البحث

عبارات مقترحة:

الغني

كلمة (غَنِيّ) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (غَنِيَ...

العفو

كلمة (عفو) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعول) وتعني الاتصاف بصفة...

المتين

كلمة (المتين) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل على وزن (فعيل) وهو...

معركة سومنات

كان للهند صنم يسمّونه سُومَنَات، وهو أعظم أصنامهم، في حصن حصين على ساحل البحر، وكان أهل الهند يعبدون هذا الصنم ويحجون إليه ويتوسلون به، ويحملون إليه ماء من نهر بينه وبينه مائتا فرسخ، ورتبوا ألفًا من البراهمة يواظبون على خدمته ويحلقون رؤوس زواره ولحاهم وأجروا على ثلاثمائة رجل وخمسمائة امرأة كانوا يغنون للزوار، فأراد السلطان محمود بن سُبُكْتِكِينَ الغزنوي هدم سُومَنَات، وإعلاء كلمة الله في أراضي الهند، فتوجه إليها، وفي طريقه إليها غزا أَنْهَلْوَارَة ودَبُولْوَارَة، وقاتل أهلها واستولى على المدينة، ثم سار فوصل سُومَنَات، وفتح القلعة التي فيها الصنم، وهدم البيت الذي يحجونه وقتل من وجد عنده من البراهمة والمدافعين عن المدينة، فبلغوا خمسين ألفا وغنم الأموال والجواهر الكثيرة.

اسم المعركة

معركة سومنات

وقتها

ذكره أهل السير والمغازي من أحداث سنة ست عشرة وأربعمائة من الهجرة 416ه /1025م، في ذي القعدة، وكان السلطان محمود بن سُبُكْتِكِينَ قد خرج إليها في العاشر من شعبان، في خلافة القادر بالله، أبو العباس البويهي. انظر: "تحقيق ما للهند من مقولة" للبيروني (ص 390)، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (7 /684)، "تاريخ ابن خلدون" (4 /491).

موقعها

سُومَنَات. قال البيروني: «وهو حجر «سُومَنَات»، و «سوم» هو القمر و «نات» الصاحب فهو «صاحب القمر». "تحقيق ما للهند من مقولة" للبيروني (ص 390).

الطرف الأول

قائد المسلمين السلطان محمود بن سُبُكْتِكِينَ الغزنوي.

سببها

كان سبب هذه الغزوة أن السلطان محمود بن سُبُكْتِكِينَ الغزنوي سمع بتقديس أهل الهند لسُومَنَات صنم لهم، وعبادتهم له من دون الله، فأراد هدمها وإعلاء كلمة الله في أراضي الهند.ش

