البحث

عبارات مقترحة:

الوارث

كلمة (الوراث) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَرِثَ يَرِثُ)، وهو من...

التواب

التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...

الحكيم

اسمُ (الحكيم) اسمٌ جليل من أسماء الله الحسنى، وكلمةُ (الحكيم) في...

معركة شقحب

بلغ السلطان الناصر محمد بن قلاوون خبر زحف التتار وطمعهم في أراضي الشام، وخوف الناس ورعبهم منهم حتى أرادوا الفرار وترك بلادهم، فقدّم العساكر من مصر، وتقدّم الأمراء بين يديه في عساكرهم، ووصل السلطان في عساكره وجموعه غرّة رمضان ، فرتب مصافه وخرج لقصدهم، فالتقى الجمعان بمَرْجُ الصُّفَّر، وحمل التتار على ميمنة السلطان، فثبّت الله أقدامهم، وصابروهم إلى أن غشيهم الليل، واستشهد جماعة في الجولة، ثم انهزم التتار ولجأوا الى الجبل يعتصمون به، واتبعهم السلطان، فأحاط بالجبل إلى أن أظلّ الصباح، واستماتهم المسلمون، فأفرجوا لهم من بعض الجوانب وتسلل معظمهم مع قَطْلُو شاه وجوبان، وحملت العساكر الشامية على من بقي منهم، فاستلحموهم وأبادوهم، واتبعت الخيول آثار المنهزمين، وغرق الهاريين في نهر الفرات، ووحلت خيولهم فيها، فاستوعبوهم قتلًا، وبعث السلطان البشائر إلى مصر، ثم دخل إلى دمشق، وأقام بها عيد الفطر، وخرج لثالثه منها إلى مصر.

اسم المعركة

وقعة شَقْحَب، وقعة مَرْجُ الصُّفَّر.

وقتها

ذكره أهل السير والمغازي من أحداث سنة اثنتين وسبعمائة من الهجرة 702ه /1302م، التقى السلطان الملك الناصر بجيوش التتار في مَرْجُ الصُّفَّر في غرّة رمضان، وكانت الوقعة من العصر يوم السبت ثانى رمضان إلى الساعة الثانية من يوم الأحد ثالث رمضان، وفي يوم الاثنين رابع رمضان رجع الناس من الكُسْوَة إلى دمشق، عاد السلطان إلى الديار المصرية يوم الثلاثاء ثالث شوال بعد أن صام رمضان وعيد بدمشق. انظر: "العبر في خبر من غبر" للذهبي (4 /5)، "البداية والنهاية" لابن كثير (14 /23)، "تاريخ ابن خلدون" (5 /478)، "شذرات الذهب" لابن العماد الحنبلي (8 /234).

موقعها

التقى الجمعان بمَرْجُ الصُّفَّر، وهو المسمى بشَقْحَب. شَقْحَب: موضع قرب دمشق، بقرب الكُسْوَة، بطرف مَرْجُ الصُّفَّر، تحت جبل غَبَاغِب. انظر: "المختصر في أخبار البشر" لأبي الفداء (4 /48)، "النجوم الزاهرة" 8 /159، "العقد الثمين" لابن الفاسي (3 /230). والكُسْوَة. قال الحموي: «قرية هي أول منزل تنزله القوافل إذا خرجت من دمشق إلى مصر». "معجم البلدان" لياقوت الحموي (4 /461). ومَرْجُ الصُّفَّر: موضع بدمشق أيضا. قال محمد حسن شرّاب: «وهو سهل واسع على مسافة 37 كيلًا جنوب دمشق، وفي شرقي قرية شَقْحَب في سورية، ويشمل بعض أراضي قرى زاكية وشَقْحَب وأركيس والزريفية، جرت فيه معارك حاسمة منها معركة بين العرب الفاتحين والروم سنة 14 هـ، ومعركة في أيام بني مروان ومعركة بين المسلمين والصليبيين سنة 519 هـ، ومعركة التتار وجيش المسلمين سنة 702 هـ في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون». "المعالم الأثيرة في السنة والسيرة" لمحمد شرّاب (ص 248). وغَبَاغِب. قال الحموي: «وهي قرية في أول عمل حوران من نواحي دمشق بينهما ستة فراسخ». "معجم البلدان" لياقوت الحموي (4 /184).

الطرف الأول

جيش المسلمين بقيادة السلطان الناصر محمد بن قلاوون.

الطرف الثاني

جيش التتار بقيادة قَطْلُوشاه نائب السلطان قازان، وجوبان.

سببها

وسبب هذه المعركة ما تواترت به الأخبار سنة اثنتين وسبعمائة من حركة التتار، وأنّ قَطْلُو شاه أحد عظماء دولة التتار وصل الى جهة الفرات، وأنه قدّم كتابه الى نائب حلب بأنّ بلادهم محلة، وأنهم يرتادون المراعي بنواحي الفرات، ثم وصلت الأخبار بإجازتهم الفرات فأجفل الناس أمامهم كل ناحية، وأغار التتار على أحياء من التركمان، فكان الناس في جفل عظيم من بلاد حلب وحماة وحمص وتلك النواحي، وتقهقر الجيش الحلبي والحموي إلى حمص، ثم خافوا أن يدهمهم التتار، فجاءوا فنزلوا مَرْجَ الصُّفَّر يوم الأحد خامس شعبان، وهو المسمى بشَقْحَب، ووصل التتار إلى حمص وبعلبك، وعاثوا في تلك الأراضي فسادًا، وقلق الناس قلقًا عظيمًا، وخافوا خوفًا شديدًا. انظر: "البداية والنهاية" لابن كثير (14 /23)، "تاريخ ابن خلدون" (5 /478)، "شذرات الذهب" لابن العماد الحنبلي (8 /234).

أحداثها

قصد التتار الشام، ووصل جيوش السلطان قازان إلى مدينة الرحبة ونزلوها، وتقدّم قَطْلُوشاه وجوبان بعساكرهم، يقال في تسعين ألفًا أو يزيدون، وبلغ السلطان الناصر الخبر، فبعث العساكر من مصر مددًا لأهل الشام، حتى وصلوا ظاهر دمشق، فقدمت طائفة كبيرة من عساكر المصريين، فيهم الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير والأمير حسام الدين لاجين المعروف بالأستادار المنصوري والأمير سيف الدين كراي المنصوري، ثم قدمت بعدهم طائفة أخرى فيهم بدر الدين أمير سلاح وأيبك الخزندار، وساروا في التعبئة، فقويت القلوب واطمأن كثير من الناس. وكان التتار قد أغاروا على أحياء من التركمان، فكان الناس في بلاد حلب وحماة وحمص وتلك النواحي في جفل عظيم، وتقهقر الجيش الحلبي والحموي إلى حمص، ثم خافوا أن يدهمهم التتار، فجاءوا فنزلوا مَرْجُ الصُّفَّر يوم الأحد خامس شعبان، ووصل التتار إلى حمص وبعلبك، وعاثوا في تلك الأراضي فسادًا، وقلق الناس قلقًا عظيمًا، وخافوا خوفًا شديدًا. وتحدث الناس بالشائعات، فاجتمع الأمراء يوم الأحد بالميدان ينتظرون وصول السلطان، فارتابوا لزحف التتار، وتأخروا عن مراكزهم قليلا، وارتاعت الرعايا من تأخرهم، فأجفلوا إلى نواحي مصر، وقال الناس: لا طاقة لجيش الشام مع هؤلاء المصريين بلقاء التتار لكثرتهم، وإنما سبيلهم أن يتأخروا عنهم مرحلة مرحلة، ثم تحالف الأمراء على لقاء العدو، وشجعوا أنفسهم، ونودي بالبلد أن لا يرحل أحد منه، فسكن الناس وجلس القضاة بالجامع، وحلفوا جماعة من الفقهاء والعامة على القتال، وتوجه الشيخ تقي الدين بن تيمية إلى العسكر الواصل من حماة، فاجتمع بهم في القطيعة، فأعلمهم بما تحالف عليه الأمراء والناس من لقاء العدو، فأجابوا إلى ذلك وحلفوا معهم، وكان الشيخ تقي الدين بن تيمية يحلف للأمراء والناس إنكم في هذه الكرة منصورون، فيقول له الأمراء: قل إن شاء الله، فيقول إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا، وكان يتأول في ذلك أشياء من كتاب الله منها قوله تعالى: ﴿ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ﴾ الشورى: 60. وفي اليوم الرابع والعشرين من شعبان خرجت العساكر الشامية، فخيمت على الجسورة من ناحية الكُسْوَة، ومعهم القضاة، فصار الناس فيهم فريقين، فريق يقولون: إنما ساروا ليختاروا موضعا للقتال فإن المرج فيه مياه كثيرة فلا يستطيعون معها القتال، وقال فريق: إنما ساروا لتلك الجهة ليهربوا وليلحقوا بالسلطان. فلما كانت ليلة الخميس ساروا إلى ناحية الكُسْوَة، فقويت ظنون الناس في هربهم، وقد وصلت التتار إلى قارة، وقيل إنهم وصلوا إلى القطيعة، فانزعج الناس لذلك شديدا، ولم يبق حول القرى والحواضر أحد، وامتلأت القلعة والبلد، وازدحمت المنازل والطرقات، واضطرب الناس، وخرج الشيخ تقي الدين بن تيمية صبيحة يوم الخميس من شعبان من باب النصر بمشقة كبيرة، وصحبته جماعة ليشهد القتال بنفسه ومن معه، فظنوا أنه إنما خرج هاربًا فحصل اللوم من بعض الناس، وقالوا: أنت منعتنا من الجفل وها أنت هارب من البلد؟ فلم يرد عليهم وبقي البلد ليس فيه حاكم، وجاس اللصوص والحرافيش فيه وفي بساتين الناس يخربون وينتهبون ما قدروا عليه، ويقطعون المشمش قبل أوانه والباقلاء والقمح وسائر الخضار، وحيل بين الناس وبين خبر الجيش، وانقطعت الطرق إلى الكُسْوَة، وظهرت الوحشة على البلد والحواضر، وليس للناس شغل غير الصعود إلى المآذن ينظرون يمينا وشمالا، وإلى ناحية الكُسْوَة فتارة يقولون: رأينا غبرة فيخافون أن تكون من التتار، ويتعجبون من الجيش مع كثرتهم وجودة عدتهم وعددهم، أين ذهبوا؟ فلا يدرون ما فعل الله بهم، فانقطعت الآمال وألح الناس في الدعاء والابتهال وفي الصلوات وفي كل حال، وذلك يوم الخميس التاسع والعشرين من شعبان، وكان الناس في خوف ورعب لا يعبر عنه، لكن كان الفرج من ذلك قريبا، ولكن أكثرهم لا يفلحون، فلما كان آخر هذا اليوم وصل الأمير فخر الدين أياس المرقبي أحد أمراء دمشق، فبشر الناس بخير، وهو أن السلطان قد وصل وقت اجتمعت العساكر المصرية والشامية، وقد أرسلني أكشف هل طرق البلد أحد من التتار، فوجد الأمر كما يحب لم يطرقها أحد منهم، وذلك أن التتار عرجوا من دمشق إلى ناحية العساكر المصرية، ولم يشتغلوا بالبلد، وقد قالوا إن غلبنا فإن البلد لنا، وإن غلبنا فلا حاجة لنا به، ونودي بالبلد في تطييب الخواطر، وأن السلطان قد وصل، فاطمأن الناس وسكنت قلوبهم. وأثبت الشهر ليلة الجمعة القاضي تقي الدين الحنبلي، فإن السماء كانت مغيمة فعلقت القناديل وصليت التراويح، واستبشر الناس بشهر رمضان وبركته، وأصبح الناس يوم الجمعة في هم شديد وخوف أكيد، لأنهم لا يعلمون ما خبر الناس، فبينما هم كذلك إذ جاء الأمير سيف الدين غرلو العادلي، فاجتمع بنائب القلعة، ثم عاد سريعا إلى العسكر، ولم يدر أحد ما أخبر به، ووقع الناس في الخوض والأقوال الكاذبة. ولمّا تهيّأت العساكر وكملت تعبئتها مشى السلطان الناصر والخليفة أبو الربيع سليمان