البحث

عبارات مقترحة:

القريب

كلمة (قريب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فاعل) من القرب، وهو خلاف...

الغفور

كلمة (غفور) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) نحو: شَكور، رؤوف،...

الحفي

كلمةُ (الحَفِيِّ) في اللغة هي صفةٌ من الحفاوة، وهي الاهتمامُ...

سب النبي صلى الله عليه وسلم

إنّ الانتقاص والاستخفاف من نبيّنا عليه الصلاة والسّلام، باللّعن والتقبيح وغيره، مما يوجب الكفر بإجماع العلماء، بل نقل الإجماع على وجوب قتله، ثمّ في الآخرة عذاب مهين جزاء لسوء فعله قال الله تعالى: ﴿إنّ الذين يؤذون يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعدّ لهم عذابًا مهينًا﴾. فصاحبه ملعون في الدنيا والآخرة، مطرود من رحمة الله، ممحوقة من نور الإسلام، نسأل السلامة والعافية.

الأهمية

قد أمرنا الله في كتابه بتعظّيم وتوقّير نبيّنا عليه الصلاة السلام فقال: ﴿لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ﴾ [الفتح: 9]. فأمره -سبحانه- عباده بالإيمان به وتعزيره وتوقيره وقد أخبر في الآية الأخرى أنها من أسباب الفلاح قال الله تعالى: ﴿فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الأعراف: 157]. فالفلاح إنّما يكون لمن جمع بين الإيمان به وتعزيره.

التعريف

التعريف لغة

السب في اللغة له معنيان: الشتم، والقطع. قال الخليل: «السب: الشتم، وقد سبه يسبه. وسبه أيضا بمعنى قطعه» "العين"(ج1/ص144). ولكنّ ابن فارس جعل الأصل القطع ثم اشتق منه الشتم. انظر "مقاييس اللغة" (ج3/ص63). فالسب انتقاص وشتم بكلام قبيح.

التعريف اصطلاحًا

قال ابن تيمية: «هو الكلام الذي يقصد به الانتقاص والاستخفاف، وهو ما يفهم منه السبّ في عقول النّاس على اختلاف اعتقاداتهم كاللعن والتقبيح ونحوه» "الصارم المسلول" (ص 561). فيقال بناء عليه أنّ تعريف سبِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلَّم هو: الكلام الذي يقصد به الانتقاص والاستخفاف من نبيّنا عليه الصلاة والسّلام، كاللعن والتقبيح وغيره.

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

هي العموم والخصوص؛ إذ السبّ في الاصطلاح مخصوص بانتقاص نبيّنا عليه الصلاة والسلام، وقد عاقبه الله بخلاف قصده فقال: ﴿إنّ شانئك هو الأبتر﴾ فهو الأقلّ الأذل المنقطع.

الأقسام والأنواع

قد قسّم العلماء سابّ النبيّ صلى الله عليه وسلّم إلى قسمين: القسم الأوّل: إذا كان مسلمًا، فهذا قد حكي الإجماع على قتله. القسم الثاني: إن كان ذميًّا، فهذا اختلف العلماء في قتله فجمهور الفقهاء. من مذهب مالك، وأهل المدينة، ومذهب أحمد، وفقهاء الحديث على أنّه يقتل أيضًا. "الصارم المسلول على شاتم الرسول" (ص4). وخالف في ذلك الحنفيّة فإّنهم لم يعدّوه ناقضًا للعهد. "الجوهرة النيرة على مختصر القدوري" (ج2 /ص 276).

الفروق

الفرق بين سب النبي صلى الله عليه وسلم و الشتم

الفرق بين السبّ والشتم قال إبراهيم الحربي: «السباب فوق الشتم وهو أن يقول في الرّجل ما فيه وما ليس فيه، يريد عيبه بذلك». كتاب الإيمان، لابن منده (ج 2 /ص 463). فيفهم من هذا النصّ: 1-أنّ السبّ والشتم يجتمعان في معنى الانتقاص. 2-ويفترقان في كون السبّ عامّ سواء كان الانتقاص حقًّا أو باطلًا.

