المنان
المنّان في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من المَنّ وهو على...
ما يُلبَس، ويَسْتُر البدن، ويدفع البرد، والحرَّ، والأذى . ومن أمثلته مشروعية ستر العورة، ولباس الحسن من الثياب حال أداء الصلاة . ومن شواهده قوله تعالى : ﭽﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘﭼ الأعراف /٣١ .
الألْبِسةُ: جَمْعُ لِباسٍ، وهو: ما يَسْتُرُ البَدَنَ ويُغَطِّيهِ، يُقالُ: لَبِسَ الثَّوبَ، أيْ: اسْتَتَرَ وتَغَطَّى بِهِ، وأَصْلُ الكَلِمَةِ من اللَّبْسِ، وهو: الـخَلْطُ، يُقالُ: لَبَسْتُ الأَمْرَ، أَلْبِسُهُ، لَبْساً، أيْ: خَلَطْتُ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، ومِنْهُ سُـمِّيَ الثَّوْبُ لِباساً؛ لأنّهُ يُـخالِطُ البَدَنَ.
يَرِد مُصْطلَح (أَلْبِسَةٍ) في عِدَّة مواطِن، منها: كتاب الصَّلاةِ، باب: شُروط الصَّلاةِ، وباب: صلاة الجُمُعَةِ، والعِيْدَيْنِ، وفي كِتابِ الجَنائِزِ، باب: التَّكْفِين، وفي كِتابِ الزَّكاةِ، باب: زَكاة عُروضِ التِّجارَةِ، وفي كتابِ الحَجِّ، باب: مَحْظورات الإِحْرامِ، وفي كتابِ النِّكاحِ، باب: النَّفَقات، وفي كِتابِ الأيْـمانِ والنُّذورِ، باب: كفّارَة اليَـمِينِ، وغَيْر ذلك.
لبس
كُلُّ ما يَسْتُرُ الـجِسْمَ أو جُزْءًا مِنْهُ مِنْ صُوفٍ أو جِلْدٍ أو غيرِهما.
الألبِسَةُ: هي ما يُلبَسُ مِمّا يَسْتُرُ الجِسْمَ، وهي قسْمانِ: 1- ألْبِسَةٌ خاصَّةٌ بِالرَّجُلِ، ويُشْتَرَطُ أنْ تكون واسِعَةً غَيْرَ ضَيِّقَةٍ ولا شَفّافَةٍ، ولا تُشْبِهُ أَلْبِسَةَ الكُفّارِ الخاصَّةِ بـهم. 2- أَلْبِسَةٌ خاصَّةٌ بِالـمَرْأَةِ، ويُشْتَرَطُ فيها أنْ تكون ساتِرَةً لِـجَمِيعِ البَدَن، وأنْ تكون واسِعَةً غَيْرَ ضَيِّقَةٍ ولا شَفّافَةٍ، ولا تكون مُزَخْرَفَةً، ولا تُشْبِهُ ألْبِسَةِ الكُفّارِ، ولا ألبِسَةَ الرِّجالِ الخاصَّةِ بِهِم.
الألْبِسةُ: جَمْعُ لِباسٍ، وهو: ما يَسْتُرُ البَدَنَ ويُغَطِّيهِ، وأَصْلُ الكَلِمَةِ من اللَّبْسِ، وهو: الـخَلْطُ، ومِنْهُ سُـمِّيَ الثَّوْبُ لِباساً؛ لأنّهُ يُـخالِطُ البَدَنَ.
ما يُلبَس، ويَسْتُر البدن، ويدفع البرد، والحرَّ، والأذى.
* تهذيب اللغة : (12/307)
* معجم مقاييس اللغة : (5/230)
* المقدمات الممهدات : (3/429)
* الـمجموع شرح الـمهذب : (4/435)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 617)
* المحكم والمحيط الأعظم : (8/510)
* معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية : (1/278)
* تاج العروس : (16/466)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 388) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الأَْلْبِسَةُ: جَمْعُ لِبَاسٍ، وَهُوَ مَا يَسْتُرُ الْبَدَنَ وَيَدْفَعُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ، وَمِثْلُهُ الْمَلْبَسُ، وَاللِّبْسُ بِالْكَسْرِ. وَلِبْسُ الْكَعْبَةِ وَالْهَوْدَجِ: كِسْوَتُهُمَا.
وَيُقَال: لَبِسْتُ امْرَأَةً، أَيْ تَمَتَّعْتُ بِهَا زَمَانًا. وَلِبَاسُ كُل شَيْءٍ غِشَاؤُهُ. وَاللَّبُوسُ بِفَتْحِ اللاَّمِ مَا يُلْبَسُ، وقَوْله تَعَالَى: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ} يَعْنِي الدِّرْعَ (1) . قَال اللَّهُ تَعَالَى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} (2) . .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
2 - اسْتِعْمَال اللِّبَاسِ تَعْتَرِيهِ الأَْحْكَامُ الْخَمْسَةُ: فَالْفَرْضُ مِنْهُ: مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ وَيَدْفَعُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ، قَال تَعَالَى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُل مَسْجِدٍ} (3) أَيْ مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَكُمْ عِنْدَ الصَّلاَةِ.
وَالْمَنْدُوبُ إِلَيْهِ أَوِ الْمُسْتَحَبُّ: هُوَ مَا يَحْصُل بِهِ أَصْل الزِّينَةِ وَإِظْهَارُ النِّعْمَةِ، قَال تَعَالَى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّك فَحَدِّثْ} (4) ، وَعَنْ أَبِي الأَْحْوَصِ عَنْ أَبِيهِ قَال: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَرَآنِي سَيِّئَ الْهَيْئَةِ فَقَال: أَلَكَ شَيْءٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، مِنْ كُل الْمَال قَدْ آتَانِي اللَّهُ تَعَالَى، فَقَال: إِذَا كَانَ لَكَ مَالٌ فَلْيُرَ عَلَيْكَ (5) .
وَعَنِ ابْنِ عَمْرٍو ﵄ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ (6) .
وَمِنَ الْمَنْدُوبِ: اللُّبْسُ لِلتَّزَيُّنِ، وَلاَ سِيَّمَا فِي الْجُمَعِ وَالأَْعْيَادِ وَمَجَامِعِ النَّاسِ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنْ وَجَدَ سَعَةً أَنْ يَتَّخِذَ ثَوْبَيْنِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ غَيْرَ ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ (7) وَمَحَلُّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلتَّكَبُّرِ.
وَالْمَكْرُوهُ: هُوَ اللِّبَاسُ الَّذِي يَكُونُ مَظِنَّةً لِلتَّكَبُّرِ وَالْخُيَلاَءِ، لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلاَ مَخِيلَةٍ (8) .
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَال: كُل مَا شِئْتَ، وَالْبَسْ مَا شِئْتَ، مَا أَخْطَأَتْكَ اثْنَتَانِ: سَرَفٌ وَمَخِيلَةٌ (9) وَالْمَخِيلَةُ هِيَ الْكِبْرُ. وَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ: أَمِنَ الْكِبْرِ أَنْ يَكُونَ لِي الْحُلَّةُ فَأَلْبَسُهَا؟ قَال: لاَ. قُلْتُ: أَمِنَ الْكِبْرِ أَنْ تَكُونَ لِي رَاحِلَةٌ فَأَرْكَبَهَا؟ قَال: لاَ. قُلْتُ: أَمِنَ الْكِبْرِ أَنْ أَصْنَعَ طَعَامًا فَأَدْعُوَ أَصْحَابِي؟ قَال: لاَ. الْكِبْرُ أَنْ تُسَفِّهَ الْحَقَّ وَتَغْمِصَ النَّاسَ (10) وَسَفَهُ الْحَقِّ: جَهْلُهُ. وَغَمْصُ النَّاسِ: احْتِقَارُهُمْ.
وَالْحَرَامُ: هُوَ اللُّبْسُ بِقَصْدِ الْكِبْرِ وَالْخُيَلاَءِ، لِمَا وَرَدَ فِي الأَْحَادِيثِ السَّابِقَةِ. وَمِنَ الْحَرَامِ لُبْسُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ مَثَلاً بِالنِّسْبَةِ لِلرِّجَال، وَلَوْ بِحَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَدَنِهِ، مَا لَمْ يَدْعُ إِلَى لُبْسِهِ ضَرُورَةٌ، أَوْ مَرَضٌ كَحَكَّةٍ بِهِ، فَيَلْبَسُ الْحَرِيرَ لِذَلِكَ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ﵁ قَال: أَخَذَ رَسُول اللَّهِ ﷺ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ، وَذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ. فَقَال: إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي (11) .
وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: حُرِّمَ لِبَاسُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، وَأُحِل لإِِنَاثِهِمْ (12) .
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَال: " إِنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنِ الثَّوْبِ الْمُصْمَتِ مِنَ الْحَرِيرِ (13) أَيِ الْخَالِصِ الَّذِي لاَ يُخَالِطُهُ شَيْءٌ، وَهَذَا مَا عَلَيْهِ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ (14) .
وَلِتَفْصِيلِهِ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ (حَرِير) (وَذَهَب) .
حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّةِ اللِّبَاسِ:
3 - لَمَّا كَانَ فِي إِظْهَارِ الْعَوْرَةِ أَمَامَ الْغَيْرِ عَلَى نَحْوِ مَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِخْلاَلٌ بِالصِّفَةِ الإِْنْسَانِيَّةِ الْكَرِيمَةِ وَالآْدَابِ الْعَامَّةِ، وَلِمَا يُسَبِّبُهُ كَشْفُهَا مِنْ إِخْلاَلٍ بِالأَْخْلاَقِ وَذُيُوعِ مَفَاسِدَ عَظِيمَةِ الأَْثَرِ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمُجْتَمَعِ، كَانَ لاَ بُدَّ لِلشَّارِعِ تَكْرِيمًا لِلإِْنْسَانِ كَمَا فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} (15) وَاحْتِرَامًا لآِدَمِيَّتِهِ، وَتَمْيِيزًا لَهُ عَنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ - مِنْ أَنْ يَحْفَظَ عَلَيْهِ إِنْسَانِيَّتَهُ، فَأَنْعَمَ عَلَيْهِ بِنِعَمِهِ الَّتِي لاَ تُعَدُّ وَلاَ تُحْصَى، وَكَانَ مِنْهَا اللِّبَاسُ شِرْعَةً مِنْهُ لِلآْدَمِيِّينَ لِتُسْتَرَ بِهِ عَوْرَاتُهُمْ، وَلِيَكُونَ لَهُمْ بِهَذَا السِّتْرِ مَا يُزَيِّنُهُمْ وَيُجَمِّلُهُمْ، بَدَلاً مِنْ قُبْحِ الْعُرْيِ الَّذِي كَانَ مُتَفَشِّيًا بَيْنَهُمْ وَشَنَاعَتِهِ مَظْهَرًا وَمَخْبَرًا، وَفِي هَذَا يَقُول اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} (16) وقَوْله تَعَالَى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُل مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (17) فَقَدْ أَمَرَ سُبْحَانَهُ بِأَخْذِ الزِّينَةِ وَأَهَمُّهَا سَتْرُ الْعَوْرَةِ، وَتَفْصِيل مَا يَتَّصِل بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ يُنْظَرُ فِي (اسْتِتَار، وَعَوْرَة، وَصَلاَة) .
حُكْمُ الأَْلْبِسَةِ تَبَعًا لِذَوَاتِهَا:
4 - الأَْصْل فِي اللِّبَاسِ الْحِل مَهْمَا كَانَتِ الْمَادَّةُ الَّتِي صُنِعَ مِنْهَا إِلاَّ مَا وَرَدَ نَصٌّ بِتَحْرِيمِهِ كَالْحَرِيرِ لِلذُّكُورِ، وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (حَرِير) .
وَكَذَلِكَ مَا كَانَ مِنْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ وَمَا لاَ يُزَكَّى، فَإِذَا دُبِغَتْ طَهُرَتْ، وَحَل لُبْسُهَا وَلَوْ فِي الصَّلاَةِ. وَتَفْصِيلُهُ فِي (إِهَاب) (وَدِبَاغَة) .
وَأَمَّا الْمَلاَبِسُ الْمَصْنُوعَةُ مِنَ الصُّوفِ أَوِ الشَّعْرِ أَوِ الْوَبَرِ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ مَأْكُول اللَّحْمِ فَهِيَ طَاهِرَةٌ حَلاَلٌ، سَوَاءٌ أُخِذَتْ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ تَذْكِيَتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَإِنَّمَا حَلَّتْ - وَلَوْ جُزَّتْ مِنَ الْمَيْتَةِ - لأَِنَّهَا لاَ تُحِلُّهَا الْحَيَاةُ.
وَفِيمَا أُخِذَ مِنْ غَيْرِ مَأْكُول اللَّحْمِ أَوْ مِنْ نَجِسِ الْعَيْنِ، تَفْصِيلٌ وَخِلاَفٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (شَعْر (3)) . لُبْسُ جُلُودِ السِّبَاعِ:
5 - جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ) عَلَى جَوَازِ الاِنْتِفَاعِ بِجُلُودِ السِّبَاعِ بِشَرْطِ الدِّبَاغِ (18) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ (19)
وَقَال الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى الْحَنْبَلِيُّ: لاَ يَجُوزُ الاِنْتِفَاعُ بِهَا قَبْل الدَّبْغِ وَلاَ بَعْدَهُ، لِمَا رَوَى أَبُو رَيْحَانَةَ قَال: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ رُكُوبِ النُّمُورِ (20) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.
وَعَنْ مُعَاوِيَةَ وَالْمِقْدَادِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَانَ يَنْهَى عَنْ لُبْسِ جُلُودِ السِّبَاعِ وَالرُّكُوبِ عَلَيْهَا (21) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنِ افْتِرَاشِ جُلُودِ السِّبَاعِ (22)
وَأَمَّا الثَّعَالِبُ فَيُبْنَى حُكْمُهَا عَلَى حِلِّهَا، وَفِيهَا لِلْحَنَابِلَةِ رِوَايَتَانِ، كَذَلِكَ يُخَرَّجُ فِي جُلُودِهَا، فَإِنْ قِيل بِتَحْرِيمِهَا فَحُكْمُ جُلُودِهَا حُكْمُ جُلُودِ بَقِيَّةِ السِّبَاعِ وَكَذَلِكَ السَّنَانِيرُ الْبَرِّيَّةُ (23) . .
لُبْسُ الثِّيَابِ الْجَمِيلَةِ:
6 - مِنَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُبَاحُ مِنَ الأَْلْبِسَةِ الثَّوْبُ الْجَمِيل مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ مُحَرَّمٍ كَالْحَرِيرِ لِلذُّكُورِ، وَيُسْتَحَبُّ التَّزَيُّنُ فِي الأَْعْيَادِ وَالْجُمَعِ وَمَجَامِعِ النَّاسِ، وَذَلِكَ بِدُونِ صَلَفٍ وَلاَ خُيَلاَءَ (24) .
وَمَنْ تَرَكَ ذَلِكَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ تَزَمُّتًا أَوْ تَدَيُّنًا فَقَدْ أَخْطَأَ، فَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا يَدْعُو إِلَيْهِ الشَّرْعُ، وَانْظُرِ الْقُرْطُبِيَّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {قُل مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} (25) .
الأَْلْبِسَةُ مِنْ حَيْثُ أَلْوَانُهَا وَأَشْكَالُهَا وَصِفَاتُهَا وَمُنَاسَبَتُهَا لِعَادَاتِ النَّاسِ:
تَخْتَلِفُ الأَْلْبِسَةُ مِنْ حَيْثُ أَلْوَانُهَا:
أ - اللَّوْنُ الأَْبْيَضُ:
7 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ لُبْسِ مَا كَانَ أَبْيَضَ اللَّوْنِ مِنَ الثِّيَابِ، وَتَكْفِينِ الْمَوْتَى بِهِ، لِحَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ، فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ (26)
قَال الشَّوْكَانِيُّ: أَمَّا كَوْنُهُ أَطْيَبَ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا كَوْنُهُ أَطْهَرَ فَلأَِنَّ أَدْنَى شَيْءٍ يَقَعُ عَلَيْهِ يَظْهَرُ، فَيُغْسَل إِذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ النَّجَاسَةِ، فَيَكُونُ نَقِيًّا. كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ ﷺ فِي دُعَائِهِ وَنَقِّنِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَْبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ (27) .
وَقَدِ اسْتَحَبَّ عُمَرُ ﵁ لُبْسَ الْبَيَاضِ لِقَارِئِ الْقُرْآنِ (28) .
ب - اللَّوْنُ الأَْحْمَرُ:
8 - ذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى الْقَوْل بِكَرَاهَةِ لُبْسِ مَا لَوْنُهُ أَحْمَرُ مَتَى كَانَ غَيْرَ مَشُوبٍ بِغَيْرِهِ مِنَ الأَْلْوَانِ لِلرِّجَال دُونَ النِّسَاءِ، لِقَوْل الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ نَهَانَا النَّبِيُّ ﷺ عَنِ الْمَيَاثِرِ الْحُمْرِ وَالْقِسِيِّ (29) وَلِقَوْل عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ﵄ مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَحْمَرَانِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ (30)
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى جَوَازِ لُبْسِ الثَّوْبِ الأَْحْمَرِ إِذَا خَالَطَهُ لَوْنٌ آخَرُ بِأَحَادِيثَ مِنْهَا: حَدِيثُ هِلاَل بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَال: رَأَيْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ بِمِنًى يَخْطُبُ عَلَى بَغْلَةٍ، وَعَلَيْهِ بُرْدٌ أَحْمَرُ، وَعَلِيُّ أَمَامَهُ يُعَبِّرُ عَنْهُ (31) وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَال: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ مَرْبُوعًا، وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي حُلَّةٍ حَمْرَاءَ، لَمْ أَرَ شَيْئًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ ﷺ (32) .
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ ﵊ كَانَ يَلْبَسُ يَوْمَ الْعِيدِ بُرْدَةً حَمْرَاءَ (33) .
وَالْمُرَادُ بِالْحُلَّةِ الْحَمْرَاءِ بُرْدَانِ يَمَنِيَّانِ مَنْسُوجَانِ بِخُطُوطٍ حُمْرٍ مَعَ سُودٍ، أَوْ خُضْرٍ، كَسَائِرِ الْبُرُودِ الْيَمَنِيَّةِ، وَوُصِفَتْ بِالْحُمْرَةِ بِاعْتِبَارِ مَا فِيهَا مِنَ الْخُطُوطِ الْحُمْرِ، وَإِلاَّ فَالأَْحْمَرُ الْبَحْتُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ عِنْدَهُمْ وَمَكْرُوهٌ لُبْسُهُ، وَبِهَذَا حَمَلُوا الأَْحَادِيثَ الْمُبِيحَةَ عَلَى أَنَّهَا وَرَدَتْ بِشَأْنِ الْبُرُودِ الْيَمَنِيَّةِ وَهِيَ الَّتِي تَشْتَمِل عَلَى اللَّوْنِ الأَْحْمَرِ وَغَيْرِهِ (34)
وَأَمَّا أَحَادِيثُ النَّهْيِ فَهِيَ خَاصَّةٌ بِمَا كَانَ أَحْمَرَ خَالِصًا لاَ يُخَالِطُهُ شَيْءٌ.
وَذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ إِلَى الْقَوْل بِجَوَازِ لُبْسِ الثَّوْبِ الأَْحْمَرِ الْخَالِصِ غَيْرِ الْمُزَعْفَرِ وَالْمُعَصْفَرِ، لِحَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَحَدِيثِ هِلاَل بْنِ عَامِرٍ الْمُتَقَدِّمَيْنِ، وَلِقَوْل ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَلْبَسُ يَوْمَ الْعِيدِ بُرْدَةً حَمْرَاءَ (35) .
