البحث

عبارات مقترحة:

الكبير

كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...

الشاكر

كلمة (شاكر) في اللغة اسم فاعل من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

الحسيب

 (الحَسِيب) اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على أن اللهَ يكفي...

العزلة والخلطة

في هذه المفردة سنبين معنى العزلة والخلطة في اللغة والاصطلاح، ثم العلاقة بين المعنيين، ثم فضل العزلة والخلطة، ثم الأدلة عليهما من الكتاب والسنة، ثم حكم كل واحدة منهما، ثم الآداب والفوائد مع ذكر بعض أقوال السلف الصالح وقصص ونماذج من حياتهم. Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA

التعريف

التعريف لغة

العزلة: اسم يدل على التنحية والإمالة تقول: عزل الإنسان الشيء يعزله، إذا نحاه في جانب. وهو بمعزل وفي معزل من أصحابه، أي في ناحية عنهم. والعزلة: الاعتزال. وعَزَلَهُ عن العمل، أي نحّاه عنه. "مقاييس اللغة"، لابن فارس: (307/4)، "الصحاح"، للجوهري: (1764/5). الخلطة: خلطت الشيء بغيره خلطًا فاخْتَلَطَ. وخالَطَهُ مُخالَطَةً وخِلاطاً. وَرَجُلٌ مِخْلَطٌ أي حسن المداخلة للأمور والخليط: المجاور. والخليط: المخالط؛ كالنديم المُنادِم، والجليس المُجالِس. والخُلْطَةُ، بالضم: الشِرْكةُ. والخِلْطَةُ، بالكسر: العِشْرَةُ. "مقاييس اللغة" ، لابن فارس: (209/2)، "الصحاح"، للجوهري: (1124/3). Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA

التعريف اصطلاحًا

العزلة هي: ترك فضول الصحبة، ونبذ الزيادة منها، وحط العلاوة التي لا حاجة بك عليها. أو هي: الخروج عن مخالطة الخلق بالانزواء والانقطاع. "العزلة"، للخطابي: (8)، "التعريفات"، للجرجاني: (ص 146)، "معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية"، د. محمود عبد المنعم: (499/2). ويمكننا تعريف الخلطة بأنها: مصاحبة الناس ومعاشرتهم. أو هي: امتزاج الرجل واختلاطه بإخوانه والناس من حوله. وأما آداب العزلة والخلطة فنعرفها بأنها: التزام مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب في حالتي مخالطة الناس ومصاحبتهم أو ترك ذلك مع البعد عن كل ما يشين الإنسان من الأقوال والأفعال. Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

من الواضح أن التعريف الاصطلاحي يعتمد على المعنى اللغوي لكلٍ من العزلة أو الخلطة؛ فقد عرف كل مصطلح منهما بالمعنى اللغوي، إلا أن العرف يخصص المعنى الاصطلاحي بمخالطة الأصحاب والخلان، أو ترك ذلك. Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA

الفضل

1- أمر الله تعالى عباده المؤمنين بالاجتماع وحضهم عليه، ونهاهم عن الافتراق وحذرهم منه، قال تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾. [آل عمران: 103) ]. وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ﴾. [آل عمران: (105) ]. 2- امتن الله تعالى على عباده المسلمين بأنه جمع كلمتهم وألف بين قلوبهم، قال تعالى: ﴿ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ﴾. [الأنفال: (63) ]. 3- أرشد النبي من أراد أن يسكن وسط الجنة وخيارها بأن يلزم جماعة المسلمين ويفر من العزلة؛ لأن الشيطان مع الواحد؛ فقال : «فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَنَالَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ، فَلْيَلْزَمُ الْجَمَاعَةَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ، وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ». [أخرجه احمد: (177)]. سئل النبي أي الناس خير؟ فأخبر أن خير الناس رجل مؤمن يعتزل الناس في شعب جبل َيتقي ربه ويدع الناس من شره؛ فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: «رَجُلٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللهِ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ:»مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ اللهَ رَبَّهُ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ». [أخرجه البخاري: (2786)، ومسلم: (1888)]. Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA

الأدلة

القرآن الكريم

العزلة والخلطة في القرآن الكريم
أمر الله تعالى الناس بالفرار من عقابه إلى رحمته؛ بالإيمان به وبرسوله، واتباع أمره والعمل بطاعته. وهذا يشير إلى ضرورة اعتزال الناس والتفرغ إلى العبادة. قال الله تعالى: ﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾. [الذاريات: (50)]. قال الله تعالى حكاية عن إبراهيم -عليه السلام-: ﴿ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا * فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا ﴾. [مريم: (48-49)]. وفي الآية إشارة بأنَّ العبد إذا اعتزل الناس في ذات الله تعالى عوَّضه عنهم من يؤنسه فيه وتقر به عينه. وأمر الله تعالى عباده المؤمنين أن يتعاونوا فيما بينهم على فِعْل الخير، وتقوى الله، وألا يتعاونوا على ما فيه إثم ومعصية وتجاوز لحدود الله، وأن يحذروا مخالفة أمره فإنه شديد العقاب. قال تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾. [المائدة: (2)]. وفي الآية إشارة إلى مخالطة الناس والتعامل معهم. Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA

السنة النبوية

العزلة والخلطة في السنة النبوية
وصف النبي العبد المؤمن بأنه محل للإلف، وأن هذا من شأنه وطبعه؛ لحُسْن خُلُقه، وكرم طبعه، ومحبته لغيره، كما يُحِب لنفسه. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُؤْمِنُ مَأْلَفٌ، وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ، وَلَا يُؤْلَفُ». [أخرجه أحمد: (9197)]. وأخبر النبي أن المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المسلم الذي يعتزلهم ولا يصبر على أذاهم؛ فقال : «المُسْلِمُ إِذَا كَانَ يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ خَيْرٌ مِنَ المُسْلِمِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ». [أخرجه الترمذي: (2507)]. وقد حذر النبي من العزلة ومفارقة الجماعة، وبين ان من فعل ذلك فمات؛ فميتته ميتة جاهلية. قال : «فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ، إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً». [أخرجه البخاري: (7054)، ومسلم: (1849)]. كما حذر النبي المسلم من أن يهجر أخاه المسلم فوق ثلاث ليال، فقال : «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ». [أخرجه البخاري: (6077)، ومسلم: (2560)]. قال الإمام أبو عبد الله البخاري رحمه الله في صحيحه في كتاب الرقاق: "باب: العزلة راحة من خُلَّاط السوء". ثم أخرج عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاء أعرابي إلى النبي فقال: يا رسول الله أي الناس خير؟ قال: «رجل جاهد بنفسه وماله، ورجل في شعب من الشعاب: يعبد ربه، ويدع الناس من شره». Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA

الحكم

الخلطة تارة تكون واجبة أو مستحبة، والشخص الواحد قد يكون مأمورًا بالمخالطة تارةً، وبالانفراد تارةً. وتفصيل ذلك: أن المخالطة إن كان فيها تعاون على البر والتقوى؛ فهي مأمور بها، وإن كان فيها تعاون على الإثم والعدوان؛ فهي منهي عنها. فالاختلاط بالمسلمين في جنس العبادات كالصلوات الخمس والجمعة والعيدين وصلاة الكسوف والاستسقاء ونحو ذلك، هو مما أمر الله به ورسوله، وكذلك الاختلاط بهم في الحج وفي غزو الكفار - وإن كان في تلك الجماعات فجار-، وكذلك الاجتماع الذي يزداد العبد به أيمانًا، إما لانتفاعه به، وإما لنفعه له ونحو ذلك. "مجموع الفتاوى"، لابن تيمية: (425/10). أما الحكم علي العزلة مطلقًا بالتفضيل نفيًا وإثباتًا؛ فهو خطأ. بل ينبغي أن يُنظر إلى الشخص وحاله، وإلى الخليط وحاله، وإلى الباعث على مخالطته، وإلى الفائت بسبب مخالطته، ويقاس الفائت بالحاصل؛ فعند ذلك يتبين الحق ويتضح الأفضل. "إحياء علوم الدين"، للغزالي: (242/2). مع العلم أنه لا بد للعبد من أوقات ينفرد بها بنفسه في دعائه، وذكره، وصلاته، وتفكره، ومحاسبة نفسه، وإصلاح قلبه، وما يختص به من الأمور التي لا يشركه فيها غيره؛ فهذه يحتاج فيها إلى انفراده لنفسه، إما في بيته، وإما في غير بيته. فاختيار المخالطة مطلقًا خطأ، واختيار الانفراد مُطلقًا خطأ. انظر: "إحياء علوم الدين"، للغزالي: (242/2). وأما مقدار ما يحتاج إليه كل إنسان من هذا وهذا، وما هو الأصلح له في كل حال، فهذا يحتاج إلى نظر خاص. قال الشافعي رحمه الله: «يَا يُونُسُ؛ الِانْقِبَاضُ عَنِ النَّاسِ، مَكْسَبَةٌ لِلْعَدَاوَةِ، وَالِانْبِسَاطُ إِلَيْهِمْ مَجْلَبَةٌ لِقُرَنَاءِ السُّوءِ، فَكُنْ بَيْنَ الْمُنْقَبِضِ وَالْمُنْبَسَطِ». "حلية الأولياء"، للأصبهاني: (122/9)، "إحياء علوم الدين"، للغزالي: (242/2). قال ابن الجوزي: «واعلم أن العزلة لا ينبغي أن تقطع عن العلم والجماعات ومجالس الذكر والاحتراف للعائلة، وإنما ينبغي أن يعتزل الإنسان ما يؤذي، وقد يخاف من المخالطة المباحة أذى؛ فيجتهد الإنسان في ترك ما يخاف عواقبه». "التبصرة"، لابن الجوزي: (313/2). Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA

أقوال أهل العلم

«خذوا بحظكم من العزلة». Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA عُمَر بن الخَطَّاب "الزهد والرقائق"، لابن المبارك: (3).
«نِعْمَ صَوْمَعَةُ الرَّجُلِ بَيْتُهُ ، يَحْفَظُ فِيهَا لِسَانَهُ وَبَصَرَهُ ، وَإِيَّاكَ وَالسُّوقَ فَإِنَّهَا تُلْغِي وَتُلْهِي». Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA أَبُو الدَّرْدَاء "المصنف"، لابن أبي شيبة: (35738).
«أَقِلَّ مِنْ مَعْرِفَةِ النَّاسِ، فَإِنَّكَ لا تَدْرِي مَا يَكُونُ، فَإِنْ كَانَ سَيِّئٌ، يَعْنِي: فَضِيحَةً، فِي الدُّنْيَا، كَانَ مَنْ يَعْرِفُكَ قَلِيلٌ». Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA بشر بن منصور –رحمه الله- "العزلة والانفراد"، لابن أبي الدنيا: (105).
«العزلة عبادة». Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA "العزلة والانفراد"، لابن أبي الدنيا: (14). الحسن البَصْري
«هِجْرَانُ الْأَحْمَقِ قُرْبَةٌ إِلَى اللَّهِ». Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA "المعجم"، لابن الأعرابي: (1173). ابن مَسْعُود
«خَالِطِ النَّاسَ وَزَايِلْهُمْ وَصَاحِبْهُمْ بِمَا يَشْتَهُونَ، وَدِينَكَ لَا تَثْلَمَنَّهُ». Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA "الزهد"، لأبي داود: (162). مَكْحُول البَيْرُوتي
«إِنْ كَانَ فِي مُخَالَطَةِ النَّاسِ خَيْرٌ، فَإِنَّ فِي الْعُزْلَةِ سَلَامَةً». Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA "الزهد الكبير"، للبيهقي: (124). حَمْد الخَطَّابي
«والطريقة المثلى في هذا الباب أن لا تمتنِع من حَقٍّ يلزمُك للناس وإن لم يطالِبُوك به، وأن لا تنهمك لهم في باطل لا يجب عليك وإن دعوك إليه، فإن من اشتغل بما لا يعنِيه فاتَهُ ما يعنيه، ومن انحَلَّ في الباطل جمَدَ عن الحَقِّ، فكُن مع الناس في الخير، وكُن بمعزل عنهم في الشر، وتَوخَّ أن تكون فيهم شاهدًا كغائب وعالمًا كجاهل». "العزلة" للخطابي (ص99). ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة
«عُزلةُ الجاهل فسادٌ، وأما عُزلةُ العالِم فمعها حِذاؤُها وسِقاؤُها». "الفوائد" (ص68). أَبُو الفَتح البُسْتي
مَن عاشَرَ النَّاسَ لاقَى منهمُ نَصَبًا*****لأنَّ طبعَهُم بغيٌ وعُدوانُ ومَن يُفتِّش عنِ الإخوانِ يَقلِهمُ*****فَجُلُّ إخوانِ هذا الدَّهرِ خَوَّانُ من سالم الناس يسلَمْ من غوائِلِهمْ*****وعاشَ وهُو قريرُ العَين جَذلانُ "عنوان الحكم" ابن الوَرْدي
ليسَ يخلُو المرءُ من ضدٍّ ولَوحَاولَ العُزلَةَ في أعَلَى الجَبَلْ
"لامية ابن الوردي" الهِلالي
واحرِصْ على العُزلَةِ ما استَطَعْتَا*****وإن تَسِرْ من دونِهَا انقطَعْتَا فخلطةُ الناسِ - أخي - عِقَالُ*****والقيلُ لازمٌ لهُمْ والقَالُ فدَعْهُمُ تُرِحْهُمُ وتَسْتَرِحْ *****فَقَلَّ مَن خالَطَهُمْ، ثُمَّ رَبِحْ "النسق الغالي" (ص391). المَرْداوي
وفي خَلوةِ الإنسانِ بالعلْمِ أُنْسُهُ*****ويَسلَمُ دِينُ الْمَرْءِ عندَ التوَحُّدِ ويَسْلَمُ مِنْ قالٍ وقيلٍ ومِنْ أذَى*****جَليسٍ ومِنْ واشٍ بَغيضٍ وحُسَّدِ فكُنْ حِلْسَ بَيْتٍ فهوَ سَتْرٌ لعَورةٍ*****وحِرْزُ الفتى عنْ كلِّ غاوٍ ومُفْسِدِ وخيرُ جليسِ المرءِ كُتْبٌ تُفيدُهُ*****عُلومًا وآدابًا كعقلٍ مُؤَيِّدِ "الألفية في الآداب الشرعية" (ص98). ابن جماعة
«آفة العشرة: ضياع العمر بغير فائدة، وذهاب المال والعرض إن كانت لغير أهل، وذهاب الدين إن كانت لغير أهله». "تذكرة السامع والمتكلم" (ص94). السَّخَاوي
وَاعلَمْ بأنَّ المرْءَ في هذا الزَّمَنْ *****يَفِرُّ إن أمكنَهُ من الفِتَنْ فَلا تكُن تأسَ على المحافِلِ *****فقد رُزقتَ أفضلَ المنازِلِ "الكوكب الوقاد" مع شرحه (ص30).

الآداب

آداب العزلة

للعزلة آداب ينبغي مراعاتها ومنها: 1- ينوي بعزلته كف شر نفسه عن الناس، ولا ينوي كف شرهم عنه، لأن الأول نتيجة استصغار نفسه، والثاني نتيجة شهود مزيته على الخلق. 2- طلب السلامة من شر الأشرار. 3- الخلاص من آفة القصور عن القيام بحقوق المسلمين. 4- التجرد بكنه الهمة لعبادة الله تعالى. 5- المواظبة في الخلوة على العلم والعمل والذكر والفكر؛ ليجتني ثمرة العزلة، وليمنع الناس عن أن يكثروا غشيانه وزيارته فيشوش أكثر وقته. 6- الكف عن سؤال الناس عن أخبارهم، وعن الإصغاء إلى أراجيف البلد، وما الناس مشغولون به. 7- قطع الوساوس الصارفة عن ذكر الله تعالى. 8- القناعة باليسير من المعيشة، وإلا اضطره التوسع إلى الناس واحتاج إلى مخالطتهم. 9- الصبر على ما يلقاه من أذى الجيران، وليسد سمعه عن الإصغاء إلى ما يقال فيه من ثناء عليه بالعزلة، أو قدح فيه بترك الخلطة، فإن كل ذلك يؤثر في القلب ولو مدة يسيرة. 10- أن يجعل له جليسًا صالحًا تستريح نفسه إليه في اليوم ساعة من كد المواظبة؛ ففيه عون على بقية الساعات. 11- قطع الطمع عن الدنيا، وما الناس منهمكون فيه، ولا ينقطع الطمع إلا بقصر الأمل بأن لا يُقَدِّر لنفسه عمرًا طويلًا، بل يصبح على أنه لا يمسي، ويمسي على أنه لا يصبح؛ فيسهل عليه صبر يوم، ولا يسهل عليه العزم على الصبر عشرين سنة، لو قدر تراخي الأجل. 12- أن يكثر من ذكر الموت، ووحدة القبر مهما ضاق قلبه من الوحدة. 13- الاشتغال بتلاوة القرآن وتدبُّر معانيه، والنظر في أفعال رسول الله ، وأقواله، وأفعال الصحابة رضي الله عنهم وأقوالهم، فمن فعل ذلك فقد حادث الله تعالى، وحادث النبي ، وحادث أصحابه رضي الله عنهم. "الزهد الكبير"، للبيهقي: (92)، "إحياء علوم الدين"، للغزالي: (243/2)، "مختصر منهاج القاصدين"، لابن قدامة: (117)، "النسق الغالي" لكنون (ص409). Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA

يقول الشيخ عماد الدين الواسطي رحمه الله تعالى: «وليكن لنا جميعًا من الليل والنهار ساعةٌ، ‌نخلو ‌فيها بربِّنا جلَّ اسمه وتعالى قدسُه، نجمعُ بين يديه في تلك الساعة همومَنا، ونطرحُ أشغال الدنيا عن قلوبنا، فنزهدُ فيما سوى الله ساعةً من نهار، فبذلك يعرفُ الإنسانُ حالَه مع ربِّه، فمن كان له مع ربِّه حالٌ، تحرَّكَت في تلك الساعة عزائمُه، وابتهجَتْ بالمحبَّة والتعظيم سرائرُه، وطارت إلى العُلى زفراتُه وكوامِنُه. وتلك الساعة أنموذجٌ لحالة العبدِ في قبره، حين خُلُوِّه عن ماله وحِبِّه، فمن لم يُخْلِ قلبَه لله ساعةً من نهار، لِمَا احتوشَه من الهمومِ الدنيويّة وذوات الآصار. فلْيَعْلَم أنه ليس له ثَمَّ رابطة علويّة، ولا نصيبٌ من المحبة ولا المحبوبية، فلْيَبْكِ على نفسه، ولا يرضى منها إلا بنصيبٍ من قرب ربِّه وأُنْسِه. فإذا خَلَصَت لله تلك الساعةُ أمكنَ إيقاعُ الصلواتِ الخمس على نمطها من الحضور والخشوع، والهيبة للربِّ العظيم في السجود والركوع. فلا ينبغي لنا أن نبخل على أنفسِنا في اليوم والليلة من أربعٍ وعشرين ساعة بساعةٍ واحدةٍ لله الواحد القهَّار، نعبُدُه فيها حقَّ عبادته، ثم نجتهدُ على إيقاع الفرائض والتهجّد على ذلك النَّهْج في رعايته، وذلك طريقٌ لنا جميعًا ــ إن شاء الله تعالى ــ إلى النفوذ فالفقيه إذا لم ينفُذْ في عِلْمه حصل له الشطر الظاهر، وفاته الشطرُ الباطن؛ لاتصاف قلبه بالجمود، وبُعْدِه في العبادة والتلاوة عن لين القلوب والجلود، كما قال تعالى: ﴿تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الزمر: 23]». "العقود الدرية" (ص362-364).

الفوائد والمصالح

فوائد العزلة: للعزلة فوائد متعددة منها: 1- التفرغ للعبادة والفكر والاستئناس بمناجاة الله تعالى عن مناجاة الخلق، والاشتغال باستكشاف أسرار الله تعالى في أمر الدنيا والآخرة وملكوت السموات والأرض؛ فإن ذلك يستدعي فراغًا ولا فراغ مع المخالطة؛ فالعزلة وسيلة إليه. 2- التخلص بالعزلة عن المعاصي التي يتعرض الإنسان لها غالبًا بالمخالطة ويسلم منها في الخلوة، وهي: الغيبة، والنميمة، والرياء، والسكوت عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومسارقة الطبع من الأخلاق الرديئة والأعمال الخبيثة التي يوجبها الحرص على الدنيا. 3- الخلاص من الفتن والخصومات وصيانة الدين والنفس عن الخوض فيها والتعرض لأخطارها، وقلما تخلو البلاد عن تعصبات وفتن وخصومات؛ فالمعتزل عنهم في سلامة منها. 4- الخلاص من شر الناس. 5- أن ينقطع طمع الناس عنك، وينقطع طمعك عن الناس. 6- الخلاص من مشاهدة الثقلاء والحمقى ومقاساة حمقهم وأخلاقهم. "إحياء علوم الدين"، للغزالي: (226/2). فوائد المخالطة: للمخالطة فوائد كثيرة منها: 1- التعليم والتعلم، وهما أعظم العبادات في الدنيا، ولا يتصور تحققهما إلا بالمخالطة، إلا أن العلوم كثيرة، وعن بعضها مندوحة، وبعضها ضروري في الدنيا. فالمحتاج إلى التعلم لما هو فرض عليه؛ عاص بالعزلة. 2- النفع والانتفاع: أما الانتفاع بالناس؛ فبالكسب والمعاملة، وذلك لا يتأتى إلا بالمخالطة، وأما النفع: فهو أن ينفع الناس إما بماله، أو ببدنه، فيقوم بحاجاتهم على سبيل الحسبة؛ ففي النهوض بقضاء حوائج المسلمين ثواب، وذلك لا ينال إلا بالمخالطة. 3- التأديب والتأدب ونعني به: الارتياض بمقاساة الناس والمجاهدة في تحمل أذاهم كسرًا للنفس، وقهرًا للشهوات. 4- الاستئناس والإيناس وهو: غرض من يحضر الولائم والدعوات، ومواضع المعاشرة والأنس. 5- نيل الثواب وإنالته، أما النيل: فبحضور الجنائز، وعيادة المريض، وحضور العيدين، وأما حضور الجمعة فلا بد منه، وحضور الجماعة في سائر الصلوات أيضًا لا رخصة في تركه، إلا لخوف ضرر ظاهر يقاوم ما يفوت من فضيلة الجماعة. وأما إنالته: فهو أن يفتح الباب لتعوده الناس، أو ليعزوه في المصائب، أو يهنوه على النعم؛ فإنهم ينالون بذلك ثوابًا. 6- التواضع فإنه من أفضل المقامات ولا يقدر عليه في الوحدة، وقد يكون الكبر سببًا في اختيار العزلة. 7- اكتساب التجارب، فإنها تستفاد من المخالطة للخلق، ومجاري أحوالهم. "إحياء علوم الدين"، للغزالي: (236/2). Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA

نماذج وقصص

1- قال أبو سليمان الداراني: «بينما الربيع ابن خثيم جالس على باب داره إذ جاءه حجر فصك جبهته فشجه فجعل يمسح الدم ويقول لقد وعظت يا ربيع؛ فقام ودخل داره فما جلس بعد ذلك على باب داره حتى أخرجت جنازته». "إحياء علوم الدين"، للغزالي: (222/2). 2- قال سفيان بن عيينة: «لقيت إبراهيم ابن أدهم رحمه الله في بلاد الشام؛ فقلت له: يا إبراهيم تركت خراسان. فقال: ما تهنأت بالعيش إلا ههنا، أفر بديني من شاهقٍ إلى شاهقٍ، فمن يراني يقول: موسوس، أو حمال، أو ملاح». "إحياء علوم الدين"، للغزالي: (227/2). 3- جاء رجل إلى الفضيل فجلس إليه فقال : «ما أجلسك إلي؟ فقال : رأيتك وحدك. فقال : إما أن تقوم عني، وإما أن أقوم عنك. فقال : أنا أقوم، أوصني. فقال : أخف مكانك واحفظ لسانك». "التبصرة"، لابن الجوزي: (313/2). 4- «روي أن الحسن البصري رأى رجلًا متعبدًا؛ فأتاه فقال : يا عبد الله ما يمنعك من مجالسة الناس؟ قال : ما أشغلني عن الناس. قال : فما منعك أن تأتي الحسن؟ فقال : ما أشغلني عن الحسن. قال : فما الذي شغلك عن الحسن؟ قال : إني أمسي وأصبح بين ذنب ونعمة، فرأيت أن أشغل نفسي بالاستغفار للذنب، والشكر لله تعالى على النعمة. فقال له : أنت عندي أفقه من الحسن!». "التبصرة"، لابن الجوزي: (315/2). 5- قال ابن الجوزي –رحمه الله-: «ما زالت نفسي تنازعني -بما يوجبه مجلس الوعظ، وتوبة التائبين، ورؤية الزاهدين- إلى الزهد، والانقطاع عن الخلق، والانفراد بالآخرة، فتأملت ذلك، فوجدت عمومه من الشيطان فإن الشيطان يرى أنه لا يخلو لي مجلس من خلق لا يحصون، يبكون، ويندبون على ذنوبهم، ويقوم في الغالب جماعة، يتوبون، ويقطعون شعور الصِّبَا، وربما اتفق خمسون ومئة، ولقد تاب عندي في بعض الأيام أكثر من مئة، وعمومهم صبيان، قد نشئوا على اللعب والانهماك في المعاصي». "صيد الخاطر"، لابن الجوزي: (55). Normal 0 false false false EN-US X-NONE AR-SA