البحث

عبارات مقترحة:

المتين

كلمة (المتين) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل على وزن (فعيل) وهو...

الولي

كلمة (الولي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (وَلِيَ)،...

الشاكر

كلمة (شاكر) في اللغة اسم فاعل من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

فتح رمطة ومعركة المجاز

حاصر المسلمون مدينة رَمْطَة، فجاء أهلها يستنجدون ملك القسطنطينية، فأمدهم بأربعين ألفا مددا، فلما وصلت أخبار المدد إلى الأمير أحمد بن الحسن بن علي أمير صِقِلِّيَة أرسل إلى الْمُعِزّ حاكم إفريقية يستمده، فبعث إليه المدد بالعساكر والأموال، وجاء مدد الروم فنزلوا بمسيني وزحفوا إلى رَمْطَة، وكان القائم على حصار رَمْطَة الحسن بن عمار، فأحاط الروم بهم، وخرج أهل البلد إليهم، وعظم الأمر على المسلمين فاستماتوا، وحملوا على الروم وعلى قائدهم مَنْوِيلُ ، فسقط عن فرسه، وقُتِل هو وجماعة من البطارقة معه، وانهزم الروم وتبعهم المسلمون بالقتل، وامتلأت أيديهم من الغنائم والأسرى والسبي، ثم فتحوا رَمْطَة عنوة، وغنموا ما فيها، وركب فلّ الروم من صِقِلِّيَة وجزيرة رَيُّو في الأسطول ناجين بأنفسهم، فأتبعهم الأمير أحمد في المراكب فحرقوا مراكبهم، وقَتَل كثير منهم.

اسم المعركة

فتح رَمْطَة، ويسمى وقعة المجاز.

وقتها

ذكره أهل السير والمغازي من أحداث سنة أربع وخمسين وثلاثمائة من الهجرة 354ه /965م، في شهر في في خلافة المطيع لله، أبو القاسم العباسي، وكان عبد الرحمن الناصر لدين الله أمير قرطبة. انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (7 /252)، "تاريخ ابن خلدون" (4 /60)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 103).

موقعها

مدينة رَمْطَة. قال الحموي: «اسم أعجمي لقلعة حصينة بجزيرة صِقِلِّيَة بينهما ثمانية أيّام، هي بعيدة من البحر فوق جبل وفيها آثار الماء، كان فتحها الحسن في سنة 354 ه، وسكنها المسلمون، وأقام محاصرا لها واحدا وعشرين شهرا». "معجم البلدان" لياقوت الحموي (3 /416).

الطرف الأول

جيش المسلمين بقيادة الحسن بن عمار.

الطرف الثاني

جيش الروم بقيادة مَنْوِيلُ.

سببها

كان السبب في قيام هذه المعركة: أن الروم لما رأوا المسلمين حاصروا مدينة رَمْطَة وهم فيها خافوا، وأرسلوا إلى ملك القسطنطينية يعلمونه الحال، ويطلبون منه أن ينجدهم بالعساكر، فجهز إليهم عسكرا عظيما يزيدون على أربعين ألف مقاتل، وسيّرهم في البحر، فوصلت الأخبار إلى الأمير أحمد بن الحسن بن علي أمير صِقِلِّيَة، فأرسل إلى الْمُعِزّ حاكم إفريقية يعرفه ذلك ويستمده، ويسأل إرسال العساكر إليه سريعا، وشرع هو في إصلاح الأسطول والزيادة فيه، وجمع الرجال المقاتلة في البر والبحر. انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (7 /251)، "تاريخ ابن خلدون" (4 /60)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 103).

أحداثها

لما علم أحمد بن الحسن أمير صِقِلِّيَة بأن الروم تجهزوا لهم كتب إلى المعز حاكم إفريقية يعرفه ذلك ويستمده، وشرع هو في إصلاح الأسطول والزيادة فيه، وجمع الرجال المقاتلة في البر والبحر، أما المعز فإنه جمع الرجال، وحشد وفرق فيهم الأموال الجليلة، وسيّرهم مع الحسن بن علي والد أحمد أمير صِقِلِّيَة، فوصلوا إلى صِقِلِّيَة في رمضان، وسار بعضهم إلى الذين يحاصرون رَمْطَة، فكانوا معهم على حصارها. أما الروم فإنهم وصلوا أيضا إلى صِقِلِّيَة، ونزلوا عند مدينة مَسِّينِي في شوال، وزحفوا منها بجموعهم التي لم يدخل صِقِلِّيَة مثلها إلى رَمْطَة، فلما سمع الحسن بن عمار ذلك وكان على حصار رَمْطَة وهو مَُقدَّم الجيش التي تحاصر رَمْطَة جعل عليها طائفة من عسكره تمنع من يخرج منها، وبرز بالعساكر للقاء الروم، وقد عزموا على الموت، ووصل الروم وأحاطوا بالمسلمين. ونزل أهل رَمْطَة إلى من يليهم ليأتوا المسلمين من ظهورهم، فقاتلهم المسلمين الذين جُعِلوا هناك لمنعهم، وصدوهم عما أرادوا، وتقدم الروم إلى القتال، وهم مُدِلّون بكثرتهم وبما معهم من العدد وغيرها، والتحم القتال، وعَظُم الأمر على المسلمين، وألحقهم العدو بخيامهم، وأيقن الروم بالظفر، فلما رأى المسلمون عِظَم ما نزل بهم اختاروا الموت، ورأوا أنه أسلم لهم، فحمل بهم الحسن بن عمار أميرهم، وحمي الوطيس حينئذ، وحرضهم على قتال الكفار، وكذلك فعل بطارقة الروم، حملوا وحرضوا عساكرهم، وحمل مَنْوِيلُ مقدم الروم، فقَتَل في المسلمين، فطعنه المسلمون، فلم يؤثر فيه لكثرة ما عليه من اللباس، فرمى بعضهم فرسه فقتله، واشتد القتال عليه، فقُتِل هو وجماعة من بطارقته، فلما قُتِل انهزم الروم أقبح هزيمة، وأكثر المسلمون فيهم القتل، ووصل المنهزمون إلى جرف خندق عظيم كالحفرة، فسقطوا فيها من خوف السيف، فقَتَل بعضهم بعضا حتى امتلأت، وكانت الحرب من بكرة إلى العصر، وبات المسلمون يقاتلونهم في كل ناحية، وغنموا من السلاح والخيل، وصنوف الأموال ما لا يحد، وكان في جملة الغنيمة سيف هندي عليه مكتوب: هذا سيف هندي، وزنه مائة وسبعون مثقالا، طالما ضرب به بين يدي رسول الله ، فأرسل إلى المعز مع الأسرى والرؤوس، وسار من سلم من الروم إلى رَيُّو. وأما أهل رَمْطَة فاشتد حصار المسلمين عليهم، فضعفت نفوسهم، وكانت الأقوات قد قلت عندهم، فأخرجوا من فيها من الضعفاء، وبقي المقاتلة، فزحف إليهم المسلمون وقاتلوهم إلى الليل، ولزموا القتال في الليل أيضا، وتقدموا بالسلاليم فملكوها عنوة، وقتلوا من فيها، وسبوا الحرم والصغار، وغنموا ما فيها، وكان شيئا كثيرا عظيما، ورتب فيها من المسلمين من يعمرها ويقيم فيها. ثم إن الروم تجمع من سلم منها، وأخذوا معهم من في صِقِلِّيَة وجزيرة رَيُّو منهم، وركبوا مراكبهم يحفظون نفوسهم، فركب الأمير أحمد في عساكره وأصحابه في المراكب أيضا، وعبروا مضيق مَسِّينِي إلى رَيُّو، وزحفوا إليهم في الماء وقاتلوهم، واشتد القتال بينهم، وألقى جماعة من المسلمين نفوسهم في الماء، وخرقوا كثيرا من المراكب التي للروم فغرقت، ودمروا معظم الأسطول الرومي، وكثر القتل في الروم، فانهزموا لا يلوي أحد على أحد، وسارت سرايا المسلمين في مدائن الروم في البر الإيطالي، فغنموا منها وسبوا، فبذل أهلها لهم من الأموال وهادنوهم، وكان ذلك سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، وهذه الوقعة الأخيرة هي المعروفة بوقعة المجاز، لأن المسلمين جازوا مضيق المَسِّينِي إلى البر الايطالي. انظر: "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (7 /251- 252)، "تاريخ ابن خلدون" (4 /60)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 103).

نتيجتها

كان النصر حليف المسلمين، وانهزم الروم أقبح هزيمة، وأكثر المسلمون فيهم القتل، وقُتِل مَنْوِيلُ هو وجماعة من بطارقته، ووصل المنهزمون إلى جرف خندق عظيم كالحفرة، فسقطوا فيها من خوف السيف، فقَتَل بعضهم بعضا حتى امتلأت، وفتح المسلمون رَمْطَة عنوة، فغنموا منها وسبوا، وركب فلّ الروم من صقلّيّة وجزيرة رَيُّو في الأسطول ناجين بأنفسهم، فأتبعهم الأمير أحمد في المراكب فحرقوا مراكبهم، وقَتَل كثير منهم. وغنموا من السلاح والخيل، وصنوف الأموال ما لا يحد، وكان في جملة الغنيمة سيف هندي عليه مكتوب: هذا سيف هندي، وزنه مائة وسبعون مثقالا، طالما ضرب به بين يدي رسول الله ، وأسر فيها ألف من عظمائهم ومائة بطريق، وجاءت الغنائم والأسرى إلى مدينة بَلَرْمَ، حاضرة صِقِلِّيَة.