ج - اللَّوْنُ الأَْسْوَدُ:
9 - أَجَازَ الْفُقَهَاءُ لُبْسَ الأَْسْوَدِ بِغَيْرِ كَرَاهَةٍ فِي ذَلِكَ لِلرَّجُل وَالْمَرْأَةِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ ذَاتَ غَدَاةٍ، وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ (36)
وَعَنْ جَابِرٍ قَال: رَأَيْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ دَخَل يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ (37) وَعَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: صَنَعْتُ لِرَسُول اللَّهِ ﷺ بُرْدَةً سَوْدَاءَ فَلَبِسَهَا فَلَمَّا عَرِقَ فِيهَا وَجَدَ رِيحَ الصُّوفِ فَقَذَفَهَا، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ (38) .
وَعَنْ أُمِّ خَالِدٍ قَالَتْ: أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِثِيَابٍ فِيهَا خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ؟ قَال: مَنْ تَرَوْنَ نَكْسُو هَذِهِ الْخَمِيصَةَ؟ فَأُسْكِتَ الْقَوْمُ، فَقَال: ائْتُونِي بِأُمِّ خَالِدٍ، فَأُتِيَ بِي إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَأَلْبَسَنِيهَا بِيَدِهِ وَقَال: أَبْلِي وَأَخْلِقِي مَرَّتَيْنِ وَجَعَل يَنْظُرُ إِلَى عَلَمِ الْخَمِيصَةِ وَيُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَيَّ وَيَقُول: يَا أُمَّ خَالِدٍ هَذَا سَنَا، هَذَا سَنَا. وَالسَّنَا بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ: الْحَسَنُ " (39) .
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ لِبَاسُ الثِّيَابِ السُّودِ، وَلاَ خِلاَفَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ كَمَا قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ (40) .
د - اللَّوْنُ الأَْصْفَرُ:
10 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ لُبْسِ الأَْصْفَرِ مَا لَمْ يَكُنْ مُعَصْفَرًا أَوْ مُزَعْفَرًا (41) لِقَوْل عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ: رَأَيْتُ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ ثَوْبَيْنِ أَصْفَرَيْنِ (42) وَلِقَوْل عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ: رَأَيْتُ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ إِزَارًا أَصْفَرَ (43) .
هـ - اللَّوْنُ الأَْخْضَرُ:
11 - ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِلَى اسْتِحْبَابِ لُبْسِهِ لأَِنَّهُ لِبَاسُ أَهْل الْجَنَّةِ، لِمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ} (44) .
وَلِحَدِيثِ أَبِي رِمْثَةَ قَال: رَأَيْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ (45) .
و الْمُخَطَّطُ الأَْلْوَانِ:
12 - وَذَلِكَ يَجُوزُ لُبْسُهُ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ ﵁ قَال: كَانَ أَحَبُّ الثِّيَابِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يَلْبَسَهَا الْحِبَرَةَ وَالْحِبَرَةُ هِيَ الثَّوْبُ الْمُخَطَّطُ الأَْلْوَانِ كَمَا قَال الْجَوْهَرِيُّ (46) .
مَا يَحْرُمُ أَوْ يُكْرَهُ مِنَ الأَْلْبِسَةِ:
أ - الأَْلْبِسَةُ الَّتِي عَلَيْهَا نُقُوشٌ أَوْ تَصَاوِيرُ أَوْ صُلْبَانٌ أَوْ آيَاتٌ:
13 - يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ لُبْسُ الثِّيَابِ الَّتِي عَلَيْهَا تَصَاوِيرُ الْحَيَوَانَاتِ عَلَى الأَْصَحِّ، لِحَدِيثِ أَبِي طَلْحَةَ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقُول: لاَ تَدْخُل الْمَلاَئِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلاَ تَصَاوِيرُ (47) فَإِنْ أُزِيل مِنَ الصُّورَةِ مَا لاَ تَبْقَى بِإِزَالَتِهِ الْحَيَاةُ كَالرَّأْسِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا رَأْسٌ فَلاَ بَأْسَ بِهِ. كَمَا يَحْرُمُ جَعْل الصَّلِيبِ فِي الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ كَالطَّاقِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يُلْبَسُ، لِقَوْل عَائِشَةَ ﵂ إِنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَانَ لاَ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصْلِيبٌ إِلاَّ قَضَبَهُ (48) أَيْ قَطَعَ مَوْضِعَ الصَّلِيبِ مِنْهُ دُونَ غَيْرِهِ، وَالْقَضْبُ الْقَطْعُ. وَهَذَا الشَّيْءُ يَشْمَل الْمَلْبُوسَ وَالسُّتُورَ وَالْبُسُطَ وَالآْلاَتِ وَغَيْرَ ذَلِكَ. كَمَا يَحْرُمُ تَصْوِيرُهَا فِي نَسْجِ الثِّيَابِ عَلَى الأَْصَحِّ، لِقَوْلِهِ ﷺ: إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ (49)
وَالصَّلاَةُ فِي الثَّوْبِ الَّذِي عَلَيْهِ تَصَاوِيرُ الْحَيَوَانَاتِ أَوِ الصُّلْبَانِ حَرَامٌ مَعَ صِحَّةِ الصَّلاَةِ، لِحَدِيثِ أَنَسٍ قَال: كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا، فَقَال لَهَا: أَمِيطِي عَنَّا قِرَامَكِ هَذَا، فَإِنَّهُ لاَ تَزَال تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ لِي فِي صَلاَتِي (50) وَالْقِرَامُ بِكَسْرِ الْقَافِ: سِتْرٌ رَقِيقٌ.
وَكَذَلِكَ لُبْسُ الثَّوْبِ الَّذِي نُقِشَتْ فِيهِ آيَاتٌ تُلْهِي الْمُصَلِّيَ عَنْ صَلاَتِهِ، أَوْ كَانَ مِنْ شَأْنِ لُبْسِهِ امْتِهَانُهَا.
وَلاَ بَأْسَ بِلُبْسِ الثِّيَابِ الْمُصَوَّرَةِ بِصُوَرِ غَيْرِ الْحَيَوَانَاتِ، كَشَجَرٍ وَقَمَرٍ وَجِبَالٍ وَكُل مَا لاَ رَوْحَ فِيهِ، لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا قَال لَهُ الْمُصَوِّرُ: لاَ أَعْرِفُ صَنْعَةً غَيْرَهَا. قَال: إِنْ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ فَصَوِّرْ مِنَ الأَْشْجَارِ مَا لاَ نَفْسَ لَهُ (51) . هَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (52) .
أَمَّا التَّصَاوِيرُ الْمَنْقُوشَةُ عَلَى السُّتُورِ وَالْبُسُطِ وَالْوَسَائِدِ وَالأَْبْوَابِ وَافْتِرَاشُهَا وَالْجُلُوسُ عَلَيْهَا وَتَعْلِيقُهَا وَاسْتِخْدَامَاتُهَا الْمُخْتَلِفَةُ فَالأَْحْكَامُ فِيهَا تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (تَصْوِير) .
ب - الأَْلْبِسَةُ الْمُزَعْفَرَةُ وَنَحْوُهَا:
14 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى تَحْرِيمِ لُبْسِ الثِّيَابِ الْمُزَعْفَرَةِ دُونَ الْمُعَصْفَرَةِ لِلرِّجَال وَإِبَاحَتِهَا لِلنِّسَاءِ، فَعَنْ أَنَسٍ ﵁ قَال: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُل (53)
وَلَوْ صَبَغَ بَعْضَ ثَوْبٍ بِزَعْفَرَانٍ، فَهَل هُوَ كَالتَّطْرِيفِ فَيَحْرُمُ مَا زَادَ عَلَى الأَْرْبَعِ الأَْصَابِعِ، أَوْ كَالْمَنْسُوجِ مِنَ الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ فَيُعْتَبَرُ الأَْكْثَرُ؟ الأَْوْجَهُ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إِلَى الْعُرْفِ، فَإِنْ صَحَّ إِطْلاَقُ الْمُزَعْفَرِ عَلَيْهِ عُرْفًا حَرُمَ وَإِلاَّ فَلاَ. وَلاَ يُكْرَهُ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ مَصْبُوغٌ بِغَيْرِ الزَّعْفَرَانِ وَالْعُصْفُرِ وَالأَْحْمَرِ وَالأَْصْفَرِ وَالأَْخْضَرِ وَغَيْرِهَا، سَوَاءٌ أَصُبِغَ قَبْل النَّسْجِ أَمْ بَعْدَهُ، لِعَدَمِ وُرُودِ نَهْيٍ فِي ذَلِكَ (54) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِكَرَاهَةِ لُبْسِ الثِّيَابِ الْمُزَعْفَرَةِ وَالْمُعَصْفَرَةِ لِلرِّجَال دُونَ النِّسَاءِ (55) ، لِحَدِيثِ أَنَسٍ السَّابِقِ، وَلِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ﵄ قَال: رَأَى النَّبِيُّ ﷺ عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَال: أَأُمُّكَ أَمَرَتْكَ بِهَذَا؟ قُلْتُ: أَغْسِلُهُمَا، قَال: بَل أَحْرِقْهُمَا (56)
وَعَنْ عَلِيٍّ ﵁ قَال: نَهَانِي رَسُول اللَّهِ ﷺ عَنِ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ، وَعَنْ لِبَاسِ الْقِسِيِّ، وَعَنِ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَعَنْ لِبَاسِ الْمُعَصْفَرِ (57)
وَأَجَازَ الْمَالِكِيَّةُ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ لُبْسَ الْمُعَصْفَرِ وَنَحْوِهِ كَالْمُزَعْفَرِ، مَا لَمْ يَكُنْ مُفَدَّمًا (أَيْ شَدِيدَ الْحُمْرَةِ) وَالْمُفَدَّمُ: هُوَ الْقَوِيُّ الصَّبْغِ الَّذِي رُدَّ فِي الْعُصْفُرِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَإِلاَّ كُرِهَ لُبْسُهُ لِلرِّجَال فِي غَيْرِ الإِْحْرَامِ.
وَحَرُمَ عِنْدَ الْجَمِيعِ عَلَى الْمُحْرِمِ لُبْسُ مَا كَانَ مُزَعْفَرًا أَوْ مُعَصْفَرًا، سَوَاءٌ كَانَ رَجُلاً أَوِ امْرَأَةً، إِذَا كَانَ رِيحُ الطِّيبِ بَاقِيًا، لأَِنَّهُ طَيِّبٌ، وَلاَ بَأْسَ بِسَائِرِ الأَْلْوَانِ غَيْرِ ذَلِكَ (58) .