أحداثها

فتح يمين الدولة السلطان محمود بن سُبُكْتِكِينَ الغزنوي في بلاد الهند عدة حصون ومدن، وأخذ الصنم المعروف بسُومَنَات، وهذا الصنم كان أعظم أصنام الهند، وهم يحجون إليه كل ليلة خسوف، فيجتمع عنده ما ينيف على مائة ألف إنسان، وتزعم الهنود أن الأرواح إذا فارقت الأجسام اجتمعت إليه على مذهب التناسخ، فينشئها فيمن شاء، وأن المد والجزر الذي عنده إنما هو عبادة البحر على قدر استطاعته، وكانوا يحملون إليه كل علق نفيس، ويعطون سدنته كل مال جزيل، وله من الموقوف ما يزيد على عشرة آلاف قرية، وقد اجتمع في البيت الذي هو فيه من نفيس الجوهر ما لا تحصى قيمته. كما كان لأهل الهند أيضا نهر كبير يسمى كُنْكَ، يعظمونه غاية التعظيم، ويلقون فيه عظام من يموت من كبرائهم، ويعتقدون أنها تساق إلى جنة النعيم. وبين هذا النهر وبين سُومَنَات نحو مائتي فرسخ، وكان يُحْمَلُ من مائه كل يوم إلى سُومَنَات ما يغسل به، ويكون عنده من الْبَرَهْمِيِّينَ كل يوم ألف رجل لعبادته وتقديم الوفود إليه، وثلاثمائة رجل يحلقون رؤوس زواره ولحاهم، وثلاثمائة رجل وخمسمائة أمة يغنون ويرقصون على باب الصنم، ولكل واحد من هؤلاء شيء معلوم كل يوم. وكان يمين الدولة كلما فتح من الهند فتحا، وكسر صنما يقول الهنود: إن هذه الأصنام قد سخط عليها سُومَنَات، ولو أنه راض عنها لأهلك من تقصدها بسوء، فلما بلغ ذلك يمين الدولة عزم على غزوه وإهلاكه ظنا منه أن الهنود إذا فقدوه ورأوا كذب ادعائهم الباطل دخلوا في الإسلام، فاستخار الله تعالى وسار عن غَزْنَةَ عاشر شعبان في ثلاثين ألف فارس من عساكره سوى المتطوعة، وسلك سبيل الْمُلْتَانِ، فوصلها منتصف شهر رمضان. وفي طريقه إلى الهند بَرِيَّةُ قفر، لا ساكن فيها ولا ماء ولا ميرة، فتجهز هو وعسكره على قدرها، ثم زاد بعد الحاجة عشرين ألف جمل تحمل الماء والميرة، وقصد أَنْهَلْوَارَة، فلما قطع المفازة رأى في طرفها حصونا مشحونة بالرجال، وعندها آبار قد غوروها ليتعذر عليه حصارها، فيسر الله تعالى فتحها عند قربه منها بالرعب الذي قذفه في قلوبهم، وتسلمها، وقتل سكانها وأهلك أوثانها، وامتاروا منها الماء وما يحتاجون إليه. وسار إلى أَنْهَلْوَارَة، فوصلها مستهل ذي القعدة، فرأى صاحبها المدعو بَهِيمَ قد أجفل عنها وتركها وأمعن في الهرب، وقصد حصنا له يحتمي به، فاستولى يمين الدولة على المدينة، وسار إلى سُومَنَات، فلقي في طريقه عدة حصون، فيها كثير من الأوثان شبه الْحُجَّابِ وَالنُّقَبَاءِ لسُومَنَات، على ما سوّل لهم الشيطان، فقاتل من بها، وفتحها وخربها، وكسر أصنامها، وأكمل السير إلى سُومَنَات في مفازة قفرة قليلة الماء، فلقي فيها عشرين ألف مقاتل من سكانها لم يدينوا للملك، فأرسل إليهم السرايا، فقاتلوهم فهزموهم وغنموا مالهم، وامتاروا من عندهم، وساروا حتى بلغوا دَبُولْوَارَة، وهي على مرحلتين من سُومَنَات، وقد ثبت أهلها له ظنا منهم أن سُومَنَات يمنعهم ويدفع عنهم، فاستولى عليها، وشل رجالها، وغنم أموالها، وسار عنها إلى سُومَنَات، فوصلها يوم الخميس منتصف ذي القعدة، فرأى حصنا حصينا مبنيا على ساحل البحر بحيث تبلغه أمواجه، وأهله على الأسوار يتفرجون على المسلمين، واثقين أن معبودهم يقطع دابرهم ويهلكهم. فلما كان الغد، هو الجمعة، زحف وقاتل من به، فرأى الهنود من المسلمين قتالا لم يعهدوا مثله، ففارقوا السور، فنصب المسلمون عليه السلالم، وصعدوا إليه وأعلنوا بكلمة الإخلاص، وأظهروا شعار الإسلام، فحينئذ اشتد القتال، وعظم الخطب، وتقدم جماعة الهنود إلى سُومَنَات، فَعَفَّرُوا له خدودهم، وسألوه النصر، وأدركهم الليل، فكف بعضهم عن بعض. فلما كان الغد بكّر المسلمون إليهم وقاتلوهم، فأكثروا في الهنود القتل، وأجلوهم عن المدينة إلى بيت صنمهم سُومَنَات، فقاتلوا على بابه أشد قتال، وكان الفريق منهم بعد الفريق يدخلون إلى سُومَنَات فيعتنقونه ويبكون ويتضرعون إليه، ويخرجون فيقاتلون إلى أن يقتلوا، حتى كاد الفناء يستوعبهم، فبقي منهم القليل، فدخلوا البحر إلى مركبين لهم لينجوا فيهما، فأدركهم المسلمون فقتلوا بعضا وغرق بعض. وأما البيت الذي فيه سُومَنَات فهو مبني على ست وخمسين سارية من الساج المصفح بالرصاص، وسُومَنَات من حجر طوله خمسة أذرع، ثلاثة مدورة ظاهرة، وذراعان في البناء، وليس بصورة مصورة، فأخذه يمين الدولة فكسره، وأحرق بعضه، وأخذ بعضه معه إلى غَزْنَةَ، فجعله عتبة الجامع، وكان بيت الصنم مظلما، وإنما الضوء الذي عنده من قناديل الجوهر الفائق، وكان عنده سلسلة ذهب فيها جرس، ووزنها مائتا مَنٍّ، كلما مضى طائفة معلومة من الليل حركت السلسلة فيصوت الجرس فيقوم طائفة من البرهميين إلى عبادتهم، وعنده خزانة فيها عدد من الأصنام الذهبية والفضية، وعليها الستور المعلقة المرصعة بالجوهر، كل واحد منها منسوب إلى عظيم من عظمائهم، وقيمة ما في البيوت تزيد على عشرين ألف ألف دينار، فأخذ الجميع، وكانت عدد القتلى تزيد على خمسين ألف قتيل. ثم إن يمين الدولة ورد عليه الخبر أن بهيم صاحب أَنْهَلْوَارَة قد قصد قلعة تسمى كَنَدْهَةَ في البحر، بينها وبين البر من جهة سُومَنَات أربعون فرسخا، فسار إليها يمين الدولة من سُومَنَات، فلما حاذى القلعة رأى رجلين من الصيادين، فسألهما عن خوض البحر هناك، فعرفاه أنه يمكن خوضه لكن إن تحرك الهواء يسيرا غرق من فيه. فاستخار الله تعالى، وخاضه هو ومن معه فخرجوا سالمين، فرأوا بهيم وقد فارق قلعته وأخلاها فعاد عنها، وقصد المنصورة، وكان صاحبها قد ارتد عن الإسلام، فلما بلغه خبر مجيء يمين الدولة فارقها واحتمى بغياض أَشِبَةَ، فقصده يمين الدولة من موضعين، فأحاط به وبمن معه، فقتل أكثرهم، وغرق منهم كثير، ولم ينج منهم إلا القليل. انظر: "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" لابن الجوزي (15 /212)، "الكامل في التاريخ" لابن الأثير (7 /684- 687)، "البداية والنهاية" لابن كثير (12 /30)، "تاريخ ابن خلدون" (4 /491- 493)، "معارك إسلامية خالدة" لمحمد الجنباز (ص 107).

نتيجتها

غزا السلطان محمود بن سُبُكْتِكِينَ في طريقه إلى سُومَنَات أَنْهَلْوَارَة ودَبُولْوَارَة، وقاتل أهلها فانتصر عليهم، واستولى على المدينة، وغنم منهم. قاتل السلطان محمود والمسلمون مَن بسُومَنَات من الهنود قتالا لم يعهدوا مثله، حتى فارقوا السور، فنصب المسلمون عليه السلالم، وصعدوا إليه وأعلنوا بكلمة الإخلاص، وأظهروا شعار الإسلام، فحينئذ اشتد القتال، وعظم الخطب، حتى كان اليوم الثاني فأكثر المسلمون في الهنود القتل، وأجلوهم عن المدينة إلى بيت صنمهم سُومَنَات، فقاتلوا على بابه أشد قتال، حتى كاد الفناء يستوعبهم، فبقي منهم القليل، وفر من نجا منهم في البحر فلحق بهم المسلمون وقاتلوهم، وكانت عدد القتلى تزيد على خمسين ألف قتيل. غنم المسلمون منهم أموالا كثيرة، وكان عند بيت الصنم سلسلة ذهب فيها جرس، وزنها مائتا مَنٍّ، وعنده خزانة فيها عدد من الأصنام الذهبية والفضية، وعليها الستور المعلقة المرصعة بالجوهر، كل واحد منها منسوب إلى عظيم من عظمائهم، وقيمة ما في البيوت تزيد على عشرين ألف ألف دينار، فأخذ الجميع السلطان محمود.