ملك الروم بسقوطها خلع التاج ولم يليسه سبعة أيام وقال: لا يلبس التاج محزون، وكان كلما فتح مدينة أو حصنا امتلكه وأجلى أهله منه ليبقى بأيدي المسلمين فلا ينتقض عليه ثانية، ثم مرض وتوفي في صِقِلِّيَّة بعد أن حقق أمنية الجهاد دون الحج رحمه الله. انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (5 /490- 494)، "تاريخ ابن خلدون" (4 /253- 255)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 90- 91).

نتيجتها

بدأت الحروب على الروم في جزيرة صِقِلِّيَّة سنة اثنتي عشرة ومائتين من الهجرة، واستولى المسلمون على عدة حصون من الجزيرة، حاصروا سرقوسة، وتسلموا حصن مدينة ميلانو، وحصن جرجنت، وحاصروا مدينة قَصْرِيَانَّةَ، وكان النصر فيه حليفهم، ثم أصيب المسلمين بعدة نكسات وانتشر الوباء فيهم وقاربوا على الهلاك إلى أن دخلت سنة أربع عشرة ومائتين، فوصل إلى المسلمين مددا من أهل إفريقيا والأندلس، ثم حاصر المسلمون بَلَرْم وفتحوها سنة ست عشرة ومائتين، ثم فتحوا قَصْرِيَانَّةَ بعد معارك عنيفة، ودامت المعارك على صِقِلِّيَّة سنين مديدة وحروبا عديدة، إلى أن كان آخرها فتح العباس بن الفضل سنة 244ه.