ج - لُبْسُ مَا يَشِفُّ أَوْ يَصِفُ:
15 - لاَ يَجُوزُ لُبْسُ الرَّقِيقِ مِنَ الثِّيَابِ إِذَا كَانَ يَشِفُّ عَنِ الْعَوْرَةِ، فَيُعْلَمُ لَوْنُ الْجِلْدِ مِنْ بَيَاضٍ أَوْ حُمْرَةٍ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الرَّجُل وَالْمَرْأَةُ وَلَوْ فِي بَيْتِهَا، هَذَا إِنْ رَآهَا غَيْرُ زَوْجِهَا، لِمَا يَأْتِي مِنَ الأَْدِلَّةِ، وَهُوَ بِالإِْضَافَةِ إِلَى ذَلِكَ مُخِلٌّ بِالْمُرُوءَةِ، وَلِمُخَالَفَتِهِ لِزِيِّ السَّلَفِ، وَلاَ تَصِحُّ الصَّلاَةُ فِي مِثْل تِلْكَ الثِّيَابِ، وَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ لُبْسُهُ إِذَا كَانَ لاَ يَرَاهَا إِلاَّ زَوْجُهَا. أَمَّا مَا كَانَ رَقِيقًا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ، وَلَكِنَّهُ يَصِفُ حَجْمَهَا حَتَّى يُرِي شَكْل الْعُضْوِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ. لِقَوْل جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: " إِنَّ الرَّجُل لَيَلْبَسُ وَهُوَ عَارٍ، يَعْنِي الثِّيَابَ الرِّقَاقَ (59) "
وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَال: كَسَانِي رَسُول اللَّهِ ﷺ قُبْطِيَّةً كَثِيفَةً مِمَّا أَهْدَاهَا لَهُ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ، فَكَسَوْتُهَا امْرَأَتِي، فَقَال لِي رَسُول اللَّهِ ﷺ مَا لَكَ لَمْ تَلْبَسِ الْقُبْطِيَّةَ؟ قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ كَسَوْتُهَا امْرَأَتِي. فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: مُرْهَا فَلْتَجْعَل تَحْتَهَا غِلاَلَةً، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَصِفَ حَجْمَ عِظَامِهَا (60) فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى النَّهْيِ عَنْ لُبْسِ اللِّبَاسِ الَّذِي يَصِفُ مَا تَحْتَهُ مِنَ الْبَدَنِ، وَلِهَذَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ: دَخَلَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى عَائِشَةَ وَعَلَيْهَا خِمَارٌ رَقِيقٌ، فَشَقَّتْهُ عَائِشَةُ، وَكَسَتْهَا خِمَارًا كَثِيفًا (61) . وَالْخِمَارُ بِالْكَسْرِ هُوَ: مَا تُغَطِّي بِهِ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا (62) .
وَعَنْ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ قَال: أُتِيَ رَسُول اللَّهِ ﷺ بِقَبَاطِيَّ، فَأَعْطَانِي مِنْهَا قُبْطِيَّةً. فَقَال: اصْدَعْهَا صَدْعَيْنِ، فَاقْطَعْ أَحَدَهُمَا قَمِيصًا، وَأَعْطِ الآْخَرَ امْرَأَتَكَ تَخْتَمِرُ بِهِ، فَلَمَّا أَدْبَرَ قَال: وَأْمُرِ امْرَأَتَكَ أَنْ تَجْعَل تَحْتَهُ ثَوْبًا لاَ يَصِفُهَا، وَقَبَاطِيُّ جَمْعُ: قُبْطِيَّةٍ بِكَسْرٍ أَوْ ضَمٍّ وَسُكُونٍ، أَيْ ثَوْبٌ يَصْنَعُهُ قِبْطُ مِصْرَ رَقِيقٌ أَبْيَضُ (63) . .
د - الأَْلْبِسَةُ الْمُخَالِفَةُ لِعَادَاتِ النَّاسِ:
16 - لُبْسُ الأَْلْبِسَةِ الَّتِي تُخَالِفُ عَادَاتِ النَّاسِ مَكْرُوهٌ لِمَا فِيهِ مِنْ شُهْرَةٍ، أَيْ مَا يَشْتَهِرُ بِهِ عِنْدَ النَّاسِ وَيُشَارُ إِلَيْهِ بِالأَْصَابِعِ، لِئَلاَّ يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا إِلَى حَمْلِهِمْ عَلَى غِيبَتِهِ، فَيُشَارِكَهُمْ فِي إِثْمِ الْغِيبَةِ.
فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ مَرْفُوعًا أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنِ الشُّهْرَتَيْنِ فَقِيل: يَا رَسُول اللَّهِ وَمَا الشُّهْرَتَانِ؟ قَال: رِقَّةُ الثِّيَابِ وَغِلَظُهَا، وَلِينُهَا وَخُشُونَتُهَا، وَطُولُهَا وَقِصَرُهَا، وَلَكِنْ سَدَادًا بَيْنَ ذَلِكَ وَاقْتِصَادًا (64)
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (65) قَال فِي لِسَانِ الْعَرَبِ: الشُّهْرَةُ ظُهُورُ الشَّيْءِ فِي شُنْعَةٍ حَتَّى يَشْهَرَهُ النَّاسُ، وَيُكْرَهُ لُبْسُ زِيٍّ مُزْرٍ بِهِ لأَِنَّهُ مِنَ الشُّهْرَةِ، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ الاِخْتِيَال أَوْ إِظْهَارَ التَّوَاضُعِ حَرُمَ لأَِنَّهُ رِيَاءٌ: مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ رَاءَى رَاءَى بِهِ (66) .
وَيُكْرَهُ زِيُّ أَهْل الشِّرْكِ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ (67) كَمَا كُرِهَ طُول الرِّدَاءِ مَخَافَةَ أَنْ يَغْفُل عَنْهُ فَيَجُرَّهُ مِنْ خَلْفِهِ، وَقَدْ جَاءَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ لِمَنْ فَعَلَهُ بَطَرًا، وَالتَّوَقِّي مِنْ ذَلِكَ عَلَى كُل حَالٍ مِنَ الأَْمْرِ الَّذِي يَنْبَغِي، لِقَوْلِهِ ﷺ لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا (68) .
هـ - الأَْلْبِسَةُ النَّجِسَةُ:
17 - لُبْسُ الثَّوْبِ النَّجِسِ لِسَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي غَيْرِ صَلاَةٍ جَائِزٌ.
أَمَّا فِي الصَّلاَةِ، فَلَوْ وَجَدَ سَاتِرًا نَجِسًا وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ يَسْتَتِرُ بِهِ وَلاَ يُصَلِّي عَارِيًّا، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ، وَأَحَدُ قَوْلَيْنِ لِكُلٍّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ.
أَمَّا الْقَوْل الآْخَرُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي عَارِيًّا وَلاَ يَسْتَتِرُ بِالنَّجِسِ. أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَإِذَا كَانَ الرُّبُعُ مِنَ الثَّوْبِ طَاهِرًا وَجَبَ الاِسْتِتَارُ بِهِ وَلاَ يُصَلِّي عَارِيًّا، وَإِنْ كَانَ الطَّاهِرُ أَقَل مِنْ رُبُعِهِ يُخَيَّرُ بَيْنَ الاِسْتِتَارِ بِهِ أَوِ الصَّلاَةِ عَارِيًّا، وَإِنْ كَانَ كُلُّهُ نَجِسًا فَذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِلَى أَنَّهُ يُصَلِّي بِهِ وَلاَ يُصَلِّي عُرْيَانًا، لأَِنَّ فِي الصَّلاَةِ بِهِ تَرْكَ فَرْضٍ وَاحِدٍ، وَفِي الصَّلاَةِ عُرْيَانًا تَرْكَ الْفُرُوضِ مِنْ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ، بَل يُصَلِّي قَاعِدًا بِالإِْيمَاءِ. وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى التَّفْرِيقِ فِي ذَلِكَ بَيْنَ النَّجِسِ الأَْصْلِيِّ كَجِلْدِ مَيْتَةٍ لَمْ يُدْبَغْ وَبَيْنَ الْمُتَنَجِّسِ، فَلاَ يَسْتَتِرُ بِالأَْوَّل، وَيَسْتَتِرُ بِالثَّانِي (69) . و - الأَْلْبِسَةُ الْمَغْصُوبَةُ:
18 - لَيْسَ لِلْعَارِي أَخْذُ الثَّوْبِ قَهْرًا (غَصْبًا) مِنْ مَالِكِهِ لِلصَّلاَةِ فِيهِ، وَتَصِحُّ بِدُونِهِ مَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حَقِّ الآْدَمِيِّ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَجِدْ مَاءً يَتَوَضَّأُ بِهِ إِلاَّ أَنْ يَغْصِبَهُ، فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (70) .
حُكْمُ اتِّخَاذِ الأَْلْبِسَةِ الْخَاصَّةِ
بِالْمُنَاسَبَاتِ وَالأَْشْخَاصِ
:
أ - مَلاَبِسُ الأَْعْيَادِ وَمَجَامِعِ النَّاسِ:
19 - جَعَل اللَّهُ تَعَالَى الأَْعْيَادَ أَيَّامَ فَرَحٍ وَسُرُورٍ وَزِينَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلِذَا فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ التَّطَيُّبَ وَالتَّزَيُّنَ لَهَا مُسْتَحَبٌّ، وَالتَّزَيُّنُ بِلُبْسِ الثِّيَابِ الْجَمِيلَةِ وَالْجَدِيدَةِ، وَأَفْضَلُهَا الْبَيَاضُ، لِقَوْلِهِ ﷺ: الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ، فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ (71) وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إِظْهَارِ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عَبْدِهِ الَّتِي يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَهَا عَلَيْهِ، وَلِذَا لاَ يَنْبَغِي تَرْكُ إِظْهَارِ الزِّينَةِ وَالتَّطَيُّبِ فِي الأَْعْيَادِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا تَقَشُّفًا، فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ (72) . وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَلْبَسُ فِي الْعِيدَيْنِ بُرْدَةً حِبَرَةً (73) .
وَعَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ مَا عَلَى أَحَدِكُمْ لَوِ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ سِوَى ثَوْبِ مِهْنَتِهِ (74) .
وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَعْتَمُّ، وَيَلْبَسُ بُرْدَهُ الأَْحْمَرَ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ (75) .
وَعَنْ جَابِرٍ قَال: كَانَتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ جُبَّةٌ يَلْبَسُهَا فِي الْعِيدَيْنِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ (76) .
وَكَانَ ﷺ يَلْبَسُ بُرْدَيْنِ أَخْضَرَيْنِ وَلَبِسَ مَرَّةً بُرْدًا أَحْمَرَ (77) . وَرُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ كِسَاءَ خَزٍّ بِخَمْسِينَ دِينَارًا، يَلْبَسُهُ فِي الشِّتَاءِ، فَإِذَا كَانَ الصَّيْفُ تَصَدَّقَ بِهِ، أَوْ بَاعَهُ فَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهِ، وَكَانَ يَلْبَسُ فِي الصَّيْفِ ثَوْبَيْنِ مِنْ مَتَاعِ مِصْرَ مُمَشَّقَيْنِ (أَيْ مَصْبُوغَيْنِ بِالْمِشَقِ وَهُوَ صِبْغٌ أَحْمَرُ) وَيَقْرَأُ قَوْله تَعَالَى: {قُل مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} (78) فَقَدْ دَلَّتْ عَلَى اسْتِحْبَابِ لِبَاسِ الرَّفِيعِ مِنَ الثِّيَابِ وَالتَّجَمُّل بِهَا فِي الْجُمَعِ وَالأَْعْيَادِ وَعِنْدَ لِقَاءِ النَّاسِ وَزِيَارَةِ الإِْخْوَانِ.
قَال أَبُو الْعَالِيَةِ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ إِذَا تَزَاوَرُوا تَجَمَّلُوا. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ تُبَاعُ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ، لَوِ اشْتَرَيْتَهَا لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلِلْوُفُودِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ، فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذَا مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ فِي الآْخِرَةِ (79) فَمَا أَنْكَرَ ذِكْرَ التَّجَمُّل وَإِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ كَوْنَهَا سِيَرَاءَ، (وَالسِّيَرَاءُ نَوْعٌ مِنَ الْبُرُودِ، فِيهِ خُطُوطٌ صُفْرٌ، أَوْ يُخَالِطُهُ حَرِيرٌ) .
وَقَال أَبُو الْفَرَجِ: كَانَ السَّلَفُ يَلْبَسُونَ الثِّيَابَ الْمُتَوَسِّطَةَ لاَ الْمُتَرَفِّعَةَ وَلاَ الدُّونَ، وَيَتَخَيَّرُونَ أَجْوَدَهَا لِلْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَلِلِقَاءِ الإِْخْوَانِ، وَلَمْ يَكُنْ تَخَيُّرُ الأَْجْوَدِ عِنْدَهُمْ قَبِيحًا.
وَأَمَّا اللِّبَاسُ الَّذِي يُزْرِي بِصَاحِبِهِ - أَيْ وَهُوَ يَجِدُ غَيْرَهُ - فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ إِظْهَارَ الزُّهْدِ وَإِظْهَارَ الْفَقْرِ، وَكَأَنَّهُ لِسَانُ شَكْوَى مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُوجِبُ احْتِقَارَ اللاَّبِسِ، وَكُل ذَلِكَ مَكْرُوهٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ. فَإِنْ قَال قَائِلٌ: تَجْوِيدُ اللِّبَاسِ - هَوَى النَّفْسِ وَقَدْ أُمِرْنَا بِمُجَاهَدَتِهَا، وَتَزَيُّنٌ لِلْخَلْقِ وَقَدْ أُمِرْنَا أَنْ تَكُونَ أَفْعَالُنَا لِلَّهِ لاَ لِلْخَلْقِ، فَالْجَوَابُ: أَنَّهُ لَيْسَ كُل مَا تَهْوَاهُ النَّفْسُ يُذَمُّ، وَلاَ كُل مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ لِلنَّاسِ يُكْرَهُ. وَإِنَّمَا يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ إِذَا كَانَ الشَّرْعُ قَدْ نَهَى عَنْهُ، أَوْ عَلَى وَجْهِ الرِّيَاءِ فِي بَابِ الدِّينِ، فَإِنَّ الإِْنْسَانَ يُحِبُّ أَنْ يُرَى جَمِيلاً، وَذَلِكَ حَظٌّ لِلنَّفْسِ لاَ يُلاَمُ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا يُسَرِّحُ شَعْرَهُ، وَيَنْظُرُ فِي الْمِرْآةِ، وَيُسَوِّي عِمَامَتَهُ، وَيَلْبَسُ بِطَانَةَ الثَّوْبِ الْخَشِنَةِ إِلَى دَاخِلٍ، وَظِهَارَتَهُ الْحَسَنَةَ إِلَى خَارِجٍ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا مَا يُكْرَهُ وَلاَ يُذَمُّ.
وَقَدْ رَوَى مَكْحُولٌ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كَانَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَنْتَظِرُونَهُ عَلَى الْبَابِ، فَخَرَجَ يُرِيدُهُمْ، وَفِي الدَّارِ رَكْوَةٌ فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَل يَنْظُرُ فِي الْمَاءِ، وَيُسَوِّي لِحْيَتَهُ وَشَعْرَهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ، وَأَنْتَ تَفْعَل هَذَا؟ قَال: نَعَمْ، إِذَا خَرَجَ الرَّجُل إِلَى إِخْوَانِهِ فَلْيُهَيِّئْ مِنْ نَفْسِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَال (80) .
ب - مَلاَبِسُ الإِْحْرَامِ بِالْحَجِّ:
20 - يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مَلاَبِسَ خَاصَّةً، وَبَيَانُ مَا يُرَاعَى فِي ذَلِكَ تَقَدَّمَ فِي مُصْطَلَحِ (إِحْرَام) ج 2 ص 128.
ج - مَلاَبِسُ الْمَرْأَةِ الْمُحِدَّةِ:
21 - الإِْحْدَادُ بِمَعْنَاهُ الْعَامِّ: تَرْكُ الزِّينَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا. وَاخْتُلِفَ فِي لُبْسِ الْمُحِدَّةِ لِبَعْضِ الثِّيَابِ الْمُلَوَّنَةِ عَلَى وَجْهِ الزِّينَةِ وَفِي لُبْسِ الْحُلِيِّ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (إِحْدَاد: ج 2 ص 103) .
د - لِبَاسُ الْعُلَمَاءِ:
22 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْعُلَمَاءِ أَنْ يَكُونَ لِبَاسُهُمْ فَاخِرًا، كَصُوفٍ وَجُوخٍ رَفِيعٍ وَأَبْرَادٍ رَقِيقَةٍ، وَأَنْ تَكُونَ ثِيَابُهُمْ وَاسِعَةً، وَيَحْسُنُ لَهُمْ لَفُّ عِمَامَةٍ طَوِيلَةٍ تَعَارَفُوهَا، فَإِنْ عُرِفَ عُرْفٌ فِي بِلاَدٍ أُخَرَ أَنَّهَا تُفْعَل بِغَيْرِ الطُّول يَفْعَل، لإِِظْهَارِ مَقَامِ الْعِلْمِ، وَلأَِجْل أَنْ يُعْرَفُوا فَيُسْأَلُوا عَنْ أُمُورِ الدِّينِ (81) . فَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ رَسُول اللَّه ﷺ يَعْتَمُّونَ، وَيُرْخُونَ الذُّؤَابَةَ بَيْنَ أَكْتَافِهِمْ، لأَِنَّ إِرْخَاءَهَا مِنْ زِيِّ أَهْل الْعِلْمِ وَالْفَضْل وَالشَّرَفِ، وَلِذَا لاَ يَجُوزُ أَنْ يُمَكَّنَ الْكُفَّارُ مِنَ التَّشَبُّهِ بِهِمْ، وَأَنْ يَلْبَسُوا الْقَلاَنِسَ إِذَا انْتَهَوْا فِي عِلْمِهِمْ وَعِزِّهِمْ وعَظُمَتْ مَنْزِلَتُهُمْ وَاقْتَدَى النَّاسُ بِهِمْ، فَيَتَمَيَّزُونَ بِهَا لِلشَّرَفِ عَلَى مَنْ دُونَهُمْ، لِمَا رَفَعَهُمُ اللَّهُ بِعِلْمِهِمْ عَلَى جَهَلَةِ خَلْقِهِ، وَكَذَلِكَ الْخُطَبَاءُ عَلَى الْمَنَابِرِ لِعُلُوِّ مَقَامِهِمْ (82) .
وَعَلَى هَذَا فَمَا صَارَ شِعَارًا لِلْعُلَمَاءِ يُنْدَبُ لَهُمْ لُبْسُهُ لِيُعْرَفُوا بِذَلِكَ، فَيُسْأَلُوا، وَلِيُطَاوَعُوا فِيمَا عَنْهُ زَجَرُوا، وَعَلَّل ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ بِأَنَّهُ سَبَبٌ لاِمْتِثَال أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالاِنْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ (83) . وَكَرِهَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ لَهُمْ سَعَةَ ثِيَابِهِمْ وَطُولَهَا، وَطُول أَكْمَامِهِمْ، وَالْكِبْرَ الْخَارِجَ عَنْ عَادَةِ النَّاسِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إِضَاعَةٍ لِلْمَال الْمَنْهِيِّ عَنْهَا، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ إِضَاعَتِهِ، فَقَدْ يُفَصَّل مِنْ ذَلِكَ الْكُمِّ ثَوْبٌ غَيْرُهُ (84) وَرَوَى مَالِكٌ ﵀ تَعَالَى فِي مُوَطَّئِهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: إِزْرَةُ الْمُسْلِمِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ. لاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ. مَا أَسْفَل مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ. مَا أَسْفَل مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ. لاَ يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا (85) فَهَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ مِنْهُ ﵊ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلإِْنْسَانِ أَنْ يَجُرَّ ثَوْبَهُ بِقَصْدِ التَّكَبُّرِ. إِذْ أَنَّ مَا تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ لَيْسَ لِلإِْنْسَانِ بِهِ حَاجَةٌ فَمَنَعَهُ مِنْهُ. وَأَبَاحَ ذَلِكَ لِلنِّسَاءِ، فَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَجُرَّ ثَوْبَهَا خَلْفَهَا شِبْرًا أَوْ ذِرَاعًا لِلْحَاجَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَى ذَلِكَ، وَهِيَ التَّسَتُّرُ وَالإِْبْلاَغُ فِيهِ، إِذْ أَنَّ الْمَرْأَةَ كُلَّهَا عَوْرَةٌ إِلاَّ مَا اسْتُثْنِيَ، وَذَلِكَ فِيهَا بِخِلاَفِ الرِّجَال.
