العزيز
كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...
الزِّيادَةُ عَلَى الشَّيْءِ، تَقولُ: أَضَافَ شَيْئًا إِذَا زَادَهُ، وَأَصْلُ الإضَافةِ: مَيْلُ الشَّيْءِ إِلَى الشَّيْءِ، يُقَالُ: أَضَفْتُ الشَّيْءَ إِلَى الشَّيْءِ: أي أَمَلْتُهُ، وَضَافَتْ الشَّمْسُ تَضِيفُ أَيْ مَالَتْ، وَمِنْ مَعانِي الإِضاَفَةِ أَيْضًا: الإِلْحَاقُ والضَمُّ والإِسْنادُ.
يَذْكُرُ الفُقَهَاءُ مُصْطَلَحَ (إِضَافَةٍ) فِي مَوَاطِنَ عَدِيدَةٍ مِنْهَا: بَابُ الخُلْعِ وَالإِيلاَءِ وَالظِّهارِ مِنْ كِتابِ النِّكاحِ، وَكِتابُ البُيوعِ فِي بَابِ الخِيارِ ، وَالوَكالَةِ، وَالوَصِيَّةِ، وَالوَقْفِ، وَغَيْرُهَا.
ضم الشيء إلى الشيء، أو إسناده، ونسبته إليه.
* مقاييس اللغة : 382/3 - مختار الصحاح : ص186 - لسان العرب : 208/9 - مقاييس اللغة : 382/3 - تيسير التحرير : 128/1 - بدائع الصنائع : 1838/4 - كشاف القناع : 254/5 - تيسير التحرير : 128/1 - المستصفى : 163/2 -
التَّعْرِيفُ:
1 - الإِْضَافَةُ: مَصْدَرٌ فِعْلُهُ أَضَافَ، عَلَى وَزْنِ أَفْعَل.
وَمِنْ مَعَانِي الإِْضَافَةِ فِي اللُّغَةِ: ضَمُّ الشَّيْءِ إِلَى الشَّيْءِ، أَوْ إِسْنَادُهُ أَوْ نِسْبَتُهُ.
وَالإِْضَافَةُ عِنْدَ النُّحَاةِ: ضَمُّ اسْمٍ إِلَى اسْمٍ عَلَى وَجْهٍ يُفِيدُ تَعْرِيفًا أَوْ تَخْصِيصًا. (1)
وَالإِْضَافَةُ عِنْدَ الْحُكَمَاءِ هِيَ: نِسْبَةٌ مُتَكَرِّرَةٌ، بِحَيْثُ لاَ تُعْقَل إِحْدَاهُمَا إِلاَّ مَعَ الأُْخْرَى، كَالأُْبُوَّةِ وَالْبُنُوَّةِ.
أَمَّا الإِْضَافَةُ فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ: فَلاَ تُخْرَجُ فِي مَعْنَاهَا عَنِ الْمَعَانِي اللُّغَوِيَّةِ السَّابِقَةِ، وَهِيَ الإِْسْنَادُ وَالنِّسْبَةُ وَضَمُّ الشَّيْءِ إِلَى الشَّيْءِ. 2 - وَيُقْصَدُ بِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إِلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَل إِرْجَاءُ آثَارِ التَّصَرُّفِ إِلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَل الَّذِي حَدَّدَهُ الْمُتَصَرِّفُ، فَالإِْضَافَةُ تُؤَخِّرُ تَرَتُّبَ الْحُكْمِ عَلَى السَّبَبِ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ السَّبَبُ، فَيَتَحَقَّقُ السَّبَبُ الْمُضَافُ قَبْل تَحَقُّقِ الْوَقْتِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ بِلاَ مَانِعٍ. وَعَدَمُ الْمَانِعِ وَهُوَ التَّكَلُّمُ بِالسَّبَبِ بِلاَ تَعْلِيقٍ يَقْتَضِي تَحَقُّقَهُ، غَايَةُ الأَْمْرِ أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى الإِْضَافَةِ تَأْخِيرُ الْحُكْمِ الْمُسَبَّبِ إِلَى وُجُودِ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي هُوَ كَائِنٌ لاَ مَحَالَةَ، إِذِ الزَّمَانُ مِنْ لَوَازِمِ الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ، فَالإِْضَافَةُ إِلَيْهِ إِضَافَةٌ إِلَى مَا قُطِعَ بِوُجُودِهِ، وَفِي مِثْلِهِ يَكُونُ الْغَرَضُ مِنَ الإِْضَافَةِ تَحْقِيقُ الْمُضَافِ إِلَيْهِ. (2)
وَإِذَا كَانَتِ الإِْضَافَةُ بِمَعْنَى الضَّمِّ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تَكُونُ بِمَعْنَى الزِّيَادَةِ، فَتُحَال أَحْكَامُهَا حِينَئِذٍ إِلَى مُصْطَلَحِ (زِيَادَةٌ) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - التَّعْلِيقُ:
3 - التَّعْلِيقُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ رَبْطُ حُصُول مَضْمُونِ جُمْلَةٍ بِحُصُول مَضْمُونِ جُمْلَةٍ أُخْرَى. وَبَعْضُ صُوَرِ التَّعْلِيقِ تُسَمَّى يَمِينًا مَجَازًا. (3)
هَذَا، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي فَتْحِ الْغَفَّارِ الْفَرْقَ مِنْ وَجْهَيْنِ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالإِْضَافَةِ الَّتِي بِمَعْنَى إِسْنَادِ الْحُكْمِ إِلَى زَمَنٍ آخَرَ، وَلَكِنْ لَمْ يَسْلَمُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنَ الاِعْتِرَاضِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّعْلِيقَ يَمِينٌ، وَهِيَ إِذَا كَانَ الْمَقْصُودُ بِهَا الْبِرَّ أَفَادَتِ انْتِفَاءَ الْمُعَلَّقِ، وَلاَ يُفْضِي إِلَى الْحُكْمِ، أَمَّا الإِْضَافَةُ فَهِيَ لِثُبُوتِ حُكْمِ السَّبَبِ فِي وَقْتِهِ، لاَ لِمَنْعِهِ، فَيَتَحَقَّقُ السَّبَبُ بِلاَ مَانِعٍ. إِذِ الزَّمَانُ مِنْ لَوَازِمِ الْوُجُودِ.
وَالْفَرْقُ الثَّانِي: أَنَّ الشَّرْطَ عَلَى خَطَرِ (احْتِمَال الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ) وَلاَ خَطَرَ فِي الإِْضَافَةِ. (4) وَيُرْجَعُ إِلَى كُتُبِ الأُْصُول لِلاِعْتِرَاضَاتِ عَلَى هَذَيْنِ الْفَرْقَيْنِ، وَالأَْجْوِبَةِ عَنْهَا.
ب - التَّقْيِيدُ:
4 - التَّقْيِيدُ فِي الْعُقُودِ هُوَ: الْتِزَامُ حُكْمٍ فِي التَّصَرُّفِ الْقَوْلِيِّ، لاَ يَسْتَلْزِمُهُ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ فِي حَال إِطْلاَقِهِ.
ج - الاِسْتِثْنَاءُ:
5 - الاِسْتِثْنَاءُ: قَوْلٌ ذُو صِيَغٍ مَخْصُوصَةٍ مَحْصُورَةٍ، دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْمَذْكُورَ فِيهِ لَمْ يَرُدَّ بِالْقَوْل الأَْوَّل. (5)
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الإِْضَافَةِ: أَنَّ الْحُكْمَ فِي الاِسْتِثْنَاءِ يَثْبُتُ فِي الْحَال، فَلَوْ قَال الْمُقِرُّ: لِفُلاَنٍ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إِلاَّ ثَلاَثًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مُقِرًّا بِسَبْعٍ، بِخِلاَفِ الإِْضَافَةِ، فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهَا لاَ يَثْبُتُ إِلاَّ عِنْدَ وُجُودِ الزَّمَنِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ الْحُكْمُ، كَمَا لَوْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ أَوَّل الشَّهْرِ، فَإِنَّهَا لاَ تَطْلُقُ إِلاَّ إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ. أَمَّا الاِسْتِثْنَاءُ فَإِنَّ تَأْخِيرَ الْمُسْتَثْنَى عَنِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ (أَيِ الْفَصْل) لِغَيْرِ عُذْرٍ يُبْطِلُهُ.
د - التَّوَقُّفُ:
6 - الْمُرَادُ بِالتَّوَقُّفِ هُنَا: عَدَمُ نَفَاذِ حُكْمِ التَّصَرُّفِ الصَّادِرِ مِنْ ذِي أَهْلِيَّةٍ لَكِنْ لاَ وِلاَيَةَ لَهُ فِيهِ. وَهُوَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْعُقُودِ الْقَابِلَةِ لَهُ، كَالْبَيْعِ وَالإِْجَارَةِ وَالنِّكَاحِ، فَإِذَا بَاعَ الْفُضُولِيُّ أَوِ اشْتَرَى فَعِنْدَ الْقَائِلِينَ بِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ يَكُونُ الْعَقْدُ مَوْقُوفًا، لاَ يَنْفُذُ إِلاَّ بَعْدَ إِجَازَةِ الْمَالِكِ فِي الْبَيْعِ، وَالْمُشْتَرِي لَهُ فِي الشِّرَاءِ. (6)
هَذَا، وَإِنَّ بَيْنَ الْعُقُودِ الْمُضَافَةِ وَالْعُقُودِ الْمَوْقُوفَةِ شَبَهًا وَفَرْقًا، فَأَمَّا الشَّبَهُ: فَهُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُوجَدُ عِنْدَ وُجُودِ الصِّيغَةِ، مَعَ تَأَخُّرِ الْحُكْمِ إِلَى الزَّمَنِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ فِي الْعَقْدِ الْمُضَافِ، أَوْ إِلَى إِجَازَةِ الْمَالِكِ فِي الْعَقْدِ الْمَوْقُوفِ.
