البحث

عبارات مقترحة:

القاهر

كلمة (القاهر) في اللغة اسم فاعل من القهر، ومعناه الإجبار،...

الواسع

كلمة (الواسع) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَسِعَ يَسَع) والمصدر...

السميع

كلمة السميع في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

معركة نهر الدوير

بعد الانتكاسات التي أصابت الممالك الإسبانية الشمالية عزم سانشو غرسية حاكم قَشْتَالَة على مقاومة الحاجب المنصور بن أبي عامر والتفاني في قتاله، واجتمع إليه أمراء البشكنس وملك ليون، وتعاهدوا على المقاومة والثبات، فحشدوا قواتهم وساروا إلى وسط قَشْتَالَة إلى وادي نهر دُوَيْرَة الأدنى، فلما سمع بهم المنصور استعد للقتال وسار إليهم، فلما التقى الجمعان على أرض قَشْتَالَة رأى سانشو أن خطة الهجوم المفاجئ قبل أن يثبت المنصور أقدامه على الأرض تحقق له النصر المظفر وتنزل الخسائر الفادحة بالجيش المقابل، وفعلاً نجحت خطته، وكاد الأمر ينتهي لصالح القوات المتحالفة، لولا رد قوات المنصور بهجوم مقابل شديد، شتّت شمل فرق المتحالفين وأجبرهم على الارتداد والهزيمة، فكان النصر حليف المسلمين، ثم استمر المنصور في تقدمه في باقي مدن قَشْتَالَة حتى وصل مدينة برغش عاصمة قَشْتَالَة.

اسم المعركة

معركة نهر الدوير.

وقتها

ذكره أهل السير والمغازي من أحداث سنة تسعين وثلاثمائة من الهجرة 390ه /1000م، في خلافة القادر بالله، أبو العباس البويهي، وكان أبو الوليد، المؤيد بالله خليفة قرطبة. انظر: "دولة الإسلام في الأندلس" لمحمد عنان (1 /562)، "تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس" لخليل السامرائي وآخرين (ص 200)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 104).

موقعها

وادي الدُّوَيْرَة. قال الحموي: «اسم قرية على فرسخين من نيسابور». "معجم البلدان" لياقوت الحموي (2 /490). مدينة قَشْتَالَة. قال الحموي: «إقليم عظيم بالأندلس، قصبته اليوم طليطلة، وجميعه اليوم بيد الإفرنج». "معجم البلدان" لياقوت الحموي (4 /352). وقال الحميري: «عمل من الأعمال الأندلسية قاعدته قَشْتَالَة، سمي العمل بها، وقالوا: ما خلف الجبل المسمى الشارات في جهة الجنوب يسمى اشبانيا، وما خلف الجبل من جهة الشمال يسمى قَشْتَالَة». "الروض المعطار" للحميري (ص 483).

الطرف الأول

قائد المسلمين المنصور بن أبي عامر قائد جيوش الأندلس.

الطرف الثاني

قائد العدو تحالف النصارى سانشو غرسية ملك قَشْتَالَة، واجتمع إليه أمراء البشكنس وملك ليون.

سببها

وكان سبب هذه الغزوة أن الملوك والأمراء والنصارى من حيز بنبلونة إلى أسترقة اتفقوا جميعاً بزعامة سانشو غرسية كونت قَشْتَالَة على مقاومة المنصور والتفاني في قتاله، وخصوصا بعد الانتكاسات التي أصابت الممالك الإسبانية الشمالية في الصميم في غزوة شنت ياقب، وأراد حاكم قَشْتَالَة معالجة حالة التردي هذه بتشكيل جبهة قتالية بزعامته ومساعدة أمراء البشكنس وملك ليون، فحشدوا قواتهم، وجمع سانشو غرسية سائر قواته في وسط قَشْتَالَة، في وادي نهر دُوَيْرَة الأدنى، وتعاهد الملوك والأمراء النصارى على الثبات وعدم الفرار، فلما سمع بهم المنصور استعد للقتال. انظر: "دولة الإسلام في الأندلس" لمحمد عنان (1 /562)، "تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس" لخليل السامرائي وآخرين (ص 200)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 104)

أحداثها

قام المنصور بن أبي عامر بعدة غزوات في أراضي النصارى، بيد أننا لا نظفر في شأنها بتفاصيل دقيقة واضحة، ومن هذه الغزوات أن المنصور قام بغزوة إلى نافار سنة 389هـ /999م، وفي العام التالي أي سنة 390هـ/1000م سار المنصور إلى أراضي قَشْتَالَة في جيش ضخم، وذلك أن الملوك والأمراء والنصارى من حيز بنبلونة إلى أسترقة اتفقوا جميعاً بزعامة سانشو غرسية كونت قَشْتَالَة، على مقاومة المنصور والتفاني في قتاله، وحشد سائر أمراء البشكنس وقَشْتَالَة وليون قواتهم، وجمع سانشو غرسية سائر قواته في وسط قَشْتَالَة، في وادي نهر دُوَيْرَة الأدنى خلف الحاجز الجبلي الوعر المسمى صخرة جربيرة Pena Cervera، للتمكن من التحصن في الجبال، وتعاهد الملوك والأمراء النصارى على الثبات وعدم الفرار. ورأى المنصور كعادته أن يبادر أعداءه بالقتال، فسار في قواته تواً إلى مدينة سالم، ونفذ شمالا إلى أراضي قَشْتَالَة حيث يرابط أعداؤه، فلما أشرف على صخرة جربيرة هاله ما رأى من وعورتها وحصانة المراكز التي يحتلها العدو ووفرة جموعه وعدده، ورأى سانشو أن يعجل بمهاجمة المسلمين قبل أن يوطدوا مراكزهم، وبذلك تُحَقِّق له ولقواته وضعاً عسكرياً يحقق إنزال أفدح الخسائر بالجيش المقابل، فاندفع النصارى في هجوم عنيف خاطف على المسلمين، فاضطربت ميمنة المسلمين وميسرتهم، ودب الخلل إليهم، وعمد إلى الفرار كثير منهم، وكادت تدور عليهم الدائرة، ولكن القلب صمد أمام الموجة الهائلة، وكان يقوده ابنا المنصور عبد الملك وعبد الرحمن، ويتألف معظمه من فرق البربر القوية الباسلة، وهرع المنصور إلى رابية مشرفة على الموقعة، ومن ورائه خاصته وحاشيته، وهو يحث رجاله وقادته على الثبات، فلم يمض سوى قليل حتى انقلبت الآية، وارتد العدو في غير نظام، وتمكن أحد الزعماء البربر من قتل أحد كونتات بني غومس وجاء برأسه، فضاعف المسلمون جهودهم، وشددوا الوطأة على النصارى، وأمعنوا فيهم قتلا وأسراً، وطاردوهم إلى عدة مراحل حتى مزقوهم شر ممزق. وكانت هذه الوقيعة في اليوم الرابع والعشرين من شهر شعبان سنة 390 هـ /1000 م، وخسر المسلمون في الموقعة أكثر من سبعمائة قتيل. ثم استمر المنصور في تقدمه حتى وصل مدينة برغش عاصمة قَشْتَالَة واستباحها، وظلت قواته تكيل الضربات وفي اتجاهات مختلفة حتى طرقت بنبلونة عاصمة مملكة نافار، ولم تتمكن قوات هذه الممالك من صد الهجمات القاسية والمتلاحقة لقوات المنصور فأذعنت لأوامره وشروطه. انظر: "دولة الإسلام في الأندلس" لمحمد عنان (1 /562)، "تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس" لخليل السامرائي وآخرين (ص 200)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 104)