لِبَاسُ أَهْل الذِّمَّةِ:
23 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ أَخْذِ أَهْل الذِّمَّةِ بِمَا يُمَيِّزُهُمْ عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي لِبَاسِهِمْ، فَلاَ يَتَشَبَّهُونَ بِهِمْ، لأَِنَّهُمْ لَمَّا كَانُوا مُخَالِطِينَ لأَِهْل الإِْسْلاَمِ كَانَ لاَ بُدَّ مِنْ تَمْيِيزِهِمْ عَنْهُمْ، كَيْ تَكُونَ مُعَامَلَتُهُمْ مُخْتَلِفَةً عَنْ مُعَامَلَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ التَّوْقِيرِ وَالإِْجْلاَل، وَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ لَهُمْ. وَإِذَا وَجَبَ التَّمْيِيزُ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ بِمَا فِيهِ صَغَارُهُمْ لاَ إِعْزَازُهُمْ، وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (أَهْل الذِّمَّةِ) .
الأَْلْبِسَةُ الَّتِي تُجْزِئُ فِي النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ:
24 - يَجِبُ لِلزَّوْجَةِ وَالأَْوْلاَدِ وَالْوَالِدَيْنِ وَمَنْ تَجِبُ لَهُمُ النَّفَقَةُ كِسْوَةٌ مُقَدَّرَةٌ عَلَى حَسَبِ حَال مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ، عَلَى خِلاَفٍ فِي ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (نَفَقَة) .
مَا يُجْزِئُ مِنَ الأَْلْبِسَةِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ:
25 - فِي كَفَّارَةِ الأَْيْمَانِ إِنِ اخْتَارَ الْحَانِثُ أَنْ يُكَفِّرَ بِالْكِسْوَةِ كَسَا عَشَرَةَ مَسَاكِين بِمَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْكِسْوَةِ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (كَفَّارَة) .
شِرَاءُ الأَْلْبِسَةِ أَوِ اسْتِئْجَارُهَا لِلصَّلاَةِ فِيهَا:
26 - أَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ شِرَاءَ الأَْلْبِسَةِ أَوِ اسْتِئْجَارَهَا لِلصَّلاَةِ. وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ وَجَدَ مَنْ يَبِيعُهُ ثَوْبًا بِثَمَنِ مِثْلِهِ، أَوْ يُؤَجِّرُهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ، أَوْ زِيَادَةٍ يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهَا، وَقَدَرَ عَلَى ذَلِكَ الْعِوَضِ لَزِمَهُ قَبُولُهُ. وَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً لاَ يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ، وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا كَانَ بِثَمَنٍ مُعْتَادٍ لَزِمَهُ وَإِلاَّ فَلاَ (86) .: (ر: صَلاَة، وَإِجَارَة) .
مَا يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ مِنَ الأَْلْبِسَةِ:
27 - إِذَا حُجِرَ عَلَى الْمُفْلِسِ يُتْرَكُ لَهُ مِنَ اللِّبَاسِ أَقَل مَا يَكْفِيهِ، وَمَا لاَ غِنَى لَهُ عَنْهُ: قَمِيصٌ وَسَرَاوِيل وَشَيْءٌ يَلْبَسُهُ عَلَى رَأْسِهِ، إِمَّا عِمَامَةٌ أَوْ قَلَنْسُوَةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُ وَلِرِجْلِهِ حِذَاءٌ، وَإِنِ احْتَاجَ إِلَى جُبَّةٍ أَوْ فَرْوَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا تُرِكَ لَهُ ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ لَهُ ثِيَابٌ رَفِيعَةٌ لاَ يَلْبَسُ مِثْلُهُ مِثْلَهَا بِيعَتْ وَاشْتُرِيَ لَهُ كِسْوَةُ مِثْلِهِ، وَرُدَّ الْفَضْل عَلَى الْغُرَمَاءِ. فَإِنْ كَانَتْ إِذَا بِيعَتْ وَاشْتُرِيَ لَهُ كِسْوَةٌ لاَ يَفْضُل مِنْهَا شَيْءٌ تُرِكَتْ لَهُ، فَإِنَّهُ لاَ فَائِدَةَ فِي بَيْعِهَا. وَفِي قَوْلٍ لِلْحَنَفِيَّةِ: يُتْرَكُ لَهُ مِثْل مَا هُوَ لاَبِسُهُ، لأَِنَّهُ إِذَا غَسَل ثِيَابَهُ لاَ بُدَّ لَهُ مِنْ مَلْبَسٍ يَلْبَسُهُ.
وَتُزَادُ الْمَرْأَةُ مَا لاَ غِنَى لَهَا عَنْهُ، كَمِقْنَعَةٍ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَلِيقُ بِهَا.
وَيُتْرَكُ لِعِيَالِهِ مِنَ الْمَلاَبِسِ وَالثِّيَابِ مِثْل مَا يُتْرَكُ لَهُ (87) . (ر: إِفْلاَس) .
سَلَبُ الْقَتِيل مِنَ الأَْلْبِسَةِ:
28 - إِذَا قَال الإِْمَامُ: مَنْ قَتَل قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ، فَسَلَبُ الْقَتِيل مِنَ الأَْلْبِسَةِ مُبَاحٌ لِمَنْ حَارَبَ الْكُفَّارَ دِفَاعًا عَنِ الإِْسْلاَمِ وَالْمُسْلِمِينَ، وَقَتَل مِنْهُمْ مَنْ يَجُوزُ قَتْلُهُ، وَذَلِكَ اتِّفَاقًا، وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَقُل الإِْمَامُ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. وَالأَْصْل فِيهِ قَوْلُهُ ﷺ مَنْ قَتَل قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ (88) . وَسَلَبُ الْقَتِيل مَا كَانَ لاَبِسًا لَهُ مِنْ ثِيَابٍ وَعِمَامَةٍ وَقَلَنْسُوَةٍ وَمِنْطَقَةٍ وَدِرْعٍ وَمِغْفَرٍ وَبَيْضَةٍ وَتَاجٍ وَأَسْوِرَةٍ وَرَانٍ وَخُفٍّ بِمَا فِيهِ مِنْ حِلْيَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (89) .
وَفِي إِعْطَائِهِ لِمَنْ قَتَلَهُ تَفْصِيلٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ (غَنِيمَة) .
سُنَنُ اللُّبْسِ وَآدَابُهُ وَأَدْعِيَتُهُ الْمَأْثُورَةُ:
29 - مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَبْدَأَ الْمُسْلِمُ وَهُوَ يَلْبَسُ ثَوْبَهُ أَوْ نَعْلَهُ أَوْ سَرَاوِيلَهُ وَشِبْهَهَا بِالْيَمِينِ، بِإِدْخَال الْيَدِ الْيُمْنَى فِي كُمِّ الثَّوْبِ، وَالرِّجْل الْيُمْنَى فِي كُلٍّ مِنَ النَّعْل وَالسَّرَاوِيل، وَفِي الْخَلْعِ بِالأَْيْسَرِ ثُمَّ الأَْيْمَنِ.
فَعَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ، فِي طُهُورِهِ وَتَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ (90) وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ يُحِبُّ التَّيَامُنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي طُهُورِهِ وَتَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ (91) . وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَال كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا لَبِسَ قَمِيصًا بَدَأَ بِمَيَامِنِهِ (92) وَعَنْهُ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: إِذَا لَبِسْتُمْ وَإِذَا تَوَضَّأْتُمْ فَابْدَءُوا بِمَيَامِنِكُمْ (93) وَعَنْ حَفْصَةَ ﵂ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَجْعَل يَمِينَهُ لِطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَثِيَابِهِ، وَيَجْعَل شِمَالَهُ لِمَا سِوَى ذَلِكَ (94) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَأَحْمَدُ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ قَال: إِذَا انْتَعَل أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيَمِينِ، وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَال (95) .
وَلِهَذَا اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّيَامُنِ فِي الأُْمُورِ الشَّرِيفَةِ، وَالتَّيَاسُرِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ. فَالتَّيَامُنُ كَلُبْسِ الثَّوْبِ وَالْخُفِّ وَالْمَدَاسِ وَالسَّرَاوِيل وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالتَّيَاسُرُ كَخَلْعِ الثَّوْبِ وَالسَّرَاوِيل وَالْخُفِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَيُسْتَحَبُّ التَّيَاسُرُ فِيهِ، وَذَلِكَ لِكَرَامَةِ الْيَمِينِ وَشَرَفِهَا.
وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ قَمِيصًا أَمْ إِزَارًا أَمْ عِمَامَةً أَمْ رِدَاءً أَنْ يَقُول: بِسْمِ اللَّهِ، وَأَنْ يَدْعُوَ بِمَا وَرَدَ.
فَعَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا فَقَال: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا، وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلاَ قُوَّةٍ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ (96) .
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ﵁ قَال: كَانَ رَسُول اللَّهِ ﷺ إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ عِمَامَةً أَوْ قَمِيصًا أَوْ رِدَاءً ثُمَّ يَقُول: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ، أَسْأَلُكَ خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ (97) .
وَعَنْ عُمَرَ ﵁ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقُول: مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا فَقَال: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي مَا أُدَارِي بِهِ عَوْرَتِي، وَأَتَجَمَّل بِهِ فِي حَيَاتِي، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى الثَّوْبِ الَّذِي أَخْلَقَ فَتَصَدَّقَ بِهِ، كَانَ فِي حِفْظِ اللَّهِ وَفِي كَنَفِ اللَّهِ ﷿ وَفِي سَبِيل اللَّهِ حَيًّا وَمَيِّتًا (98) .
ذَلِكَ هُوَ سُنَنُ اللُّبْسِ وَآدَابُهُ، وَمَا فِي ذَلِكَ مِنْ أَدْعِيَةٍ مَأْثُورَةٍ (99) .
__________
(1) الصحاح للمرعشلي، والصباح المنير، ولسان العرب، ومختار الصحاح للرازي مادة (لبس) . والآية من سورة الأنبياء / 80.
(2) سورة الأعراف / 26.
(3) سورة الأعراف / 31.
(4) سورة الضحى / 11.
(5) حديث: " إذا كان لك مال فلير عليك. . " أخرجه أحمد (3 / 473 - ط الميمنية) والنسائي (8 / 196 ط المكتبة التجارية) وإسناده صحيح.
(6) حديث: " إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده. . . . ". أخرجه الترمذي (5 / 122 ط الحلبي) وإسناده حسن.
(7) حديث: " ما على أحدكم. . . " أخرجه ابن ماجه (1 / 348 ط الحلبي) ، وفي الزوائد: إسناده صحيح.
(8) حديث: " كلوا واشربوا. . . " أخرجه أحمد (2 / 181 ط الميمنية) والحاكم (4 / 135 ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.
(9) عن ابن عباس قال: " كل ما شئت. . . " أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (8 / 405 ط الدار السلفية) وإسناده صحيح.
(10) حديث: " الكبر أن تسفه الحق. . . " أخرجه أحمد (2 / 170 ط الميمنية) . وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله ثقات. (4 / 220 ط القدسي) .
(11) حديث: " إن هذين حرام على ذكور أمتي. . . " أخرجه أبو داود (4 / 330 ط عزت عبيد دعاس) ، والنسائي (8 / 160 ط المكتبة التجارية الكبرى) من حديث علي بن أبي طالب وهو صحيح لطرقه.
(12) حديث: " حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم. . . . " أخرجه أحمد (4 / 392 ط الميمنية) والنسائي (8 / 161 ط المكتبة التجارية) . من حديث أبي موسى الأشعري، وهو صحيح لطرقه.
(13) حديث: " إنما نهى عن الثوب المصمت من الحرير. . . " أخرجه أحمد (3 / 267 ط دار المعارف) وإسناده صحيح.
(14) رد المحتار على الدر المختار 5 / 223 - 224، والمغني لابن قدامة 1 / 582 - 587 ط مطبعة الرياض الحديثة، وروضة الطالبين 2 / 65 - 69، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 73، 115، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 2 / 362، 365، 369، والشرح الكبير 1 / 211 - 220، والشرح الصغير 1 / 59.
(15) سورة الإسراء / 70.
(16) سورة الأعراف / 26.
(17) سورة الأعراف / 31.
(18) ابن عابدين 5 / 224، والمهذب 1 / 17، والدسوقي 1 / 55.
(19) حديث: " أيما إهاب دبغ. . " أخرجه مسلم (1 / 277 ط الحلبي) من حديث ابن عباس.
(20) حديث كان النبي ﷺ: " ينهى عن ركوب النمور. . . " أخرجه ابن ماجه (2 / 1205 - ط الحلبي) وأبو داود (4 / 372 ط عزت عبيد الدعاس) من حديث معاوية، وإسناده صحيح.
(21) حديث: " أن النبي ﷺ نهى عن لبس جلود السباع. . . " أخرجه أبو داود (4 / 373 ط عزت عبيد دعاس) وإسناده حسن.
(22) حديث أن النبي ﷺ " نهى عن افتراش جلود السباع. . . " أخرجه الترمذي (4 / 241 ط الحلبي) . من حديث أبي المليح عن أبيه بلفظ: " نهى النبي ﷺ عن جلود السباع أن تفترش " وإسناده صحيح.
(23) المغني 1 / 66 - 80.
(24) حاشية ابن عابدين 5 / 223 - 224، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 2 / 361، 383.
(25) الجامع لأحكام القران 7 / 196 - 198، والآية من سورة الأعراف / 32.
(26) حديث: " البسوا من ثيابكم البياض. . . " أخرجه النسائي (4 / 34 ط المكتبة التجارية) وصححه ابن حجر في الفتح 3 / 135 ط السلفية.
(27) حديث: " ونقني من الخطايا. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 227 ط السلفية) .
(28) رد المحتار على الدر المختار 11 / 545، 556، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 211، وروضة الطالبين2 / 76، والمجموع شرح المهذب 4 / 452، وحاشية الجمل على شرح المنهج 2 / 98 - 99، والشرح الكبير 1 / 381، وكشاف القناع عن متن الإقناع 1 / 86 ط مطبعة النصر الحديثة، والمغني لابن قدامة 1 / 587 مطبعة الرياض الحديثة، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري 10 / 305 - 306، ونيل الأوطار للشوكاني 2 / 110.
(29) حديث البراء " نهانا النبي ﷺ عن المياثر الحمر والقسي. . . " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 292 ط السلفية) .
(30) حديث: " مر على النبي ﷺ رجل عليه ثوبان أحمران. . . " أخرجه أبو داود (4 / 336 - ط عزت عبيد دعاس) وأعله ابن حجر في الفتح (10 / 306) براو ضعيف فيه.
(31) حديث عامر: " رأيت رسول الله ﷺ بمنى يخطب. . . " أخرجه أبو داود (4 / 338 - ط عزت عبيد دعاس) وحسنة ابن حجر في الفتح (10 / 305 - ط السلفية) .
(32) حديث: " كان رسول الله مربوعا وقد رأيته في حلة حمراء. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 305 - ط السلفية) .
(33) حديث: " كان يلبس يوم العيد بردة حمراء ". أخرجه البيهقي (3 / 280 - ط العثمانية) وإسناده صحيح.
(34) حاشية ابن عابدين 1 / 556، 5 / 228، والمجموع شرح المهذب 4 / 452، والشرح الكبير 1 / 381، والمغني لابن قدامة 1 / 586 ط طبعة الرياض الحديثة، وكشاف القناع عن متن الإقناع 1 / 284 ط النصر الحديثة.
(35) حديث ابن عباس: " كان رسول الله ﷺ يلبس يوم العيد. . . " سبق تخريجه آنفا.
(36) حديث: " عن خرج النبي ﷺ ذات غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود ". أخرجه مسلم (4 / 1649 ط الحلبي) .
(37) حديث جابر: " رأيت رسول الله ﷺ يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء ". أخرجه مسلم (2 / 990 - ط الحلبي) .
(38) حديث عائشة: صنعت لرسول الله ﷺ بردة سوداء. . . أخرجه أحمد (6 / 132 - ط الميمنية) وأبو داود (4 / 339 - ط عزت عبيد دعاس) وإسناده صحيح.
(39) حديث: " ائتوني بأم خالد. . . " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 303 ط السلفية) .
(40) حاشية ابن عابدين 1 / 545، والمجموع شرح المهذب 4 / 452، والشرح الكبير 1 / 381، وكشاف القناع عن متن الإقناع 1 / 386 ط النصر الحديثة، ونيل الأوطار للشوكاني 2 / 113.
(41) رد المحتار على الدر المختار 1 / 356، والمجموع شرح المهذب 4 / 452، والشرح الكبير 1 / 381، وكشاف القناع عن متن الإقناع 1 / 286 ط النصر الحديثة، ومجمع الزوائد 5 / 129.
(42) حديث عبد الله بن جعفر: " رأيت على رسول الله ﷺ ثوبين أصفرين. . . " أخرجه الطبراني كما في مجمع الزوائد (5 / 129 - ط القدسي) وقال الهيثمي: فيه عبد الله بن مصعب الزهري ضعفه ابن معين.
(43) الأثر عن عمران بن مسلم: " رأيت على أنس بن مالك إزارا أصفر. . . " أخرجه الطبراني كما في مجمع الزوائد (5 / 130) وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.
(44) سورة الإنسان / 21.
(45) حديث أبي رمثة: " رأيت رسول الله ﷺ وعليه بردان أخضران. . . " أخرجه أبو داود (4 / 334 - ط عزت عبيد دعاس) وإسناده صحيح.
(46) نيل الأوطار 2 / 95 ط دار الجيل. وحديث: " كان أحب الثياب. . . " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 276 ط السلفية) .
(47) حديث: " لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا تصاوير ". أخرجه البخاري (الفتح 10 / 380 - ط السلفية) .
(48) حديث: " كان لا يترك في بيته شيئا فيه. . " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 385 - ط السلفية) .
(49) حديث: " إن أشد الناس عذابا يوم القيامة. . . " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 382 - ط السلفية) .
(50) حديث أنس: " كان قرام لعائشة. . . " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 391 - ط السلفية) .
(51) الأثر عن ابن عباس " لما قال له المصور. . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 416 - ط السلفية) .
(52) حاشية ابن عابدين 1 / 607، والفتاوى الخانية بهامش الفتاوى الهندية 6 / 369، وحاشية قليوبي 3 / 297، وشرح روض الطالب من أسنى المطالب 3 / 225 - 226، وروضة الطالبين 1 / 289، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 2 / 369، والمجموع شرح المهذب 3 / 186، والشرح الكبير 2 / 337 - 338، وكشاف القناع عن متن الإقناع 1 / 279 - 280 ط النصر الحديثة، والمغني لابن قدامة 1 / 590 ط الرياض الحديثة، والآداب الشرعية والمنح المرعية لابن مفلح الحنبلي 3 / 512 - 514، 523، 524 ط الرياض الحديثة، ونيل الأوطار للشوكاني 2 / 97 - 101 ط دار الجيل.
(53) حديث: " نهى النبي ﷺ أن يتزعفر الرجل " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 304 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1662 - ط الحلبي) .
(54) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 2 / 369، والمجموع شرح المهذب 4 / 339.
(55) حاشية ابن عابدين 5 / 228، 481، والفتاوى الهندية 5 / 332، والمغني لابن قدامة 1 / 585 ط الرياض الحديثة، وكشاف القناع عن متن الإقناع 1 / 284 ط النصر الحديثة.