وَأَمَّا الْفَرْقُ فَمِنْ ثَلاَثَةِ أَوْجُهٍ:
أَوَّلُهَا: أَنَّ تَرَاخِيَ الْحُكْمِ عَنِ الصِّيغَةِ فِي الْعَقْدِ الْمُضَافِ نَشَأَ مِنَ الصِّيغَةِ نَفْسِهَا، لأَِنَّ الإِْيجَابَ فِيهَا مُضَافٌ إِلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ، أَمَّا تَرَاخِي الْحُكْمِ فِي الْعَقْدِ الْمَوْقُوفِ فَلَيْسَ مَرْجِعُهُ الصِّيغَةَ، لأَِنَّهَا مُنَجَّزَةٌ،
وَإِنَّمَا مَرْجِعُهُ صُدُورُ التَّصَرُّفِ مِمَّنْ لاَ وِلاَيَةَ لَهُ فِي الْعَقْدِ.
ثَانِيهَا: أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْعَقْدِ الْمَوْقُوفِ يُنَفَّذُ بَعْدَ الإِْجَازَةِ مُسْتَنِدًا إِلَى وَقْتِ صُدُورِ التَّصَرُّفِ، لأَِنَّ الإِْجَازَةَ اللاَّحِقَةَ فِيهِ كَالإِْذْنِ السَّابِقِ. بِخِلاَفِ الْعَقْدِ الْمُضَافِ، فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِ لاَ يَثْبُتُ إِلاَّ عِنْدَ مَجِيءِ الزَّمَنِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ الْحُكْمُ.
ثَالِثُهَا: أَنَّ الْعَقْدَ الْمُضَافَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ فِي الزَّمَنِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ الإِْيجَابُ، مَا دَامَ صَحِيحًا. بِخِلاَفِ الْعَقْدِ الْمَوْقُوفِ، فَإِنَّهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الإِْجَازَةِ وَالرَّدِّ فِيمَا إِذَا لَمْ يُجِزْهُ مَنْ لَهُ الْوِلاَيَةُ. فَبَيْعُ الْفُضُولِيِّ مَثَلاً لاَ يَنْفُذُ إِذَا لَمْ يُجِزْهُ الْمَالِكُ. (7) هـ - التَّعْيِينُ:
7 - التَّعْيِينُ مَعْنَاهُ: التَّحْدِيدُ وَالاِخْتِيَارُ، فَمَنْ طَلَّقَ إِحْدَى نِسَائِهِ، وَلَمْ يُعَيِّنِ الْمُطَلَّقَةَ مِنْهُنَّ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّعْيِينُ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ بِهِ. فَلَوْ قَال عِنْدَ التَّعْيِينِ: هَذِهِ الْمُطَلَّقَةُ وَهَذِهِ، أَوْ بَل هَذِهِ، أَوْ ثُمَّ هَذِهِ، تَعَيَّنَتِ الأُْولَى، لأَِنَّ التَّعْيِينَ إِنْشَاءُ اخْتِيَارٍ، لاَ إِخْبَارٌ عَنْ سَابِقٍ، وَالْبَيَانُ عَكْسُهُ، فَهُنَاكَ شَبَهٌ بَيْنَ التَّعْيِينِ وَالإِْضَافَةِ مِنْ حَيْثُ تَرَاخِي حُكْمِ التَّصَرُّفِ إِلَى التَّعْيِينِ، أَوِ الزَّمَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ.
وَالتَّعْيِينُ يَأْتِي فِي خِصَال كَفَّارَةِ الْيَمِينِ فَإِنَّ مَنْ حَنِثَ، فَخُيِّرَ فِي الْكَفَّارَةِ بَيْنَ الإِْعْتَاقِ وَالإِْطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ، فَلاَ يَنْتَقِل إِلَى الصَّوْمِ إِلاَّ بَعْدَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى خَصْلَةٍ مِنْ تِلْكَ الْخِصَال الثَّلاَثَةِ. وَعِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى خَصْلَةٍ مِنْهَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُعَيِّنَهَا (8) .
شُرُوطُ الإِْضَافَةِ:
8 - يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الإِْضَافَةِ ثَلاَثَةُ شُرُوطٍ:
الأَْوَّل: صُدُورُهَا مِنْ أَهْلِهَا، وَهُوَ شَرْطٌ مُشْتَرَكٌ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ وَالتَّصَرُّفَاتِ.
الثَّانِي: مُقَارَنَتُهَا لِلْعَقْدِ أَوِ التَّصَرُّفِ.
الثَّالِثُ: مُصَادَفَتُهَا مَحَلَّهَا الْمَشْرُوعَ مِنَ الْعُقُودِ وَغَيْرِهَا. وَسَيَأْتِي تَفْصِيل هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ.
أَنْوَاعُ الإِْضَافَةِ:
9 - (الإِْضَافَةُ) نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: الإِْضَافَةُ إِلَى الْوَقْتِ.
وَثَانِيهِمَا: الإِْضَافَةُ إِلَى الشَّخْصِ. وَمَعْنَى الإِْضَافَةِ إِلَى الْوَقْتِ: تَأْخِيرُ الآْثَارِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى الْعَقْدِ إِلَى حُلُول الْوَقْتِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الْعَقْدُ، فَإِنَّ مِنَ الْعُقُودِ مَا يَقْبَل الإِْضَافَةَ إِلَى الْوَقْتِ، وَمِنْهَا مَا لاَ يَقْبَل. وَمَعْنَى الإِْضَافَةِ إِلَى الشَّخْصِ، أَنْ يُنْسَبَ حُكْمُ التَّصَرُّفِ إِلَى شَخْصٍ مَعْلُومٍ.
النَّوْعُ الأَْوَّل
الإِْضَافَةُ إِلَى الْوَقْتِ
10 - الإِْضَافَةُ تَتْبَعُ طَبِيعَةَ التَّصَرُّفَاتِ، وَمِنَ التَّصَرُّفَاتِ مَا يُضَافُ إِلَى الْوَقْتِ، وَمِنْهَا مَا لاَ يُضَافُ إِلَيْهِ.
فَالتَّصَرُّفَاتُ الَّتِي تَصِحُّ إِضَافَتُهَا إِلَى الْوَقْتِ هِيَ: الطَّلاَقُ، وَتَفْوِيضُهُ، وَالْخُلْعُ، وَالإِْيلاَءُ، وَالظِّهَارُ، وَالْيَمِينُ، وَالنَّذْرُ، وَالْعِتْقُ، وَالإِْجَارَةُ، وَالْمُعَامَلَةُ، وَالإِْيصَاءُ، وَالْوَصِيَّةُ، وَالْقَضَاءُ، وَالْمُضَارَبَةُ، وَالْكَفَالَةُ، وَالْوَقْفُ، وَالْمُزَارَعَةُ، وَالْوَكَالَةُ.
وَهُنَاكَ تَصَرُّفَاتٌ لاَ تَصِحُّ إِضَافَتُهَا إِلَى الْوَقْتِ كَالنِّكَاحِ، وَالْبَيْعِ، وَغَيْرِهِمَا.
التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي تَقْبَل الإِْضَافَةَ إِلَى الْوَقْتِ:
الطَّلاَقُ:
11 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ إِنْ أَضَافَ الطَّلاَقَ إِلَى الْمَاضِي وَقَعَ فِي الْحَال. وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ يَلْغُو. وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى وُقُوعِ الطَّلاَقِ إِنْ نَوَاهُ، وَإِلاَّ فَهُوَ لَغْوٌ.
أَمَّا إِضَافَةُ الطَّلاَقِ إِلَى الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَل فَالْجُمْهُورُ عَلَى وُقُوعِهِ فِي أَوَّل الْوَقْتِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا أُضِيفَ إِلَى وَقْتٍ مُحَقَّقِالْوُقُوعِ وَقَعَ فِي الْحَال، لأَِنَّ إِضَافَةَ الطَّلاَقِ إِلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَل أَوِ الْمُحَقَّقِ مَجِيئُهُ تَجْعَل النِّكَاحَ مُؤَقَّتًا، فَحِينَئِذٍ يُشْبِهُ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ، وَهُوَ حَرَامٌ، فَيُنَجَّزُ الطَّلاَقُ. (9)
إِضَافَةُ تَفْوِيضِ الطَّلاَقِ لِلْمُسْتَقْبَل:
12 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْلٌ قَدِيمٌ لِلشَّافِعِيَّةِ (بِنَاءً عَلَى قَوْلٍ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْفَوْرِيَّةِ فِي تَفْوِيضِ الطَّلاَقِ إِلَى الْمَرْأَةِ، وَأَنَّهُ بِمَعْنَى التَّوْكِيل) إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ إِضَافَةُ تَفْوِيضِ الطَّلاَقِ إِلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَل.
وَالْقَوْل الْجَدِيدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْفَوْرِيَّةُ، فَلاَ يُحْتَمَل الإِْضَافَةُ إِلَى الْوَقْتِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّفْوِيضَ بِمَعْنَى التَّمْلِيكِ. (10)
إِضَافَةُ الْخُلْعِ إِلَى الْوَقْتِ:
13 - اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ إِضَافَةِ الْخُلْعِ إِلَى الْوَقْتِ. فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْل الْوَقْتِ، وَكَانَ يُرَادُ بِهِ التَّعْجِيل وَقَعَ الطَّلاَقُ بَائِنًا، وَاسْتَحَقَّ الزَّوْجُ الْعِوَضَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا إِذَا طَلَّقَ بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ الْخُلْعُ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلاَقُ، وَلاَ شَيْءَ لِلزَّوْجِ. (11) وَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلٌ فِي كَوْنِ هَذَا الطَّلاَقِ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا، يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (خُلْعٌ) .
إِضَافَةُ الإِْيلاَءِ إِلَى الْوَقْتِ:
14 - الإِْيلاَءُ يَقْبَل الإِْضَافَةَ إِلَى الْوَقْتِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، لأَِنَّ الإِْيلاَءَ يَمِينٌ، وَالْيَمِينُ يَحْتَمِل التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ وَالإِْضَافَةِ إِلَى الْوَقْتِ. (12)
إِضَافَةُ الظِّهَارِ إِلَى الْوَقْتِ:
15 - مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَعَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، أَنَّهُ يَصِحُّ إِضَافَةُ الظِّهَارِ إِلَى الْوَقْتِ. وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ إِضَافَتُهُ إِلَى الْوَقْتِ. (13) وَلَمْ نَجِدْ لِلشَّافِعِيَّةِ رَأْيًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
إِضَافَةُ الْيَمِينِ إِلَى الْوَقْتِ:
16 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ يَجُوزُ إِضَافَتُهَا إِلَى الْوَقْتِ، مَعَ تَفْصِيلٍ ذَكَرُوهُ فِي كُتُبِهِمْ. (14) وَيُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (أَيْمَانٌ) .
إِضَافَةُ النَّذْرِ إِلَى الْوَقْتِ:
17 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ إِضَافَةِ النَّذْرِ إِلَى وَقْتٍ مُسْتَقْبَلٍ، كَأَنْ يَقُول: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ شَهْرَ رَجَبٍ، أَوْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ يَوْمَ كَذَا، (15) عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي (بَابِ النَّذْرِ) .
إِضَافَةُ الإِْجَارَةِ إِلَى الْوَقْتِ:
18 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى جَوَازِ إِضَافَةِ الإِْجَارَةِ إِلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَل فِي الْجُمْلَةِ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِجَارَةٌ) (16) .
إِضَافَةُ الْمُضَارَبَةِ إِلَى الْمُسْتَقْبَل:
19 - أَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ إِضَافَةَ الْمُضَارَبَةِ إِلَى الْوَقْتِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى عَدَمِ الْجَوَازِ. (17) وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (مُضَارَبَةٌ) .
إِضَافَةُ الْكَفَالَةِ:
20 - أَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِضَافَةَ الْكَفَالَةِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي الْمَال أَمْ فِي الْبَدَنِ، لأَِنَّهَا تَبَرُّعٌ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، وَضَرْبُ أَجَلٍ لَهَا لاَ يُخِل بِالْمَقْصُودِ، فَصَحَّتْ كَالنَّذْرِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لاَ تَجُوزُ إِضَافَتُهَا أَوْ تَعْلِيقُهَا إِنْ كَانَتْ فِي الْمَال اتِّفَاقًا، وَكَذَلِكَ فِي الْبَدَنِ عَلَى الأَْصَحِّ، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ أَنَّهَا تَجُوزُ (18) وَتَفْصِيل آرَاءِ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (كَفَالَةٌ) .
إِضَافَةُ الْوَقْفِ:
21 - يَجُوزُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ إِضَافَةُ الْوَقْفِ إِلَى الْوَقْتِ. وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ يُجِيزُونَ إِضَافَتَهُ، إِلاَّ أَنَّ الظَّاهِرَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُمْ يُجِيزُونَ إِضَافَةَ الْوَقْفِ إِذَا أَشْبَهَ التَّحْرِيرَ، كَمَا لَوْ جَعَل دَارَهُ مَسْجِدًا إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ، حَيْثُ جَعَلَهَا مُحَرَّرَةً مِنْ كُل مِلْكٍ إِلاَّ لِلَّهِ ﷿. (19)
إِضَافَةُ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ:
22 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ إِضَافَةَ الْمُعَامَلَةِ (الْمُسَاقَاةُ) إِلَى الْمُسْتَقْبَل جَائِزَةٌ. وَأَمَّا الْمُزَارَعَةُ، فَالْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ يَرَوْنَ قَبُولَهَا الإِْضَافَةَ. لأَِنَّ الْمُزَارَعَةَ وَالْمُعَامَلَةَ عِنْدَهُمْ فِي مَعْنَى الإِْجَارَةِ، وَالإِْجَارَةُ تَصِحُّ إِضَافَتُهَا إِلَى الْوَقْتِ فَكَذَلِكَ الْمُزَارَعَةُ وَالْمُعَامَلَةُ. (20) وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى ذِكْرِ الْمُدَّةِ فِيهَا. وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ وَالْمُسَاقَاةَ لاَ يَفْتَقِرَانِ لِلتَّصْرِيحِ بِمُدَّةٍ يَحْصُل الْكَمَال فِيهَا، بَل لَوْ زَارَعَهُ أَوْ سَاقَاهُ دُونَ أَنْ يَذْكُرَ مُدَّةً جَازَ، لأَِنَّ الرَّسُول ﷺ لَمْ يَضْرِبْ لأَِهْل خَيْبَرَ مُدَّةً. (21)
إِضَافَةُ الْوَصِيَّةِ وَالإِْيصَاءِ إِلَى الْوَقْتِ:
23 - الْوَصِيَّةُ وَالإِْيصَاءُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي اللُّغَةِ، وَيُفَرِّقُ الْفُقَهَاءُ بَيْنَهُمَا فِي الاِسْتِعْمَال، فَالإِْيصَاءُ مَعْنَاهُ أَنْ يَعْهَدَ إِلَى غَيْرِهِ، بِأَنْ يَقُومَ مَقَامَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَالْوَصِيَّةُ تَصَرُّفٌ مُضَافٌ إِلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ تُسْتَعْمَل غَالِبًا فِي الأَْمْوَال. وَيَرَى الْفُقَهَاءُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ وَالإِْيصَاءَ يَقْبَلاَنِ الإِْضَافَةَ إِلَى الْوَقْتِ. (22)
إِضَافَةُ الْوَكَالَةِ إِلَى الْوَقْتِ:
24 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْ تَفْرِيعَاتِ الشَّافِعِيَّةِ، إِلَى جَوَازِ إِضَافَةِ الْوَكَالَةِ إِلَى الْوَقْتِ. قَال صَاحِبُ الْبَدَائِعِ: رُكْنُ التَّوْكِيل قَدْ يَكُونُ مُضَافًا إِلَى وَقْتٍ، بِأَنْ يَقُول وَكَّلْتُكَ فِي بَيْعِ هَذِهِ الدَّارِ غَدًا، وَيَصِيرُ وَكِيلاً فِي الْغَدِ فَمَا بَعْدَهُ، وَلاَ يَكُونُ وَكِيلاً قَبْل الْغَدِ، لأَِنَّ التَّوْكِيل إِطْلاَقُ التَّصَرُّفِ، وَالإِْطْلاَقَاتُ مِمَّا تَحْتَمِل التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ وَالإِْضَافَةِ إِلَى الْوَقْتِ، كَالطَّلاَقِ وَالْعَتَاقِ. (23)
الْعُقُودُ الَّتِي لاَ تَصِحُّ إِضَافَتُهَا إِلَى الْمُسْتَقْبَل:
25 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ عُقُودَ الْبَيْعِ، وَالنِّكَاحِ، وَالصُّلْحِ عَلَى مَالٍ، وَالرَّجْعَةِ، وَالْقِسْمَةِ لاَ تَقْبَل الإِْضَافَةَ إِلَى الْمُسْتَقْبَل. وَمِثْلُهَا الشَّرِكَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَلَمْ يُعْثَرْ لِلآْخَرِينَ عَلَى قَوْلٍ فِيهَا. (24) وَاسْتَثْنَى الْمَالِكِيَّةُ مِنْ قَاعِدَةِ عَدَمِ قَبُول النِّكَاحِ لِلإِْضَافَةِ الصُّورَةَ التَّالِيَةَ: لَوْ أَضَافَ الأَْبُ نِكَاحَ ابْنَتِهِ إِلَى مَوْتِهِ، وَكَانَ مَرِيضًا مَرَضًا مَخُوفًا أَمْ لاَ، طَال أَوْ قَصُرَ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ إِذَا مَاتَ مِنْهُ، لأَِنَّهُ مِنْ وَصَايَا الْمُسْلِمِينَ. (25) وَكَذَلِكَ عَقْدُ الْهِبَةِ لاَ يَقْبَل الإِْضَافَةَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، خِلاَفًا لِلْمَالِكِيَّةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، ذَكَرُوهَا فِي مَوْضِعِهَا. (26) وَلِلتَّفْصِيل وَبَيَانِ الأَْدِلَّةِ فِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْمَوْضُوعَاتِ يُرْجَعُ إِلَى مُصْطَلَحَاتِهَا. النَّوْعُ الثَّانِي
الإِْضَافَةُ إِلَى الشَّخْصِ
26 - التَّصَرُّفَاتُ إِمَّا أَنْ يُضِيفَهَا مُبَاشِرُهَا إِلَى نَفْسِهِ، وَإِمَّا أَنْ يُضِيفَهَا إِلَى غَيْرِهِ.
أ - إِضَافَةُ التَّصَرُّفِ إِلَى الْمُبَاشِرِ نَفْسِهِ:
27 - الأَْصْل أَنْ يُضِيفَ مُبَاشِرُ التَّصَرُّفِ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ إِلَى نَفْسِهِ، وَأَنْ يُبَاشِرَ الْعَقْدَ مَنْ يَمْلِكُ السِّلْعَةَ، وَكَذَلِكَ الطَّلاَقُ، فَإِنَّ الزَّوْجَ هُوَ الَّذِي يَمْلِكُهُ، فَلاَ بُدَّ أَنْ يَصْدُرَ مِنْهُ، فَإِنْ صَدَرَ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَإِنَّهُ لاَ يَقَعُ.
ب - إِضَافَةُ الْمُبَاشِرِ التَّصَرُّفَ إِلَى غَيْرِهِ:
28 - إِذَا أَضَافَ الْمُبَاشِرُ التَّصَرُّفَ إِلَى غَيْرِهِ، فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ الإِْضَافَةُ بِإِذْنِ ذَلِكَ الْغَيْرِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَإِنْ أُضِيفَ بِإِذْنِ ذَلِكَ الْغَيْرِ كَالْوَكَالَةِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ، فَمَنْ وَكَّل غَيْرَهُ فِي بَيْعٍ أَوْ طَلاَقٍ أَوْ إِيصَال هِبَةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ، فَإِنَّ التَّوْكِيل يَقُومُ مَقَامَ الْمُوَكِّل فِيمَا وَكَّل بِهِ، وَتَصَرُّفَاتُ الْوَكِيل مُعْتَبَرَةٌ. (27) وَأَمَّا إِنْ أُضِيفَ التَّصَرُّفُ إِلَى الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إِلَى ذَلِكَ التَّصَرُّفِ، فَإِنْ كَانَ لاَ يَفْتَقِرُ إِلَى إِذْنِ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَذَلِكَ كَتَصَرُّفِ الْوَصِيِّ فِي شَأْنِ الْمُوصَى عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ مَنْ أَوْصَى غَيْرَهُ لِيَقُومَ مَقَامَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي رِعَايَةِ أَبْنَائِهِ لاَ يَحْتَاجُ الْوَصِيُّ فِي تَصَرُّفَاتِهِ إِلَى إِذْنِ الْمُوصَى عَلَيْهِمْ، لأَِنَّهُمْ تَحْتَ وِصَايَتِهِ، فَتَصَرُّفَاتُهُ - أَيِ الْوَصِيِّ - تَنْفُذُ عَلَيْهِمْ عَمَلاً بِكَلاَمِ الْمُوصِي. (28) وَمِثْل الْوَصِيَّةِ فِي هَذَا الْمَعْنَى الْوِلاَيَةُ. فَإِنَّ تَصَرُّفَاتِ الْوَلِيِّ تَنْفُذُ عَلَى مَنْ لَهُ الْوِلاَيَةُ عَلَيْهِمْ وَلاَ يَفْتَقِرُ إِلَى إِذْنِهِمْ. (29) وَكَذَلِكَ الْقَيِّمُ الَّذِي يُعِينُهُ الْقَاضِي، فَإِنَّ تَصَرُّفَاتِهِ صَحِيحَةٌ، وَلاَ يَفْتَقِرُ إِلَى إِذْنِ مَنْ لَهُ الْقِوَامَةُ عَلَيْهِ. 29 - وَأَمَّا إِنْ كَانَ يَفْتَقِرُ إِلَى إِذْنِ الْغَيْرِ فَهُوَ تَصَرُّفُ الْفُضُولِيِّ الَّذِي يَتَصَرَّفُ بِلاَ إِذْنٍ وَلاَ وِصَايَةٍ وَلاَ وِلاَيَةٍ وَلاَ قِوَامَةٍ فِي بَيْعٍ وَغَيْرِهِ. وَفِي صِحَّةِ تَصَرُّفَاتِ الْفُضُولِيِّ خِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ - عَلَى قَوْلٍ عِنْدَهُمْ - وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ إِلَى أَنَّ الْفُضُولِيَّ إِذَا تَصَرَّفَ بِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ فَإِنَّ تَصَرُّفَهُ هَذَا مَوْقُوفٌ عَلَى إِجَازَةِ الْمَالِكِ، فَإِنْ أَجَازَهُ نَفَذَ وَإِلاَّ فَلاَ. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ - عَلَى قَوْلٍ عِنْدَهُمْ - وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْفُضُولِيِّ بِالْبَيْعِ أَوِ الشِّرَاءِ بَاطِلٌ، حَتَّى وَإِنْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ. وَاسْتَثْنَى الْحَنَابِلَةُ مَا لَوْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ شَيْئًا فِي ذِمَّتِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَيَصِحُّ إِنْ لَمْ يُسَمِّ الْمُشْتَرِي مَنِ اشْتَرَى لَهُ فِي الْعَقْدِ، بِأَنْ قَال: اشْتَرَيْتُ هَذَا، وَلَمْ يَقُل: لِفُلاَنٍ، فَيَصِحُّ الْعَقْدُ، سَوَاءٌ نَقَدَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِنْ مَال الَّذِي اشْتَرَى لَهُ، أَوْ مِنْ مَال نَفْسِهِ، أَوْ لَمْ يَنْقُدْهُ بِالْكُلِّيَّةِ، لأَِنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَهِيَ قَابِلَةٌ لِلتَّصَرُّفِ، وَاَلَّذِي نَقَدَهُ إِنَّمَا هُوَ عِوَضٌ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ. فَإِنْ سَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَصِحَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَذِنَ. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ - فِي قَوْلٍ ثَالِثٍ عِنْدَهُمْ - إِلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْفُضُولِيِّ بِالْبَيْعِ أَوِ الشِّرَاءِ بَاطِلٌ فِي الْعَقَارِ وَجَائِزٌ فِي الْعُرُوضِ، أَيْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِي الْمَنْقُولاَتِ دُونَ غَيْرِهَا كَالأَْرَاضِيِ وَالْبُيُوتِ (1) .
__________
(1) الصحاح للجوهري، والقاموس المحيط، والمصباح المنير ولسان العرب مادة (ضيف) .
(2) تيسير التحرير 1 / 129.
(3) حاشية ابن عابدين 2 / 492.
(4) فتح الغفار على المنار 2 / 55، 56، وتيسير التحرير 1 / 128.
(5) المستصفى مع مسلم الثبوت 2 / 163، والأحكام للآمدي 2 / 83، والمنهاج للبيضاوي مع شرح الأسنوي 2 / 93.
(6) فتح القدير 7 / 145، وبدائع الصنائع 6 / 319، وجواهر الإكليل 2 / 184، ومواهب الجليل 4 / 369.
(7) بدائع الصنائع 6 / 3019، وقليوبي وعميرة 2 / 160.
(8) حاشية قليوبي وعميرة 2 / 53، 3 / 346، 4 / 253، ومسلم الثبوت 1 / 69.
(9) البدائع 4 / 1838، 1839 ط الإمام، وجواهر الإكليل 1 / 350، 351، والدسوقي 2 / 389، 390، 406، ومواهب الجليل 4 / 66 - 68، 91، 92، وكشاف القناع 5 / 273 - 275، والفروع 3 / 214 - 220، والقليوبي 3 / 329، 350 - 352، وشرح الروض 3 / 302، ومغني المحتاج 3 / 313، والمهذب 2 / 81.
(10) تحفة المحتاج 8 / 23 - 25، والمهذب 2 / 81، والبدائع 4 / 1838 - 1839، والدسوقي 2 / 406، 407، وكشاف القناع 5 / 254، 256.
(11) بدائع الصنائع 4 / 1893، والخرشي 4 / 25، وشرح روض الطالب 3 / 259، وكشاف القناع 5 / 335.
(12) بدائع الصنائع 4 / 1938 ط الإمام، والخرشي 4 / 90، والقليوبي وعميرة 4 / 11 - 12.
(13) بدائع الصنائع 3 / 232، والتاج والإكليل 4 / 111، وكشاف القناع 5 / 373، وراجع في هذا مصطلح (ظهار) .
(14) بدائع الصنائع 3 / 11 - 13، وبلغة السالك 1 / 330، 331، ونهاية المحتاج 8 / 170، وكشاف القناع 6 / 235.
(15) بدائع الصنائع 5 / 93 - 95، ومواهب الجليل 3 / 337، 338، ومغني المحتاج 4 / 354، 361، وكشاف القناع 6 / 280.
(16) الزيلعي 5 / 148، والدسوقي 4 / 12، وقليوبي 3 / 71، وكشاف القناع 4 / 5 - 7.
(17) تبيين الحقائق 5 / 148، وحاشية الطحطاوي 3 / 365، وشرح منح الجليل 3 / 670، وحاشية قليوبي وعميرة 3 / 53، ونهاية المحتاج 5 / 223، وكشاف القناع 3 / 427.
(18) تبيين الحقائق 4 / 153، 5 / 148، ورد المحتار على الدر المختار 4 / 255، وبدائع الصنائع 6 / 3، ومواهب الجليل 5 / 101، ومغني المحتاج 2 / 306، ومنتهى الإرادات 1 / 414، وكشاف القناع 3 / 313، وراجع مصطلح (كفالة أو ضمان) .
(19) تبيين الحقائق 5 / 148، والفتاوى الهندية 3 / 305، 4 / 396، وحاشية الدسوقي 4 / 87، ونهاية المحتاج 5 / 373، ومغني المحتاج 2 / 385، وحاشية قليوبي وعميرة 3 / 103، والمغني مع الشرح الكبير 6 / 221، وراجع مصطلح (وقف) .
(20) تبيين الحقائق 5 / 148، وحاشية الدسوقي 3 / 373، 377، 542، وجواهر الإكليل 3 / 123، 125، وروضة الطالبين 5 / 170، ومغني المحتاج 2 / 326، وكشاف القناع 3 / 543.
(21) كشاف القناع 3 / 543، وراجع مصطلح (مزارعة) و (مساقاة) .
(22) تبيين الحقائق 5 / 148، والفتاوى الهندية 4 / 396، والخرشي 8 / 191، وجواهر الإكليل 2 / 335، وحاشية الدسوقي 4 / 451، ومغني المحتاج 3 / 39 ط الحلبي، وكشاف القناع 4 / 351، 395.
(23) بدائع الصنائع 6 / 30، والفتاوى الهندية 4 / 396، وتبيين الحقائق 5 / 148، ومواهب الجليل 5 / 196، وجواهر الإكليل 2 / 137، وحاشية الدسوقي 3 / 383، ونهاية المحتاج 5 / 28، 29، وقليوبي وعميرة، 2 / 340، 341، وكشاف القناع 3 / 463، وراجع مصطلح (وصية) .
(24) الزيلعي 5 / 148، 149، والفتاوى الهندية 4 / 396، والقليوبي 2 / 306، 332، 4 / 3، وجواهر الإكليل 1 / 164، 2 / 102، 115 - 123، والدسوقي 2 / 239، 420، 3 / 498 - 517، وكشاف القناع 3 / 506، 507، 5 / 343، والفروع 3 / 846 - 856.
(25) الدسوقي 2 / 224، والمواق بهامش الحطاب 3 / 428.
(26) الزيلعي 5 / 148، والقليوبي 3 / 111، وجواهر الإكليل 2 / 212، وكشاف القناع 4 / 299.
(27) راجع مصطلح (وكالة) .
(28) راجع مصطلح (وصية) .
(29) راجع مصطلح (ولاية) .
الموسوعة الفقهية الكويتية: 66/ 5