الولي
كلمة (الولي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (وَلِيَ)،...
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: صلَّى بِنَا رسول الله ﷺ في رمضان ثَمَان رَكَعَات والوِتر، فلمَّا كان من القَابِلَة اجْتَمَعْنَا في المسجد ورَجَونا أن يَخْرُجَ إِلَينَا، فلم نَزَلْ في المسجد حتى أصْبَحْنَا، فدَخَلْنَا على رسول الله ﷺ، فقلنا له: يا رسول الله، رَجَوْنَا أن تَخْرُجَ إِلَينَا فَتُصَلِّي بِنَا، فقال: «كَرِهت أن يُكْتَب عليكُم الوِتر».
عن خَارِجَة بن حُذَافَة رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله ﷺ، فقال: «إنَّ الله -عزَّ وجل- قد أَمَدَّكُمْ بصلاة، وهي خَير لكُم مِن حُمْر النَّعَم، وهي الوِتْر، فَجَعَلَهَا لكُم فِيما بَيْنَ العِشَاء إلى طُلوع الفَجر».
عن أبي تَمِيم الجَيْشَانِيِّ قال: سمعت عمرو بن العَاص يقول: أخبرني رَجُل من أصحاب النبي ﷺ يقول: إن رسول الله ﷺ قال: «إن الله عز وجل زَادَكُمْ صلاة فصلُّوها فيما بَيْن صلاة العِشَاء إلى صلاة الصُّبح، الوِتر الوِتر»، أَلَا وإنَّه أبو بَصْرَة الغِفَاري، قال أبو تَميم: فكنت أنا وأبو ذَرٍ قاعِدَين، قال: فأخذ بِيَدِي أبو ذَرٍّ فانطلقنا إلى أبي بَصْرة فوجدناه عند الباب الذي يَلِي دار عَمرو بن العاص، فقال أبو ذَرٍّ: يا أبا بَصْرَة آنت سمعت النبي ﷺ يقول: «إن الله عز وجل زَادَكُمْ صلاة، فصلُّوها فيما بَيْن صلاة العشاء إلى صلاة الصُّبح الوِتر الوِتر؟» قال: نعم، قال: أنْتَ سَمِعْتَه؟ قال: نعم، قال: أنت سمعته؟ قال: نعم.
عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «الوِتر حَقٌّ، فَمَن لم يُوتر فليس مِنَّا، الوِتر حَقٌّ، فَمَن لم يُوتر فليس مِنَّا، الوتر حَقٌّ، فَمَن لم يُوتر فليس مِنَّا».
عن أبي سَلمة بن عبد الرحمن، أنه أخْبَره: أنه سَأل عائشة رضي الله عنها، كيف كانت صلاة رسول الله ﷺ في رمضان؟ فقالت: «ما كان رسول الله ﷺ يَزيد في رمضان ولا في غَيره على إحدى عَشرة ركعة يصلِّي أربعا، فلا تَسَل عن حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثم يصلِّي أربعا، فلا تَسَل عن حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثم يصلَّي ثلاثا». قالت عائشة: فقلت يا رسول الله: أتنام قبل أن توتر؟ فقال: «يا عائشة إن عَيْنَيَّ تَنَامَانِ ولا يَنام قَلْبِي»
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: «كان النبي ﷺ يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة منها الوِتر، وركعتا الفجر».
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله ﷺ: «يا عبد الله، لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل، فترك قيام الليل».
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «يا أهل القرآن، أوتروا؛ فإن الله وتر، يحب الوتر».
عن قيس بن طلق، قال: زارنا طلْق بن علي في يوم من رمضان، وأَمْسى عندنا، وأفطر، ثم قام بنا الليلة، وأَوْتَرَ بنا، ثم انحدر إلى مسجده، فصلى بأصحابه، حتى إذا بقي الوتر قَدَّمَ رجلا، فقال: أَوْتِرْ بأصحابك، فإني سمعت النبي ﷺ يقول: «لا وِتْرَانِ في ليلة».
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «أَوْتِرُوا قبل أن تُصبحِوُا».
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".