(56) حديث: " أأمك أمرتك بهذا؟ " أخرجه مسلم (3 / 1647 - ط الحلبي) .
(57) حديث علي " نهاني رسول الله ﷺ عن التختم. . . . " أخرجه مسلم (3 / 1648 ط الحلبي) .
(58) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي 2 / 59، جواهر الإكليل 1 / 188 ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل 3 / 147 - 148 ط النجاح بليبيا.
(59) الأثر عن جرير " إن الرجل ليلبس وهو عار، يعني الثياب الرقاق " أخرجه الطبراني (2 / 329 - ط وزارة الأوقاف العراقية) وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد 5 / 136 - ط القدسي) .
(60) حديث: " أسامة: مرها فلتجعل تحتها غلالة. . . " أخرجه أحمد (5 / 205 - ط الميمنية) وحسنه الهيثمي في المجمع (5 / 137 - ط القدسي) . وانظر: حاشية ابن عابدين 1 / 274 - 275، 5 / 238 والمهذب 1 / 71، وجواهر الإكليل 1 / 42، وكشاف القناع عن متن الإقناع 1 / 278 ط النصر الحديثة، والمغني لابن قدامة 1 / 577 - 579 ط الرياض الحديثة، والآداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي 3 / 523 - 524 ط الرياض الحديثة، ومجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي 5 / 136 ط القدسي.
(61) حديث أم علقمة: " دخلت حفصة. . . " أخرجه البيهقي (2 / 235 - ط دائرة المعارف العثمانية) وفي إسناده جهالة (ميزان الاعتدال 4 / 613 - ط الحلبي) .
(62) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 5 / 136.
(63) حديث دحية الكلبي " اصدعها صدعين. . . " أخرجه أبو داود (4 / 364 - ط عزت عبيد دعاس) وفي إسناده جهالة.
(64) حديث: " نهى عن الشهرتين. . . . " أخرجه البيهقي (3 / 273 - ط دائرة المعارف العثمانية) وقال: هذا منقطع.
(65) حديث: " من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة. . . . " أخرجه أبو داود (4 / 314 - عزت عبيد دعاس) وحسنه المنذري في الترغيب (3 / 44 - ط دار إحياء الكتب العربية) .
(66) كشاف القناع عن متن الإقناع 1 / 278 - 279، 285، 286 - ط النصر الحديثة. وحديث: " من راءى راءى الله به. . . ". أخرجه مسلم (4 / 2289 - ط الحلبي) .
(67) الآداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي 3 / 533. وحديث: " من تشبه بقوم فهو منهم. . . ". أخرجه أبو داود (4 / 314 - ط عزت عبيد دعاس) وحسنه ابن حجر في الفتح (10 / 222 - ط بولاق) .
(68) المدخل لابن الحاج 1 / 137، والدين الخالص 4 / 521، ومجمع الزوائد ومنبع الفوائد 5 / 135. وحديث: " لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا. . . " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 258 - ط السلفية) .
(69) رد المحتار على الدر المختار 1 / 276، وفتح القدير 1 / 184 ط بولاق، والطحطاوي على مراقي الفلاح ص 130، وروضة الطالبين 1 / 288، والمجموع شرح المهذب 3 / 143، وشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 1 / 212، والمغني لابن قدامة 1 / 587، 594 - 595 ط الرياض الحديثة.
(70) الفتاوى الهندية 1 / 59، وحاشية ابن عابدين 1 / 276، وروضة الطالبين 1 / 288، والشرح الكبير 1 / 211، والمغني لابن قدامة 1 / 595.
(71) حديث: " البسوا من ثيابكم البياض، فإنها من خير ثيابكم. . . " أخرجه أبو داود، (3 / 209 - ط عزت عبيد دعاس) وإسناده صحيح.
(72) حديث: " إن الله تعالى يحب أن يرى أثر. . . " سبق تخريجه (ف / 2) .
(73) حديث: " كان رسول الله ﷺ يلبس في العيدين بردة حبرة " أخرجه ابن الأحمر كما في المغني لابن قدامة (2 / 370 - ط الرياض) وضعفه النووي في المجموع (5 / 6 - ط المنيرية) .
(74) حديث: " ما على أحدكم لو اشترى ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوب مهنته. . . " أخرجه ابن ماجه (1 / 348 - ط الحلبي) وقال البوصيري: إسناده صحيح.
(75) عن جابر " كان النبي ﷺ يعتم، ويلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة. . . " أخرجه البيهقي (3 / 280 - ط دائرة المعارف العثمانية) وفي إسناده انقطاع.
(76) حديث: " كان للنبي ﷺ جبة يلبسها في العيدين ويوم الجمعة. . . ". أخرجه ابن خزيمة (3 / 132 - ط المكتب الإسلامي) وإسناده ضعيف. (فيض القدير 5 / 174 ط المكتبة التجارية) . وانظر: رد المحتار على الدر المختار1 / 556، وفتح القدير 2 / 40 ط دار إحياء التراث العربي، وحاشية الجمل على شرح المنهج 2 / 98، والمهذب 1 / 126، جواهر الإكليل 1 / 103، والمغني لابن قدامة 2 / 370 ط الرياض الحديثة، وكشاف القناع عن متن الإقناع 2 / 51 - 52 ط النصر الحديثة.
(77) حديث البردين: أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (12 / 76 - ط دار المعارف) وإسناده صحيح.
(78) سورة الأعراف / 32.
(79) حديث عمر ﵁ " رأى حلة سيراء. . . " أخرجه مسلم (3 / 1640 - ط الحلبي) .
(80) حديث: " إذا خرج الرجل إلى إخوانه فليهيئ. . . " أخرجه السمعاني في أدب الإملاء (ص 32 - ط ليدن) وإسناده ضعيف لإرساله. . وانظر الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 7 / 195 - 197، والمغني لابن قدامة 2 / 370 ط الرياض الحديثة.
(81) حاشية ابن عابدين 3 / 274، 5 / 226، وكشاف القناع 1 / 279.
(82) أحكام أهل الذمة لابن قيم الجوزية 2 / 738، 746 الطبعة الأولى مطبعة جامعة دمشق.
(83) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 2 / 370.
(84) المدخل لابن الحاج 1 / 124، 129، 135، والحطاب 6 / 152، وكشاف القناع 1 / 279، والآداب الشرعية 3 / 533 - 534، والإنصاف 11 / 202.
(85) حديث: " إزرة المسلم إلى أنصاف ساقيه. . . " أخرجه أبو داود (4 / 353 - ط عزت عبيد دعاس) وإسناده صحيح (فيض القدير 1 / 480 - ط المكتبة التجارية) .
(86) الفتاوى الهندية 4 / 465 - 466، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 1 / 211، وروضة الطالبين 5 / 225 ط المكتب الإسلامي، والمغني لابن قدامة 1 / 594 ط الرياض الحديثة.
(87) حاشية ابن عابدين 5 / 95، وشرح روض الطالب من أسنى المطالب 2 / 193 ط المكتبة الإسلامية، وجواهر الإكليل 2 / 89، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل 2 / 502، والمغني لابن قدامة 4 / 490 ط الرياض الحديثة.
(88) حديث: " من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه. . . " أخرجه البخاري (الفتح 8 / 35 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1371 - ط الحلبي) .
(89) رد المحتار على الدر المختار 3 / 238 - 241، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 2 / 190 - 191، جواهر الإكليل 1 / 260 - 261، والمهذب 2 / 238 - 239، والمغني لابن قدامة 8 / 387 - 394 ط الرياض الحديثة.
(90) حديث: " كان يعجبه التيمن. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 269 ط السلفية) ومسلم (1 / 226) واللفظ للبخاري.
(91) عن عائشة: " كان رسول الله ﷺ يحب التيمن في شأنه كله. . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 523 ط السلفية) ومسلم (1 / 226 ط الحلبي) .
(92) حديث: " كان إذا لبس قميصا بدأ بميامنه. . . " أخرجه الترمذي (4 / 239 ط الحلبي) وإسناده صحيح. (فيض القدير 5 / 159 - ط المكتبة التجارية) .
(93) حديث: " إذا لبستم وإذا توضأتم فابدءوا بميامنكم. . . " أخرجه أبو داود (4 / 379 - ط عزت عبيد دعاس) وصححه النووي في رياض الصالحين (ص 337 - ط الرسالة) .
(94) حديث: " كان يجعل يمينه. . . " أخرجه أحمد وأبو داود واللفظ له، وفي إسناده أبو أيوب الإفريقي، لينه أبو زرعة ووثقه ابن حبان، وقال النووي: إسناده جيد، وقال ابن سيد الناس: هو معلل. (عون المعبود 1 / 12، 13 ط الهند، وفيض القدير 5 / 204 ط المكتبة التجارية) .
(95) حديث: " إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين، وإذا نزع فليبدأ بالشمال. . . " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 311 ط السلفية) ومسلم (3 / 1660 ط الحلبي) .
(96) حديث معاذ بن أنس: " من لبس ثوبا جديدا. . . " أخرجه أبو داود (4 / 310 ط عزت عبيد دعاس) وحسنه ابن حجر كما في الفتوحات (1 / 300 ط. المنيرية) .
(97) حديث: أبي سعيد الخدري: " كان إذا استجد ثوبا سماه باسمه. . . . ". أخرجه أبو داود (4 / 309 ط عزت عبيد دعاس) وحسنه ابن حجر كما في الفتوحات 1 / 304 ط المنيرية) .
(98) حديث:: " من لبس ثوبا. . . " أخرجه الحاكم (4 / 139 ط دائرة المعارف العثمانية) وفي إسناده علي بن يزيد الألهاني وهو ضعيف.
(99) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 2 / 371، والمجموع شرح المهذب 4 / 460 - 461 ط المكتبة السلفية، والأذكار المنتخبة من كلام سيد الأبرار ﷺ ص22 - 24، والشرح الكبير 1 / 103، وكشاف القناع عن متن الإقناع 1 / 288 ط النصر الحديثة، ومجمع الزوائد ومنبع الفوائد للهيثمي 118 - 119، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني 10 / 303.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 128/ 6
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".