البحث

عبارات مقترحة:

الأحد

كلمة (الأحد) في اللغة لها معنيانِ؛ أحدهما: أولُ العَدَد،...

الفتاح

كلمة (الفتّاح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من الفعل...

الأعلى

كلمة (الأعلى) اسمُ تفضيل من العُلُوِّ، وهو الارتفاع، وهو اسمٌ من...

صفة الرجل والقدمين

صفة ذاتية خبرية ثابتة لله عز وجل بالأحاديث الصحيحة. وخالف فيها المعتزلة والجهمية والأشاعرة، وأولوها بتأويلات كثيرة باطلة.

التعريف

التعريف لغة

الرجل لفظ جامد يشتق منه غيره، وهو العضو المعروف المعنى، ويكون للإنسان وغيره، قال ابن فارس: «الراء والجيم واللام معظم بابه يدل على العضو الذي هو رجل كل ذي رجل. ويكون بعد ذاك كلمات تشذ عنه. فمعظم الباب الرجل : رجل الإنسان وغيره». "المقاييس" (2 /492). والقدم معلومة، وما قيل في الرجل يقال في القدمين، إذ هما واحد، قال ابن فارس: «وقدم الإنسان معروفة، ولعلها سميت بذلك لأنها آلة للتقدم والسبق» "المقاييس" (5 /66).

التعريف اصطلاحًا

صفة ذاتيةٌ خبريةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجَلَّ بالسنة الصحيحة، وتُثبَت لله تعالى بالوجه الذي يليق به سبحانه، من غير كيف لقوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: 11]، ونثبت ما أثبته الله لنفسه. "معجم ألفاظ العقيدة" لعامر فالح (ص189).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

الثابت لله تعالى هو القدر المشترك بين المدلولين اللغوي والاصطلاحي، مع نفي المماثلة والتكييف، فهي مما استأثر الله عز وجل بعلمه.

الأدلة

السنة النبوية

صفة الرجل والقدمين في السنة النبوية
ثبتت صفة الرجل لله تعالى في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في تحاجُجِ الجنة والنار، قال : «تَحاجَّتِ الجَنَّةُ والنّارُ، فَقالتِ النّارُ : أُوثِرْتُ بالمُتَكَبِّرِينَ، والْمُتَجَبِّرِينَ، وقالتِ الجَنَّةُ: فَما لي لا يَدْخُلُنِي إلّا ضُعَفاءُ النّاسِ وسَقَطُهُمْ وغِرَّتُهُمْ؟ قالَ اللَّهُ لِلْجَنَّةِ: إنَّما أنْتِ رَحْمَتي أرْحَمُ بكِ مَن أشاءُ مِن عِبادِي، وقالَ لِلنّارِ: إنَّما أنْتِ عَذابِي أُعَذِّبُ بكِ مَن أشاءُ مِن عِبادِي، ولِكُلِّ واحِدَةٍ مِنْكُما مِلْؤُها، فأمّا النّارُ فلا تَمْتَلِئُ حتّى يَضَعَ اللَّهُ، تَبارَكَ وتَعالى، رِجْلَهُ، تَقُولُ: قَطْ قَطْ قَطْ، فَهُنالِكَ تَمْتَلِئُ، ويُزْوى بَعْضُها إلى بَعْضٍ، ولا يَظْلِمُ اللَّهُ مِن خَلْقِهِ أحَدًا، وأَمّا الجَنَّةُ فإنَّ اللَّهَ يُنْشِئُ لها خَلْقًا البخاري (4850)، ومسلم (2846). وثبتت صفة القدم في الحديث ذاته في رواية أنس بن مالك رضي الله عنه عند مسلم: «لا تَزالُ جَهَنَّمُ تَقُولُ: هلْ مِن مَزِيدٍ، حتّى يَضَعَ فيها رَبُّ العِزَّةِ، تَبارَكَ وتَعالى، قَدَمَهُ فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ، وعِزَّتِكَ ويُزْوى بَعْضُها إلى بَعْضٍ». مسلم (2848). ولم يرد في النصوص إثبات القدمين لله عز وجل، والذي ورد فيها إثبات القدم مفردة، وإنما ورد إثبات القدمين في الآثار الموقوفة عن الصحابة، فعن ابن عباس و أبي موسى الأشعري رضي الله عنهم قالا: «الكرسي موضع القدمين». أخرج أثر ابن عباس ابن خزيمة في "التوحيد" (186)، وابن أبي شيبة في العرش (60) وصححه ابن خزيمة والذهبي والألباني، وأخرج أثر أبي موسى: عبد الله بن أحمد في السنة (586) وصححه الألباني. فإثبات القدمين لله إنما جاء من أقوال الصحابة، وليس من النصوص المرفوعة، وأقوال الصحابة في هذه المسائل لها حكم الرفع، لأنها لا تقال بالرأي.

الإجماع

يقول الإمام أبو عيسى الترمذي رحمه الله تعالى بعد أن ذكر حديث القدم: «وقد روي عن النبي روايات كثيرة مثل هذا ما يذكر فيه أمر الرؤية أن الناس يرون ربهم وذكر القدم وما أشبه هذه الأشياء. والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وابن المبارك، وابن عيينة، ووكيع وغيرهم أنهم ‌رووا ‌هذه الأشياء، ثم قالوا: تروى هذه الأحاديث ونؤمن بها، ولا يقال: كيف؟ وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن يرووا هذه الأشياء كما جاءت ويؤمن بها ولا تفسر ولا تتوهم ولا يقال: كيف، وهذا أمر أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه». "سنن الترمذي" (4/273).

أقوال أهل العلم

«هذه أحاديث صحاح، حملها أصحاب الحديث والفقهاء بعضهم عن بعض، وهي عندنا حق لا شك فيها، ولكن إذا قيل: كيف وضع قدمه؟ وكيف ضحك؟ قلنا: لا يفسَّر هذا، ولا سمعنا أحدًا يفسره» أبُو عُبَيْد "الصفات" للدارقطني (ص40)
«باب ذكر إثبات الرِّجل لله عز وجل، وإن رغمت أنوف المعطلة الجهمية الذين يكفرون بصفات خالقنا عز وجل التي أثبتها لنفسه في محكم تنزيله وعلى لسان نبيه المصطفى، قال الله عز وجل يذكر ما يدعو بعض الكفار من دون الله: ﴿أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا ۖ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا ۖ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا ۖ أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۗ قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ﴾ [الأعراف: 195]، فأعلمنا ربنا جل وعلا أن من لا رجل له ولا يد ولا عين ولا سمع فهو كالأنعام بل هو أضل» ابن خُزَيْمَة "التوحيد" (1/202)
«إن لله تعالى رجلاً وقدمًا حقيقية، لا تماثل أرجل المخلوقين، ويسمي أهل السنة مثل هذه الصفة: الصفة الذاتية الخبرية، لأنها لم تعلم إلا بالخبر». ابن عُثَيْمِين "شرح الواسطية" (2/32)

مذاهب المخالفين

خالف في هذه الصفة المعتزلة والجهمية والأشاعرة، وأولوها بتأويلات كثيرة، وداعيهم إلى ما ذهبوا إليه أن إثبات القدم أو الرجل يلزم منه التجسيم والتركيب. ومما تأولوا عليه الصفة: أن القدم مقصود بها أهل النار لأنه تقدم في علم الله أنهم من أهلها. انظر "مشكل الحديث" لابن فورك (44-45)، و"الإرشاد" للجويني (ص163). وهذه الأقوال جميعها مردود؛ لكونها تخالف ظواهر الأحاديث الصحيحة، وتخالف منهج السلف في التعامل مع هذه الصفات. ويظهر ذلك من وجوه: الوجه الأول: النبي قال: «حتى يضع»، ولم يقل: حتى يُلقي، كما قال في قوله: «لا يَزَال يُلقَى فيها». و الوجه الثاني: أن قوله «قدمه» لا يُفْهَم منه هذا، لا حقيقةً ولا مجازًا، كما تَدُلُّ عليه الإضافة. و الوجه الثالث: أن أولئك المؤخرين إن كانوا من أصاغر المعذَّبين فلا وجهَ لانزوائِها واكتفائها بهم، فإنّ ذلك إنما يكون بأمرٍ عظيمٍ، وإن كانوا من أكابر المجرمين فهم في الدرك الأسفلِ، وفي أوّلِ المعذَّبين لا في أواخرِهم. و الوجه الرابع: أن قوله: «فينزوي بعضُها إلى بعض» دليلٌ على أنها تَنضمُّ على من فيها، فتضيقُ بهم من غيرِ أن يُلقَى فيها شيء. و الوجه الخامس: أن قوله «لا يزال يُلقَى فيها، وتقول: هل من مزيد؟ حتى يَضَعَ فيها قدمَه» جَعَلَ الوضعَ الغايةَ التي إليها ينتهي الإلقاءُ، ويكون عندها الانزواءُ، فيقتضي ذلك أن تكون الغايةُ أعظمَ مما قبلَها. وليس في قول المعطِّلةِ معنًى للفظ «قدمه» إلا وقد اشترك فيه الأول والآخر، والأوّل أحقُّ به من الآخر. انظر "جامع المسائل" لابن تيمية (3/240). كما أن الرواية الثانية جاءت بلفظ (رجله)، وهو صريح يؤكد المعنى الأول ويثبته ويمنع من تأويله.