الصداق

شرع الله الزواج، وكلّف الرجل كونه القائم بأمور البيت والقادر على الكسب والعمل بمهر الزواج، ليكون مِصداقًا لجدية طلبه في الزواج، وبما يحقق كرامة المرأة في الغالب، ولهذا المهر أحكام سنبيّنها.

التعريف

التعريف لغة

الصَّداق: مَهر الـمرأة، يُقال: أصدق الرَّجل الـمرأة، أيْ: جعل لـها صداقاً. وأصل الكلمة من الصّدق، وهو: القوَّة والصَّلابة، ومنه سُـمّي ما يعطى للمرأة صداقاً؛ لقوَّته، ولأنّه يعبّر عن صدق الرّجل في طلبه للمرأة، ويأتي بـمعنى اللُّزُومِ؛ لأنّه حقٌّ يلزم. انظر " مقاييس اللغة " لابن فارس (3 /339)، " تهذيب اللغة " للأزهريّ (8 /277).

التعريف اصطلاحًا

- الصداق: هو العِوَض المسمَّى في عقد نكاح وبعده، وهو المهر. انظر "الملخص الفقهي " للفوزان (2 /356).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

بني المعنى الاصطلاحي على المعنى اللغوي لأن ما يعطى للمرأة يسمى صداقاً؛ لقوَّته، ولأنّه يعبّر عن صدق الرّجل في طلبه للمرأة، ويأتي بـمعنى اللُّزُومِ؛ لأنّه حقٌّ يلزم.

الألفاظ ذات الصلة

الصَّداق، والصَّدُقَة، والمهر، والنِّحْلة، والفَريضة، والأجْر، والعَلَائِق، والعُقْر، والحِبَاء. انظر "نيل المآرب بشرح دليل الطالب " للتغلبي (2 /186).

الحكم التكليفي

وهو مشروع في النكاح إجماعًا، لقوله تعالى: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ [النساء: 4]، قال أبو عبيد: «يعني عن طيب نفس به كما تطيب النفس بالهبة». وقيل: نحلة من اللَّه للنساء؛ ولأنه صلى اللَّه عليه وسلم تزوج وزوج بناته على صدقات ولم يتركه في النكاح. انظر "الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات " لعثمان الحنبلي (3 /359).

الوقت

وقت قبض الصداق: 1- إما أن يكون معجّلاً، فيقبض بمجرد العقد. 2- وإما أن يكون مُؤجَّلاً: فإن عين أجلاً، يقبض في وقته، وإن لم يعين الزوج زمنًا يدفعه فيه؛ فمحل القبض بالفرقة التي بالموت أو الطلاق. انظر "مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى " للرحيباني (5 /174).

الصور

صور تزويج المرأة بأقل من مهر مثيلاتها: 1- يجوز للأب خاصة أن يزوج ابنته بأقل من مهر مثيلاتها؛ لأن المال ليس مقصوداً بالنكاح، وإنما المقصود السكن ووضع المرأة في منصب يليق بها، والأب لا ينقص المهر إلا إذا رأى مصلحة مقصودة، ولا يلزم الزوج في هذه الحالة أن يكمل مهرها كمهر مثيلاتها. 2- وإن زوّجها ولي غير أبيها بأقل من مهر مثيلاتها: 1- إن كانت قد وافقت على ذلك وأذنت له؛ صح المهر ولم يجب، ولا يلزم الزوج في هذه الحالة أن يكمل مهرها كمهر مثيلاتها. 2- إن كانت لم تكن وافقت على ذلك وأذنت له؛ صح المهر، ويجب ويلزم الزوج في هذه الحالة أن يكمل مهرها كمهر مثيلاتها، ويؤخذ المهر الزائد من الولي الذي غرّه. انظر "المجلّى" للأشقر (456/2).

الأقسام

- أقسام ثبوت المهر كله أو بعضه: 1- يتقرر المهر كله للزوجة بأحد أمور: - موت أحدهما. - قتل أحدهما الآخر. - أن يطأها وهي حية في الفرج ولو في الدبر. - إذا خلا بها الزوج، وإنما يتقرر كل المهر بالخلوة بثلاثة شروط: 1- أن يكون الزوج ممن يطأ مثله - وهو ابن عشر -، وتكون الزوجة ممن يوطأ مثلها - وهي ابنة تسع -. 2- وعلم الزوج بالزوجة، فلا يتقرر كل المهر إن دخلت على زوجها الأعمى، ثم خرجت بلا علمه. 3- وألا تمنعه من الوطء. - أن يطلقها في مرض موت الزوج فقط ثم يموت بعد الطلاق؛ لأنه بتطليقها في مرض موته المخوف يكون متهما بحرمانها من الميراث. - أن يلمسها بشهوة، أو ينظر إلى فرجها بشهوة. - أن يُقبِّلَها، ولو بحضرة الناس، فيتقرر لها المهر؛ لأنه قد استمتع بها. 2- يتنصف المهر بأحد هذه الأمور: الفرقة التي تكون من قبل الزوج قبل الدخول. والفرقة التي تكون من قبل أجنبي ولا جناية للمرأة فيها، كأن ترضع أمه زوجته الصغيرة فينفسخ النكاح ولها نصف المهر. وإذا اشترى أحدهما الآخر قبل الدخول.

الشروط

شروط صحة الصداق: 1- أن يكون معلومًا، ولكن لا يضر جهل يسير كقميص من قمصانه. 2- أن يكون مما يُتَمَوَّلُ عادة، أي: له قيمة مالية عند الناس، فلا يصح أن يكون حبة شعير مثلا؛ لأنها لا قيمة لها عند الناس. 3- أن يكون مباحًا، فلا يصح أن يكون المهر خنزيرًا، أو خمرًا. انظر "شرح منتهى الإرادات " للبهوتي (3 /8).

السنن

1- تسميته في العقد، أي: ذكره فيه؛ لأنه يقطع النزاع. 2- وتخفيفه، أي: كونه قليلا. 3- وألا ينقص عن عشرة دراهم خروجًا من خلاف من قدره بذلك، ولا حد لأكثر الصداق بالإجماع. 4- وكونه من 400 إلى 500 درهم؛ لأنه صداق النبي ﷺ لزوجاته رضي الله عنهن، والدرهم يساوي (3) جم من الفضة تقريبًا، فإن كان الجرام يقوم بـ (20) قرش مثلًا، فتكون قيمة الدرهم (60) قرش، وتكون إذن قيمة 500 درهم = 150 دينار أقلها. انظر "الحواشي السابغات على أخصر المختصرات " للقعيمي (584).

المكروهات

وقت تحديد الصداق: 1- يستحب تسميته وتحديده في العقد. 2- يكره أن يسمّى ويحدد بعد عقد النكاح، لأنه قد يؤدي إلى التنازع.

مسائل متعلقة

حكمة تشريع الصداق

شرع الصداق لأن بذله يدل على صدق طلب الزوج لهذه المرأة، إذ إن الإنسان لا يمكن أن يبذل المحبوب إلا لما هو مثله أو أحب. انظر "الشرح الممتع على زاد المستقنع " لابن عثيمين (12 /251).

صور سقوط الصداق وعدم سقوطه في غير النكاح الصحيح

1- لا مهر في النكاحِ الفاسِدِ إلا بالخلوةِ أو الوطء، فإنْ طلّقها أو ماتَ عنها قبل الدخول أو الخلوة فلا مهر لها، فإن حَصَلَ أحدُهما) أي الدخولُ أو الخلوةُ؛ استقرّ عليه المهر المسمى إن كان فُرِضَ لها مسمًّى، وإلا بأن لم يُفرضْ لها شيء فـيستقر عليه لها إن دخلَ أو خلَا بها مهرُ مثيلاتها. 2- ولا مهرَ في النكاحِ الباطلِ، كنكاحِ الزوجة الزائدةٍ على أربع، إلا بالوطءِ في الرحم فلا مهر بوطئها في الدبر. 3- ويجب عليه مهر مثيلاتها، إذا كانتْ وطئها بشبهةٍ، كمن وطئ امرأةً ليست زوجةً له، يظنُّها زوجتَهُ. 4- وحكم المُكْرَهَةِ على الزِّنا، ولو كانتْ من محارمِهِ، كأختِهِ وعمّته من نسبٍ أو رضاعٍ، فلها مهر مثيلاتها. انظر "نيل المآرب بشرح دليل الطالب " للتغلبي (2 /200).

متى يسقط المهر؟

1- الفرقة التي تكون من قبل الزوجة أو من قبل الزوج بسبب الزوجة، مثل أن يكون فيها عيب. 2- وبالفرقة التي تكون بسبب اللعان. 3- وبفسخها لعدم وفاء الزوج بشرطها. وكل هذه مشروطة بعدم الدخول، وإلا فالقاعدة أن الزوج متى دخل بامرأته تقرر المهر. انظر "الحواشي السابغات على أخصر المختصرات " للقعيمي (589).

مذاهب الفقهاء

الصداق جائز بالكتاب والسنة والإجماع، وأجمعهوا ألّا حدَّ لأكثره، واختلفوا في بعض فروعه من أشهرها: 1- أقل الصداق: اختلف العلماء في أقل الصداق على أقوال، فمنهم من قال سوطاً، كناية عن أقل المال، ومنهم من قال خمسة دراهم ومنهم من قال عشرة دراهم، وشدد النخعي في أقل الصداق فأقل الروايات عنه أن أقل الصداق أربعين درهماً ويروى عنه أن أقله رطل ذهبٍ. 2- اختلف الفقهاء في مهر المثل فعند الشافعي مهر مثل نسائها من أخواتها وخالاتها وعماتها، وعند مالك من كان في مثل موضعها من الجمال والمال ورغبة الناس فيها، وعند ابن الحسن النساء من عشيرتها. انظر "الإشراف على مذاهب العلماء " لابن المنذر (5 /35 ، 37- 38).

المواد الدعوية

الجميع نصي صوتي مرئي

عبارات مقترحة: