البحث

عبارات مقترحة:

الآخر

(الآخِر) كلمة تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...

القهار

كلمة (القهّار) في اللغة صيغة مبالغة من القهر، ومعناه الإجبار،...

الشكور

كلمة (شكور) في اللغة صيغة مبالغة من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

معركة البذ

وفي سنة اثنتين وعشرين ومائتين من الهجرة فتحت مدينة البَذّ وهي عاصمة بابك، وذلك أن بابك الخرّمي عاث وأفسد في الأرض، واستباح الدماء والأموال والنساء، وقال بالتناسخ دين المجوسية، وانتصر على جيوش المأمون والمعتصم بعده أكثر من مرة، وأباد من الأمة خلائق لا تحصى، إلى أن دخل المسلمون البلدة سنة 222ه، وأحرقوها وكشفوا كل كمائنها وقتلوا من فيها وهزموهم، بعد محاصرة وحروب هائلة وقتال شديد وجهد جهيد، وأفلت بابك من المسلمين في جماعة، واستتر في غيضة، فأرسل الأفشين في أثره من قَبَض عليه، وَسِيق مع أهله وأخيه إلى المعتصم، فشهّر به في سامراء، ثم قتل وصلب في سامراء، وأرسل رأسه إلى خراسان.

اسم المعركة

معركة البَذّ.

وقتها

ذكره أهل السير والمغازي من أحداث سنة اثنتين وعشرين ومائتين من الهجرة 222ه /836م، لعشر مضين من رمضان، في خلافة المعتصم بالله محمد بن هارون الرشيد العباسي. انظر: "تاريخ الرسل والملوك" للطبري (9 /31)، "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي (11 /73)، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (6 /25)، "البداية والنهاية" لابن كثير (10 /283)، "تاريخ ابن خلدون" (3 /322)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 92).

موقعها

فتح المسلمون مدينة البَذّ، وكان بابك الخرمي قد امتنع فيها واتخذها عاصمة له، وهي دار ملكه ومقر سلطته، وهي مدينة قرب أذربيجان. قال الحموي: «بتشديد الذال المعجمة: كورة بين أذربيجان وأرّان، بها كان مخرج بابك الخرّمي في أيام المعتصم». "معجم البلدان" لياقوت الحموي (1 /361).

الطرف الأول

جيش المسلمين بقيادة الأفشين حيدر بن كاوس.

الطرف الثاني

جيش العدو بقيادة بابك الخرمي.

سببها

وسبب قيام الحروب على بابك الخرمي أن بابك الخرمي ظهر في إقليم الجبال في منطقة بحر قزوين الغربية وهي منطقة مهمة جدا وقريبة من قلب الدولة العباسية وعاصمتها بغداد، ولهذا فإن بابك كان يشكل خطرا على الخليفة، إضافة إلى خطره المتمثل في معتقداته المجوسية، مثل جواز نكاح المحارم والقول بتناسخ الأرواح، كما كان سفاكا للدماء، فقد ذكر أن عدة من قتلهم من ابتداء ظهور أمره سنة 201 هـ إلى أن لاقى حتفه سنة ۲۲۲ هـ يزيد على مائتين وخمسين ألفا، فضلاً عن الأسرى والسبايا من النساء والأولاد وفجوره بالنساء، فكان لايسمع بامرأة حسناء في البلدان التي خضعت له أو المجاورة لها إلا أخذها بالقوة بعد أن يقتل أهلها وعشيرتها، وقد غذى الروم حركته للنيل من الدولة العباسية، فتصدى له الخليفة المأمون، لكنه مات ولم يحرر عليه نصرا، ثم تصدى له المعتصم فكسر له عددا من الجيوش، ثم رماه اخيرا بقائده الأفشين. انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (5 /489)، "تاريخ ابن خلدون" (3 /322)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 92).