الأدلة

القرآن الكريم

سب النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم
قال اللهُ سُبحانَه: ﴿يَحْذَرُ المُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُوْرَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا في قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزئُوا إنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُون ولَئِن سَألْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخوُضُ ونَلْعَبُ قُلْ أَبالله وآياتِهِ وَرَسُولهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرتُمْ بَعْدَ إيْمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرميْنَ﴾ [التَّوبة: 64-66]. قال ابن تيمية: «هذا نصٌّ في أنَّ الاستهزاءَ باللهِ وبآياتِه وبرَسولِه كُفرٌ، فالسَّبُّ المقصودُ بطَريقِ الأَوْلى، وقد دلَّتْ هذه الآيةُ على أنَّ كُلَّ مَنْ تنقَّصَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جادًّا أو هازِلًا، فقد كَفَر». يُنظر: "الصارم المسلول" (ج 2 /ص70). قال السعدي: «في هذه الآياتِ دليلٌ على أنَّ من. .. استهزأ بشَيءٍ من كِتابِ اللهِ أو سُنَّةِ رَسولِه الثَّابتةِ عنه، أو سَخِرَ بذلك أو تنقَّصه، أو استهزأ بالرَّسولِ أو تنقَّصَه؛ فإنَّه كافِرٌ باللهِ العظيمِ». يُنظر: "تفسير السعدي"(ص 343).

السنة النبوية

سب النبي صلى الله عليه وسلم في السنة النبوية
عن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ أعمى كانت له أمُّ ولدٍ تَشتِمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وتقع فيه، فينهاها فلا تنتهي، ويَزجُرُها فلا تنزَجِرُ، قال: فلمَّا كانت ذاتَ ليلةٍ جعَلَت تقعُ في النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وتشتِمُه، فأخذ المِغْوَلَ فوضَعَه في بطنِها واتكأ عليها فقَتَلها، فوقع بين رِجْليها طفلٌ، فلطَّخت ما هناك بالدَّمِ، فلمَّا أصبح ذُكِرَ ذلك للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فجمع النَّاسَ فقال: أنشُدُ اللهَ رَجُلًا فعل ما فعل، لي عليه حقٌّ، إلَّا قام. قال: فقام الأعمى يتخطَّى النَّاسَ وهو يتزلزَلُ حتى قعد بين يَدَيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا رَسولَ اللهِ أنا صاحِبُها، كانت تَشتِمُك وتَقَعُ فيك فأنهاها فلا تنتهي، وأزجُرُها فلا تنزَجِرُ، ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتينِ، وكانت بي رفيقةً، فلمَّا كان البارحةُ جعَلَت تَشتِمُك وتقَعُ فيك، فأخذتُ المِغْولَ فوضَعْتُه في بطنِها، واتَّكأتُ عليها حتى قتَلْتُها، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «ألا اشهَدوا أنَّ دَمَها هَدرٌ» أخرجه أبو داود (4361) واللَّفظُ له، والنسائي (4070). وصَحَّحه الألباني في "صحيح سنن أبي داود" (4361). قال الصنعانيُّ: «الحديثُ دليلٌ على أنَّه يُقتَلُ مَن سَبَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ويُهدَرُ دَمُه؛ فإن كان مُسلِمًا كان سَبُّه له صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رِدَّةً، فيُقتَلُ. قال ابنُ بطَّال: من غيرِ استتابةٍ، ونَقَل ابنُ المنذِرِ عن الأوزاعيِّ واللَّيثِ أنَّه يُستتابُ. وإن كان من أهلِ العَهدِ فإنَّه يُقتَلُ إلَّا أن يُسلِمَ، ونقل ابنُ المنذِرِ عن اللَّيثِ والأوزاعيِّ والشَّافعيِّ وأحمدَ وإسحاقَ؛ أنَّه يُقتَلُ أيضًا من غيرِ استتابةٍ، وعن الحَنَفيَّةِ أنَّه يُعَزَّرُ المعاهَدُ». يُنظر: "سبل السلام" (ج3 /ص 266). وقال ابنُ عثيمين: «في هذا الحديثِ عِدَّةُ فوائِدَ: أولًا: أنَّ من سَبَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فدَمُه هَدَرٌ، وظاهِرُ هذا الحديثِ أنَّه لا يُستَتابُ؛ لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يُبَيِّنْ أنَّه كان يجِبُ أن يَستتيبَها إلَّا أن يقال: إنَّ نَهْيَه إيَّاها وامتناعَها عن الانتهاءِ بمنزلةِ الاستتيابِ. وعلى كُلِّ حالٍ: فمن سَبَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ أو رسولَه، فهو كافِرٌ مرتدٌّ لا إشكالَ فيه، ولكِنْ يبقى النَّظَرُ إذا تاب هل تُقبَلُ توبتُه أو لا؟ فالمشهورُ مِن المذهَبِ أنَّه لا تُقبَلُ توبةُ من سَبَّ اللهَ أو رسولَه؛ لأنَّ هذا كُفرٌ ليس بعده كُفرٌ، هذا أعظَمُ الكُفْرِ» "فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام" (ج 5 /ص 323).

الإجماع

قال إسحاقُ بنُ راهَوَيه: «أجمع المُسلِمونَ على أنَّ من سَبَّ اللهَ أو سَبَّ رَسولَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. .. أنَّه كافِرٌ بذلك، وإن كان مقرًّا بكُلِّ ما أنزل اللهُ» "الصارم المسلول" (2 /15). قال ابنُ المنذِرِ: «وأجمعوا على أنَّ من سَبَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ أنَّ له القَتْلَ». "الإجماع" (ص 174).

وجه عده من النواقض

والإيمان تصديق وانقياد، ولا شك أن السب ينتقض به الانقياد. قال ابن تيمية: «فإذا حصل في القلب استخفاف واستهانة امتنع أن يكون فيه ‌انقياد أو استسلام فلا يكون فيه إيمان، وهذا هو بعينه كفر إبليس، فإنه سمع أمر الله له فلم يكذب رسولًا، ولكن لم ينقد للأمر، ولم يخضع له واستكبر عن الطاعة؛ فصار كافرًا». "الصارم المسلول" (ص519). ولا شكّ أنّ الطعن في الرسول طعن لإسلام بكامله، فعنه أخذ هذا الدّين وبه اكتملت هذه الشريعة الحسناء قال ابن تيمية: «الطَّعنُ فيهم أي: في الأنبياءِ طَعنٌ في توحيدِ اللهِ وأسمائِه وصِفاتِه، وكَلامِه ودينِه وشَرائِعِه وأنبيائِه وثوابِه وعِقابِه، وعامَّةِ الأسبابِ التي بينه وبين خَلْقِه، بل يقالُ: إنَّه ليس في الأرضِ مملكةٌ قائمةٌ إلَّا بنُبُوَّةٍ أو أثَرِ نُبُوَّةٍ، وأنَّ كُلَّ خيرٍ في الأرضِ فمن آثار النُّبُوَّاتِ ولا يستريبَنَّ العاقِلُ في هذا، . .. وليست أُمَّةٌ مُستمسِكةٌ بالتَّوحيدِ إلَّا أتباعُ الرُّسُلِ؛ قال سُبحانَه وتعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ﴾ [الشورى: 13]، فأخبَرَ أنَّ دينَه الذي يدعو إليه المرسَلون كَبُرَ على المُشْرِكين، فما النَّاسُ إلَّا تابعٌ لهم أو مُشْرِكٌ، وهذا حَقٌّ لا ريبَ فيه، فعُلِمَ أنَّ سَبَّ الرُّسُلِ والطَّعنَ فيهم يَنبوعُ جميعِ أنواعِ الكُفْرِ، وجماعُ جميعِ الضَّلالاتِ، وكُلُّ كُفرٍ ففَرعٌ منه، كما أنَّ تصديقَ الرُّسُلِ أصلُ جميعِ شُعَبِ الإيمانِ، وجميعُ مجموعِ أسبابِ الهدى». "الصارم المسلول" (ج2 /ص 459 - 461).

أقوال أهل العلم

ومَنْ سَبَّ ربَّ الخلْقِ أوْ مُرْسَلًا لهُ*****فقَتْلُ أُولاءِ احْتِمْ بغيرِ تَرَدُّدِ وعنْ أحمدَ اقْبَلْ تَوبةَ الْجَمْعِ إنْ يُرَى*****لكَ الصِّدْقُ كالكُفْرِ الأصيلِيِّ تَهْتَدِ المَرْداوي "الألفية في الآداب الشرعية" (ص69).