نتيجتها

انتصر المنصور على النصارى بزعامة سانشو حاكم قَشْتَالَة، والحقوا الخسائر الفادحة بهم، حتى قتلوا أحد رؤسائهم، وطاردوهم عدة مراحل حتى مزقوهم شر ممزق، واستمر المنصور بعد الفتح في غزواته على سائر البلاد حوله. كان المسلمون قد قدموا شهداء بين أيديهم في هذه الغزوة، فقد خسر المسلمون في الموقعة أكثر من سبعمائة قتيل. غزا المنصور خلال مدة حكمه خمسين غزوة كانت كلها مظفرة، لم تكسر له فيها راية ولا نكب في بعث، مما أدخل الخوف والهيبة في قلوب أعدائه، وتعد هذه الغزوة الغزوة التاسعة والأربعون من الغزوات المهمة التي قضى فيها المنصور على تحالف تماثل، وكانت عند جبل جربيرة. انظر: "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 104). إن سلسلة الغزوات التي كان يقوم بها المنصور كثيرة عديدة، وقد شَهَرَها ابن أبي عامر على الممالك الإسبانية النصرانية، واستمر يضطلع بها باستمرار ودون هوادة، والتي خرج منها جميعاً متوجاً بغار الظفر، ولم يهزم في أية واحدة منها، وتتحدث معظم الروايات الإسلامية عن حروب ابن أبي عامر وغزواته بإفاضة، وتعددها بأكثر من خمسين غزوة، ولكنها لا تقدم إلينا عنها تفاصيل واضحة، ولاسيما عن الزمان والمكان، يقول ابن خلدون مبينا أعمال المنصور: «وابتنى لنفسه مدينة فنزلها وسمّاها الزاهرة، ونقل إليها خزائن الأموال والأسلحة، وقعد على سرير الملك وأمر أن يحيّا بتحيّة الملوك وتسمى بالحاجب المنصور، ونفذت الكتب والأوامر والمخاطبات باسمه، وأمر بالدعاء له على المنابر، وكتب اسمه في السكّة والطرز، وعمر ديوانه بما سوى ذلك. وجند البرابرة والمماليك واستكثر من العبيد والعلوج للاستيلاء على تلك الرغبة، وقهر من يطاول إليها من الغلبة فظفر من ذلك بما أراد، وردد الغزو بنفسه إلى دار الحرب، فغزا اثنين وخمسين غزوة في سائر أيام ملكه، لم ينكسر له فيها راية ولا فلّ له جيش، ولا أصيب له بعث ولا هلكت سرية». "تاريخ ابن خلدون" (4 /190). وتجمل الرواية الإسلامية بواعث هذه الغزوات المستمرة في نزعة الجهاد، ولكن الحقيقة هي أن ابن أبي عامر كان باضطلاعه بتلك الغزوات المتعاقبة يرمي إلى غاية سياسية بعيدة المدى، لم يفكر فيها أحد قبله من أمراء الأندلس، أو لم يجد لديه وسيلة أو مقدرة لتنفيذها.، ذلك أنه فكر في أن يسحق الممالك الإسبانية النصرانية سحقاً تاماً، وأن يقضي على استقلالها القومي، وأن يخضعها جميعاً إلى سلطة الخلافة، وقد خالف ابن أبي عامر في غزواته سنن أسلافه من الأمراء والقادة، فقد كان هؤلاء يحاربون في معظم الأحيان للدفاع ورد غارات النصارى، ولكن ابن أبي عامر كان هو البادئ بالحرب دائماً، ولم يقبل من أعدائه قط صلحاً أو مهادنة، ولم يقنع إلا بالنصر الكامل، ولكن نرى أن غزوات المنصور بالرغم من تحري هذه الغاية البعيدة المدى، وبالرغم مما كان يحالفها من الظفر المستمر، لم تخرج في مجموعها عن أساليب الصوائف والغزوات الإسلامية المأثورة، ولم تتجه بالفعل إلى تحري هذه الغاية الكبرى. انظر: "دولة الإسلام في الأندلس" لمحمد عنان (1 /540).