أحداثها

عقد المعتصم لقائده الأفشين على الجبال، ووجّهه لحرب بابك، فسار إليها ونزل بساحتها، وضبط الطرقات ما بينه وبين أردبيل، وأنزل قوّاده في العساكر ما بينه وبين أردبيل، فواقعه الأفشين عدة سنوات وبحذر شديد حتى لا يصيبه ما أصاب القادة قبله، وفي هذه المدة عرف الأفشين خططه ومكائده ومكامنه الخطرة، ثم بتحريض من المعتصم وبالإمدادات المتوالية من الجند والمال تقدم الأفشين في البلدان الخاضعة لبابك إلى أن حصره في مدينته الحصينة البَذّ، وكانت الوقعة الكبيرة في رمضان سنة اثنتين وعشرين ومائتين، حيث احتل الأفشين الجبال المجاورة لها، وحفر الأنفاق وصمد لهم إلى أن كشف أماكن الكمائن كلها، عند ذلك وضع الخطة وأمر بالهجوم، والتقى الجيشان في حرب طاحنة، وظن بابك أنه سيهزم جند الخلافة كعادته، لكن سيل الجنود المسلمين تدفق للأمام، وتخطى كل العقبات والكمائن، كما تخطى العجلات وتحاشاها الجنود ولم يكن لها أثر يذكر، واستمر القتال حتى الغروب إلى أن وصلوا إلى البَذّ عاصمة بابك وملجئه، فدخلوها وعلوا قصورها ودار القتال في أحيائها، فلما رأى بابك ما حل به هرب مع بعض أهله وحمل معه الزاد، ثم وقع بقية أهله في الأسر، وفك المسلمون الأسرى الذين كانوا في حوزته وسجونه من النساء والأولاد وكانوا سبعة آلاف وستمائة إنسان، وتابعه الأفشين وبث خلفه المطاردين، فكانت وجهته أرمينيا، فأرسل إليهم أن يقبضوا عليه ويسدوا عليه المنافذ إلى أن وقع في قبضة سهل بن سنباط، الذي تظاهر بإخفائه، ثم أرسل إلى الأفشين يعلمه بخبره، فسير له الأفشين من قبض عليه، وسيق مع أهله وأخيه إلى المعتصم، فشهّر به في سامراء، وطيف به على فيل ثم قتل، وصلب بدنه في سامراء، وأرسل رأسه إلى خراسان. انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (6 /11- 15، 24- 34)، "تاريخ ابن خلدون" (3 /322- 327)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 92- 93).

نتيجتها

أحرق الأفشين قصور بابك وقتل الخرّمية عن آخرهم، وأخذ أمواله وعياله، ورجع إلى معسكره، وسار بابك في جبال أرمينية مختفيا، وحبسه الأفشين مع أخيه. وكتب إلى المعتصم فأمره بالقدوم بهما، وسار الأفشين بهما إلى سامرا، ثم جيء ببابك من الغد راكبا على فيل، فلما وصل أَمَر المعتصم بقطع أطرافه ثم بذبحه، وأنفذ رأسه إلى خراسان، وبعث بأخيه عبد الله إلى إسحاق بن إبراهيم ببغداد ليفعل به مثل ذلك ففعل. وجميع من قتل بابك في عشرين سنة أيام قتيبة مائة ألف وخمسة وخمسين ألف، وهزم من القوّاد يحيى بن معاذ وعيسى بن محمد بن أبي خالد وأحمد ابن الجنيد وزريق بن عليّ بن صدقة ومحمد بن حميد الطوسي وإبراهيم بن الليث. وكان الذين أسروا مع بابك ثلاثة آلاف وثلاثمائة والّذي استنقذ من يديه من المسلمات وأولادهنّ سبعة آلاف وستمائة إنسان جعلوا في حظيرة، فمن أتى من أوليائهم وأقام بيّنة على أحد منهم أخذه، والّذي صار في يد الأفشين من بني بابك وعياله سبعة عشر رجلا وثلاثا وعشرين امرأة. ولما وصل الأفشين توجه المعتصم وألبسه بالجوهر، ووصله بعشرين ألف ألف درهم وعشرة آلاف يفرقها في عسكره، وعقد له على السند، وأدخل عليه الشعراء يمدحونه. انظر: "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي (11 /74)، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (6 /36- 37)، "تاريخ ابن خلدون" (3 /326- 327)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 93).