معا، ومعهما القرّاء يتلون من القرآن الكريم ما يحثّ عزائم القوم على الثبات ويحرّضهم على الصدق في اللقاء ويشوّقهم إلى الجنّة، ودارت معركة رهيبة، وركز التتار على ميمنة المسلمين فحطموها، وثبت المسيرة والقلب، ثم اندفعوا نحو التتار، فوقعت الهزيمة في صفوفهم، وحال الليل بينهم، فلما جاء الليل لجأ التتار إلى اقتحام التلول والجبال والآكام، فلما أسفر الصبح شاهد التتار كثرة المسلمين، فأحاط بهم المسلمون يحرسونهم من الهرب، ويرمونهم عن قوس واحدة إلى وقت الفجر، فقتلوا منهم ما لا يعلم عدده إلا الله عز وجل، وجعلوا يجيئون بهم في الحبال فتضرب أعناقهم، ثم اقتحم منهم جماعة الهزيمة فنجا منهم قليل، ثم كانوا يتساقطون في الأودية والمهالك، ثم بعد ذلك غرق منهم جماعة في الفرات بسبب الظلام، وكشف الله بذلك عن المسلمين غمة عظيمة شديدة، ولله الحمد والمنة. وكان الخليفة أبو الربيع سليمان في صحبة السلطان، ولما اصطفت العساكر والتحم القتال ثبت السلطان ثباتا عظيما، وأمر بجواده فقيّد حتى لا يهرب، وبايع الله تعالى في ذلك الموقف، وجرت خطوب عظيمة، وقتل جماعة من سادات الأمراء يومئذ، منهم الأمير حسام الدين لاجين الرومي أستاذ دار السلطان، وثمانية من الأمراء المقدمين معه، وصلاح الدين بن الملك السعيد الكامل بن السعيد بن الصالح إسماعيل، وخلق من كبار الأمراء، ثم نزل النصر على المسلمين قريب العصر يومئذ، واستظهر المسلمون عليهم ولله الحمد والمنة. وكان الناس قد أصبحوا يوم السبت على ما كانوا عليه من الخوف وضيق الأمر، فرأوا من المآذن سوادا وغبرة من ناحية العسكر والعدو، فغلب على الظنون أن الوقعة في هذا اليوم، فابتهلوا إلى الله عز وجل بالدعاء في المساجد والبلد، وطلع النساء والصغار على الأسطحة وكشفوا رؤوسهم، وضج البلد ضجة عظيمة، ووقع في ذلك الوقت مطر عظيم غزير، ثم سكن الناس، فلما كان بعد الظهر قرأت بطاقة بالجامع تتضمن أن في الساعة الثانية من نهار السبت هذا اجتمعت الجيوش الشامية والمصرية مع السلطان في مَرْجُ الصُّفَّر، وفيها طلب الدعاء من الناس والأمر بحفظ القلعة، والتحرز على الأسوار فدعا الناس في المآذن والبلد، وانقضى النهار وكان يوما مزعجا هائلا، وأصبح الناس يوم الأحد يتحدثون بكسر التتار، وخرج الناس إلى ناحية الكُسْوَة فرجعوا ومعهم شيء من المكاسب، ومعهم رؤوس من رؤوس التتار، وصارت كسرة التتار تقوى وتتزايد قليلا قليلا حتى اتضحت جملة، ولكن الناس لما عندهم من شدة الخوف وكثرة التتار لا يصدقون، فلما كان بعد الظهر قرئ كتاب السلطان إلى متولي القلعة يخبر فيه باجتماع الجيش ظهر يوم السبت بشَقْحَب وبالكُسْوَة، ثم جاءت بطاقة بعد العصر من نائب السلطان جمال الدين آقوش الأفرم إلى نائب القلعة مضمونها أن الوقعة كانت من العصر يوم السبت إلى الساعة الثانية من يوم الأحد، وأن السيف كان يعمل في رقاب التتار ليلا ونهارا، وأنهم هربوا وفروا واعتصموا بالجبال والتلال، وأنه لم يسلم منهم إلا القليل، فأمسى الناس وقد استقرت خواطرهم وتباشروا لهذا الفتح العظيم والنصر المبارك، ودقت البشائر بالقلعة من أول النهار المذكور، ونودي بعد الظهر بإخراج الجفال من القلعة لأجل نزول السلطان بها، وشرعوا في الخروج. وفي يوم الاثنين رابع رمضان رجع الناس من الكُسْوَة إلى دمشق فبشروا الناس بالنصر، وفيه دخل الشيخ تقي الدين بن تيمية البلد ومعه أصحابه من الجهاد، ففرح الناس به ودعوا له، وهنئوه بما يسر الله على يديه من الخير، وذلك أنه ندبه العسكر الشامي أن يسير إلى السلطان يستحثه على السير إلى دمشق فسار إليه، فحثه على المجيء إلى دمشق بعد أن كاد يرجع إلى مصر، فجاء هو وإياه جميعًا، فسأله السلطان أن يقف معه في معركة القتال، فقال له الشيخ: السنة أن يقف الرجل تحت راية قومه، ونحن من جيش الشام لا نقف إلا معهم، وحرض السلطان على القتال، وبشره بالنصر، وأفتى الناس بالفطر مدة قتالهم وأفطر هو أيضا، وكان يدور على الأجناد والأمراء فيأكل من شيء معه في يده ليعلمهم أن إفطارهم ليتقووا على القتال أفضل، فيأكل الناس، وكان يتأول في الشاميين قوله «إنكم ملاقوا العدو غدا، والفطر أقوى لكم»، فعزم عليهم في الفطر عام الفتح كما في حديث أبي سعيد الخدري. ودخل السلطان إلى دمشق يوم الثلاثاء خامس رمضان وبين يديه الخليفة، وزيّنت البلد، وفرح كل واحد من أهل الجمعة والسبت والأحد، فنزل السلطان في القصر الأبلق والميدان، ثم تجول إلى القلعة يوم الخميس وصلى بها الجمعة، وخلع على نواب البلاد وأمرهم بالرجوع إلى بلادهم، واستقرت الخواطر، وذهب اليأس وطابت قلوب الناس، وعزل السلطان ابن النحاس عن ولاية المدينة، وجعل مكانه الأمير علاء الدين أيدغدي أمير علم، وعزل صارم الدين إبراهيم والي الخاص عن ولاية البر وجعل مكانه الأمير حسام الدين لاجين الصغير، ثم عاد السلطان إلى الديار المصرية يوم الثلاثاء ثالث شوال بعد أن صام رمضان وعيد بدمشق. انظر: "البداية والنهاية" لابن كثير (14 /23- 27)، "تاريخ ابن خلدون" (5 /478- 479).

نتيجتها

كان من أحداث هذه الغزاة أن الناس تكلموا في كيفية قتال هؤلاء التتار من أي قبيل هو، فإنهم يظهرون الإسلام وليسوا بغاة على الإمام، فإنهم لم يكونوا في طاعته في وقت ثم خالفوه، فقال الشيخ تقي الدين: هؤلاء من جنس الخوارج الذين خرجوا على علي ومعاوية، ورأوا أنهم أحق بالأمر منهما، وهؤلاء يزعمون أنهم أحق بإقامة الحق من المسلمين، ويعيبون على المسلمين ما هم متلبسون به من المعاصي والظلم، وهم متلبسون بما هو أعظم منه بأضعاف مضاعفة، فتفطن العلماء والناس لذلك، وكان يقول للناس: إذا رأيتموني من ذلك الجانب وعلى رأسي مصحف فاقتلوني، فتشجع الناس في قتال التتار وقويت قلوبهم ونياتهم ولله الحمد. كان النصر في هذه المعركة حليف المسلمين، وقتلوا من التتار ما لا يعلم عدده إلا الله عز وجل، وقتل جماعة من سادات أمراء المسلمين يومئذ، منهم الأمير حسام الدين لاجين الرومي أستاذ دار السلطان، وثمانية من الأمراء المقدمين معه، وصلاح الدين بن الملك السعيد الكامل بن السعيد بن الصالح إسماعيل، وخلق من كبار الأمراء، ثم نزل النصر على المسلمين قريب العصر، واستظهر المسلمون عليهم، ولله الحمد والمنة.