الإجارة

قد يحتاج الإنسانُ عيناً معينةً لا يملك ثمنها، فأجاز له الإسلام استئجارها مقابل ثمنٍ معلومٍ لمدةٍ معلومةٍ، كما أنَّ للناس أعمالاً مختلفةً، فيحتاج بعضهم إلى بعضٍ، ولهذا أباح الإسلام استئجار أعمالهم مقابل ثمنٍ معلومٍ.

التعريف

التعريف لغة

- معنى الإجارة في اللغة الأجر في العمل، يقول ابن فارس: «الهمزة والجيم والراء أصلان يمكن الجمع بينهما بالمعنى، فالأول الكراء على العمل، ا لأجر: الجزاء على العمل، والجمع أجور. والإجارة: من أجر يأجر، وهو ما أعطيت من أجرٍ في عملٍ. انظر: "لسان العرب " (4 /10)، "مقاييس اللغة " (1 /62).

التعريف اصطلاحًا

الإجارة: هو عقد على منفعة مباحة - كسكنى الدار - من عينٍ معينة - يشير إلى دارٍ مثلاً - أو يصف له العين دون أن يراها لمدة معلومة، أو عقد على عمل معلوم بعوض معلوم. انظر "الملخص الفقهي " للفوزان (2 /145).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

معاني الأجر في اللغة أعم من الاصطلاح فقد تعني الثواب في اللغة وقد تعني الثمن، أما في الاصطلاح فيقتصر المعنى على الثمن مقابل المنفعة، وبهذا يكون المعنى الاصطلاحي أخص وبينهما العموم والخصوص المطلق.

الألفاظ ذات الصلة

الكِراء.

الحكم التكليفي

وعقد الإجارة جائز بدلالة الكتاب والسنة وإجماع الأمة، أما القرآن ففي قول المرأتين اللتين سقى لهما موسى ـ عليه الصلاة والسلام: ﴿يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ﴾ [القصص: 26 ]، وأما السنة فقد ثبت أن النبي صلّى الله عليه وسلّم استأجر عبد الله بن أريقط على أن يدله على الطريق من مكة إلى المدينة كما في رواية البخاري (2263). انظر "الشرح الممتع على زاد المستقنع " لابن عثيمين (10 /5).

الصور

لإجارة منفعة العين صورتان: 1- أن تكون المنفعة من عين معيّنة، وهي المشخصة، مثل آجرتك هذه الدار لتسكنها سنة. 2- أن تكون المنفعة من عين غير معينة - أي: مشخصة - موصوفة، مثل: آجرتك سيارة صفتها كذا وكذا لتذهب بها إلى الحج قبل أن يراها. انظر "المجلّى " للأشقر (69/2).

الأقسام

الإِجارة قسمان: 1- الأول: أن تقع على منفعةِ عينٍ مثل البيت أو السيارة. 2- الثاني: أن تقع الإجارة على عمل منفعة معينة موصوفة: مثل بناء بيت، أو توصيل أحد إلى محل معيّن. انظر "دليل الطالب لنيل المطالب " لمرعي (ص160).

الأركان

1- العاقدان: - المؤجّر: وهو صاحب العين المؤجّرة. - المستأجر: وهو الذي سيأخذ العين لينتفع بها. 2- المعقود عليه: وهو العين الموجَّرة، مثل السيارة والبيت. 3- الصيغة: وهي الكلام الذي يدل على أجرة العين. انظر "الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات " لعثمان الحنبلي (2 /808).

الشروط

1- معرفة المنفعة المعقود عليها: ويحصل ذلك بأحد أمرين: - بالوصف، مثل أن يستأجره لبناء حائط ويصفه له. - أو بالعرف، أي: ما يتعارفه الناس بينهما، مثل أن يستأجر داراً للسكنى، فكيفية السكنى معلومة بالعرف. 2-أن تكون المنفعة المعقود عليها مباحة: ويشترط في النفع سبعة شروط: - أن تكون مباحة، فلا يصح إجارة آلات الموسيقى. - أن تكون الإباحة مطلقة، أي: بلا ضرورة، فلا يصح إجارة الميتة، لأنها لا تباح الإ في الضرورة. - أن يكون النفع مقصوداً في العادة. - أن يكونه النفع له قيمةٌ، فلا تصح إجارة تفاحة ليشتمها. - أن ينتفع بالعين المؤجرة دون أن تذهب أجزائها، فلا يصح أن يستأجر الطعام، لأنه لا يبقىى. - والقدرة على تسليم العين المؤجرة، فلا يصح أن يستأجر شيئًا مسروقًا من عنده، لأنه لا يمكن تسليمه. - وأن تكون العين المؤجرة ملكًا للمؤجر. 3- معرفة الأجرة: فيبين مقدارها عند العقد، ويستثنى من ذلك: الأجير والمرضعة، فيصح استئجارهما مقابل إطعامهما. انظر "نيل المآرب بشرح دليل الطالب " للتغلبي (1 /425). شروط صحة الإجارة على منفعة موصوفة في الذمة: 1- ذكر وصفٍ منضبطٍ للمنفعة، فإذا استأجر أحداً لصنع ثوب؛ ذكر طوله وعرضه ولونه ونوع القماش، وإذا كان حائطاً ذكر طوله وسمكه وارتفاعه، ويذكر المواد التي يبنى منها. 2- أن لا يجمع بين شرط المدة والعمل، بل يحدد إما المدة أو العمل، فإن استأجر أحداً لبناء البيت، فيقول له اعمل عندي عشرين يوماً في البناء، فإن عمل هذه الأيام فله الأجرة حتى في عدم انتهاء البيت، وإن استأجره لبناء البيت، يقول: أريد بناء كذا بصفاته، ولا يحدد له المدة. 3- أن لا يكون المتعاقد عليه من الطاعات التي يشترط فيها الإسلام، مثل الأذان والإقامة للصلاة، ويصح أن يُؤخذ على هذه الأعمال مالاً. انظر "شرح منتهى الإرادات " للبهوتي (2 /257).

المبطلات

تبطل الإجارة في حال عدم القدرة على الاستفادة من العين المؤجّرة، وللموجّر الأجرة في وقت صلاحها. ومن الأمثلة: 1- انهدام الدار، فمتى انهدمت انفسخ عقد الإجارة عليها. 2- إذا ماتت المرضعة في الرضاعة. 3- إذا غرقت الأرض ولم يمكن زراعتها، هذا إذا استأجرها للزراعة. 4- وإذا شُفيَ المريض، انفسخ عقد الأجرة للطبيب. انظر "زاد المستقنع في اختصار المقنع " للحجاوي (ص128).

مسائل متعلقة

التزامات المؤجر في إجارة المنفعة

عليه كل ما جرت به العادة والعرف أنه عليه من آلة المركوب كالسيارة، وقطعها التي لا تتحرك إلا بها، وعلى المؤجر قيادة السيارة، والشيل والحط، والبقاء مع السيارة في حالة النزول لقضاء الحاجة. وإذا أجّر بيتاً فعليه ترميم الدار المؤجرة بإصلاح المنكسر ، وإقامة المائل من السقف وبناء حائط، وبلاط وإصلاح أحواض بالحمام، وإصلاح مجاري المياه، ودرج للأسطحة.

التزامات المستأجر

يجب عليه أن يرجع ما استأجره مثل ما هو. انظر "نيل المآرب بشرح دليل الطالب " للتغلبي (1 /429).

ما هي أنواع الأجير؟

هناك نوعان للأجير: 1- أجير خاص: لا يعمل إلا عمل واحد، ولا يتقبل من الناس أعمالاً أخرى، وعمله مقدّر بالزمن ، مثل الموظف الذي يخرج من الصباح. هذا لا يضمن إن تلف ما يعمله، إلا إذا قصّر. 2- أجير مشترك: هذا يتقبل من الناس الأعمال، ولا يختص عمله بواحد فقط، مثل الخياط والبنّاء، والدهّين، هذا إن تلف شيء في يده فعليه أن يضمنه ولو لم يقصّر، أما إذا تلف ما يعمل فيه بفعل أحد، كأنْ يحرق مكان عمله فلا شيء عليه. انظر "المجلّى" للأشقر (76/2).

مذاهب الفقهاء

الإجارة جائزةٌ بالإجماع، نقله ابن قدامة وابن رشد الحفيد، وقالا لم يخالف في ذلك إلا عبد الرحمن الأصم، ونقضا خلافه. - استئجار الكلب أيضا هو من هذا الباب، وهو لا يجوز عند الشافعي ولا عند مالك. والشافعي يشترط في جواز استئجار المنفعة أن تكون متقومة على انفرادها، فلا يجوز استئجار تفاحة للشم، ولا طعام لتزيين الحانوت; إذ هذه المنافع ليس لها قيم على انفرادها، فهو لا يجوز عند مالك، ولا عند الشافعي. انظر "المغني " لابن قدامة (5 /321)، "بداية المجتهد " لابن رشد الحفيد (4 /5-10).

المواد الدعوية

الجميع نصي صوتي

عبارات مقترحة: